الاضرار الاقتصادية لجنوح الناقلة “إيفر غيفن” في قناة السويس “مصر”

      التعليقات على الاضرار الاقتصادية لجنوح الناقلة “إيفر غيفن” في قناة السويس “مصر” مغلقة

 

د. فراس حسين علي الصغار

باحث في قسم ادارة الازمات

مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء

29 اذار 2021

اعلنت السلطات المصرية اليوم الاثنين تعويم سفينة الحاويات الضخمة “إيفر غيفن” التي انحصرت في قناة السويس وقطعت حركة المرور في الممر المائي الحيوي لمدة أسبوع تقريبًا. وتعد “إيفر غيفن” واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم. اذ تقدر عدد حاويات البضائع التي تحملها بـــ 20 ألف حاوية بأجمالي حمل يبلغ 220 ألف طن ، وتمتد لأكثر من 1300 قدم تقريبًا. وتسببت السفينة، التي جنحت يوم الثلاثاء الماضي ، في مزيد من الاضطرابات في سلسلة التوريد العالمية التي تعاني بالفعل من التأثيرات المستمرة لجائحة كورونا.

اذ شهد قطاع التجارة العالمية خسائر اقتصادية ومالية كبيرة ومفاجئة نتيجة جنوح الناقلة العملاقة في الممر المائي لقناة السويس الذي يعد أهم ممر عالمي للتجارة البحرية ويمر نحو 15% من حركة الشحن العالمية، وتقدر الخسائر الاقتصادية والمالية وفق تقديرات صحيفة “Lloyd’s List” المعنيّة بأخبار النقل البحري، نحو 400 مليون دولار في الساعة الواحدة، فيما تبلغ قيمة حركة الشحن البحري المتجهة غربًا نحو 5.1 مليار دولار في اليوم الواحد، وحركة الشحن البحري المتجهة شرقًا نحو 4.5 مليار دولار تقريبًا.[1] اما الخسائر الاقتصادية لمصر فتقدر بحوالي 14 مليون دولار، عدا التكاليف المترتبة عن توقف أعمال خدمة السفن وأطقمها والأعمال الأخرى التي تساهم في إنعاش المدن المصرية على طول هذا الممر المائي. وتعد القناة أحد أهم خمسة مصادر مستدامة للدخل القومي المصري من العملات الصعبة بعائدات سنوية وصلت إلى أكثر من 5.61 مليار دولار خلال العام الماضي.[2] فضلاً عن الخسائر الاخرى التي يصعب حسابها لارتباطها بتأخر طلبيات، أو متعلقة بصعود أسعار النفط.

ومن أبرز تداعيات استمرار توقف حركة الملاحة في قناة السويس تعطل حركة 321 سفينة داخل القناة، وهو ما يكبد الشركات الأوروبية خسائر فادحة جراء تأخر شحنات البضائع المستوردة من شرق آسيا، وأيضا خسائر المستهلكين الذين زادوا إقبالهم على الشراء الإلكتروني للسلع جراء تأثيرات جائحة فيروس كورونا. يقول كريس جورجس كبير محللي التجارة في شركة (S&P Global Market Intelligence) إن التداعيات قصيرة المدى لأزمة سفينة “إيفر غرين” الجانحة هي الانقطاعات المحتملة في وصول السلع الاستهلاكية للأسواق، وتضرر بعض القطاعات الصناعية من تأخر شحنات المواد والسلع التي تدخل في دورتها الإنتاجية. [3]

على ضوء هذه الأهمية، فإن تبعات إغلاق القناة هي أكثر قسوة على التجارة العالمية إذا تذهب التقديرات إلى أن الإغلاق يكلف أسبوعيا من 6 إلى 10 مليارات دولار حسب شركة التأمين الألمانية “اليانس”، كما أنه يضاعف أسعار النقل والتأمين وتكاليف الإنتاج والوقود عدة مرات. ويدل على ذلك ارتفاع أسعار النفط بنسبة 6 بالمائة بعد أقل من 48 ساعة على حادث جنوح الناقلة. ويشكل المرور عبر القناة 10 إلى 15 بالمائة من مجمل السلع التي تنقلها الحاويات إلى مختلف أنحاء العالم. وتضم السلع والبضائع المارة كل ما يخطر على البال من مصادر الطاقة والمواد الأولية والوسيطة والسلع الجاهزة والحيوانات الحية وغيرها. أما وجهتها الأساسية غربا فهي أسواق أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا. وعلى صعيد الوجهة شرقا فإن معظم السلع تتوجه عبر القناة إلى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية ودول شرق وجنوب آسيا الأخرى. [4]

