عواقب هجوم أرامكو على سوق النفط

      التعليقات على عواقب هجوم أرامكو على سوق النفط مغلقة

 

الكاتب: مریم پاشنگ

الناشر: مركز الابحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية  في الشرق الاوسط/طهران

ترجمة: م. خالد حفظي التميمي

مراجعة: م. مؤيد جبار حسن

 

أصبح هجوم جماعة “أنصار الله” الحوثية في اليمن على منشآت نفط أرامكو السعودية أهم حدث اقتصادي في سوق النفط في السنوات الأخيرة. حيث علق العديد من الخبراء حول عواقب الانخفاض في إنتاج أرامكو في أعقاب الهجوم على أسواق النفط والاقتصاد العالمي. وهناك وجهتا رأي فيما حصل احداهما متفائلة واخرى متشائمة بشأن نتائج هذه الهجمات.

فالمتفائلة تعتقد ان أسواق النفط والاقتصاد العالمي مستعدان الان بشكل أفضل لمقاومة انهيار اسعار النفط عما كانت عليه في السبعينيات والثمانينيات. والسبب هو ما  قدمه الخبراء من ان الانهيار الذي أعقب بداية الحرب بين العراق وإيران في عام 1979 ادى الى  انخفاض المعروض العالمي من النفط الخام بمقدار5/5 مليون برميل يوميًا ثم اعقبه زيادة وتضاعف سعره. ولكن في الانهيار الأخير، انخفض إنتاج نفط أرامكو بمقدار7/5 مليون برميل، لكن أسعار النفط ارتفعت بنسبة 20 في المائة فقط، الا انه لم يدم طويلا.

كما يعتقد أصحاب هذا التوجه أن زيادة إنتاج النفط الخام، وخاصة النفط الصخري في الولايات المتحدة قد قلل من التركيز على خام الشرق الأوسط، مما خفض من التوسع الجغرافي لإمدادات النفط نتيجة للانخفاض المفاجئ والاضطراب في العرض. من ناحية أخرى، فان البرنامج الدولي للطاقة سوف يوفر الطلب من خلال الخزين الاستراتيجي للنفط ولمدة تسعون يوما. وهذا التامين في ميزان الطلب يعطي انطباعا امنا  لكبار مستهلكي النفط بين اعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD  .

وفي المقابل، فان أصحاب الرأي المتشائم يشككون في عواقب هذه الهجمات على أسواق النفط لأن فائض المعروض من النفط الخام العالمي هو أحد العوامل الأساسية لأسواق النفط، وأن السعودية تم تزويدها بالكثير من القدرات قبل الهجمات.  وفي الوقت الحالي ، فان فائض الطاقة الإنتاجية في العالم منخفض جدًا ولن يلبي الطلب إذا كان هناك انقطاع آخر في الإمدادات هذه من ناحية و من ناحية أخرى ، يتركز معظم النمو في الطلب العالمي حاليًا في الدول الآسيوية ، وهذه الدول لديها احتياطيات قليلة. على سبيل المثال ، تمتلك الصين والهند تخزينًا استراتيجيًا محدودًا ، ولا يمكن لسوق النفط تلبية طلبهما لمدة شهرين. وأخيراً ، فإن جودة النفط الخام المخزن ، بما في ذلك التخزين الاستراتيجي والتجاري للنفط الخام التي تتطلبها مراكز الاستهلاك الرئيسة ، ليست متسقة ، مما قد يتسبب في تقلبات الأسعار أو تعطل أسواق المنتجات المكررة.

والحقيقة هي أنه على الرغم من أن تأثير صدمات الإمداد على أسواق الطاقة كان أكثر اعتدالًا من السبعينات و الثمانينيات، إلا أن طبيعة التهديدات والمعادلات الجيوسياسية، وخاصة في منطقة الخليج ، قد تغيرت ، وليس من السهل رؤية مستقبل لأسواق النفط والغاز. على وجه الخصوص ، فقد قدمت الأسعار توقعات واقعية. ومن ناحية أخرى، فان لسلسلة النفط الخام طابعها الخاص ولديها العديد من التعقيدات والقضايا التي لا تؤدي من زيادة الإنتاج والتخزين إلى منع تقلبات الأسعار ، على الرغم من أنها ملائمة إلى حد كبير.

