ما بعد تكليف رئيس للحكومة … كيف ستمضي الامور ؟

      التعليقات على ما بعد تكليف رئيس للحكومة … كيف ستمضي الامور ؟ مغلقة

 

م. علي مراد النصراوي / قسم إدارة الأزمات

بعد أكثر من مائة يوم قضاها المتظاهرون في ساحات الاعتصام وفي مختلف المحافظات الوسطى والجنوبية للمطالبة بالإصلاح الشامل، والذي كان يهدف لتصحيح مسار العملية السياسية ومحاسبة المفسدين، والقضاء على البطالة، وإيجاد قانون انتخابات عادل ومنصف، وتعديل الدستور وحصر السلاح بأيدي الجهات المخولة بذلك ، ومنع التدخل الخارجي، وفرض الارادات والتأثير على مسار القرارات التي تحقق البعض فيما لم يتحقق البعض الأخر، فعلى سبيل المثال اصدر مجلس النواب عدة قرارات كاستجابة لمطالب المتظاهرين بإلغاء امتيازات المسؤولين وتقليل الرواتب، فضلًا عن قانون التقاعد الموحد وتشريع قانون انتخابات جديد وصف بأنه مرضي إلى حد ما إلى جانب منجز يحسب لساحات التظاهر  و هو تقديم الحكومة استقالتها ، في مقابل ذلك تعرض المتظاهرون لأقسى أنواع العنف من  قتل  واعتقال وموجهة بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والغازات الدخانية، و يضاف إلى ذلك دخول أطراف وأحزاب وفصائل مسلحة على خط المواجهة مع المتظاهرين، فيما كانت حصيلة الضحايا من المتظاهرين والقوى الأمنية قد تجاوزت الـ (500) شخص ، وبعد كل هذه التضحيات وخطاب المرجعية في كل جمعة لوضع مسار محدد للإصلاح من خلال حث الناس على ضرورة  ديمومة التظاهر، مع الحفاظ على السلمية والابتعاد عن أعمال العنف وعدم الاعتداء على المتظاهرين .

وفي خضم هذه الاحداث تعالت الاصوات لاختيار شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة الجديدة،  الأمر الذي أدخل البلد في فراغ دستوري وتجاذب سياسي ومزيد من الصدام بين القوى الأمنية من جهة  والمتظاهرين من جهة أخرى ، ونتيجة لهذه الضغوط أصدر السيد رئيس الجمهورية أمرًا بتكليف محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة الجديدة فيما سارع الأخير لتقديم وعود عدة للمتظاهرين ودعاهم للاستمرار بذلك حتى يتم تأليف حكومة مستقلة، و وعد أيضًا بمحاسبة من قام بقتل المتظاهرين، ومحاربة الفساد، والتنسيق مع الجهات المختصة للعمل على وضع قواعد انتخابات مبكرة وغيرها من الامور.  وهنا  يطرح التساؤل الآتي : هل ينجح السيد علاوي في ذلك ؟

إنّ مهمة السيد علاوي ليست بالسهلة فضلًا عن إنها ليست مستحيلة، فالصعوبات تتأتى من حجم المشاكل المحيطة بهذا التكليف، إذ إن الوضع العام متوتر إلى حد كبير وسط استمرار التظاهرات الرافضة لتكليف السيد علاوي على الرغم من قبول أطراف عدة لهذا الاختيار بوصف هذه المرحلة هي مرحلة انتقالية ، كما إن تحدي تسوية ملف التظاهرات بغاية الصعوبة لأنّ الساحات لا تزال تشهد زخمًا كبيرًاَ ، فضلًا عن ملف السلاح خارج الدولة والفصائل غير المنضبطة والتي هي خارج منظومة الحشد الشعبي،  مع وجود ملف علاقات العراق الخارجية وسبل تحقيق التوزان ما بين ايران والولايات المتحدة بوصفهما الدولتين الأكثر تدخلًا في الشأن العراقي ، كما إن موضوع حل أزمة البطالة  وملف مكافحة الفساد هما من أكثر الملفات تعقيدًا، إلى جانب ملفات أخرى منها : تسوية الخلاف مع كردستان، واعمار المناطق المحررة، وفوق كل هذا يبقى امرٌ مهم وهو : كيف يُمكن للسيد علاوي أن يمضي في تأليف حكومة مستقلة في ظل هيمنة الكتل السياسية وحجم الضغوط ؟ وهل تقدر هذه الحكومة في حالة تأليفها أن تحظى بثقة البرلمان إذا ما خالف توجه الكتل السياسية؟ .  هذا ما ستثبته الايام   .