تداعيات قرار المانيا باعتبار حزب الله منظمة إرهابية

      التعليقات على تداعيات قرار المانيا باعتبار حزب الله منظمة إرهابية مغلقة

 

أ . م . حيدر خضير مراد

قسم الدراسات السياسية/ مركز الدراسات الاستراتيجية

آيار 2020

يعد حزب الله ظاهرة فريدة في تاريخ العالم العربي، فقد استطاع كحزب مقاوم أن يلحق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي ويجبره على الانسحاب من جنوب لبنان، وأن يعقد معه عدداً من الصفقات الناجحة لتبادل الأسرى ، كما استطاع أن يحدث تكاملاً بين العمل العسكري والسياسي والإعلامي، وتمكن من إبراز نفسه بقوة على الساحة العربية والاقليمية. وبعد قيام الثورة في سوريا في عام 2011م  دعم حزب الله حكومة بشار الأسد وعارض الثورة وعدها مؤامرة على النظام الحاكم ، ورأى ان إسقاط النظام في سوريا مصلحة امريكية اسرائيلية.

ودعا الأمين العام لحزب الشعب السوري الى ” الحفاظ على بلدهم ونظامهم المقاوم والممانع “، ودعا لبنان الى رفض العقوبات الغربية على سوريا. وفي عام 2013م اعلن الحزب تدخله عسكرياً في الحرب في سوريا ووقوفه الى جانب النظام السوري بقيادة بشار الأسد مما ادى الى تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية لدى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما ادرج الاتحاد الأوربي الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الإرهاب في عام 2013م ، غير انه لم يدرج ضمن القائمة الجناح السياسي للحزب، وهو ما فسره بعض المراقبين آنذاك بكون الحزب على مدار السنوات الأخيرة قد شكل جزءاً من الحكومات اللبنانية المتعاقبة.

ولكن حدث تطور مهم في هذا الصدد مع توجه بريطانيا في آذار 2019م إلى تصنيف التنظيم برمته على أنه تنظيم إرهابي، مؤكدة أنه لا فرق بين جناحيه السياسي والعسكري ولا بد من حظره، وقد تبعت بريطانيا في ذلك دول أخرى مثل هولندا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية التي دعت برلين إلى اتخاذ هذا القرار منذ أيلول 2019.

وفي 30 نيسان 2020 م أعلن متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية تصنيف حزب الله اللبناني كـ”منظمة إرهابية” ومنع جميع نشاطاته في البلاد ، وشنت السلطات الألمانية حملة أمنية في عدد من المدن ضد أنشطة الحزب ومنظمات ومساجد يعتقد أن لها صلات بالحزب. وقد رحب كل من السفيرين الاسرائيلي والامريكي في برلين بهذه الخطوة، التي جاءت على ما يبدو استجابة للضغوط الامريكية – الصهيونية المستمرة على المانيا بهذا الخصوص.

ان لقرار المانيا هذا تداعيات مهمة ستنعكس على أطراف عدة، في مقدمتها حزب الله اللبناني الذي سيتأثر وجوده ونشاطه في المانيا بهذا القرار حيث سيتغير بلا شك الوضع القانوني للحزب، إذ سيتم تجميد أموال وأصول حزب الله على نطاق أوسع من ذي قبل وسيخضع للمراقبة المكثفة ، كما ستحظر أنشطته ودعايته هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى سيصبح موقف حزب الله أكثر تعقيداً بعد تحوله من مجرد حركة مقاومة إلى حركة إرهابية محظورة دولياً.

كما ان قرار المانيا هذا من شأنه أن يؤثر سلباً وبشكل مباشر على علاقاتها مع لبنان، لاسيما وأن تنظيم حزب الله ممثل عبر ذراعه السياسي منذ عام 1992م في البرلمان اللبناني، كما ان هذا القرار سيؤثر على العلاقات الألمانية مع ايران التي تدعم الحزب المذكور باعتباره يمثل حركة المقاومة الإسلامية ضد الكيان الصهيوني في جنوب لبنان.

أن ادراج حزب الله ضمن قائمة المنظمات الإرهابية يمثل عملية خلط للأوراق وحرف للصراع في المنطقة، فكيف يمكن ان يكون حزب الله منظمة إرهابية، وهو الذي مارس مقاومة جادة ضد اسرائيل، وهو حزب يظهر نفسه على انه مدافع عن القضية الفلسطينية والمصالح العليا للأمة الإسلامية. ان هذا القرار سيكون له تداعيات كبيرة لن يكون المستفيد منها الا اسرائيل وسياساتها في المنطقة العربية.