تمكين “نحن الشعوب” في العام الخامس والسبعين للأمم المتحدة

      التعليقات على تمكين “نحن الشعوب” في العام الخامس والسبعين للأمم المتحدة مغلقة

 

الكاتب: وهكرو بال سينكا و ميكايلا ميلندر*
الناشر : GLOBAL OBSERVATORY ، 2 – كانون الاول – 2020
المترجم : م. مؤيد جبار حسن
عرض وتحليل : م.م. حوراء الياسري

تجنبت الأمم المتحدة خلال الاحتفاء بعيدها الخامس والسبعين اقامة الاحتفالات المعتادة بهذا الإنجاز، واختارت بدلاً عن ذلك الشروع برحلة بحث عن الذات تسأل الناس في جميع أنحاء العالم – من خلال مسح مدته دقيقة واحدة وحوارات منظمة – ما هي آمالهم ومخاوفهم وأولوياتهم للمستقبل ، وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في إظهار ذلك ؟ عندما أوضح (فابريزيو هوشيلد) المستشار الخاص للأمم المتحدة للذكرى الخامسة والسبعين : بدلاً من تغيير الرأي العام “يجب أن نسمح للرأي العام بتغييرنا”.
يرى الكاتبان ان هذه الدعوة جاءت بعد فوات الأوان خاصة مع الانشار المرعب لفايروس كوفيد- 19 ، ولقد شارك أكثر من مليون شخص في عملية التشاور التي قادتها الأمم المتحدة (المستقبل الذي نريده ، تقرير الأمم المتحدة الذي نحتاجه ) الذي صدر في ايلول في اجتماع خاص رفيع المستوى للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين ، على الرغم من أن ديباجة ميثاق الأمم المتحدة تشير إلى أن الأمم المتحدة ستكون في خدمة “نحن الشعوب” ، فإن تقرير UN75)) ربما يكون المرة الأولى التي تسعى فيها المنظمة العالمية بشكل منهجي إلى البحث عن مدخلات الشعوب في صياغة الإطار العام للمؤسسة وان الأولويات والالتزامات جهد سابق – مسح وتقرير عالمي – كان يهدف بشكل ضيق إلى فهم أفضل لأولويات التنمية وساهم في صياغة أهداف التنمية المستدامة .
اضافة لذلك بين الكاتبان حقيقة أن الدول الأعضاء قد تبنت إعلانًا يستند إلى مدخلات الجمهور العالمي بما في ذلك أصوات الشباب والأكاديميين والشعوب والنشطاء على مستوى القاعدة من بين آخرين لا يقل عن كونه حدث تاريخي . ويبدو أن تأقيت مثل هذه التأملات والتأكيدات مناسباً على خلفية جائحة عالمية ونظام دولي مرهق ومتعدد الأطراف .
هناك سؤالان يبرزهما الكاتبان في المقدمة اولهما : ماذا قال الجمهور العالمي ؟ والثاني : هل كان تمثيله عالميًا حقًا ؟
للاجابة عن ذلك ابرز تقرير (UN75 ) عددا من النتائج التي سلطت الضوء على ما شعر المستجيبون أنه أولويات فورية وطويلة الأجل وتمثلت بـ :
النتيجة الأولى // والتي سلطت الضوء على إعطاء الأولوية لتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والتعليم التي تراجعت جميعها بسبب أزمة فيروس كورونا .
النتيجة الثانية // دعت إلى مزيد من التضامن الدولي وزيادة الدعم للجوانب الأكثر تضرراً من الوباء لا سيما المتمثله بمعالجة الفقر وعدم المساواة وتعزيز العمالة .
النتيجة الثالثة // أعربت عن أمل الشعوب في تحسين الوصول إلى التعليم وحقوق المرأة.
النتيجة الرابعة // أظهرت القلق على المدى المتوسط ​​والطويل من عدم القدرة على وقف أزمة المناخ وتدمير البيئة الطبيعية .
