أزمة قطر: بداية النهاية؟

      التعليقات على أزمة قطر: بداية النهاية؟ مغلقة

 

 الكاتب : د. سنام فايكل ، نائبة المدير واقدم الباحثين في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

الناشر: جوثام هاوس ، 4/كانون الثاني/2021 .

ترجمة : الاستاذه زينب حسين علوان .

عرض وتحليل : م.م.حوراء الياسري .

غالباً ما تشهد العلاقات مابين الدول سواء كانت اقليمية أم دولية حالات من التعاون والصراع التي تمتد لبضعة أشهر واحياناً تتعداها لسنين ومن ثم تعود الامور لسابقها وهذا ماحدث بالفعل بين قطر ومحيطها الخليجي أذ شهد الخامس من كانون الثاني/ 2021 البداية الرسمية لنهاية أزمة قطر التي استمرت لثلاث سنوات ونصف عندما اجتمع قادة دول مجلس التعاون بمن فيهم أمير قطر تميمآل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، في القمة الخليجية الحادية والأربعين في العلا بالمملكة العربية السعودية حيث وقعوا اتفاقية “الأمن والاستقرار” ؛ وقد أقروا علناً أن الوقت حان لـطي صفحة الماضي مع ضرورة التجاوز رسمياً حدة التوترات التي سادت سياسات دول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2017 ، وكجزء من الاتفاقية قامت دول الرباعية التي نفذت الحصار (المملكة العربية السعودية ، والإمارات العربية المتحدة , ومصر والبحرين) بالموافقة على فتح الطرق الجوية والبرية والبحرية إلى قطر.

وفي المقابل ستلغي الدوحة الدعاوى القضائية القطرية ضد الدول الأربع في منظمة التجارة العالمية واتفقوا بشكل جماعي على الكف عن التغطية الإعلامية السلبية والعمل على إصلاح الخلاف الذي تسبب في أضرار جسيمة لسمعة دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعياً ومالياً وسياسياً ، بينما استمرت دول مجلس التعاون الخليجي في العمل عند مستوى أدنى وكشفت الانشقاقات والاختلافات القائمة والديناميكيات التنافسية داخل الكتلة بدون إقرار أو إصلاح ذي مغزى ويمكن أن تعاود هذه المشكلات للظهور بسهولة مرة أخرى .

  الأسباب الكامنة وراء الحصار

بما أن إظهار الوحدة والتقاط الصور يعد بمثابة ارتياح مرحب به وسط التوترات الإقليمية مع إيران ، والحرب المستمرة في اليمن منذ عام 2015 ، والتأثير المستمر لـ كوفيد-19، وتنصيب جو بايدن المنتظر ، فإن هذه التنازلات لا تعالج الأسباب الأساسية  للحصار ولا الإقرار بالمطالب الـثلاثة عشر الصادرة على قطر؛ وهذا يمكننا من الرجوع لاسباب الازمة والحصار المفروض على قطر والمتمثل بـ :-

  • اتهامها بدعم الجماعات الإسلامية الإقليمية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر تهديداً للإمارات ، والارتباط الوثيق بتركيا التي لها قاعدة عسكرية في قطر وتتشارك في التعاطف مع الجماعات الإسلامية السياسية الإقليمية ، حيث أدى دعم قطر المبكر لجماعة الإخوان المسلمين المصرية والتغطية الإعلامية المفضلة لقناة الجزيرة إلى تصعيد التوترات .
  • سعيها للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع إيران التي لطالما اعتبرت تهديداً لاستقرار دول مجلس التعاون الخليجي .
  • انتفاضات الربيع العربي عام 2011 التي جلبت الاحتجاجات إلى البحرين وشهدت سقوط انظمة عربية كما حسني مبارك في مصر ، مما تسبب في قلق عميق من تأثير الدومينو الخليجي .

 

لكن خلال الأزمة لم تنثني الدوحة ولم تثبط عزيمتها بفضل مواردها المالية الوفيرة اتجهت الدوحة بشكل أكبر إلى أنقرة للحصول على الدعم السياسي واللوجستي والعسكري ، وأعادت توجيه سلسلة الموارد الخاصة بها ، وطوّرت قطاعًا غذائيًا محليًا ، وتحولت لطهران من أجل الوصول للمجال الجوي ؛ كما وتمتع الأمير تميم بموجة كبيرة من الدعم الوطني مما أدى لترسيخ إحساس أقوى بالهوية القطرية .

ومع ذلك ، وفي خضم التخطيط لكأس العالم 2022 ، ثبت أن الحصار مكلف وظهر التوترات الكامنة في دول مجلس التعاون الخليجي عندما سحبت اللجنة الرباعية سفراءها وقطعت العلاقات مع الدوحة ، أصبح عام 2014 مقدمة لعام 2017. ثم تم حل الأزمة نظريًا من خلال القبول الجماعي بعدم التدخل في اتفاق الرياض، لكن من الناحية العملية ، استمرت التوترات في التصاعد في جميع أنحاء الكتلة وتراجعت مرة أخرى في حصار عام 2017 وفي نهاية المطاف سعت المطالب إلى الامتثال القطري والخضوع لضغوط أبو ظبي والرياض.

