خمس علامات على خلق أزمة غذائية

      التعليقات على خمس علامات على خلق أزمة غذائية مغلقة

الكاتب: كيت نايتلي

الناشر: مركز بحوث العولمة

https://www.globalresearch.ca/5-signs-they-creating-food-crisis/5780847

ترجمة وتحليل: م.د. عبير مرتضى حميد السعدي

باحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية/ قسم إدارة الازمات

 

وفقاً للسياسيين وشركات الصحافة، إنَّ “نقص الغذاء” و”أزمات الإمدادات الغذائية”، كانت  متوقعة في وقت سابق وهو ليس بالأمر الخفي.

منذ عام 2012، كان “العلماء” يتوقعون أن يؤدي تغير المناخ ونقص المياه الصالحة، إلى حدوث “نقص في الغذاء” من شأن ذلك “تحويل العالم إلى عالم نباتي بحلول عام 2050”.

في حين في عام 2019، حذر خبراء الأمم المتحدة من أنَّ “تغير المناخ يهدد الإمدادات الغذائية في العالم”. ليحذر خبراء في المملكة المتحدة في العام نفسه، بأنَّ من المتوقع ان المملكة ستواجه نقص في الغذاء، نتيجة  الفوضى التي سيلحق بها بعد الخروج من الاتحاد الأوربي.

ومع حلول عام 2020 ولاسيما في شهر آذار، كانت محلات التسوق “تحذر” بالفعل من أنَّ الحكومة كانت بطيئة للغاية في التعامل مع تفشي فيروس كورونا، وقد ينفد الطعام في أي وقت. وبعد شهر من ذلك، عندما كان عمر “الوباء” أقل من ثلاثة أشهر، حذرالمسؤولون من أنَّ كوفيد سوف يتسبب في أزمة غذاء عالمية، لتتضخم تلك الازمة بعد ثلاثة اشهر من ذلك، ولتصبح “أسوأ أزمة غذائية تمر منذ (50) عامًا” .

وفي صيف عام 2021، توقعت الصحافة البريطانية حدوث “أسوأ نقص في الغذاء منذ الحرب العالمية الثانية”، وحدوث انقطاعات في التيار الكهربائي بشكل متكرر، ويزعمون أنَّ السبب في ذلك هو نقص سائقي الشاحنات، التي نتجت عن أزمة كوفييد وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، لكن في الحقيقة لم يحدث نقص أو انقطاع في التيار الكهربائي على الاطلاق.

بحلول شهر أيلول عام 2021، ظهرت تصريحات تشير إلى أنَّ المملكة المتحدة ستواجه ارتفاع أسعار الغاز، والذي سيؤدي إلى نقص في الأغذية المجمدة، وبعد شهر واحد فقط، قد نضطر إلى تقنين اللحوم، ولاسيما قبل أعياد رأس السنة بسبب أزمة الغاز، ولم يحدث التقنين ابداً.

في كانون الثاني 2022، تنبهت أستراليا إلى أنَّ مراكز التسوق فارغة، والقت اللوم على اوميكرون كورونا الذي شلَّ سلاسل التوريد، في حين أن الولايات المتحدة لديها الأرفف الفارغة نفسها التي يُعزى سببها إلى سوء الأحوال الجوية في الشتاء.

ومع بداية نصف الثاني من عام 2022، لا تزال أزمة الغذاء في طريقها، وأسباب ذلك كانت ما بين الحرب الاوكرانية، وسياسة الكوفيد الصفرية في الصين، وتفشي انفلونزا الطيور.

لذا قد لا تحدث ازمة الغذاء المتوقعة، وسيتم إلقاء اللوم دائما على أسباب وضعت مفتعلة للتأثير النفسي على الناس، لتصيبهم بالذعر، ولتعطي الموردين عذراً لرفع الأسعار، رداً على التصريحات الصحفية المزيفة التي تطلقها.

ومع ذلك، هناك مؤشرات على أنَّ هذا قد يكون على وشك التغيير. في مؤتمر صحفي في بروكسل يوم 25 آذار من هذا العام، صرح الرئيس الامريكي جو بايدن “فيما يتعلق بنقص الغذاء – نعم، لقد تحدثنا بالفعل عن النقص، وسيكون ذلك حقيقيًا”. والغريب في الأمر أنَّ هذا التأكيد على وجود كارثة غذاء عالمية، كأن تكون مهندسة عن طريق أعمال التخريب السياسي.

في الواقع، هناك بعض الدلائل على أنَّ الإمدادات الغذائية على وشك التعرض لأزمة حقيقية بسبب:

1- حرب أوكرانيا والعقوبات الغربية:

من الأسباب الأكثر الواقعية أنَّ الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أدت إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز والقمح، بسبب تأثر الأراضي الأوكرانية والعقوبات الامريكية على روسيا.

إذ تعد روسيا أكبر مصدر للقمح والحبوب الأخرى في العالم، وتستخدم تلك المحاصيل ليس لغذاء البشر فقط، بل علف للحيوانات، وبالتالي فأن مقاطعة الدول الغربية للقمح الروسي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار مجموعة كبيرة من المواد الغذائية. كما أنَّ تقنين زيت عباد الشمس (أحد الصادرات الأوكرانية الرئيسة)، فضلا عن الكثير من المنتتجات الأخرى من دجاج ومعكرونة وغيرها من منتجات.