لقد كان انتاج السعودية قبيل الهجوم على منشأة أرامكو، حوالي 8/9 مليون برميل من النفط يوميًا ، ويتم تكرير جزء كبير من النفط الخام في المصافي التي تعرضت للهجوم. في الواقع، يتم تكرير أكثر من 50 ٪ من النفط السعودي في هذه المصافي. وتبلغ طاقة المصفاة المتبقية 7 ملايين برميل والمصفاة 45/1مليون برميل يوميًا. انخفض إنتاج أرامكو بعد هجوم الى 7/5 مليون برميل يوميًا ، فقد انخفض  من4.5 مليون برميل يوميًا في مصفاة البقيع و 2/1 مليون برميل يوميًا من إنتاج مصفاة خريص.

ونتيجة لهذا الهجوم ، انخفض الإنتاج المشترك للغاز بمقدار 2 مليار قدم مكعب في اليوم ، مما قلل من3/1 مليار قدم مكعب في اليوم من مبيعات الغاز  و500مليون قدم مكعب في اليوم من إنتاج الإيثان و 500 الف برميل في اليوم من السوائل. وان  8/3 مليون برميل من النفط الخام في حقل قوار ، ومليون برميل يوميًا من النفط الخام يتم شحنها إلى المصفاة. كما تعرض موقع الشعيبة لهجوم في الشهر الماضي لكن الأضرار لم تكن خطيرة. وقال المسؤولون السعوديون إن الإنتاج سيعود الى حالته خلال فترة قصيرة وبحلول نهاية ايلول ولكن هناك شكوك جدية حول هذا الادعاء.

وينقل عن بيورنار تونهاجن من شركة ريستات للطاقة: “لا تتفاءلوا أكثر من اللازم”. هناك خطر واضح من أن إنتاج النفط في السعودية سوف يتباطأ على الرغم من تعليمات أرامكو المتفائلة؛ اذ أعلنت الشركة الاستشارية أنها ستعلق 6/1 مليون برميل يومياً من إنتاج النفط نوع عرب لايت الخفيف و35/0 مليون برميل يومياً من نفط اعلى من نوع عرب اكسترا لايت حتى شهر تشرين الاول. ووفقا لهذا السيناريو في  اعادة البنية لشركة ريستات للطاقة, حيث ان هذه المنشآت و بحلول نهاية ايلول سيكون مقدار سعتها الانتاجية النشطة  45 %, مقارنة بسعتها الحالية والتي تبلغ 40% ، هذه المنشآت ستكون سعتها الانتاجية حتى  نهاية تشرين الاول بمقدار  65٪ فقط وانها حتى نهاية الشهر ستكون نشطة وبسعة 100٪ حتى نهاية تشرين الاول. من ناحية اخرى وطبقا للسيناريو الاسرع , ستكون لهذه المنشآت السعة الانتاجية تبلغ 65 % حتى نهاية ايلول و 100% حتى تشرين الاول.

هناك قضية أخرى مهمة، هي ان مصافي البقيع تنتج النفط الخام الخفيف و فوق الخفيف  وينتج الخريص النفط الخام العربي الخفيف، ولم يعد بإمكان عملاء هذا النوع من النفط التقاط شحنات العقود الطويلة الأجل، وتختلف جودة النفط الخام في الحقول الأخرى في السعودية. حيث تنتج حقول (السفانية والظلوف والمنيفة والمرجان) نفطا خاما معتدلا وثقيلا عربياً. كما أعلن عملاء السعودية من الصينيون واليابانيون أن أرامكو ستسلم لهم النفط الخام الثقيل. في الواقع ، لقد غيرت هذه الهجمات نوع وجودة الخام السعودي للتصدير. نظرًا لأن كل مصفاة تم تصميمها لإحداثيات محددة من النفط الخام ، فإن هذا قد يمثل تحديًا خطيرًا لمصافي التكرير ما لم يكن بإمكانهم شراء شحنات النفط الخام الخفيفة من أسواق السوق الموحدة.

