تغيير ملامح الشرق الأوسط

      التعليقات على تغيير ملامح الشرق الأوسط مغلقة

الكاتب: ابو القاسم قاسم ‌زاده

الناشر: مركز الابحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية  في الشرق الاوسط

المترجم :م. خالد حفظي التميمي

تحليل : م. مؤيد جبار حسن

https://www.cmess.ir/Page/View/2020-02-24/4538

اقدم ترامب على عمليتين ، أحدهما هو تنفيذ هجومٍ عسكري على الأراضي العراقية واغتيال قاسم سليماني و أبو مهدي المهندس وحلفائهم ، والثاني اعلانه عن  مشروع “صفقة القرن”    ومارافقه من جدل واسع الانتشار و دعاية اخبارية  , إذ لم يقدم أي بلد على تأييدها حتى الان ؛  مثلما رفضه الفلسطينيون ، وأطلقوا موجة من الاحتجاجات والكراهية ضد الولايات المتحدة ، ليس فقط لنتنياهو والنظام الصهيوني ، بالنظر لموقف ترامب المنحاز تماما للصهاينة .

 الآن في جميع أنحاء المنطقة  ينادون بترحيل القوات الأمريكية ، بقدر ما ان هناك بعض من الحكومات العربية الحاكمة مستمرة في  دفع الاموال و بكثافة  في جيوب ترامب ، والذي يستفيد  منها لغرض انجاح  سياسته في الشرق الاوسط الى جانب اهانة الشيوخ الخليجين من قبل الولايات المتحدة ، وبهذا تواجه  مشكلتان رئيسيتان:-

المشكلة الأولى هي خطورة خوض القوات الأمريكية القتال في بلدان ذهبت فيها مقبوليتها لدى عامة الناس  .

 اما الثانية، فهو خطر الحرب المدمرة اذ تضطر أمريكا إلى تفكيك قواعدها العسكرية في مواجهة هذه التهديدات المستمرة. كما حصل في العراق ، بعد مدة من إجبار ترامب على إعلان انسحاب القوات الأمريكية  في سوريا ، رغم أنها لا تزال تنفق وبدون مكاسب ، وقد أدى مجرى الأحداث في هذا البلد العربي إلى إقامة حكم الدولة السورية بالكامل. عاجلاً أم آجلاً ، سوف يخرج ترامب قواته من الأراضي السورية. وفي أفغانستان ، وبعد سنوات من السياسة العسكرية الأمريكية ، يقول ترامب الآن إنه يريد إعادة جميع القوات الأمريكية  الى ديارهم في الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن.

ففي حالة إيران ، نفذ ترامب خطة العقوبات من خلال فرض “أقصى قدر من الضغط” على ايران للامتثال وقال في البداية ، “في الأشهر الثلاثة المقبلة ، سوف تستسلم إيران في ظل الحصار المالي والاقتصادي الكامل من قبل الولايات المتحدة! الآن و بعد ثلاث سنوات من تنفيذ هذه السياسة ، لم تستجب طهران، وأصبحت واحدة من الانتقادات الرئيسة لترامب وسياسة العقوبات التي فرضها على إيران في عام الانتخابات الرئاسية.

كما ان علاقات أمريكا مع تركيا وأردوغان ليست كذلك بهذا الدفء؛ اذ أدى قرب أردوغان من بوتين في الممارسة العملية إلى تعطيل معادلة البيت الأبيض مع الرئيس التركي.

اما فيما يخص الأزمة اليمنية ، فقد فشل دعم ترامب لجهود السعوديين والإماراتيين للفوز في الحرب ضد الحوثيين ، وقد أدت هذه الأزمة إلى إدانة سياسات ترامب من خلال قتل النساء والأطفال والمسنين والناس العاديين في الأمم المتحدة.

لقد كانت من بين أحدث المحاولات هو قيام وزير الخارجية ترامب, بومبو بخلق اضطرابات داخلية في العراق ولبنان لمنع تشكيل حكومة جديدة في البلدين ، لكن هذه السياسة لم تنجح. ومع ذلك ، لا تزال السعودية والإمارات تستخدمانها لمواصلة الفوضى في البلدين العربيين تماشيا مع خطط نتنياهو.

من ذلك تظهر رؤيتان في معظم كتابات المحللين السياسيين الغربيين البارزين حول الوضع الحالي في الشرق الأوسط. الرؤية الأولى هي أن ترامب ليس لديه تصميم لسياسة مستقلة وشاملة للشرق الأوسط ؛ سوى مساندته لنتنياهو ودعم الاستراتيجية الشاملة للنظام الصهيوني على الشرق الأوسط برمته، ثم مواجهته مع إيران وعرضه خطة “صفقة القرن” في هذا الصدد. يعتقد هؤلاء المحللين أن المشهد في الشرق الأوسط آخذ في التغير. التغيير الذي لا يزال يدور حول اختيار حرب جديدة أو إنشاء نظام إقليمي جديد. هدف نتنياهو هو تقديم ذريعة لحرب ترامب بالوكالة في المنطقة لاكتساب القوة الصهيونية في الشرق الأوسط. لكن هذا السيناريو سيكون له تكلفة مالية وسياسية وحتى أمنية باهظة لا تتحملها الولايات المتحدة وتجنبت حتى الآن خوضها.

