التوظيف الاستراتيجي للأسلحة السايكوترونية

      التعليقات على التوظيف الاستراتيجي للأسلحة السايكوترونية مغلقة

 

بقلم : ا.د. سامر مؤيد عبد الطيف

         مركز الدراسات الاستراتيجية

عالم تسارعت فيه وتائر التغيير والتطور على نحو مخيف ، وتداخلت فيه حدود العلوم والمعارف بصورة اطاحت بالعديد من الثوابت ،  مثلما ولجت فيه المادة وتقنياتها ابعادا مسارات لم تلجها من قبل ، وكانت الروح من بين ما تناولته علوم العصر وتقنياته ، فحصل ذلك اللقاء المنشود بين المادة والروح في تناغم رائع نسجت اواصره الحاجة العلمية في احيان والاستراتيجية في احيان اخرى .

وبمعزل عن الغوص في متاهات العلم ونظرياته ، وقريبا من الرؤى الاستراتيجية وافتراضاتها ، فقد قدحت في ذهن صناع القرار والاجهزة الاستخباراتية فكرة توظيف القدرات الروحية الخارقة في تطوير ترسانتها من الاسلحة ، فظهر ما يسمى بالسلاح ( السايكو الكتروني ) الذي يعبر عن المزيج والتفاعل بين علوم النفس والميتافيزيقا وبين التقانات الالكترونية الدقيقة ، عبر توظيف

القدرات الروحية الفائقة في المجال الاستراتيجي على إختلاف محاوره ، فهي على هذا الوصف تقدم فضاءاً موازياً للقدرات الإستراتيجية المادية التقليدية منها والنوعية .

ولعل أول مجال يمكن أن يطرح فرصاً  لخدمة الأغراض الإستراتيجية للدولة ينهض من قدرة التخاطر أو التأثير عن بعد . وهذا ما نجد جذوره في حقبة الثلاثينات من القرن المنصرم حينما شيد النازيون العديد من معسكرات الاعتقال في ألمانيا و أرسلوا إليها من تم تصنيفهم كخطر على نظامهم القمعي أو على نظرية نقاء العرق الآري الألماني ، فأجريت داخل هذه السجون والمعتقلات التجارب والاختبارات على السجناء في مختلف المجالات العلمية والطبية المتعلقة بالبشر ، ومنها تجارب انصبت على دراسة سلوك الإنسان ومحاولة تطوير طرق وأساليب تسهم في السيطرة عليه و تحويله إلى أداة مطيعة يمكن الاستفادة منها في عمليات تخدم النظام النازي

وبعد هزيمة المانيا في الحرب ، قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA ) بإحتضان العلماء الالمان للإستفادة من خبراتهم وأصبحوا فيما بعد اللبنة الأولى لمشروع سري ضخم تم تأسيسه خلال عقد الأربعينات من القرن المنصرم تحت اسم ام كي ألترا (MK-ULTRA ) الذي كان الهدف الرئيس منه ، دراسة العقل البشري والبحث عن أفضل الأساليب لتطويعه والسيطرة عليه ، بإستخدام الصعقات الكهربائية والتنويم المغناطيسي إضافة إلى تجارب بيولوجية واخرى سيكلوجية لمسح الذاكرة وغسل الدماغ ، وإستخدام تقنية التنويم التخاطري كوسيلة لبرمجة القتلة أو إرسال رسائل سرية للغاية . ([i])

ومن الحوادث التي يعتقد أن للمخابرات المركزية الأمريكية ومشروع التحكم بالعقل يد فيها ، حادثة الانتحار الجماعي في مزرعة (جونز تاون) التي راح ضحيتها أكثر من (900) شخص , إذ يعتقد  ان هذا المخيم كان جزءا من مشروع للتحكم بالعقل تديره المخابرات الأمريكية ، وان عملية الانتحار الجماعي كان الغرض منها هو التغطية على الانتهاكات التي تمت في المخيم وعمليات غسل الدماغ التي مارسها جيم جونز على أتباعه ([ii]).

