تحديات تطور العلاقات العراقية – السعودية

      التعليقات على تحديات تطور العلاقات العراقية – السعودية مغلقة

 

ا. م. د. حسين احمد السرحان

قسم الدراسات الدولية / مركز الدراسات الاستراتيجية

4 نيسان/ 2021

حظيت زيارة رئيس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي الى المملكة العربية السعودية باهتمام سعودي كبير ومراسيم استقبال لم تحظى به زيارات رؤساء الوزراء السابقين السيد عادل عبد المهدي والسيد حيدر العبادي.

دلالات الاستقبال تحمل مضامين عدة منها ان العربية السعودية لازالت برؤيتها القائمة على ان استقرار العراق سينعكس ايجابا على استقرار المنطقة ككل، فضلا عن ان العربية السعودية تريد ان تواصل دورها في التحالف الدولي لمواجهة داعش بقيادة الولايات المتحدة الاميركية. والاهم من ذلك كله ان القيادة السعودية، ومع بدء مرحلة قيادة الديمقراطيين للولايات المتحدة الاميركية ووصول جو بادين الى البيت الابيض، باتت غير مطمئنة للاستراتيجية الاميركية في الشرق والتي سبق لها ان قوت من شوكة ايران في المنطقة ومكنتها من مد نفوذها في دول عدة في عهد الرئيس الاسبق باراك اوباما. وتأتي هذه الخطوة مكملة لخطوة قمة العلا لدول مجلس التعاون الخليجي والتي تمخضت عن مصالحة قطرية مع جيرانها الاعضاء في المجلس. كل هذا يشير الى ان القيادة السعودية تعمل لما يقوي دورها الاقليمي ويخلع عنها عبء الخلافات والصراعات الاقليمية. كما ان مخرجات الزيارة وما تضمنه البيان الختامي تشير الى العربية السعودية تريد حسر النفوذ الايراني وتحييده لمنعها من ان تكون معرقل لتطور العلاقات الاقتصادية والسياسية والامنية مع العراق. ولهذا ترجمت السعودية خطواتها تجاه العراق بخطوات ملموسة في اطار مجلس التنسيق الاقتصادي العراقي – السعودي من خلال فتح معبر عرعر الحدودي، والاعلان عن تأسيس صندوق للاستثمار في العراق بقيمة 3 مليارات دولار.  

هذه الرؤى والاهداف تتناسق وتوجهات الحكومات العراقية بعد هزيمة داعش في نهاية العام 2017 الهادفة لإيجاد مخرج لأزماتها الامنية والسياسية والاقتصادية عبر بوابة تفعيل العلاقات الاقليمية السياسية والاقتصادية مع المحيط العربي.

في ضوء كل من الارادتين المتوافقتين العراقي والسعودية، يسعى كلاهما الى تطوير هذه العلاقات بما ينعكس ايجابيا عليهما كدول مؤثرة في المنطقة. ولكن واقع الحال، توجد عدة عقبات في الجانب العراقي تزايد دورها مع بداية التوجه العراقي الى استئناف العلاقات مع العربية السعودية انقطاعها عقب غزو العراق للكويت في بداية تسعينيات القرن الماضي.

كل العقبات التي تواجه تطور هذه العلاقات يضمها اطار عام مضمونه وجود ارادة داخل العراق تعارض تطور هذه العلاقات، وهي تستثمر ماكنتها الاعلامية وقوتها النيابية وتأثيرها السياسي باتجاه محاولة عزل العراق عن محيطه العربي. كما ان هذه الارادة تريد للدولة ومؤسساتها وسلطاتها ان تكون اسيرة لها وفق ما يخدم مصالحها الحزبية الفئوية الضيقة.

تبرز تحديات اخرى كنتاج لهذا الاطار وهي التحديات الامنية المتضمنة عدم سيطرة الدولة ومؤسساتها الامنية على كامل اقليميها. وهذا سيسبب في اجهاض اي محاولة للاستثمارات في العراق سواء اكانت عربية او غير عربية. وهذا الامر له مصاديقه الكثيرة خلال السنوات السابقة على الرغم من توفر قانون الاستثمار الذي يعد من قوانين الاستثمار الجيدة على مستوى المنطقة. لكن على الرغم من توفر هذا القانون، لكن لازال تعارض القوانين وتقاطعها يسبب في عدم اكتمال الاطار التشريعي المناسب لجذب الاستثمار الاجنبي للعراق. وهذا الخلل التشريعي هو احد اهم اسباب الفساد والابتزاز الطارد لأي تطور اقتصادي في العراق، على الرغم من توافر العوامل الاقتصادية المشجعة على الارتقاء بمؤشرات الاقتصاد الكلي.

العراق، مع كل ما يشهده من صعوبات ومظاهر عدم استقرار سياسي وامني يبقى في عيون العرب بلد كبير مطلوب منه ان يعود الى دوره الاقليمي الفاعل ، وهذا يتطلب حتما ترتيب الاوضاع داخليا سياسيا واقتصاديا وامنيا. واليوم هذه الزيارات وتطور العلاقات مع المحيط العربي يصب في صالح تحقيق هذا الهدف اذا ما تم استثماره داخليا عبر بلورة ارادة سياسية وطنية دافعة باتجاه بناء الدولة وتعزيز قدرات سلطاتها ومؤسساتها، وحمايتها من التأثير السياسي.