تشير الرؤية الثانية  إلى حتمية تغيير المشهد في الشرق الأوسط ، لكنها تعتقد أن الأزمة المستمرة في المنطقة ستدفع  في المقام الأول  الشرق الأوسط بأكمله إلى التطرف المدمر ،  خاصة وأن الخليج العربي هو قلب طاقة العالم  والتطرف  نتيجة تدفق النفط والغاز والطريق الآمن لاستغلاله في مواجهة الموت الكارثي. وهذان الرأيان هما اللذان شجعا جميع الحكومات الإقليمية على تغير ملامح الشرق الأوسط من التهديدات الى الاستقرار والثبات على أساس السياسة الإقليمية السلمية والتي شرعت  إيران الآن في تفعيل أوسع لسياستها الإقليمية لتحويل الشرق الأوسط إلى تعايش إقليمي سلمي.

لكي يتم احداث تغيير في شكل الشرق الاوسط وجعله للتعايش الاقليمي السلمي , يجب مراقبة المحاور الثلاثة, بشكل رئيسي ,بريطانيا والمانيا وفرنسا, والثاني الصين واليابان والثالث الاكثر اهمية بوتين و روسيا.

على الرغم من أن الدول الرئيسة الثلاث في الاتحاد الأوروبي ، تسعى إلى التفكيك والتوفيق في المصالح لا سيما في العلاقات الأمريكية الإيرانية ، فإن تركيزها ينصب على العملية الانتخابية الأمريكية ، وتركز سياستها الحالية على شراء الوقت .

ان الصين وروسيا هما قوتان مهمتان ،رغم ان الصين نفسها تعد اسيرة للسياسات المدمرة لإدارة ترامب ، اذ يعدون انفسهم في الطليعة لسياساتهم الاقتصادية للشرق الاوسط, بالتعريف الاقتصادي وتوسيع العلاقات الاقتصادية مع جميع دول الشرق الاوسط وهم يحاولوا بكل قوة ان يبتعدوا عن الصدام .

لقد استفادت روسيا وبوتين  لعدة سنوات من ان تلعب دورا فعالا ونشطا في الشرق الأوسط  وقد ادت سياسات ترامب (الغير حكيمة) في المنطقة  الى الاستفادة والقيام بذلك الدور.  ويبدو أنهم يرغبون بإعادة انتخاب نتنياهو كرئيس للوزراء الإسرائيلي  وترامب كرئيس للولايات المتحدة.

لقد ادرك بوتين انه كلما ازدادت حدة التطرف المدمر في الشرق الاوسط ، اتسع نطاق المصالح الاستراتيجية لروسيا في المنطقة.

أخيرًا وليس آخرًا ، ظهر مبدأ التغيير في  ملامح الشرق الأوسط. والسؤال هو ، هل سيؤدي هذا التغيير إلى حرب واسعة النطاق أم إلى المصالحة والسلام الشامل ؟

التحليل : يميل الكاتب الايراني الى دعم قضايا بلاده وتبرير سياساتها في المنطقة والتصدي لكل اعدائها أيضا. فهو يزعم ان تغيير ما يحدث وسيحدث على ملامح الشرق الاوسط نتيجة السياسات غير الصحيحة للادارة الامريكية في الشرق الاوسط والعالم بصورة عامة.

فمثلا ، لديه ، يمثل استهداف القادة الايرانيين الكبار السقطة الاعظم للرئيس ترامب ، وستكون نتائجها كارثية على المصالح الامريكية وعلى مصالح ووجود رديفتها اسرائيل . حيث فعل هذا الهجوم مشاعر الكراهية والعضب على الوجود الامريكية على اراضي عدة دول اسلامية ، واصبحت واشنطن تعلن عن نيتها في الانسحاب من سوريا وافغانستان وحتى العراق.

ولكن يبدو ان الشرق الاوسط منطقة صعبة وتتعرض لتقاطع مصالح يدور بين دول عظمى واخرى كبرى ، تتصارع بكل ما اوتيت من قوة استراتيجية من اجل تحقيق غاياتها الذاتية، حتى الدول القوى الاقليمية كايران وتركيا واسرائيل ، فانها جميعا تسعى الى تغيير ملامح الشرق الاوسط بما يخدم مصالحها ويحقق اهدافها ولو على حساب شعوب وامم اخرى مغلوبة على امرها وانهكتها الحروب والاوبئة والمجاعات .