التحولات الجيوسياسية المحتملة في المنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ما بعد كورونا

      التعليقات على التحولات الجيوسياسية المحتملة في المنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ما بعد كورونا مغلقة

عرض وتحليل: م. ميثاق مناحي العيسى

قسم الدراسات السياسية

ايار/ 2020

شارك الباحث في قسم الدراسات السياسية المدرس ميثاق مناحي العيسى، في الحلقة النقاشية الموسومة (التحولات الجيوسياسية المحتملة في المنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ما بعد كورونا) التي عقدها مركز الإمارات للسياسات عبر منصة (zoom) يوم الاربعاء الماضي 30/4. إذ استضاف المركز كل من الدكتور بول سالم “مدير معهد الشرق الاوسط بواشنطن”، والدكتور روبرت ساتلوف “المدير التنفيذي لمعهد واشنطن للشرق الادنى”،  وأدار الجلسة كل من الدكتورة ابتسام الكتبي “رئيسة مركز الإمارات للسياسات” والدكتور زيد عيادات “مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية”. وقد تطرق الباحثان أعلاه إلى تداعيات جائحة كورونا على منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، ومستقبل المنطقة ما بعد كورونا، وقد لخصنا أهم ما جاءت به الحلقة من خلال ما تحدث به الباحثان:

د. بول سالم

يرى الدكتور سالم بأن الطلب على النفط سيقل بشكل كبير حتى في الفترة المقبلة، وأن الاقتصاد العالمي سينكمش كثيراً، وأن الامريكان يشعرون بقلق على وظائفهم وعلى رواتبهم. ويرى أيضاً بأن هناك مشكلة بين الولايات المتحدة والخليج في الوقت الراهن؛ بسبب ما تقوم به السعودية من مضاربات في اسعار النفط العالمية.

أما بشأن رؤيته للنظام العالمي ما بعد كورونا، فيراه بأنهُ متعدد الاقطاب، وسيكون هناك دور كبير للصين وروسيا. وقد عرج عن رؤيته لتأثير جائحة كورونا على المنطقة، قائلاً: هناك خطر كبير ايضاً في الدول التي تعيش عدم الاستقرار مثل (العراق والجزائر واليمن ولبنان ومصر)، واصفاً أزمة كورونا، بانها اكبر ازمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية وهي ازمة تاريخية، إذ يعتقد، بان الضغوط التي تسببت بها هذه الازمة في جميع البلدان ستجلب الأولويات الوطنية، ناصحاً زعماء العالم والمنطقة، بان يغتنموا الفرصة لتقويض النزاعات في المنطقة في اليمن والتوصل الى تسوية في ليبيا، والوضع المعقد في سوريا. فضلاً عن العلاقة المعقدة بين امريكا وايران وهشاشة الوضع في العراق ولبنان وبعض دول المنطقة، قائلاً: الناس لا يمكنهم المكوث في منازلهم اكثر من هذا، وقد تكون هناك احتجاجات كبيرة، ستحرج الحكومات والانظمة الحاكمة في بعض دول المنطقة.

وبشأن اجابته عن موجة الاحتجاجات بعد كورونا في المنطقة، ولاسيما في البلدان التي تعاني من مشاكل مالية وصحية وسياسية؟.  يقول بأن هذه الازمة ستفّجر الصراعات والاحتجاجات في كثير من هذه البلدان، وقد نشهد احتجاجات في الاشهر المقبلة نتيجة الجوع والفقر واليأس، بعيداً عن الاهداف السياسية. ويرى بأنه اصبح واضحاً، ان الولايات المتحدة تركز داخليا، وقد تقوم إدارة بايدن “في حال فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية” بالتفاوض مع ايران على غرار إدارة أوباما.

أما بشأن تأثير الفيروس في علاقات الصين مع الولايات المتحدة الأمريكية، يعتقد السيد بول بأن هناك ثمة قلق كبير اتجاه تزايد نفوذ الصين في المنطقة، وما نخشاه من وجود فراغ، قد تستغله الصين في بغداد والرياض والقاهرة. أما بالنسبة لتأثير فيروس كورونا على المجموعات المتطرفة والعصابات، فقد يرى، بأن الازمة ربما تتيح للمجموعات المتطرفة والعصابات والمافيات، نشاط أكبر، وقد تصبح أكثر تمرداً، ولاسيما أن هذه الجماعات تعاني من سوء تمويل نتيجة هذا الازمة. وبشأن تأثير فيروس كورونا على ميزان القوى في الشرق الاوسط، يقول، بأن اثر ازمة كورونا قد يستمر لسنوات، وسيخلق ضغوطات في تركيا وإيران والسعودية وسوف تنكمش هذه الدول إلى القضايا الداخلية.

د. روبرت ساتلوف

يعتقد ساتلوف بان ايران تعاني اسوء تداعيات هذه الجائحة، لكن دورها الإقليمي لم يتأثر كثيراً بعد، ولاسيما دورها في العراق ولبنان واليمن ولم يؤثر أيضاً على برنامجها النووي. وكذلك الحال بالنسبة لتركيا التي تتصرف في ليبيا. أما بشأن إسرائيل، فأنه يرى بانها ستطرح قضايا اكثر اهمية في الضفة الغربية للتصدي إلى فيروس كورونا والقضايا الداخلية. اما بالنسبة للسعودية، فقد يرى ساتلوف بأن هناك عملية تغيير ربما نشاهدها بالنسبة لسياساتها في المنطقة اتجاه الدول العربية والاسلامية، وقد تركز اهتماماتها على الداخل في الايام القادمة اكثر مما ينبغي؛ نتيجة هذا الفيروس؛ لأن ما يهم الشعوب هو سبل العيش (الغذاء على الطاولة والوظائف والتعليم والصحة)، وهي قضايا مهمة ما بعد كورونا، ويعتقد بأن اقوى الاحتجاجات في مرحلة ما بعد كورونا، هي احتجاجات الخبز.

وبشأن المنافسة الاقليمية والجيوسياسية وصفقة القرن التي من شأنها ان تؤثر على امن المنطقة، يرى ساتلوف بأن تحدي إيران في المنطقة في مناطق (الشام والخليج) من ابرز التحديات التي من الممكن ان تزعزع امن المنطقة، فضلاً عن دورها الكبير في العراق، الذي من الممكن أن ينقل إلى الداخل العراقي، ولاسيما في ظل قواعد الاشتباك التي منحتها الإدارة الأمريكية لقواتها في مياه الخليج. وبذات السياق ادان السيد بول، سلوك السعودية في اليمن ودورها في انخفاض اسعار النفط، ويرى بان الطموحات الإيرانية والتركية والسعودية في المنطقة ستكون عامل تهديد لأمن المنطقة أيضاً.

وختاماً اجاب السيد روبرت ساتلوف، عن سؤال بشأن العلاقة بين واشنطن وبغداد، وكيف سيؤثر فيروس كورونا  في العلاقة بين الجانبين قائلاً: بأن رئيس الحكومة المكلف وفريقه هم عراقيون وطنيون وليسوا خاضعون إلى الولايات المتحدة وعلى الاخيرة “واشنطن” ان تسعى اليه، وان لم يتمكن العراقيون من تشكيل الحكومة، سيؤثر هذا كثيراً على العلاقة بين بغداد وواشنطن، ولا يمكن للعراقيون أن ينظروا إلى البيت وهو ينهار؛ لأن تداعيات هذا الانهيار كبيرة جداً.