لقد اعلنت السعودية  أنها سوف  تزود عملائها من احتياطها بموجب عقود طويلة الأجل. في الأشهر الأخيرة ، صدرت السعودية ما بين8/6 إلى9/6 مليون برميل يوميًا وتستهلك5/2 مليون برميل في المصافي المحلية. يقول وزير النفط السعودي إن تكرير النفط في البلاد انخفض إلى 9/1 مليون برميل في اليوم ، لكن معظم المصافي المحلية في المملكة العربية السعودية تستخدم النفط الخام الخفيف. فيما قال معهد كبلر للأبحاث إن احتياطي النفط السعودي في 15 أيلول  بلغ 1/68 مليون برميل ، منها8/38  مليون برميل قبالة الساحل الشرقي و3/29 مليون برميل قبالة الساحل الغربي. إذا سحبت السعودية 8/2 مليون برميل يوميًا من مخزونها للتصدير ، فسيتم الانتهاء من التخزين في غضون خمسة وعشرون يوما . إذا كان الانخفاض من مصفى التكرير المحلي  هو 600 الف برميل يوميًا ، فبهذه الصورة فسيستمر التخزين لمدة 32 يوم.

ان السعودية استأجرت صهاريج تخزين في الخارج. واحتفظت باحتياطيات في شركة سومد في مصر وأوكيناوا اليابان وروتردام في هولندا. وفقًا لبيانات المعهد JODI ، قامت السعودية بتخزين 8/179 مليون برميل من النفط في هذه المواقع. لكن نوع النفط الخام مهم ، والنفط الخام المخزن في هذه الخزانات أثقل من الخام الحامض[1] ، والعملاء السعوديين ، وخاصة في آسيا ، يحتاجون إلى النفط الخام الخفيف الحلو[2]. إذا زودت أرامكو عملائها بالنفط الخام الحلو والخفيف بدلاً من النفط الخام ، فيجب عليها تعويض فقدان جودة الزيت الخام والأضرار المحتملة لمصافي التكرير إذا تم استخدام النفط الخام الحامض.

هناك نقطة أخرى أكد عليها خبراء سوق الطاقة وهي مقدار التخزين الاستراتيجي[3] من قبل الدول المستهلكة. ويقدر إجمالي احتياطيات النفط الاستراتيجية في العالم بنحو 1.4 مليار برميل ومن اجل تامين على هذا المقدار تحتاج السعودية الى ان تخفض الإنتاج إلى 5.7 مليون برميل يوميًا ، والتي تستطيع ان تستمر حتى 245 يوم اي ما يعادل تقريبا ثمانية اشهر. وقالت الوكالة إن الاحتياطيات الاستراتيجية للأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كافية لتلبية احتياجات المجموعة لمدة 60 يوم. من خلال ذلك فان الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة كان قد بلغ حوالي600 ملايين برميل.

ولكن كما ذُكر أعلاه ، فإن الطلب الحالي على النفط مرتفع من قبل الدول الآسيوية النامية ، بما في ذلك الصين والهند ، وهذه البلدان ليس لديها احتياطيات استراتيجية كبيرة باستثناء الدول الآسيوية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. على سبيل المثال ، تبلغ احتياطيات الصين الاستراتيجية 550 مليون برميل ، يمكنها تلبية الطلب المحلي ب 55 يوم والذي يقع على عاتق ميزان الطلب الداخلي. اما اليابان فلديها احتياطيات استراتيجية مقبولة حيث هذا البلد لديه 3/528 مليون برميل من التخزين ، وتستطيع ان تأمن الطلب لهذا البلد لمدة 198 يوم.

في هذا الصدد ، فان التخزين الاستراتيجي للهند منخفض للغاية. هذا البلد لديه 39 مليون برميل خزين ويمكنها توفير ما يصل إلى 9 أيام فقط من الاستهلاك المحلي. بالإضافة إلى ذلك ، فإن الاقتصاد الهندي معرض بشكل كبير لارتفاع أسعار النفط ، وأي تعطيل لإمدادات النفط الخام سوف يرفع من أسعار النفط ويشكل تحديا خطيرا لاقتصاده. في آب الماضي استوردت الهند 66/19 مليون طن أو7/4 مليون برميل يوميًا ، بزيادة5/5 مليون برميل يوميًا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وهذا يوضح حاجة البلاد المتزايدة إلى واردات النفط.

