المغرب والبوليساريو : الصراع الداخلي والتدخل الخارجي

      التعليقات على المغرب والبوليساريو : الصراع الداخلي والتدخل الخارجي مغلقة

 

م. علي مراد النصراوي / قسم ادارة الازمات

قبل الخوض في مضامين الموضوع لابد من الاشارة الى تعريف وبيان ماهية جبهة البوليساريو والتي تعني باللغة الاسبانية “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” والتي جرى تأسيسها في  20 مايو/ أيار 1973 بهدف إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية بمبادرة من شباب من أصول صحراوية،  هؤلاء الشباب كانوا يتابعون دراستهم في جامعة محمد الخامس في العاصمة المغربية الرباط ، ومن ابرز هؤلاء الطلبة الولي مصطفى السيد ومحمد عبد العزيز وولد الشيخ بيد الله، وهؤلاء ذات توجه يساري اشتراكي ، أما عن أهم الاسباب التي ادت لنشوء هذه الجبهة او الحركة منها بعد قمع الاحتلال الاسباني لمظاهرات جماهيرية في منتصف يونيو/حزيران 1970 في ما عرف بانتفاضة حي الزملة بمدينة العيون، وهي المظاهرات التي دعت لها المنظمة لتحرير الصحراء، فقمعتها إسبانيا واعتقلت جل قياداتها فيما تحولت الحركة فيما بعد لمواجهة المغرب على اثر سيطرته على اغلب المساحات هناك في عام 1975 ، على اثر الانسحاب الاسباني منها وتنازع السيادة عليها ما بين المغرب والجبهة التي صعدت من حدة المواجهة ورفعت شعارات الاستقلال فيما اتجه المغرب وموريتانيا نحو محكمة العدل الدولية ، دخلت الجبهة في مواجهات مسلحة وحروبً مشتعلة مع المغرب منذ عام 1976 فيما اتجهت المغرب بعد 1980 لبناء حائط حول ما عرف بـ”المثلث المفيد” (السمارة-العيون-بوجدور) لوقاية هذه المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات، وحمايتها من هجمات البوليساريو فيما توقفت الحرب على اثر الاتفاق عام 91 برعاية الامم المتحدة على امل ايجاد حل مرضي للطرفين عبر الحوار والتفاوض دون حسم يذكر .

من يدعم البوليساريو

تلقت الجبهة دعماَ غير محدود من قبل دول لا سيما بعد البدء بالنشاط العسكري إبان الاستعمار الإسباني ونالت دعما عسكريا وماديا كبيرا من ليبيا منذ 1973 ولم تتخل عنها إلا عام 1984، كما دعمتها الجزائر منذ 1975، وانتشرت معسكرات تدريب الصحراويين في الدولتين إبان السبعينيات ، وقد تباينت اسباب الدعم الجزائري الذي تعتبره يقع ضمن نفس الاطار الذي تدعمه لمانديلا في جنوب افريقيا او دعمها للقضية الفلسطينية وبالتالي هي تدعم الحركات التحررية ، فيما ازدادت اواصر التعاون ما بين الجزائر والبوليساريو الى الحد الذي اصبحت فيه الجبهة ضمن الحلول الامنية الجزائرية ، فيما يرى البعض ان هذا الدعم الجزائري لا يتعلق بما تعلنه الجزائر من “عدالة القضية” فقط، “بل لأن الجزائر وجدت فرصة لتصفية حسابات قديمة ومتجددة مع المغرب، حيث إن له أطماع معروفة في الصحراء الجزائرية وأيضا توجد منافسة على الزعامة في المغرب العربي” ، اما عن دور الولايات المتحدة الامريكية ففقد اعلنت وفي مناسبات عدة عن تأييدها لمقترح المغرب القاضي بمنح حكماَ ذاتياَ للصحراء الغربية معتبرة الامر حل واقعي ومرضي للأطراف  الامر الذي ترفضه الجبهة .

أما عن دور الأمم المتحدة فقد طرحت عدة حلول لأجل تسوية النزاع بين المغرب و “البوليساريو”، لكن أيا منها لم يلق موافقة من الطرفين، فحل الاستفتاء‏ المطروح منذ الثمانينات يؤول لأحد خيارين، إما الانضمام للمغرب‏ وهو ما ترفضه الجبهة جملة وتفصيلا، أو الانفصال عنه وتكوين دولة الصحراء الغربية المستقلة وهو ما يرفضه المغرب ويعتبره انتقاصا من سيادته وخرقا لها ، ورغم ذلك قامت الأمم المتحدة بالترتيبات الكاملة لتنظيم عملية الاستفتاء في الصحراء الغربية‏، لكن العملية تعطلت بسبب عدم الاتفاق على من يحق له المشاركة في الاستفتاء ، وفي عام ‏2002 طرحت الامم المتحدة  خيار التقسيم حلا رابعا على أن يكون للمغرب الثلثان وللبوليساريو الثلث، وهو الحل الذي رحبت به الجزائر ورفضه المغرب رفضا قاطعا واتهم الجزائر بأن قبولها للمقترح يكشف عن أطماع إقليمية لديها.

فيما شهدت الجبهة انشقاقات عدة لا سيما بعد ظهور تيار عام 2010 يطلق على نفسه اسم “خط الشهيد” يطالب بالدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب فيما ظهرت بمخيمات النزوح حركة تطلق على نفسها “حركة شباب التغيير” التي اتهمت بدورها قيادة الجبهة  بالفساد وتطالب بتحسين حال اللاجئين الصحراويين، وبرحيل الوجوه القديمة وإدخال عناصر شابة إلى قيادة الجبهة.

مستقبل الصراع

بعد كل تلك السنين لا تزال القضية دون حسم يذكر لأسباب عدة منها تعدد الاطراف الداعمة او المستفيدة وتشابك المصالح ما بين المغرب والجبهة وموريتانيا والجزائر واسبانيا ، الامر الاخر بالرغم من سيطرة المغرب على اغلب المناطق الصحراوية الا انه لم يحسم الموقف بصورة نهائية ، بالمقابل فأن البوليساريو فقدت كثيرا من الحس الثوري والدعم الخارجي في ظل تراجع ونهاية اغلب الانظمة اليسارية وموجة دعم حركات التحرر ، واقرب مثال الجزائر وهي الداعم الاكبر اصبحت مشغولة بقضاياها الداخلية فيما ترى موريتانا الخشية من استعداء البوليساريو او الجزائر وتحاول الحفاظ على الوضع الراهن، وفي نهاية المطاف جميع الاطراف تخشى من موضوع الاستفاء بما في ذلك البوليساريو ربما جميعهم يخشون او لا تتوفر لديهم الرغبة الجدية بحل المشكلة او حسمها بصورة نهائية وربما العامل الاسباني يدفع بهذا الاتجاه .