هل تريد روسيا من إيران الخروج من سوريا؟

      التعليقات على هل تريد روسيا من إيران الخروج من سوريا؟ مغلقة

الكاتب: کیهان برزگر، نقلا عن مركز الابحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية  في الشرق الاوسط / طهران.

ترجمة : م. خالد حفظي التميمي،عرض وتحليل: م. مؤيد جبار حسن

مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء

كانون الثاني-يناير 2019

يتناول الكاتب الأنباء التي تحدثت عن مشروعا قدمته الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية منها فرنسا للحيلولة دون نشوب نزاع آخر في المنطقة على أساس التوصل لاتفاق نووي أفضل مع إيران يتمحور حول القضايا الصاروخية وتغيير سلوك إيران الإقليمي، لكن لا تعترف كل من إيران وروسيا في الوقت الراهن في هكذا اتفاق ولا يمثل لهما شرعية معينة حتى تقدمان على أساسه تنازلات للطرف الخصم.

في هذه المجال يرى الكاتب ان هناك  مشروع  يحدد الدوافع الروسية لتجنب الصراع بين إيران وإسرائيل, الهدف من ورائها هو أمن إسرائيل، وبالمناسبة فان وجود إيران في سوريا له عدة فوائد لصالح روسيا .

وبحسب الكاتب، ان خبر قيام روسيا وبالاتفاق مع الولايات المتحدة وإسرائيل برفع العقوبات مقابل انسحاب إيران من سوريا سيؤدي الى أثارة النقاش حول ماهية سياسة روسيا الحقيقية بشأن الوجود الإيراني في سوريا؟ ومن خلال البحث العميق يبدوا ان هناك تناقض في وجهات النظر، فأن وجود إيران في سوريا له عدة زوايا تصب في منفعة الروس، ولا يجب أن يطالبوا بشكل شرعي بالانسحاب الإيراني من سوريا.

تكمن جذور النقاش هنا في ان استخدام النفوذ الروسي للضغط على إيران للخروج من سوريا سيعزز سياسة ترامب الحالية، والتي فحواها أن الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران كان خطأً كبيراً، لأنه زاد في الواقع من حجم القوة الإقليمية الإيرانية ونفوذها. ترامب ومع الأخذ بعين الاعتبار حساسية الوجود الأمريكي لأمن النظام الإسرائيلي، يريد من الاتفاقية الجديدة مع إيران ان تكون بأي شكل من الأشكال، لكي يحد من أنشطة الصواريخ واحتواء الدور الإقليمي لإيران في هذا المجال.

هذا الإجراء تريده إسرائيل باعتبار الوجود الايراني النشط في سوريا يفتح جبهة ثانية الى جانب لبنان والتهديدات الامنية بالقرب من حدودها. لقد تدارست اسرائيل هذه المسألة من أن استمرار وجود إيران في سوريا سيؤدي إلى حدوث صراع بينها وبين إيران وسيكون له عواقب وخيمة على المنطقة.

ويرى الكاتب ان الروس قلقين من شكل هذا الصراع بين إيران وإسرائيل، لأن هذا  يمكن ان يؤدي الى معادلة ميدانية في سوريا تكون لصالح روسيا وايران والمعارضة, ومع دخول أميركا في هذا المشهد، يكون لصالح المعارضة السورية واعطاء قوة جديدة للأنظمة العربية ضد حكومة الأسد وتركيا، لأن الولايات المتحدة في جميع الأحوال التزمت بالحفاظ على أمن إسرائيل في جميع الظروف وبالطبع فأنها في هذا الاطار لا تأبى للتهديدات الامنية من جانب إيران.

لكن معادلة إيران وإسرائيل في المنطقة تستند إلى نوع من “توازن رعب”. إذ لدى الجانبين احكام مستقلة حول تهديداتهما الامنية ولا يعتمدان على اعتبارات الطرف الثالث (الخارجي). فمن الموكد ان اي اجراء عملي من جهة سيؤدي الى عمل متبادل من جانب الطرف الاخر. ففي بعض الحالات يتغير ميزان القوى على اساس الردع المتبادل والذي سيتم الابقاء عليه. وبعبارة أخرى، لغات الجانبين بعضهم لبعض في الطعن مفهومة جيدا.

الان يشعر الروس بالقلق من الصراع العسكري المباشر والواسع بين ايران واسرائيل وذلك وفقا الى  مبدا (توازن القوة)، اذ ادت الغارات الاسرائيلية الجوية على قواعد داخل سوريا، الى توتر وقلق روسي في الأشهر السابقة، ولكن الروس قد نجحوا، وكلا الجانبين على قناعة بأن عبور الخط الاحمر ” لتوازن الرعب” له عواقب خطيرة على المنطقة بأسرها ولا تصب في مصلحة أحد.