ما تقدم يرسم حدود الغايات التي تسعى الى تأمينها الاسلحة السايكوترونية عبر المسار الاتي :-

  • معرفة محتويات أشد الوثائق سرية.
  • برمجة افكار كبار القادة العسكريين والمدنيين عن بعد .
  • قتل أي مسؤول عن بعد.
  • تعطيل كل انواع القدرات والمعدات العسكرية عن بعد.

إن امثال هذه التصورات لا تبتعد عن الواقع ، إذا ما اقرنت بالتجربة العملية وثبت نجاحها   لاسيما وان المعنيين بدراسة القدرات الروحية الخارقة لايستبعدون إستخدام مثل هذه القدرات من التحكم عن بعد للتأثير في المنظومات الالكترونية والدوائر الكهربائية المتحكمة بأطلاق وتفجير الاسلحة النووية التي تضطرب إذا اختل فيها جزء من الالف من الفولت الواحد . وهو الأمر الذي اكده ضابط الامن  ( روبرتسون ) في مختبر لورنس مور للأبحاث الذي يصمم رؤوس الطوربيدات النووية بالقول ” انه إذا ما استطاع احدهم من طي الملاعق والمفاتيح عبر قدرة التحريك النفسي للأشياء ، فانه سيكون قادرا على ان يفجر او يشعل قنبلة ذرية بل يمكن بهذه الوسيلة اعطاب وتعطيل العقول الالكترونية ذات الإستخدام العسكري وما يرتبط بها من اسلحة موجهة ” . ولعل هذا ما دفع  وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية الى الاعتقاد ” ان قدرة التخاطر           يمكن ان توجه ضد أي مسؤول  أمريكي او حليف في مخازن الصواريخ النووية قد تفضي الى كارثة نووية” . بل انها ذهبت الى ابعد من ذلك في عام 1981 حينما فكرت جديا بشراء دروع نفسية لمسؤولي صواريخها . وهذا ما حصل فعلا حينما شكت القوة البحرية الأمريكية اثناء الحرب الفيتنامية ” بان سوء الضبط النفسي قد يكون هو الذي اثار سلسلة انفجارات قنابل غامضة على الناقلات العاملة في خليج تونكن” .

وعلى هذا تمكن دهاقنة الاجهزة الاستخبارتية من تطوير سلاح جديد قد يكون له افاق واعدة اذا احسن استخدامه وتم تجاز العقبات في طريقه واهمها دراسة وتطويع القدرات الروحية الخارقة والسيطرة  عليها وترويضها سبيلا لانجاز الاهداف المنشودة .

 

 

([i]  ) وهو الأمر الذي كشفته جريدة النيويورك تايمز عام 1972 في مقال أثار ضجة كبيرة في الولايات المتحدة ، تم على أثرها تشكيل لجنة في الكونغرس الأمريكي للتحقيق في هذه المزاعم , و خلال التحقيقات و جلسات الاستماع التي استمرت لعدة سنوات ،  تم الكشف عن بعض جوانب مشروع ( ام كي الترا ) للتحكم بالعقل ، لكن الصورة الكلية و الحجم الفعلي للتجارب و نوع المهمات التي نفذت ستبقى طي الكتمان للأبد , و على اثر التحقيقات قامت حكومتا كل من الولايات المتحدة و كندا بدفع تعويضات مالية ضخمة لمجموعة من الأشخاص في البلدين ثبت بأنهم كانوا ضحايا للتجارب بدون علمهم  .للمزيد من التفاصيل  انظر : هنري كرايس ووليم ديك ، الباراسايكولوجي  : سر من اسرار الدولة ، ترجمة منير يوسف زينل ، الدار الوطنية للنشر والتوزيع ، بغداد ، بلا سنة طبع ، ص 135 -136.

([ii] ) محمد عامر ،  التحكم بالعقل  أكثر مشاريع المخابرات سرية ، على الرابط :                                                  (http://darknesswoolf.blogspot.com/2010/09/blog-post_25.html)