اما كوريا الجنوبية لديها 2/214 مليون برميل من التخزين الاستراتيجي ، والتي يمكن التعامل مع الاستهلاك المحلي لمدة تصل إلى 71 يوم. بشكل عام ، على الرغم من أن حجم التخزين الاستراتيجي كبير في عدد من البلدان المستهلكة ، أولاً : فإن الزيادة في الطلب العالمي على النفط تكون أكثر بين الدول النامية الموجودة في آسيا ، والتي لا يوجد بها تخزين مقبول للنفط. وثانياً : بعض الدول الاستهلاكية فهي غير قادرة على الاستثمار لمثل هذا النوع اما بسبب ارتفاع تكاليف التخزين أو عدم رؤية فوائد كبيرة في معادلة امتلاك تخزين استراتيجي للنفط.

هناك عامل مهم آخر يؤكده العديد من الخبراء وهو بخصوص زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. والحقيقة هو أن الارتفاع في إنتاج النفط في الولايات المتحدة قد وسع أولاً: جغرافية إمدادات الطاقة ؛ وثانياً : قلل اعتماد أمريكا على واردات النفط وجعل الولايات المتحدة في الواقع مصدّراً صافياً للنفط والغاز، وهي نفس المعادلات السياسية والجيوسياسية  الماضية في  منطقة الخليج ، حيث غيرت من  تركيز إمدادات الطاقة التقليدية.

فقد اعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن إنتاج الخام الأمريكي في حزيران بلغ12.087 مليون برميل يوميًا ، منها8.843 مليون برميل يوميًا تم إنتاجها من النفط الصخري. في الواقع ، أدت الزيادة في إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى تقليل تأثير صدمات الأسعار .لكن الادعاء بأن نمو إنتاج النفط الصخري(السِّجـِّيل الزيتي) يمكن أن يعوض النقص في العرض قصير الأجل للمنتجين الآخرين ليس صحيحًا. وذلك : أولاً : بافتراض أن شركات النفط الأمريكية ترغب في زيادة إنتاجها ، بالنظر إلى أن النفط الصخري لديه دورة إمدادات قصيرة ، فإنه لا يستطيع تلبية احتياجات السوق من النفط على المدى القصير ، لأن عمليات الحفر واستكمال وإعداد المنتجات الجديدة تتراوح بين90 الى 180 يوم حيث يحتاج ذلك الى وقت ، وثانياً : البنية التحتية للتصدير في الولايات المتحدة محدودة وتعمل حاليًا بأقصى طاقة إنتاجية وبافتراض زيادة في إنتاج النفط الصخري ، ولم تعد هناك طاقة تصديرية في محطاتها النفطية.

هناك مسألة أخرى يجب مراعاتها ان قضية  نقل النفط الخام  واسواق المنتجات البترولية هي  واقعة تحت الضغط الحالي. فقد تسبب انقطاع إمدادات النفط الخام العالمية في أعقاب الهجمات على المنشآت النفطية السعودية الا ان  مصدري النفط الخام الامريكي حاولوا ان يؤمنوا الطلب المتزايد على شحنات النفط لمواجهة النقص في ناقلات النفط . ارتفع متوسط ​​سعر الشحن المدفوع لأصحاب ناقلات النفط الكبيرة جدًا على طريق سواحل الخليج الأمريكي إلى الصين بأكثر من 4500 دولار إلى 36511 دولار في اليوم. وارتفعت ناقلات النفط الصغيرة من أفرامكس من ساحل الخليج الأمريكي بمعدل متوسط يبلغ 1815دولار ​​، لتصل إلى 25231 دولار في اليوم. قفزت أسعار الشحن للناقلات الفائقة على طريق الولايات المتحدة إلى الصين إلى 5000 دولار، لتصل إلى 35711 دولار في اليوم.

لقد كان الهجوم على منشأة أرامكو له وقعا مهما لدرجة أنه تم تجاهل التطورات الأخرى في سوق النفط. من المحتمل أن يشكل تعطيل واحد أو أكثر لأمن الطاقة في العالم تحديا أكثر خطورة يخلق أزمة كبيرة. يمكن القول ، في الوقت الحاضر ، أن أسواق النفط ليست مستعدة لتحمل أي انقطاع آخر في الإمدادات. ولكن هناك احتمال لهذا الاضطراب. فمنذ أكثر من أسبوع ،  تعرض النفط النيجيري الخفيف لحالة طوارئ بعد ان تعطل خط أنابيبه. ومن ثم تم استهداف خطوط الأنابيب بشكل متكرر من قبل الجماعات المسلحة في السنوات القليلة الماضية.