النتيجة الخامسة // أكدت ضرورة ضمان احترام أكبر لحقوق الإنسان ، وتسوية النزاعات ومعالجة الفقر والحد من الفساد في المستقبل باعتبارهن من مهددات الاستقرار الداخلي والخارجي لاي نظام سياسي قائم ؛ ومما تجدر الاشارة اليه أن الحاجة إلى زيادة الوصول إلى الرعاية الصحية والتي تم تصنيفها على أنها الأولوية الأولى أو الثانية لكل منطقة عالمية تم أخذ عينات منها .
لقد كانت الأولويات بين مجموعة المستجيبين المتنوعة موحدة بشكل لا يصدق من أجل ضمان التنوع وحجم العينة العالمي الكبير ؛ أذ تم بذل جهد كبير من اجل الترويج للمسح الذي مدته دقيقة واحدة بين جمهور دولي واسع ، على الرغم من تحقيق التمثيل الواسع من أجل إجراء التحليلات الكمية ولم تكن النتائج تمثيلية بالضرورة .
وعلى الرغم من ذلك أدت الجهود المبذولة إلى أن غالبية المستجيبين يأتون من جنوب الكرة الأرضية وأكثر من نصفهم من وسط وجنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء ؛ علاوة على ذلك ، هنالك محاولة لتضمين أولئك الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت وتم تكييف الاستطلاع لجمع البيانات دون اتصال بالإنترنت من خلال تطبيق الهاتف المحمول وأدوات أخرى ، هذا من جانب . ومن جانب آخر تركزت الحوارات المنظمة والتي قدمت ردودًا أكثر تعمقًا ورؤى تفصيلية حول الأولويات التي عبر عنها المشاركون إلى حد ما في أمريكا الشمالية عندما تم تقديم أكثر من 100 حوار من إجمالي 387 حوار من هذه المنطقة وحدها . ومع ذلك أوضح الكاتبان انه ومن خلال تدفقات البيانات الخمسة التي تم أخذها في مجملها والنظر إليها معًا؛ من الواضح أن نتائج التقرير تظهر مجموعة متنوعة من الأولويات الناشئة عالمية في جوهرها إن لم تكن تمثيلية بالكامل .
في حين أن النتائج الرئيسة لتقرير(UN75) تتجسد بقوة في اثني عشر بند عمل مدرج من قبل الدول الأعضاء في إعلان الجمعية العامة بما في ذلك التعهد بـعدم ترك أحد خلف الركب وحماية كوكبنا وبناء الثقة وترقية الأمم المتحدة ، ولكن ليس هناك ما يضمن أن هذه المطالب أو حتى بنود العمل قد تترجم إلى عمل مباشر أو ملموس . في الواقع بين الكاتبين أن هناك احتمال أكبر للتقاعس عن العمل والتي يمكن أرجاعها لعدة عوامل أبرزها :
لا يزال الإجماع وراء الإعلان هشاً وكان هذا واضحًا في شهر حزيران عندما تم كسر إجراء الصمت لتبني الإعلان من قبل العديد من الدول التي اعترضت على عبارة (الرؤية المشتركة لمستقبل مشترك) على ما يبدو لأنها تعكس مفهوم الرئيس الصيني (شي جين بينغ) للنظام العالمي وتم الحفاظ على الإجماع عندما تم استبدال هذه العبارة بعبارة (من أجل المستقبل المشترك للأجيال الحالية والقادمة) .
من المحتمل أن يكون تفعيل بنود العمل موضع خلاف ويمكننا ارجاع ذلك في المقام الأول إلى الظواهر المستمرة للقادة الشعبويين والبلدان التي تتبع سياسات الدولة أولاً التي من المرجح أن تزيد من إضعاف الدور العملياتي للأمم المتحدة ، اضافة للخلاف حول منظمة الصحة العالمية والخلافات بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – وخاصة الصين والولايات المتحدة – واضح في هذا الاتجاه ، ومن غير المرجح أن يتبدد الخلاف بين الصين والولايات المتحدة حتى في ظل إدارة أكثر صداقة مع الأمم المتحدة ، وقد يتصاعد حتى في بعض القضايا .
