لماذا اِعتذر علاوي من تأليف حكومته؟

      التعليقات على لماذا اِعتذر علاوي من تأليف حكومته؟ مغلقة

م.م. سعد محمد حسن الكندي
باحث في قسم إدارة الأزمات – مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء
3 /مارس / 2020
مع استمرار الاحتجاجات في بغداد وباقي المدن العراقية الأخرى, المطالبة بالإصلاح وتقديم الخدمات منذ مطلع تشرين الأول- اكتوبر من العام الماضي، تلك الاحتجاجات التي كان من نتائجها استقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي, الأمر الذي دفع القوى السياسية والسيد رئيس الجهورية إلى البحث عن شخصية جديدة وتكليفها بتأليف الحكومة.
وبعد جدل طويل وخلافات عميقة بين الكتل السياسية من جهة، وبين شروط المحتجين من حهة أخرى, فقد كلف السيد رئيس الجهورية السيد (محمد توفيق علاوي) بتأليف الحكومة، لكن الذي حصل بعد انتهاء مدة التكليف الدستورية هو فشل علاوي في الحصول على ثقة البرلمان لحكومته، والسؤال الذي يُطرح هنا:
ما الأسباب التي أدّت إلى عدم حصول حكومته على الثقة في مجلس النواب؟
يظهر إن هناك مجموعة من الأسباب التي أدت إلى فشل المكلف بتأليف الحكومة الجديدة, إذ بعد انتهاء المدة الدستورية الممنوحة له لتأليف حكومته أعلن عن عدم قدرته في تأليف حكومة مستقلة في ظل التجاذبات السياسية بين الأحزاب المختلفة والمصرة على التمسك بالمحاصصة الحزبية، ولهذا فقد قدم اعتذاره الى السيد رئيس الجمهورية عن تأليف هذه الحكومة. ولعل من أهم الأسباب التي أفشلت تأليف الحكومة الجديدة يُمكن أن نذكر الآتي:
الرفض الشعبي للسيد محمد توفيق علاوي:
ليس لشخصه و إنما بوصفه شخصًا لم تنطبق عليه الشروط التي حددتها ساحات الاحتجاج، تلك الشروط التي تمثلت بــ ( أن لا يحمل جنسية أجنبية, ولم يشغل مناصب في الحكومات السابقة, و لا توجد عليه مؤشرات فساد, و يكون مستقلًا لا متحزبًا,…) فضلًا عن شروط أخرى ثبتتها ساحات الاحتجاج، وعلى مايبدو فإن هذه الشروط جعلت علاوي مرفوضًا من جانب المحتجين بوصفه يحمل الجنسية البريطانية, كما إنه شغل منصب وزير الاتصالات في حكومتي السيد نوري المالكي, و يضاف إلى ذلك إنّه برلماني في دورتين انتخابيتين.
الطريقة التي تم اختياره فيها:
يرى الكثير أن اختيار السيد علاوي قد تم بالطريقة نفسها التي اختير بها من سبقه، و إن عدم وجود كتلة نيابية تمتلك الأغلبية (نصف زاد واحد) للتصويت على المكلف بتأليف الحكومة يجعل الكتل النيابية تقفز من أجل خلق تحالفات للتصويت على ذلك.
و لهذا فقد كان علاوي لا يختلف كثيرًا عبد المهدي, فكلاهما لا يمتلكان كتلة برلمانية تدعمها, فكان الدور لكل من كتلتا الفتح وسائرون باختيارهما، وهذا مخالف لمطالب المحتجين الذين يرفضون كل الطبقة السياسية الحاكمة .
الخلافات السياسية:
أراد المكلف أن يغازل الساحات والمحتجين بخطاباته, فقد تعهد بضرورة دعم وحماية الساحات, ومحاسبة الجهات التي تلطخت أيديها بدمائهم, كما تعهد بمحاسبة الفاسدين، وانهاء المحاصصة بين الكتل، والعمل على وفق مبدأ المواطنة العراقية. هذه التعهدات يبدو إنها أرعبت الكتل السياسية، واتفقت في الخفاء على عدم منحه الثقة لتأليف حكومته .
الأسماء التي اختارها المكلف:
لم تكن في مستوى الطموح بالنسبة للمحتجين، فضلًا عن القوى السياسية وعلى رأسها القوى الكردية والسنية، وجزء من القوى الشيعية.
التدخلات الخارجية:
إن المشهد السياسي العراقي كان مسرحًا للتدخلات الخارجية, ولاسيما بعد إجراء كل انتخابات والبدء بعملية تأليف الحكومة, فهناك من يرى إن حادثة المطار، وانشغال ايران بأوضاعها قد أضعف دورها الذي كانت تلعبه قبيل تأليف الحكومات السابقة, كما إن الولايات المتحدة الامريكية لم تنشغل في هذا الملف مثلما عودتنا على ذلك، و لعل عدم التدخل هذا قد جعل من القوى السياسية العراقية غير قادرة على الاتفاق فيما بينها.
وفي نهاية المطاف فإن السيد علاوي قدم اعتذاره للسيد رئيس الجهورية بعد أن فشل في اقناع الكتل السياسية من أجل التصويت على حكومته.
وهنا على السيد رئيس الجهورية البحث عن شخصية أخرى من المفترض أن لاتكون جدلية، ولها قبول من المحتجين في ساحات الاعتصام.
ومن محاسن فشل تكليف علاوي إنها جاءت متوافقة مع رغبة الساحات التي رفضته, لكن بحذر لأن الجهات التي رفضته هي جزء من العملية السياسية التي خرج المحتجون عليها.
ومن الجدير بالذكر إن الخطأ الذي وقع فيه علاوي يجب ان يتداركه السيد رئيس الجمهورية بتقديم مكلف غير جدلي، و تنطبق عليه الشروط التي حددتها الساحات، واذا لم ينجح في ذلك عليه أن يتخذ الاجراء الدستوري بتقديم طلب إلى مجلس النواب بحل نفسه، وإجراء انتخابات مبكرة للخروج من هذه المعضلة.