وأعلنت الكثير من كبريات الشركات العالمية في أوروبا وأميركا وآسيا أن تأخر تسليم شحناتها العالقة، بسبب حادث السفينة، قد يؤدي لارتباك في السير العادي لعملية الاستيراد والتصدير، بل إن بعض الشركات مثل شركة كاتربيلر (Caterpillar) الأميركية لتصنيع المعدات قالت إنها تفكر في تسيير رحلات جوية لشحن بعض المنتجات، إذا اقتضت الضرورة، ويقول خبراء إن نحو 45% من حجم البضائع في ميناء نيويورك ونيوجيرسي بالولايات المتحدة يمر عبر قناة السويس، وتقدر صحيفة ” Lloyd’s List” البريطانية، المتخصصة في شؤون الشحن البحري، بأن ما يقارب 9 مليارات و600 مليون دولار من البضائع المعبأة في حاويات تمر عبر قناة السويس يوميا. وقالت دراسة أجرتها شركة أليانز (Allianz) الألمانية للتأمين إن تعطل الملاحة بالقناة قد يكلف التجارة العالمية ما بين 6 و10 مليارات دولار أسبوعيا، وتتوقع شركة موديز للتصنيف الائتماني أن يكون قطاعا التصنيع وتوريد قطع غيار السيارات في أوروبا الأشد تضررا. [5]

ولتجاوز الأزمة الحالية، بدأت السفن التي كان مقررا لها أن تصل إلى قناة السويس بتحويل وجهتها إلى مسار أطول (زيادة مدة الرحلات بنحو أسبوعين) وأكثر كلفة (تكاليف وقود إضافي)، وذلك باتجاه رأس الرجاء الصالح. كما قامت بعض الشركات بتوجه عدد من الزبائن إلى نقل بضائعهم من شرق آسيا إلى أوروبا عبر روسيا باستخدام ميناء فلاديفوستوك والخطوط الحديدية الروسية. وهناك فرص لاستخدام بحر الشمال في النقل بشكل أكثر من ذي قبل مع ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الفترة واستخدام كاسحات جليدية تسهل مرور السفن وناقلات الحاويات. كما ان هناك منافسة من مشروع إقليمي مجاور، ففي الربع الأخير من 2020، وقعت الإمارات وإسرائيل اتفاقا يستهدف نقل نفط الخليج إلى أوروبا، وذلك عبر خط أنابيب يربط بين ميناءي إيلات على البحر الأحمر، وعسقلان على البحر المتوسط، والذي يمر معظمه حاليا عبر قناة السويس. من جانب اخر يجب على العراق ان يتم التركيز على القناة الجافة كأحد اهم الحلول المطروحة لنقل البضائع عبر ميناء الفاو الكبير لاسيما ان الصين تعده من اهم اجزاء مبادرة الحزام والطريق.

الهوامش

[1] (ما هي خسائر مصر والعالم من غلق قناة السويس بسبب السفينة الجانحة؟) مقال منشور على الرابط : https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2021/3/25/1993517

[2] (أضرار وتبعات كارثة قناة السويس على مصر والعالم) مقال منشور على الرابط: https://www.dw.com/ar

[3] (حادث قناة السويس.. ما حجم الضرر على التجارة العالمية؟ وهل يفيد المشاريع المنافسة؟) مقال منشور على الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2021/3/28/%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3

 

[4] (أضرار وتبعات كارثة قناة السويس على مصر والعالم) مقال منشور على الرابط: https://www.dw.com/ar

[5] (حادث قناة السويس.. ما حجم الضرر على التجارة العالمية؟ وهل يفيد المشاريع المنافسة؟) مقال منشور على الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2021/3/28/%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3