ويرى الكاتب ان الروس نجحوا في إقناع الإيرانيين بأن من مصلحة المعادلات الميدانية في سوريا الآن ألا يدخلوا في صراع مباشر مع إسرائيل، وأنه سيكون من الأفضل أن تقتصر الإجراءات الإيرانية على نفس التدابير المضادة. وفي الوقت نفسه، زود الروس سوريا بنظام الدفاع S300) )  وهددوا بالإطاحة بالمقاتلات  الإسرائيلية في نوع من معادلة القوة لصالح إيران وسوريا.

في هذا السياق، فان النقاش الذي تقوم به الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية مثل فرنسا، تسعى من خلاله الى منع نشوب صراع اخر في المنطقة وان تكرس  العمل من اجل الاتفاق في صفقة نووية أفضل مع إيران والتركيز على قضايا الصواريخ والتغيير الإقليمي.

يرى الكاتب، هناك عوامل أبعد من أمن إسرائيل من وجود إيران في سوريا لصالح روسيا وهي:-

أولا:- ان روسيا في أي وقت يمكن أن تعمل على التوازن الوسيط للقوى بين إسرائيل وإيران, وان هذا الدور فقط  تلعبه روسيا حاليا.

ثانياً:- يمكن لروسيا مع إيران، أن تتفاوض مع تركيا حول المسألة الكردية والمعادلات الميدانية في شمال سوريا، حتى من أجل تأمين مصالحها الخاصة.

ثالثا:- والأهم من ذلك، يمكن لروسيا ان تدفع بكارت الوجود الايراني لكي تقوم  دائما بالمساومة مع الولايات المتحدة والحلفاء العرب، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وفي هذا الصدد، فان الأنشطة ما بعد الصراع سوف تقتصر على وجود الجيش الروسي في القواعد العسكرية في البلاد في البحر الأبيض المتوسط، والقيام بوقف محتمل لأطلاق النار، والى الحد من فقدان فعاليتها ونفوذها الاساس ودور الأجهزة العسكرية القوية الروسية. ففي هذه الحالة، تحتاج روسيا الى شريك إقليمي موثوق به مثل إيران، كي تتمكن من التواصل ودعم القوى السياسية في سوريا، في دولة ائتلافية وشاملة.

على الرغم من أن النقاش الدائر حول الوجود الدائم لإيران في سوريا هو حاليا غير مطرح في الرأي العام الإيراني، فقد صرح المسؤولون مرارًا وتكرارًا بأنهم مشاركين فقط في الحرب ضد الإرهاب في سوريا، وان الوجود الإيراني ليس بشكله السابق من الوجود القوي والفعال, الا ان الوجود العسكري الحالي سيستمر بصيغة اخرى من خلال وجود شبكة تهدف إلى التأثير على المعادلات السياسية السورية لتأمين مصالح إيران.

في مثل هذه الظروف، الأفضل استخدام الدبلوماسية النشطة والمتقدمة لديناميكيات دور روسيا في المشهد السوري. وفي نفس الوقت، أعطت رسالة الى روسيا مفادها أن قضية الاتفاق النووي والعقوبات مع المعادلات الإقليمية هما مختلفان تمامًا في الحسابات الاستراتيجية الايرانية.

التحليل:

السؤال الجوهري الذي يطرحه الكاتب، عن نوايا روسيا الحقيقية تجاه التواجد الايراني في سوريا، والذي لا يتخطى القيادة والتخطيط والدعم اللوجستي دون الوجود العسكري الفعلي، فمن بين الفصائل العراقية واللبنانية والافغانية والباكستانية لن تجد جنديا ايرانيا الا بعض القادة والضباط. فالحرب التي تخوضها طهران هناك هي حرب بالوكالة مدفوعة التكاليف، دون ان تستنفذ جهدها وقوتها العسكرية وعتادها الحربي.

ويبدو موقف موسكو اكثر حساسية فبينما هي تدعم النظام السوري وحليفه الايراني والجماعات المسلحة التابعة له هناك، ما يهم موسكو الا يحصل تماس او تصعيد مع القوات الاسرائيلية المتواجدة عبر الحدود.

كما ان الخروج الامريكي المتوقع من سوريا اربك الوضع الميداني لباقي القوى المنتشرة في الساحة السورية، فالاكراد سيكونوا بمفردهم في مواجهة تركيا وبقايا داعش، كذلك قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، فالجانب الروسي سيكون منفردا هناك كقوة عظمى متورطة في الازمة السورية، وهذا سيشكل ضغوطا شعبية واقتصادية وسياسية داخلية وخارجية على الرئيس فلاديمير بوتين، لغرض تغيير الاستراتيجية الروسية في الشرق الاوسط، وقد يكون الوجود الايراني في سوريا اول التضحيات التي سيقدمها الروس هناك.

رابط المقال الاصلي:

https://www.cmess.ir/Page/View/2018-12-16/2465