من ناحية أخرى ، فان  العقوبات الأمريكية من شانها ان تزيد الضغوط على فنزويلا ؛ فمن الممكن ان تواجه فنزويلا المزيد من التخفيضات في صادراتها النفطية وسط تشديد العقوبات الأمريكية ومخاوف المشترين من عقوباب واشنطن. الآن وقد أصبحت صهاريج التخزين ممتلئة ، فقد تضطر فنزويلا إلى تقييده في مرحلة الإنتاج. مرة أخرى في القارة الأفريقية ،وبوجه الخصوص  في ليبيا ، ايضا قد ادت اشتداد  الحرب الى السيطرة على الشركات الوطنية للبترول  . في الماضي ، فقد أدى القتال الى  تعطيل إمدادات النفط الخام في هذا البلد.

ان الهجوم على منشأة أرامكو أظهر نقاط الضعف في أمن الطاقة في العالم ، حتى مع التقدم المحرز في هذا المجال. بصرف النظر عن ما سبق في مجال أسواق النفط والاقتصاد النفطي ، يمكن أن نستنتج أنه بدون القدرة العسكرية الكاملة لأمن الطاقة في البلدان ، وخاصة المنتجين الرئيسيين للنفط وأمن الطاقة العالمي ، هناك تحديات خطيرة في بعض الأحيان. وهنا يصطدم مجال الطاقة بالمجال العسكري. لكن النقطة المهمة هي أن الإنفاق العسكري الهائل للسعودية لم يستطع حتى تأمين أمن أحد أكثر مرافقها أمانًا وحساسية.

والسؤال الرئيس الآن هو لماذا لم تستطيع أنظمة الرادار في السعودية والتي اشترتها من الولايات المتحدة بتكلفة مرتفعة للغاية ،ان تصد  ضربات الطائرات بدون طيار. حيث انها تمتلك  ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم سنويًا. وقد بلغ الإنفاق العسكري في عام 2018   67,6  مليار دولار ، وهو ثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. يمثل الإنفاق العسكري نسبة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي السعودي. حيث هذا الرقم كان قد بلغ  في عام   2018 وبنسبة  8/8في المئة .

وفقًا لموقع كلوبال فاير باور والمتخصص في مجال القدرات العسكرية للدول يذكر ان   السعودية تحتل المرتبة 25  من بين جيوش العالم . ان السلاح الجو السعودي لديه 20 الف  من النساء و 6ا الف من الافراد ايضا   يخدمون في الدفاع الجوي. ومع ذلك ، فإن الهجمات الأخيرة على المنشآت النفطية والمطارات وغيرها من المنشآت الاستراتيجية في  السعودية تُظهر أن الإنفاق العسكري وحده والزيادة في عدد الأفراد العسكريين لا يكفيان لأمن أي دولة وأن خبرة  جميع قطاعات النظام العسكري ورتبته ، خاصة في إدارة وتدريب الموارد البشرية هو أكثر أهمية. لهذا السبب ربما اقترب العالم من نهاية عصر المعدات العسكرية التقليدية. ان حروب  السيبرانية واستخدام التكنولوجية المتقدمة, مثل استخدام الطائرات المسيرة, سوف تغير  طبيعة ونوع المواجهة بين البلدان.

ان التطورات في أسواق النفط العالمية والطاقة بشكل عام تحدث بشكل أسرع بكثير مما كانت عليه في الماضي ، مما يجعل العوامل التي تؤثر على أسعار النفط والعوامل الأساسية لأسواق النفط عديدة ومعقدة ، وتحليل ظروف السوق والتنبؤ بالتطورات المستقبلية. يجعل الأمر أكثر صعوبة. ومع ذلك ، فإن العرض والطلب ، وفائض القدرة ، وتخزين النفط والظروف السياسية والجيوسياسية ، لا سيما في المراكز الرئيسية للإنتاج والاستهلاك ، تظل أهم العوامل الأساسية لأسواق النفط. ربما نمت بيادق الشطرنج في أسواق النفط ، لكن رقعة الشطرنج هي نفسها كما كانت.

