الاحتياجات الاستراتيجية لخطط التنمية في دول غرب آسيا

      التعليقات على الاحتياجات الاستراتيجية لخطط التنمية في دول غرب آسيا مغلقة

المترجم: أ.م. خالد التميمي  

الكاتب: إبراهيم حاجیاني 

الناشر: مركز الأبحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية  في الشرق الأوسط

      نظرًا لموقع إيران الجيوسياسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في منطقة غرب آسيا، فإنَّ إيرانمتاخمة للعديد من البلدان، وتتمتع بتفاعلات ثقافية واقتصادية واسعة النطاق معها. في الواقع وعلى الرغم من “وحدتها التاريخية والهوية”،كانت إيران دائمًا على اتصال وتفاعل وثيق مع البلدان والمجتمعات المجاورة في كل مكان. خلال العقود القليلة الماضية على وجه الخصوص، ومع توسع العلاقات الدولية، واقتراب الطرق الجوية والبحرية، وتحسن سبل التجارة، تكثفت جميع أنواع التبادلات الاقتصادية الدولية مع هذه الدول. على سبيل المثال ازدهر تصدير السلع الزراعية والصناعية الإيرانية، إلى البلدان الواقعة على الشواطئ الجنوبية للخليج العربي في السنوات الأخيرة، وزادت واردات السلع الرأسمالية والاستهلاكية من الإمارات إلى إيران بشكل كبير،لدرجة أنَّه في بعض السنوات ازدادت حصةالواردات الإيرانية عن طريق دبي. في الوقت الحالي ازداد حجم رأس المال الإيراني في الإمارات بشكل كبير، ناهيك عن ذلك تاريخيًا إنَّ جزءًا كبيرًا من القوى العاملة البسيطة والمتخصصة في الدول العربية، ولاسيما قطر والكويت والإمارات والبحرين من سكان محافظات جنوب إيران، حيث كانت لهم علاقات تجارية في مجال السياحة مع العراق وتركيا والكويت والإمارات وغيرها، وكانت اتصالات الحج والعمرة مع السعودية وسوريا كبيرة.

     إنَّ منطقة الشرق الأوسط ليست مهمة فقط لإيران سياسيًا وأمنيًا، ولكنها أيضًا مهمة اقتصاديًا وتجاريًا وماليًا، وتؤدي دورًا مهمًا في استراتيجياتها الدبلوماسية والاقتصادية. في هذا الصدد، يجب النظر إلى الدور المهم الذي لا يمكن الاستغناء عنه للنفط والغاز والبتروكيماويات،كمنصة مشتركة للتعاون. (ومن حيث المنافسة والصراع) بين إيران وهذه الدول، كما نعلم فإنَّبعض الدول في جنوب الخليج، مثل: السعودية وقطر والكويت والبحرين والإمارات هم أعضاء في أوبك، ولديهم موارد نفطية وغازية مشتركة مع إيران، ومن ثَمَّ فإنَّ علاقاتهم مع إيران تقوم على أساس اقتصادي.

    وبناءً على ذلك، بالنسبة للمؤسسات وسلطات صنع السياسات في الدبلوماسية الأمنيةوالسياسية في إيران، فإنَّ الوعي بالاتجاهات الاقتصادية والصناعية والتجارية والمالية لهذه البلدان أمر مهم للغاية، بالنظر إلى أنَّ هذه البلدان تدرك في السنوات الأخيرة ما يأتي: الحاجة إلى تطوير منهجي، وعن طريق التشاور مع البلدان الكبيرة والمتقدمة، تسعى مؤسسات التنمية الدولية بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشركات الاستشارية الأوربية والأمريكية، إلى صياغة خطط كلية لمجتمعها التنموي.

     في الواقع سيتم تصميم مسار الحركة والتنمية في هذه البلدان والمجتمعات، ويمكن التنبؤ به بناءً على خطط التنمية الشاملة هذه، (وإن كان ذلك مع بعض التغييرات بسبب عدم اليقين البيئي). لذلكيجب أن يكون لدى المحللين والباحثين والمسؤولين الحكوميين، معرفة دقيقة ومحدثة وشاملة، لمحتوىهذه البرامج وجودتها وأبعادها وأهدافها وتفاصيلها في دول غرب آسيا، ودرجة التحقيق الموضوعي والعملي لها. أهداف وبرامج التنمية (مثل خطة السعودية 2030) للحصول على معرفة دقيقة وتحقق كامل. هذه التحليلات والوعي لها أهمية استراتيجية لمسؤولي ايران من جانبين:

