الكاظمي :الصفقة السرية الأمريكية –الإيرانية

      التعليقات على الكاظمي :الصفقة السرية الأمريكية –الإيرانية مغلقة

الكاتب : ديفيد هيرست

الناشر: مؤسسسة عين الشرق الاوسط[1] ، 14 ايار 2020

ترجمة وعرض : م. مؤيد جبار حسن

أمرت طهران الفصائل الشيعية بدعم رئيس الوزراء مقابل ان “تعيد واشنطن النظر ” بشأن الإفراج عن الأصول المالية المستهدفة بالعقوبات .

يرى الكاتب ان  ترشيح مصطفى الكاظمي كرئيس للوزراء العراقي جاء نتيجة (صفقة خاصة) بين الولايات المتحدة وإيران ، حيث وافقت فيها طهران على دعم رئيس المخابرات السابق مقابل رفع التجميد عن بعض أصولها المستهدفة بالعقوبات ، بحسب مصدر عراقي.

وهذا لا يعني ان سياسة الولايات المتحدة لممارسة “أقصى ضغط” على إيران سوف تتغير ، لكن الولايات المتحدة وافقت على تخفيف التصعيد عسكريا في الخليج و “النظر في الاتجاه الآخر” إذا ما قام طرف ثالث – دولة في أوروبا او غيرها – بالافراج عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة .

المفارقة التي يذكرها الكاتب ، أنه في 4 / آذار ، اعتبر القائد الأعلى لميليشيا حزب الله ، أبو علي العسكري، ترشيح الكاظمي لرئاسة الوزراء بـ “إعلان الحرب على الشعب العراقي” .

واتهم العسكري الكاظمي بالتورط في الضربات الأمريكية بطائرات بدون طيار في  كانون الثاني ، والتي أسفرت عن مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني والزعيم المؤثر أبو مهدي المهندس ، وهي تهمة نفتها صراحة المخابرات العراقية. هذا بالاضافة الى معارضة ميليشيات شيعية اخرى وقادة سياسيون ، و بصوت عالٍ ترشيح الكاظمي ، ومع ذلك تم تنصيب حكومته الجديدة الأسبوع الماضي بدعم من الأغلبية في البرلمان العراقي.

فيما استمرت كتائب حزب الله في تهديد الكاظمي شخصيًا ، لكن الفصائل السياسية الشيعية الأخرى المتأثرة بإيران سمحت بترشيحه للمضي قدمًا. ومن هنا يظن ديفيد هيرست ان ثمة صفقة من وراء الكواليس بين واشنطن وطهران تفسر الانعطاف المفاجئ ، مع موافقة إيران على الاتكاء على الفصائل الشيعية التي تؤثر عليها مقابل بعض الارتياح من العقوبات الأمريكية المعوقة اقتصاديًا مع اطلاق بعض الأصول في أوروبا. وامتنعت المصادر عن تحديد مكان تجميد الأصول الإيرانية ، لكنها أشارت إلى قرارٍ أصدرته محكمة في لوكسمبورج الشهر الماضي بعرقلة طلب أمريكي بتحويل 1.6 مليار دولار من أصول إيرانية إلى ضحايا هجمات 11 ايلول في قضية تعود إلى 2012. وفي وقتها رحب الرئيس الإيراني حسن روحاني بقرار المحكمة ، الذي قال إن بلاده حققت انتصارا قانونيا على الأصول التي تم تجميدها منذ فترة طويلة في لوكسمبورج بناء على طلب واشنطن.

بعبارة اخرى ، وحسب كاتب المقال ، خلاصة الصفقة السرية هي انها مكنت  : ” الأمريكيين من فوز  رجلهم ، و الإيرانيين من الحصول على أموالهم”. فالصعوبات الاقتصادية التي واجهها الإيرانيون ، وجميع الصعوبات التي تلت اغتيال قاسم سليماني ، أثرت عليهم بشدة. كانت هناك مفاوضات. وانتهى الاتفاق بقبول الإيرانيين لهذا [الكاظمي] وأخبروا حلفاءهم بالتصويت له “.

 

تخفيف التوترات في الخليج

وقد طُلب من الكاظمي في شهر نيسان تشكيل الحكومة بعد محاولات فاشلة لتعيين محمد توفيق علاوي أولاً ثم عدنان الزرفي رئيساً للوزراء ، بعد استقالة عادل عبد المهدي في  تشرين الثاني الماضي بسبب مقتل المتظاهرين خلال المظاهرات العارمة.

وفي اذار ، قال مصدر كبير في طهران إن الولايات المتحدة وافقت على منح إعفاءات تسمح لبعض الدول بالإفراج عن الأصول الإيرانية دون مواجهة إجراءات عقابية لمساعدة إيران على شراء الإمدادات الطبية لمكافحة تفشي الفيروس التاجي. ويبدو إن “جهود بعض الدول أدت إلى الإفراج عن بعض أموال البنك المركزي الإيراني”. حيث “ستحصل تلك الدول على إعفاء من العقوبات [لإطلاق الأصول المجمدة لإيران] “. وأضاف المصدر : “إن فك تجميد أموال البنك المركزي الإيراني سيقلل الضغط بشأن نقص النقد الأجنبي لاستيراد الأدوية وضرورات الحياة”.ونفى الجانب الإيراني آنذاك التوصل إلى اتفاق رسمي بين طهران وواشنطن. كما أنكرت وزارة الخارجية الأمريكية التقرير.