ان الهجوم على حقول نفط أرامكو قد شكل تهديدًا خطيرًا لأمن الطاقة ، على الرغم من أن تأثير تعطل الإمدادات على أسعار النفط الخام لم يكن بنفس حدة النزول في اسعار  النفط التي حدثت في السبعينات والثمانينيات ، لأنه أولاً , مع زيادة إنتاج النفط الخام غير التقليدي في الولايات المتحدة ، كانت الجغرافيا الخاصة بإمداد الطاقة أوسع. حيث أصبحت أكبر مستهلك لأكبر منتج للنفط والغاز في العالم. هذا الامر لم يؤثر فقط على توازن أسواق النفط ، بل غيّر المعادلات الجيوسياسية في الخليج العربي كمركز لإنتاج النفط الخام التقليدي في العالم.

من ناحية أخرى ، تمكنت المخزونات الاستراتيجية في الدول المستهلكة والسعودية من تجنب بعض التقلبات الحادة في الأسعار ، لكن هناك مشاكل أخرى مثل جودة النفط الخام المخزن والتخزين المحدود لعدد من البلدان النامية كانت الأكثر احتمالاً لزيادة الطلب العالمي على النفط, وهي مكرسة لتسليط الضوء على نقاط الضعف والتحديات التي تواجه تأمين الطاقة في العالم. نقطة أخرى مهمة هي أن عتبة تعطيل الإمداد بالأسواق العالمية في حالة احتمال إيقاف العرض في ليبيا ونيجيريا وفنزويلا ، وقد تحدث تقلبات في الأسعار في حالة حدوث الظروف الحالية.

النقطة المحورية الأخرى هو التغيير التدريجي في طبيعة المواجهة العسكرية. من المهم في هذا الصدد أن مع ظهور التطورات في المجال العسكري ، يجب أن يتغير من نوع حماية منشآت الطاقة والمرافق الاستراتيجية الأخرى. لقد أظهرت الهجمات اولا : أن طبيعة الهجوم العسكري قد تغير  ، ثانياً : لا يمكن أن توفر تكلفة تجنيد الأفراد والعسكريين من دون خبرة وإدارة فعالة , الأمن لبلد ما . ثالثا: أن القدرات العسكرية المتقدمة هي ليست فقط تحت تصرف الحكومات ويمكن ايضا  للجهات الفاعلة  من غير الدول  ان تتحدى  امن الطاقة  بقدر ما تتحدى  الجهات الحكومية المعادية.

في نهاية المطاف ، فإن ضمان أمن منطقة الخليج والعالم يعتمد على السلام والاستقرار لجميع الجهات الفاعلة في المنطقة ، حيث لا تعيش أي جهة فاعلة في فراغ ، مثل لعبة البليارد ، حيث يتأثر بضغوط وتطورات الجهات الفاعلة الأخرى من حوله, البلدان المنتجة والمستهلكة, والاستقرار في جميع البلدان ومن اجل جميع الجهات الفاعلة يجب  تامين ضمان أمن الطاقة في المنطقة والعالم.

رابط المقال الاصلي:

https://www.cmess.ir/Page/View/2019-09-24/45

 

[1] يطلق هذا الاسم على براميل النفط الخام التي لا تطابق بعض متطلبات المحتوى ، بما في ذلك المستويات المنخفضة من كبريتيد الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، ويعتبر البترول “حامض”، إذا كان إجمالي مستوى الكبريت أكبر من 0.5%

[2] يعتبر النفط الخام الحلو من أنواع النفط الذي يطابق بعض متطلبات المحتوى، بما في ذلك المستويات المنخفضة من كبريتيد الهيدروجين وثاني أوكسيد الكربون) ويأتي اسم النفط الخام الحلو إذا كان يحتوي على أقل من 0.5% من الكبريت

[3] يتم إنشاء التخزين الاستراتيجي لتلبية الطلب على النفط واستهلاكه في البلدان المستهلكة في حالة حدوث خلل خطير في العرض ووقف الواردات.