ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) واسقاط شرعية الحكام الطغاة

      التعليقات على ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) واسقاط شرعية الحكام الطغاة مغلقة

 أ . م . حيدر خضير مراد

قسم الدراسات الدولية / مركز الدراسات الاستراتيجية

ايلول / 2021 م

 

تمثل ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) في 10 محرم سنة 61 هـ/ 680 م واحدة من أهم الثورات التي شهدها التاريخ الإسلامي، لا بل والتاريخ العالمي بشكل عام، لما تضمنته من مبادئ واهداف انسانية سامية، ولما تمخض عنها من نتائج هامة ذات تأثير بعيد المدى في حياة الإنسانية جمعاء.

فنهضة الأمام الحسين (عليه السلام)  لم تكن ثورة سياسية فحسب قامت من أجل الوصول الى السلطة او سدة الحكم كما يحاول ان يصورها بعض المغرضين والنواصب المعادين لنهج بيت النبوة ومعدن الرسالة (عليهم السلام)، وإنما هي ثورة قامت من أجل قضية أعمق هدفها احقاق الحق ومقاومة الظلم والباطل، وقد شكلت تحدياً بارزاً ورئيساً للاستبداد والطغيان الذي كان يمثله حكام بني أمية وتمكنت من نزع القناع الديني الذي حاول هؤلاء الحكام التستر خلفه من أجل شرعنة حكمهم وتسلطهم على رقاب الناس، وكشفت زيف ادعاءات الامويين والموالين لهم ونزعت مبرراتهم المزعومة سواء كانت دينية أم غير دينية، واسقطت فلسفة قطاع عريض من وعاظ السلاطين وفقهاء السلطة الأموية، وقد تمكنت هذه الثورة الحسينية المباركة من زرع بذور الحركات الثورية المناهضة للباطل والظلم والطغيان، والمطالبة بالحق والعدل في مواجهة الحكام المستبدين خلال التاريخ الإسلامي.

وان معظم الثورات والحركات التي حصلت بعد ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) كان قد تأثر زعمائها وقادتها البارزون بالنهضة الحسينية ومضامينها ودلالاتها، وقد اتخذوا من الأمام الحسين (عليه السلام) مثلاً أعلى لهم، إذ ان تلك الثورات المتلاحقة قد اقلقت مضاجع الأمويين وهزت عروشهم حتى انتهت بسقوط دولتهم، ومن تلك الثورات ثورة التوابين التي قامت بعد واقعة كربلاء بهدف الثأر للأمام الحسين (عليه السلام) واصحابه الذين استشهدوا هناك، وكانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي عام 65 هـ / 684 م ، وثورة المختار بن أبي عبيد الثقفي التي قام بها طلباً للثأر بدم شهداء كربلاء عام 66 – 67 هـ/ 685 – 686 م، وغيرها من الثورات التي انتهت بسقوط الدولة الأموية، بعد ان ازاحت ثورة الامام الحسين (عليه السلام) عنها شرعيتها المزعومة ومهدت الطريق لكل الأحرار من أجل مقاومة الظلم والاستبداد الأموي، وبذلك صار الامام الحسين (عليه السلام) مناراً للحق والصدق والفضيلة ومثلاً أعلى لكل الثوار الأحرار المناهضين لصروح الظلم والطغيان والحكام المستبدين على امتداد التاريخ، وفي كل بقاع العالم.

ونحن اليوم وفي عصرنا الراهن حين تمر علينا ذكرى عاشوراء بحاجة ماسة الى أعادة استحضار سيرة أهل البيت (عليهم السلام) واستلهام الدروس والعبر من تلك السيرة المباركة العطرة التي تمثل الإسلام الصحيح بكل معانيه الانسانية الراقية، والاقتداء بالأمام الحسين (عليه السلام) في أخلاقه وسيرته ونهجه، من أجل العمل على اصلاح مجتمعنا وفق المبادئ الإسلامية القويمة، ومحاربة الفكر الإرهابي المتطرف ومواجهة الغزو الثقافي الغربي.