دول مجلس التعاون الخليجي في ٢٠٢١ : التوقعات والتحديات

      التعليقات على دول مجلس التعاون الخليجي في ٢٠٢١ : التوقعات والتحديات مغلقة

الكاتب : سنام وكيل ، فريا المسلمي ، نيل كويليام ، جون سفاكيانكيس ، كريستيان كوتس اولريشسن .

الناشر: Chathamhouse

ترجمة : هبه عباس محمد علي .

عرض وتحليل : م.م. حوراء الياسري

تدقيق لغوي: د. ذكريات طالب

 

كانت وما تزال العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي قائمة على أساس التعاون والتكامل في إدارتها لمصالح دول المجلس جميعها، ما لم تكن هناك ايدي تدير هذه العلاقة بما يخدم مصالحها وأهدافها التي تسعى لتحقيقها لتضمن لها موطئ قدم في احدى هذا الدول إن لم تكن في أغلبها، وابرز مثال على ذلك حصار قطر الاخير الذي انتهى مع بداية عام 2021 .

 

العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة ( سنام وكيل ) :

سيترك رحيل إدارة ترامب أثرًا في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المتوقع أن تغير إدارة بايدن القادمة من سياسة الولايات المتحدة تجاه ايران وتجدد جهود إدارة الصراع في اليمن وتعطي الأولوية للمخاوف المتعلقة بحقوق الانسان؛ ففي أول رحلة خارجية له تم استقبال ترامب استقبالًا جيدًا في الرياض بسبب حملة الضغط التي شنها على طهران ودعمه لموقف السعودية في حرب اليمن ودفاعه عن ملك السعودية محمد بن سلمان بعد مقتل خاشقجي، كما لا تنسى دول الخليج دور إدارة ترامب في تطبيع العلاقات بين الامارات العربية المتحدة والبحرين وإسرائيل، إذ تشترك كل من الامارات وإسرائيل بالمخاوف والرؤية الإقليمية الطموحة فضلًا عن الروابط الاقتصادية المتنامية وهدفهما الرامي الى تنسيق المشاركة الإقليمية بما يتناسب واستراتيجية بايدن في الشرق الأوسط .

وفي الوقت الذي تراقب فيه دول مجلس التعاون الخليجي التطورات في واشنطن، فقد سعت أيضا إلى بدء عام ٢٠٢١ بشكل إيجابي على الرغم من إن توحيد موقف تجاه ايران بعيد المنال في الوقت الحالي، فإن الحل الناجح لحصار قطر من شأنه أن يساعد في تحقيق المزيد من الاستقرار وأن يسمح لدول مجلس التعاون الخليجي بالتركيز على خططها في التنويع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتقديم بطولة دبي عام 2021 وكأس العالم لكرة القدم عام 2022 .

 

أمل جديد في اليمن ( فريا المسلمي ) :

أدى تأليف الحكومة اليمنية في أواخر عام ٢٠٢٠ إلى انهاء الاقتتال الداخلي فضلًا عن اطلاق سراح اكثر من (١٠٠٠) سجين وبدأت المصالحة الخليجية،  والاهم من ذلك انتخاب إدارة أمريكية جديدة ذات سياسة مختلفة تجاه الحرب في اليمن، وهذا يشكل نظرة إيجابية لليمن في عام ٢٠٢١ من المرجح أن تؤدي لجولة جديدة من محادثات السلام ، وتزايد عمليات تبادل الاسرى واحتمال وقف التصعيد الاقتصادي ؛ ومن المحتمل أن يجدد مجلس الأمن الدولي قراراته في شهر شباط ٢٠٢١ ويمكن أن يزيد هذا الأمر من فرص السلام، وأي شيء اقل منه من المحتمل أن يؤدي لمزيد من الحروب واستقالة مبعوث الأمم المتحدة .

 

ديناميات الطاقة ( نيل كويليام ) :

هناك تناقض في نية دول مجلس التعاون الخليجي في الابتعاد عن الاعتماد على الموارد الهيدروكاربونية والحاجة إلى كسر هذه العادة، ولكن في الوقت نفسه يجب الاعتماد عليها لتحقيق الانتقال؛ فالامارات منفتحة جدًا بشأن هذا التناقض وأعلنت مؤخرًا عن هدفها الرامي إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط من 3 ملايين إلى 5 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2030 ويبعث هذا الانتقال إشارة واضحة بأن الموارد الهيدروكاربونية ستبقى الجزء المسيطر على اقتصاد الامارات لفترة من الوقت في المستقبل وربما على دول الخليج الأخرى، وهذا يتعارض مع تعليقات “سلطان الجابر” مبعوث الامارات  المختص بشؤون الطاقة وتغير المناخ في الامارات العربية المتحدة والرئيس التنفيذي لشركة ادنوك في أسبوع أبو ظبي للاستدامة بشأن التزام الإمارات العربية المتحدة بالتصدي لتغير المناخ .