1) الجانب الأول في مجال التعاون الإقليمي, كما ذكرنا فإنَّ طهران ملزمة بالمشاركة في بعض التعاون الإقليمي، والتفاعل مع جيرانها القريبين والبعيدين في منطقة غرب آسيا،ولاسيما في مجالات، مثل: السياحة والحج والعمرة والنفط والغاز والبتروكيماويات والبحار والمياه ومواردها المائية المشتركة,والشحن, والبيئة وما شابه ذلك، وينبغي اعتبار معظم هذه البلدان وجهات وأسواق تجارية لبيع المنتجات الزراعية والصناعية والخدمات الهندسية. لذلك، مع الفهم العميق للوضع الاقتصادي لهذه الدول وأهدافها وخططها التنموية، يتحقق ذلك والتعاون ممكن. وبعبارة أخرى  مع الفهم الصحيح لخطط التنمية لهذه البلدان، سيتم تحديد قدرات التعاون الاقتصادي وامكاناته، وسيتم تحديد آليات الأنشطة المشتركة.
2) الجانب الثاني من حيث المنافسة الاقتصادية, من وجهة نظر واقعية وجود فهم واضح للتحقيق الفعلي لخطط التنمية فيجميع دول منطقة غرب آسيا، ولاسيما القوى العظمى، مثل: تركيا والسعودية ومصر.بالنسبة لإيران وتلك الدول، المشاركة في التجارة والدبلوماسية الاقتصادية والأمن السياسي والاستراتيجي لإيران مهم، لأنه إذا تم اعتبار هذه البلدان منافسة لطهران، ستسعى الأخيرة إلى معرفة المجالات التي تحقق إنجازاتهم وتقدمهم، وفي أي المجالات تخلفهم وثغراتهم ومشكلاتهم. بمعنى آخر، تحديد الوضع الاقتصادي لهذه الدول، عن طريق قياس التقدم المستمر لبرامجها التنموية، ولاسيما في قطاعات الطاقة، وهي: النفط والغاز والبتروكيماويات، والتجارية، والصناعية، والسياحية، ولاسيما الحج، وتكنولوجيا المعلومات، والتخطيط العمراني. وتطوير الموانئ والسواحل، والتعليم والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة، والصحة وأشياء أخرى، وفيما يتعلق بموقعها في ايران، وهذا سينتج تحليل دقيق وواقعي.

بناءً على ما قيل، تتحقق الأهمية الاستراتيجية للتحليل المستمر والدقيق، لأهداف التنميةوبرامجها في دول غرب آسيا ومدى تحقيقها. هذا في وقت لا يوجد فيه للأسف تحليل شامل وواضح في هذا الصدد، في أعين كبار المسؤولين السياسيين والاقتصاديين في البلاد، وتركز كل الاهتمام بشكل أساسي على القضايا الأمنية والسياسية في هذه البلدان. طبعا هناك تقارير وجهود متفرقة في الدولةلكنها غير كافية، بسبب عدم وجود طلب فعال من الجهات العليا،  لاسيما أنَّ هذه الدراسات تجري بطريقة مبعثرة وغير متماسكة. لذلك وفقًا للنهج الجديد في جهاز السياسة الخارجية، وأولوية الدبلوماسية الاقتصادية في الحكومة الجديدة،من الضروري إنتاج البيانات والمعلومات والتحليلات ودمجها في المؤسسات ذات الصلة في أسرع وقت ممكن. ويتم تحديد الاحتياجات الواضحة عن طريق سلطة صنع السياسة. من الناحية العملية  يتم تنفيذ المهام الرئيسة في هذا المجال من قبل مؤسسات، مثل: نائب وزير الدبلوماسية الاقتصادية في وزارة الخارجية،والمستشارين التجاريين والاقتصاديين لسفارات ايران في هذه البلدان، وغرفة تجارة الصناعات والمناجم كممثل للقطاع الخاص، والتنمية والتجارة من ناحية والباحثين والأساتذة والناشطين في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتخطيط ودراسات الشرق الأوسط من ناحية أخرى. في الواقع التعاون والتعاضد والتنسيق بين المؤسسات الحكومية من جهة والقطاع الخاص والمؤسسات البحثية من جهة أخرى، لتقديم تقديرات واضحة لتنفيذ أهداف وبرامج التنمية (وخاصة عقبات تنفيذها في كل دولة في غرب آسيا) مفيد وضروري للغاية. من الناحية المنهجية ومن الضروري مقارنة الدول بنسب زمنية  طويلة و تكون ايضا دراسة  مقارنة بينهم