مستقبل الصراع اليمني في ظل الإدارة الامريكية الجديدة

      التعليقات على مستقبل الصراع اليمني في ظل الإدارة الامريكية الجديدة مغلقة

 

م. علي مراد النصراوي / قسم إدارة الأزمات / مركز الدراسات الاستراتيجية

لا يخفى على احد حجم الزمة اليمنية وتداعياتها الاقليمية والدولية، إلى جانب الأزمة الإنسانية، وانتشار الأمراض والاوبئة، وحالة الفقر والعوز، وتدهور البنى التحتية والخدمات الاساسية، فضلًا عن ضحايا هذه الحرب إذ إنها وصلت إلى اكثر من مائة الف ضحية منذ بدء الحرب هناك. ويظهر إن هذه الحرب التي لم يتوقع لها أن تطول كل هذه المدة قد استمرت وقتا طويلًا ولعل هذا يعود إلى إن التداخل هناك وحجم الدعم وحسابات الداخل والخارج قد اطالت مدة الاقتتال، كما لا يمكن الاستهانة بقوة الحوثيون بمناطق نفوذهم التي لم يخسروا منها إلا الشيء القليل مع احكام قبضتهم على العاصمة صنعاء بالرغم من إن السعودية كانت قد رمت بثقلها إلى جانب التحالف العربي والدعم الامريكي إلا إن الأمور لم تحسم بعد، و مع  تراجع حدة الاقتتال وزيادة المأساة سواء أ كانت في مناطق سيطرة الحوثيون أم حتى مدن الجنوب التي شهدت هي الأخرى عمليات اقتتال بين المجاميع المدعومة من الامارات وأخرى مدعومة من السعودية قبل أن يتوصل الطرفان لصيغة حل مؤقتة، لكن جوهر المشكلة لايزال ساري المفعول بالتالي ينذر بتجدد الاشتباكات في أية لحظة حتى يتمكن المجلس الانتقالي أو حكومة هادي من بسط نفوذهم على مدن جنوب البلاد.

وبعد ستة أعوام من الحرب هناك، وفي خضم تولي إدارة بايدن للرئاسة الامريكية سارع بالإعلان عن نية الولايات المتحدة ايقاف دعمها للجانب السعودي في ما يخص الاشتراك بالعمليات العسكرية والذي كان في أعلى مستوياته في ظل إدارة الرئيس السابق ترامب، الذي كان يعدها خطوة تصب في صالح كبح جماح ايران بوصفها الممول والداعم للحوثيون ، إلى جانب إعلان وزير خارجية الولايات المتحدة عن رفع تصنيف الحوثيون من على لائحة الإرهاب والغاء تصنيف اليمن ضمن القائمة السوداء، وبالرغم من اعلان السعودية والامارات وبقية التحالف العربي ترحيبهم بهذا الاعلان بيد أنهم اضطروا إلى ذلك، لأن إدارة بايدن تختلف عن سلفه ترامب وبالتالي فمن الضروري العمل معها في ظل وجود التخوف من صعود النفوذ الايراني، الى جانب ذلك فقد رحب الحوثيون بتلك الخطوات الامريكية و وجدوا أنها  تصب في صالح انهاء النزاع، ولا ننسى بأن إدارة بايدن أبقت العقوبات على بعض قادة الحوثيون الذين عدوهم خطرًا يهدد أمن السعودية في ظل الاستمرار بإطلاق الصواريخ باتجاه المملكة.

والسؤال هنا هل ستنتهي الحرب في ظل إدارة الرئيس بايدن ؟ ربما قد تتوقف لمدة من الزمن أو قد تكون هناك هدنة تحت طائلة ايصال المساعدات والاعتراف بمناطق سيطرة الحوثيون كواقع حال لإيصال تلك المساعدات، وهذا ما تدفع به بعض منظمات الاغاثة والمنظمات الانسانية، وأما إنهاء الحرب فهذا الأمر لايزال بعيدًا لأنه مرتبط بعوامل داخلية وخارجية وربما العودة لطاولة المفاوضات في ما يخص البرنامج النووي الإيراني الذي قد يمهد أو يسهل الوصول لحالة معينة، وقد تكون واحدة من أوراق الضغط الايرانية التي ستطرح في طاولة الحوار المرتقب، إلى جانب إن الإدارة الامريكية الجديدة تسير على وفق سياسة هادئة تتجنب الصدام المباشر وهذا ما قد يلعب عليه الايرانيون، و ما تدركه دول الخليج التي قد تقبل بتسوية الأزمة اليمينة دون اهمال دور الحوثيون في أية عملية سياسية جديدة، فالتصعيد الحوثي الأخير و هجمات الطائرات المسيرة المفخخة والصواريخ البالستية قد تقع ضمن خانة الضغط باتجاه التفاوض تحت شروط جديدة أولها فتح الحصار والحدود في مقابل ايجاد صيغة توافقية لعودة الحكومة للعاصمة صنعاء مع ايجاد أرضية أو صيغة نظام سياسي تشاركي يجمع أغلب أطراف النزاع، ولا نتوقع أن يكون هذا الحل قريبًا فالموضوع مثلما ذكرنا له أبعاد عدة إلا إنه ليس مستحيلًا في ظل المعطيات الجديدة.