وفي الوقت الذي تعهدت به دول مجلس التعاون الخليجي بزيادة مصادر الطاقة المتجددة والتصدي لتغير المناخ ؛ ستواصل أيضا زيادة قدرتها على إنتاج النفط في محاولة لتأمين حصة أكبر من سوق النفط المتقلص بعد عام 2050، وبوصفها من أقل منتجي العالم تكلفة ويمكن عد وضع السعودية وأبو ظبي افضل من باقي الدول في مجال ضخ النفط، وسوف يستمر كلاهما في تقليص منافسيهما حتى تتجاوز السعودية الإمارات في النهاية، وليس من المستغرب أن تترك أبو ظبي أوبك وتبدأ بتعظيم انتاجها.

 

تحويل الاقتصادات الخليجية ( جون سفاكيانكيس ) :

أدى Covid-19  إلى تزايد الحاجة إلى التغيير الهيكلي في الاقتصادات الخليجية وسيؤدي ذلك إلى حدوث العديد من الأمور أهمها :

  • سيحتل دور الدولة كقناة للسياسة الاقتصادية مركز الصدارة بوصفه المذهب السائد في الخليج والأسواق الناشئة الأخرى.
  • ستسيطر الدولة على الجانب الاقتصادي، ولن يصبح القطاع الخاص الركيزة الأساسية للنمو وإيجاد فرص العمل.
  • هناك حاجة إلى إيجاد مصادر جديدة للثروة لعدم كفاية أسعار الهيدروكربونات اللازمة لتلبية الطلب بسبب ارتفاع التزامات الإنفاق وضخامة حجم القطاع العام، وفي الوقت نفسه، وبالرغم من إن الائتمان لا يزال ميسورًا ومتاحًا، إلا إن دول الخليج ذات السيادة تعتمد على الديون بوصفها مصدرًا للاستثمار المحلي والدولي.
  • يتطلب الواقع المالي في منطقة الخليج الحد من الإسراف، وزيادة الاستقرار الجيوسياسي، وإعادة هيكلة العقد الاجتماعي، مع تبسيط القطاع العام.
  • يمكن للاستثمارات المالية الخارجية أن تخلق احتياطيا ماليا متوسط اﻷجل لبلدان الخليج اﻷصغر حجما، ولكنها أقل أهمية بالنسبة للبلدان اﻷكبر حجما.
  • ستعتمد آمال منطقة الخليج إلى حد كبير على الطلب الآسيوي على الهيدروكربونات.

 

وعليه سيتعين على دول الخليج التفكير بجدية أكبر في اقتراحها القيمي لعالم يتزايد فيه التنافس بعد انهيار النفط في عام 2014، فقد اصبح الطريق وعرًا ومن المرجح أن يصبح أكثر خطورة في المستقبل .

 

بعد الحصار ( كريستيان كوتس اولريشسن ) :

أدى رفع الحصار المفروض على قطر إلى انهاء أطول صدع في تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي الممتد لـ ٤٠ عامًا، ومن المحتمل أن يكون التركيز في عام ٢٠٢١ على تعزيز القدرة على التصدي للمنازعات المستقبلية، وعلى الرغم من تضمين ميثاق مجلس التعاون الخليجي على بند لتسوية المنازعات لكن لم يتم إضفاء الطابع المؤسسي عليه واستعماله خلال آخر نزاعين لمجلس التعاون الخليجي في عامي 2014 و 2017.

إن حقيقة محاولة الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي (نايف الحجرف) موازنة العلاقات الإقليمية ربما تحفز إعادة التفكير في الدور المؤسسي لدول مجلس التعاون الخليجي اتجاه الدول الأعضاء، و إن إعادة تعاون إدارة بايدن مع خطة العمل المشتركة الشاملة وتطلعها الى تأمين المشاركة الإقليمية في أي حوار مع ايران ربما يكون أول اختبار لدول مجلس التعاون الخليجي في عام ٢٠٢١ ، كما إن لدول مجلس التعاون الخليجي الست المجاورة لإيران مصلحة في ما سيحدث لاحقًا، و ربما يعطي قادتها الأولوية للاستجابة الوطنية على ممارسة النفوذ الجماعي.

 

التحليل :

و في ضوء ما تقدم وعلى وفق المعطيات السابقة يتضح لنا طبيعة العلاقات القائمة بين دول مجلس التعاون في ظل تغيير الادارة الامريكية الجديدة التي لم تتضح معالمها بعد عقب تسلم (جو بايدن) للحكم والذي يتميز بسياسة تختلف بعض الشيء عن الرئيس السابق (دونالد ترامب)، لكن بما لا يتعارض مع مصالحهم، إذ عملت الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي على عودة العلاقات إلى سابقها بعد الحصار الذي فرض على قطر ومدّ جسور التعاون من أجل عدم الاعتماد على مصدر اقتصادي واحد، والمساهمة الفعلية بتنويع الاقتصاد إذ بدأت الامارات بهذه الخطوة الفعلية من خلال دعمها وتنميتها لرأس المال البشري (اقتصاد المعرفة)، وإن أغلب المراقبين لسياسة دولة مجلس التعاون تترقب للدور الذي سوف تلعبه الولايات المتحدة الامريكية في ظل الإدارة الجديدة لبايدن .

 

رابط المقال باللغة الانكليزية :

https://www.chathamhouse.org/2021/01/gcc-2021-outlook-and-key-challenges