من خلال كلتا التجربتين ، قادت الكويت جهود الوساطة بإخلاص وجلبت إدارة ترامب أخيراً لرعاية العقبات النهائية وإدارة التسلسل حتى اللحظة الأخيرة ، لم يكن واضحًا ما إذا كانت القمة ستسفر عن نتائج ذات مغزى أو ستوسع من التقارب السعودي القطري الثنائي ليشمل الرباعية بأكملها وكان إصرار قطر على رفع الحصار قبل الالتزام برحلة تميم خطوة تصالحية مهمة.

  خطوة نحو المصالحة

بدأت المملكة العربية السعودية في الإشارة منذ عام 2019 إلى أن المصالحة مع الدوحة كانت على جدول أعمالها وفي الواقع  لقد مهدت الطريق لذلك عندما جلبت ببطء الإمارات والبحرين ومصر سعياً لإصلاح الامور وتحسين صورتها الدولية ، خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي ، كما يُنظر إلى حل الأزمة أيضًا على أنه طريق لمعالجة الجمود في اليمن وغياب وحدة مجلس التعاون الخليجي في مواجهة إيران .

وعلى الرغم من جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة ، استمرت الحرب اليمنية في التمدد مع كثرة المزاعم بأن الدوحة تقدم الدعم المالي للحوثيين خلال فترة حملة الضغط القصوى التي فرضها الرئيس ترامب على إيران والتي استندت إلى عقوبات ، كان يُنظر أيضاً إلى دفع قطر 100 مليون دولار لاستخدام المجال الجوي الإيراني على أنه شريان حياة للجمهورية الإسلامية التي تعاني من ضائقة مالية .

وسلط محمد بن سلمان الضوء على قضية إيران والمحور الأمني ​​للاتفاق في خطاب الأسبوع الماضي ، مشيراً إلى أنه لا تزال هناك تهديدات من البرنامج النووي للنظام الإيراني وخططه للتخريب والتدمير ، كما يُعتقد أيضًا أن التنصيب القادم لإدارة بايدن التي تخطط لاتباع نهج إقليمي أكثر توازناً هو الدافع وراء المصالحة ، وإدراكًا لنوايا بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني ، يُنظر إلى وحدة مجلس التعاون الخليجي على أنها ضرورية للبدء على أساس قوي مع واشنطن .

حكاية تحذيرية

ومع ذلك ينبغي أن تعطي تجارب عامي 2014 و 2017 لمجلس التعاون الخليجي اشارات تحذيرية ،أذ سلطت الأزمة الضوء على التوترات والمنافسة والانقسامات داخل الكتلة – في الوقت الحالي – يبدو أن المطالب الـثلاثة عشر قد تم إلقاؤها جانباً ؛ وعلى الرغم من عدم الإعلان عن هذه القضايا بعد فمن المتوقع أن تناقش في اجتماعات ثنائية بين الدوحة وكل دولة في الرباعية ، ومن الصعب رؤية كيف سيؤدي مسار حل النزاع هذا إلى تحولات في علاقات الدوحة مع طهران أو أنقرة أو رؤية أي إعادة تموضع للدعم بعيدًا عن الجماعات الإسلامية السياسية .

من خلال الحصار ، كانت الكويت وسلطنة عمان قلقتين بشكل متزايد بشأن نشاط الرباعية  حيث أدت الرؤى الاقتصادية وخطط التنويع إلى زيادة المنافسة بين دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من التحفيز على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي حافظت كل دولة على استراتيجيتها الفردية الخاصة بإيران ، مما يجعل الاستراتيجية المشتركة بعيدة المنال ؛ كما لاتزال الانقسامات الأيديولوجية حول دور جماعة الإخوان المسلمين وأهميتها قائمة ، بينما تضيف (اتفاقيات إبراهيم)[1] تعقيدا اخر امام صرح الوحدة ومن الواضح أن التحذير من هذه الديناميكيات الداخلية الخليجية ينطوي على خطر تكرار آخر وستكون هناك حاجة إلى دبلوماسية منسقة وتدابير بناء الثقة لرأب الصدع الذي قسم العائلات والعلاقات القبلية وبناء أساس أكثر استدامة للتعاون الخليجي .

التحليل

في ضوء ماتقدم يتبين لنا الدور الذي مارسته الدول الاربعة والمتمثلة بـ (المملكة العربية السعودية ، والامارات العربية المتحدة ، والبحرين ، ومصر) من ضغط مباشر على قطر من اجل اتباع سياساتها وعدم انتهاج سياسية جديدة أو اتخاذ قرارات من دون الرجوع للرياض وأبو ظبي ، عندما مورست سياسة ضغط من قبل الدول سالفة الذكر من أجل تحقيق مصالحها وعدم تعارض ذلك مع سياستها خصوصاً فيما يتعلق بأيران وبرنامجها النووي والحرب على اليمن أضافة لدعم الاخوان المسلمين الذين يعتبرون بمثابة الخنجر الذي تضرب به المنطقة الخليجية عامة والامارات خاصة في أي لحظة ؛ لقد حان الوقت بأن تعود قطر لاحضان المنطقة الخليجية باعتبارها اتعضت من الدرس الذي تلقته من الدول سالفة الذكر وأنها لا يمكن ان تعود لممارسة هذا الدور ثانيةً والايام كفيلة بأيضاح هذا الامر .

رابط المقال باللغة الانكليزية :-

https://www.chathamhouse.org/2021/01/qatar-crisis-beginning-end

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] اتفاقيات التطبيع التي عقدتها الدول الخليجية مع (اسرائيل).