في حالة الانهيار الاقتصادي العالمي الناجم عن (COVID-19) من المرجح أن يكون احتمال بند العمل الخاص بـضمان التمويل المستدام غير مجدٍ ما لم يتم تحديد مصادر تمويل جديدة وظهورها . وفي المقابل فإن التعهد بتحديث الأمم المتحدة وبث حياة جديدة في المناقشات بشأن إصلاح مجلس الأمن من المرجح أن ينتهي فور وصوله .
وعليه فأنه من المرجح أن يكون لتقرير(UN75) وإعلان الجمعية العامة المصاحب له تأثير إيجابي على التطور المستقبلي للأمم المتحدة وبعضها واضح بالفعل من خلال عدة مواضع اهمها:
ما أشارت اليه (ماريا فرناندا إسبينوزا) رئيسة الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة وعضو مجموعة القيادات النسائية أصوات من أجل التغيير والشمول مؤخرًا يجب أن تكون عملية الاستطلاع آلية داخلية دائمة لكي تستمع الأمم المتحدة إلى ما يقوله الناس بشكل يومي .
في عصر المنافسة المتزايدة بين الدول المهيمنة والدول غير المهيمنة والجهات الفاعلة الخالية من السيادة من غير الدول والدول الفرعية (مثل المدن) والأفراد – بمساعدة المؤسسات (التي دعمت أيضًا تقرير UN75 ) – من المرجح أن تعبر عن المستقبل الذي نريده وتقود الطريق إلى الأمم المتحدة التي نحتاجها.
في حين أكد الكاتبان أن وتيرة التقدم التي يقودها هذا التحالف المتعدد (أصحاب المصلحة) قد لا تكون مثالية إلا أنها أفضل من عدم إحراز أي تقدم على الإطلاق ، بل سيكون الأمر مأساويًا لكنه لم يعد مفاجئًا تمامًا ؛ إذا كان الغرور الرقيق لدول الرجال الأقوياء اليوم هي التي تخلق الظروف التي لا تستطيع الأمم المتحدة في ظلها أن تفعل أكثر من البقاء على قيد الحياة. وتكون بمثابة قشر فارغ وطموح بدون تأثير ذي مغزى ؛ ولذلك نأمل أن تتمكن الأمم المتحدة من توليد بعض الأفكار البناءة وديناميكية الماضي ، بينما تتكيف مع تحديات اليوم ، لذا يمكن القول إن تقرير UN75) ) وإعلانها يمثلان معلما هاما في هذه المرحلة الجديدة .
التحليل :
خلاصة لما تقدم يتبين لنا أن الامم المتحدة ومن خلال احتفائها بعيدها الخامس والسبعين حاولت وضع مجموعة من القواعد التي تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تحسين الاداء العملي والفعلي للمنظمة من خلال تأكيدها المتكرر على ضرورة احترام حقوق الانسان واعطائه كامل الحرية في وضع القوانيين والقواعد المساعدة على تنظيم هذه الاعمال من شمال الارض لاقصى جنوبها ، ومن ثم تم التأكيد على مجموعة النتائج التي توصل اليها أستبيان المنظمة اعلاه لضرورة احترام الشعوب لنفسها من خلال الابتعاد عن المصالح التي تقودها الدول وتتحكم عن طريقها بمقدرات دولها وشعوبها .
رابط المقال باللغة الانكليزية

Empowering “We the Peoples” in the UN’s 75th Year

_________________________

* وهكرو بال سينكا هو أستاذ مشارك ويقود تخصص الأمم المتحدة في مركز الشؤون العالمية بجامعة نيويورك. وهو مؤلف العديد من الكتب عن الأمم المتحدة والمحرر المشارك لمجلة مستقبل الشؤون العالمية.
ميكايلا ميلندر ، باحثة في الشؤون العالمية في جامعة نيويورك متخصص في الأمم المتحدة. كانت واحدة من محللي الأبحاث في تقرير UN75: المستقبل الذي نريده ، الأمم المتحدة التي نحتاجها .