موقف القانون الدولي من التهديدات الامريكية لإيران

      التعليقات على موقف القانون الدولي من التهديدات الامريكية لإيران مغلقة

 

م. د ياسر المختار

باحث في قسم الدراسات القانونية

مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء

مايو 2019

اصبحت العلاقات الامريكية – الايرانية ، الشغل الشاغل للرأي العام الاقليمي والعالمي . اذ امتلأت وسائل الاتصال الحديثة، بمجموعة من الصور والتصريحات المتضادة ما بين الطرفين ، وكل طرف يحاول ان يفند ما يقدم عليه خصمه ، فمن جهة يلمح الجانب الامريكي الى امكانية تنفيذ حرب قد تكون قصيرة على ايران ، وفي الوقت عينه ترد ايران عبر دبلوماسيتها وقادة جيشها بان هذه الحرب لن تكون سهلة وان الولايات المتحدة الامريكية سوف تدفع ثمنها غاليا .

ان التهديد والوعيد وضجيج الحرب المتعالي من قبل الولايات المتحدة ، والرد الايراني المقابل ، يدفعنا للتساؤل عن موقف القانون الدولي منه ؟ ، فهذا العالم الذي مضى على ظهور اول دولة فيه مئات السنين، بات وكانه عاجز عن ان يحل مشاكله عبر القوانين التي وضعها لنفسه، فبالرغم من وجود المنظومة القانونية الدولية ، والمنظمات العالمية التي من المفترض انها، تحرص على تطبيق مواد هذا القانون، الا انها باتت شبه العاجزة عن فعل ذلك، وهذا الامر يدفعنا للبحث في الاسباب التي قادت الى هذه النتيجة، والتي من الممكن ان نجدها في :

1 – ان طبيعة تشكيل الدول، وكثرة عددها، واختلافها من حيث القوة والمقومات ، يجعل من عملية وضع قواعد قانونية تضبط ايقاعات حركاتها الخارجية امرا اشبه بالمستحيل .

2 – المنظمات الدولية التي تشكلت عقب الحرب العالمية الثانية، خضعت لمصالح الدول العظمى، المنتصرة في تلك الحرب . وبقيت تنقاد لأرادتها ، ورؤيتها التي غالبا ما لا تراعي مصالح الدول الاقل شأنا في العالم . والمشكلة ان هذه المعادلة لا تقبل التغيير او التبديل حتى بعد مرور عدة عقود على تأسيس تلك المنظمات .

3 – عدم وجود اجهزة تنفيذية محكمة، فبالرغم من امكانية التحشيد العالمي، لفرض ارادة المجتمع الدولي على الدولة التي يثبت مخالفتها لقواعد القانون . وغالبا ما يكون التحشيد العالمي خاضعا لمصالح الدول العالمية  المسيطرة ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية .

4 – كثرة المشاكل والازمات والقضايا الدولية ، الامر الذي جعل القانون الدولي غير قادر على مواكبتها ، او الالمام بكل خيوطها او حتى الاسراع في حسمها .

5 – وجود حالة رفض للمنظومة التي يسير عليها القانون الدولي، حيث تحاول بعض الدول اظهار استيائها من عملية التسيس المتبعة من قبل القوى العالمية ، وهذا الرفض يظهر على شكل الاتجاه نحو اقامة تكتلات ومحاور اقليمية ، او الدخول في تحالفات قد لا تنسجم مع رغبات الدولة الاقوى في العالم .

6 – تفرد الدولة الاعظم، وهي الولايات المتحدة الامريكية بالقرار العالمي ، قد اوقعها في اخطاء كبيرة ، وصارت اغلب الأمور العالمية خارج سيطرتها .

ان النقاط اعلاه عن طريقها بالإمكان تفسير طبيعة العلاقة ما بين الولايات المتحدة الامريكية وايران، حيث تحاول الاولى ان تصنف نفسها على انها الدولة الراعية للقانون الدولي وانها تمتلك الحق المطلق بإيقاع العقوبات على اي دولة في العالم ، في حين تحاول ايران ان تبين ملاحظاتها واعتراضاتها على نهج الولايات المتحدة ، وتعتبره مخالفا للعلاقات الدولية ، وقوانينها ومصالح الشعوب المختلفة والمتباينة .