تصفير الملفات ضمان لمستقبل العراق

      التعليقات على تصفير الملفات ضمان لمستقبل العراق مغلقة

 

د. سعدي الابراهيم

رئيس قسم الدراسات القانونية

مركز الدراسات الاستراتيجية -جامعة كربلاء

أيلول-سبتمبر 2019

من دون غلق بعض الملفات المهمة، لا يمكن للبلاد ان تسير بقوة نحو الاستقرار والتنمية الشاملة …

تمر الدول بظروف مختلفة، من حروب وازمات وكوارث طبيعية ومفتعلة من قبل الانسان . فتخلف ورائها اثارا مباشرة وغير مباشرة ، بعضها ينتهي بانتهاء الحدث وبعضها يحتاج الى فترة طويلة من الزمن للقفز عليه وتجاوزه .

العراق معروفة الظروف العصيبة التي مرت به بعد عام 2003، ومعروفة ايضا الاثار التي خلفتها تلك الظروف، والتي شملت كل ميادين الحياة : السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . الا ان الشيء غير المعروف لحد الأن هو الاسباب التي تجعل الحكومة العراقية الحالية بطيئة التحرك لمحو اثار العنف، وكي الجراح المفتوحة لإيقاف نزيفها، مخافة ان تلتهب ويصاب كل جسم البلاد بالعدوى، وعندها سيعود العراق الى المحور الاول . لذلك، فأن الحكومة العراقية اليوم مطالبة بالإسراع في غلق بعض الملفات التي قد تدخل منها الرياح الى البلاد، سواء بالفتنة الداخلية ام بالتدخل الدولي تحت شتى الذرائع، ومن ابسطها مناصرة المكون المظلوم او المحافظة على حقوق الانسان، او أي ذريعة اخرى، لا طاقة للشعب بها . ومن تلك الملفات، الآتي :

1 – ملف النازحين :

لا زالت مخيمات النازحين تشكل عائقا نفسيا وامنيا، امام استقرار البلاد ونهضتها ، فهي تذكر بسنوات الحرب، ومآسيها وتجل السلام مؤجلا لحين عودة سكانها الى بيوتهم امنين . لذلك ينبغي الاسراع بغلقها، وفق الاجراءات القانونية والامنية المتعارف عليها.

2 – ملف المتهمين :

لابد ان تأخذ اجراءات السلامة الامنية والتأكد من ان المتهمين لا يرتبطون باي جهات معادية للبلاد، لكن بشرط ان تتم العملية بسرعة، فيعاقب المسيء ويطلق سراح من لم تثبت ادانته .

3 – ملف الاعمار :

اعمار ما خربته الحرب والعنف، يعتبر اهم بواعث بث الامل والتفاؤل في المجتمع ، فكيف يمكن للناس ان يطمئنوا الى المستقبل وهناك مؤسسات وبيوت مهدمة منذ عدة سنوات ؟ فهي علامة شؤم وبؤس وجرس يذكر بأيام سود عاشتها مدنهم . وبالتالي فأن الاسراع بعملية الاعمار وترميم المدن، ومسح اثار جريمة الارهاب منها، يعتبر امرا ملحا لابد من الشروع به .

4 – ملف البطالة :

لا يوجد نبع يولد الازمات والتوترات مثل البطالة، فهي مصدر كل الشرور في البلاد، لذلك فهي لا تحتمل التأجيل، ولابد للدولة من تخطو خطوات مستعجلة لمعالجتها، عبر ايجاد وخلق فرص عمل في القطاعين الخاص والعام ، بحيث تستوعب الشباب والمحتاجين بمختلف مؤهلاتهم المعنوية والجسدية .

5 – ملف التوزيع العادل للثروة :

هناك بون شاسع، ما بين فئات المجتمع، وتوزيع شبه عشوائي لثروات البلاد . ربما انه جاء كجزء من ازمات البلاد، لكنه لا يمكن ان يستمر، بالاخص بعد ان تحقق الاستقرار الامني النسبي في البلاد، وباتت الناس تقارن احوالها مع غيرها .

ان تحقيق التقدم في الخطوات اعلاه، يتطلب القيام بالاتي:

  • – اعطاء صلاحيات كبيرة لمجالس المحافظات، وتحديدها بتوقيتات زمنية محددة .
  • – الايعاز الى مؤسسات الدولة المعنية بالملفات اعلاه، الى ابداء التسهيلات والمرونة امام مجلس المحافظات، بغية تراتبية العمل وسرعته .
  • – فيما يخص ملف البطالة، فأن استجلاب الاستثمارات، وفق خطة مستعجلة، تشترك بها كل قطاعات الدولة الخاصة والعامة، ستكون هي الاساس لإيجاد فرص العمل.
  • – العدالة الاجتماعية، وان كانت صعبة المنال، كون الانسان يطمع بالمزيد . لكن لابد من ان تفعل الحكومة ما بوسعها، في سبيل ان تقلل من الفروقات المعاشية .

اذن، ترك هذه الملفات، او تأجيلها، لن يكون في صالح البلاد، سيما وان البعض ممن فشلوا في معترك السياسة، او من يفسرون الامور تفسيرا خاصا، قد بدأوا يتعكزون عليها، وهم يعلمون او يعلمون، بأن تصرفهم هذا بمثابة اشعال الضوء الاخضر للدول الاخرى للتدخل.