ويروي الكاتب عن مصادر عراقية إن هنالك سابقة لهكذا اتفاق حصلت عندما تم دعم نوري المالكي لولاية ثانية كرئيس للوزراء من قبل كل من واشنطن وطهران ، بعد تسعة أشهر من الصراع السياسي بعد فوز كتلة العراقية في انتخابات عام 2010.

ومن الافعال التي قامت بها الولايات المتحدة في هذا الجانب سحب منظومة صواريخ باتريوت من السعودية الأسبوع الماضي وخفض التوترات العسكرية في الخليج كجزء من الاتفاق المزمع مع طهران.

 

رقم قياسي

ويرى الكاتب ان للكاظمي سجل حافل بالعمل مع أجهزة المخابرات الأمريكية ، قبل غزو العراق في. 2003، حيث كان يعمل صحفيا ومحررا في موقع المونيتور الإخباري ، واسمه الحقيقي مصطفى عبد اللطيف ، أصبح الكاظمي رئيسًا لأجهزة المخابرات في ظل رئاسة الوزراء حيدر العبادي.

وفي عام 2018 ، حضر اجتماعًا في واشنطن مع مايك بومبيو ، الذي كان آنذاك رئيس وكالة المخابرات المركزية ، وخالد بن علي الحميدان ، رئيس المخابرات السعودية ، لمناقشة تدابير دعم ترشح العبادي ومواجهة المرشحين المدعومين من إيران. هذا الجهد فشل في مسعاه.

ان إمكانية التوصل للتوافق بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الكاظمي تطرقت لها وسائل الإعلام العربية. فمثلا صحيفة القدس العربي ومقرها لندن ، قالت في مقال افتتاحي إن موافقة البرلمان العراقي على الحكومة الجديدة مهمة ، لكن الصفقة الإيرانية الامريكية كانت “مسألة حاسمة لتمهيد الطريق أمام البرلمانيين”.

وكتب إبراهيم الزبيدي في صحيفة العرب اللندنية : “كما رأينا ورأيتم ، وافقت [التيارات السياسية] على تمريره في البرلمان ، وكأن شيئًا لم يحدث ، فقط عندما صدرت آخر الأوامر والتعليمات”

وقد تم الترحيب علنا ​​بترشيح الكاظمي في كل من واشنطن وطهران. حيث قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران “ستكون مع الحكومة بكل قوتنا لمساعدتها على التقدم وتحقيق الاستقرار” ، بحسب بيان على موقع وزارة الخارجية الإيرانية. في غضون ذلك ، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الشهر الماضي تفاصيل عن حوار استراتيجي مقترح مع الحكومة العراقية من المقرر أن يتم في شهر حزيران. وقال بومبيو إن “جميع القضايا الاستراتيجية” ستكون على جدول الأعمال في المحادثات.

وعلى نفس المسار ، قلل المسؤولون في واشنطن وطهران من شأن التقارير حول صفقة بشأن العراق. ووصف متحدث باسم وزارة الخارجية التقارير بأنها “سخيفة”. وأضاف: “نحن نحترم سيادة العراق ودعونا باستمرار إلى قيام إيران بذلك أيضًا وإنهاء تدخلها في شؤونها الداخلية”.

ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على طلب للتعليق ، لكن مسؤولًا إيرانيًا قال إنه لم يسمع بأي اتفاق ، ووصفه بأنه “غير مرجح”.

وقالت المصادر إن أول اتصال للكاظي بعد ترشيحه جاءه من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي طلب من رئيس الوزراء العراقي الجديد استئناف الوساطة مع إيران.

على الرغم من أن بن سلمان سيعتبر الكاظمي أقرب إليه من أي مرشح آخر ، إلا أن استئناف الحوار بين واشنطن وطهران ليس خبراً استراتيجياً جيداً للمملكة العربية السعودية. حيث انتهت المفاوضات السرية التي أجرتها عُمان لإطلاق سراح سجين أمريكي في إيران بالاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة في عهد باراك أوباما. في مقابل الانسحاب الأحادي لصواريخ باتريوت التي تديرها الولايات المتحدة ، اذ يتعرض ولي العهد لضغوط أمريكية جديدة لإنهاء الحصار لمدة ثلاث سنوات على قطر. ولهذه الغاية ، أرسل أمير الكويت وزيراً إلى قطر لإعادة فتح جهود الوساطة.

ورغم ادعاء ترامب بنجاح سياسات الضغط القصوى التي يمارسها على إيران ، فإن الحقيقة هي سياسة الولايات المتحدة في الخليج لم تعد مجدية ، كذلك الحملة السعودية في اليمن التي لم تعد قادرة على تحملها ، والضغوط على إيران – بالنتيجة جميع القوى الثلاث في وضع صعب. وهذا أمر يجب على السعوديين التفكير فيه والاستعداد له: انهيار استراتيجية الولايات المتحدة لصد إيران. اذ قال مسؤول عراقي إن ترامب لن يمانع في التفاوض على صفقة نووية جديدة مع إيران ، طالما أنها تحمل اسمه. وهذا قد يؤدي إلى مزيد من الاتفاقيات بين واشنطن وطهران.

 

https://www.middleeasteye.net/news/revealed-secret-us-iran-deal-installed-kadhimi-baghdad?fbclid=IwAR3bGQvhz3mXIOvZLsjJWDLerUI2mAzH7c4Qb8jn1j1_ZRwdL-XD_mC450Y

[1] مؤسسة إخبارية عبر الإنترنت ممولة بشكل مستقل تأسست في نيسان 2014. نهدف إلى أن نكون البوابة الرئيسية لأخبار الشرق الأوسط وتستهدف  جميع مجتمعات القراء الذين يعيشون في المنطقة وحولها ويهتمون بشدة بمصيرها.