وفي الواقع ،انه لم يكن من الضروري حدوث هذه الحرب، كان من الممكن منعها ولا يزال من الممكن إيقافها، باتفاق بسيط تكون الحيادية عن الطرفين. وعند النظر الى الحرب الروسية على أوكرانيا، وخسارة مساحات كبيرة من الأراضي، والعقوبات التي وضعت على روسيا، نجد أنَّ أسعار المواد الغذائية، صحيح أنَّها تأثرت بتلك العوامل، إلا أنَّ جزءا كبيرا من تلك العوامل، هي سياسات متعمدة  تخدم اجندة الدول الكبرى.

2- رفع سعر النفط:

إنَّ ارتفاع أسعار النفط له تأثيرات طبيعية وواضحة على كل قطاع صناعي- ولاسيما النقل والخدمات والزراعة. على الرغم من المخاوف من أزمة تكلفة المعيشة، والتحذيرات من نقص الغذاء، ومكانة روسيا كأكبر مصدر للنفط والغاز في العالم، لم تبذل الدول الغربية وحلفاؤها أي جهد تقريبًا لخفض تكلفة النفط.

شهد سعر النفط المرتفع بالفعل عودة الروبل الروسي إلى قوته قبل الحرب، ومع ذلك كانت المملكة العربية السعودية ترفع أسعارها، ولم تزد من الكميات المعروضة من النفط، لخفض الأسعار كما فعلت في عامي: 2014-2015. إنَّ الحفاظ على ارتفاع تكلفة البترول، هو قرار متعمد بشأن السياسة، وهو قرار يضع تكلفة المعيشة ولاسيما نقص الغذاء، مما يدل على أنَّها قرارات سياسية متعمدة.

3- انفلونزا الطيور:

تزعم الصحافة أن هناك تفشيًا كبيرًا لأنفلونزا الطيور وبشكل مستمر. وعلى مايبدو أنَّ الديناميكية التي اتبعت في كوفيد، سوف تتبع في انفلونزا الطيور، وإنَّ الاختبارات التي قامت على الطيور لايجاد الفايروس، هي نفسها وهو اختبار “PCR”، وان ظهور نتائج بشكل إيجابي يعني اعدام الطيور. شهدت هذه العملية بالفعل تدمير ما لا يقل عن (27) مليون طائر دواجن في الولايات المتحدة وحدها، أكبر مصدر في العالم لكل من الدجاج والبيض. كما أعدمت فرنسا وكندا والمملكة المتحدة ملايين الطيور، مما تسببت إنفلونزا الطيور بالفعل كما يزعمون الى  رفع أسعار الدجاج والبيض .

وعلى ما يبدو أنَّ الخنازير ستجد المصير نفسه، فقد حذر تقرير جديد أيضًا من أنَّ الخنازير يمكن أن تنقل “الجراثيم المقاومة” إلى البشر، لذلك قد تكون الخنازير جاهزة للتقطيع في وقت قريب أيضًا.

 

  1. 4. المملكة المتحدة والولايات المتحدة تدفع للمزارعين للتوقف عن الزراعة، ففي شهر أيار الماضي، بدأت إدارة بايدن في دفع المزارعين لإضافة الأراضي الزراعية إلى “برنامج احتياطي الحفظ”، وهو برنامج ممول اتحاديًا يُزعم أنه يهدف إلى الحفاظ على البيئة. يدفع البرنامج بشكل أساسي للمزارعين مقابل عدم الزراعة. قرار سياسي غريب للغاية، نظرًا لنقص الغذاء المتوقع على نطاق واسع. وستدفع الحكومة على مستوى ولاية كاليفورنيا للمزارعين المال مقابل زراعة أقل، وهذه المرة باسم توفير المياه.

ومن المثير للاهتمام، أن المملكة المتحدة لديها برنامج مشابه يعمل به، بالرغم من زعمهم أنَّه برنامج مختلف بأسباب مختلفة تماماً. ومع بداية شهر شباط الماضي، بدأت الحكومة البريطانية تدفع مبالغ مالية تصل إلى (100,000) جنيه إسترليني لأي مزارع يريد التقاعد من الزراعة. لذا نقول للمرة الأخرى: هذه السياسات التي يعمل بها خلال فترة الاضطرابات الجيوسياسية التي تؤثر على الإمدادات الغذائية.

5- نقص الأسمدة المصنعة:

تعد روسيا وبيلاروسيا من أكبر مصدري الأسمدة والمنتجات المتعلقة بالأسمدة في العالم، حيث تبلغ قيمة التجارة بينهما حوالي (10) مليارات دولار. لذا، فإنَّ الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، تضرب بالفعل سوق الأسمدة وبشدة، حيث وصلت الأسعار إلى مستويات قياسية في آذار.

كما فرضت الصين، ثالث أكبر مصدر للأسمدة في العالم، حظراً على تصدير الاسمدة منذ الصيف الماضي، في محاولة للحفاظ على أسعار المواد الغذائية المحلية منخفضة.

بالنظر إلى ذلك، من الغريب جدًا أن تضع سكك حديد الاتحاد باسيفيك الأمريكية فجأة حدًا لعدد شحنات الأسمدة التي ستقوم بها، حيث أبلغت شركة “CF Industries “الأسمدة الصناعية العملاقة بأنها ستحتاج إلى خفض استخدام عربات القطار، بنسبة تصل إلى (20٪). فقد أشارت الشركة إلى أنَّه “لن يتم تأخير الأسمدة بسبب قيود الشحن فقط، ولكن الأسمدة الإضافية اللازمة للزراعة قد لا تتمكن من الوصول إلى المزارعين على الإطلاق. عن طريق وضع هذا القيد التعسفي على عدد قليل من الشاحنين، فإن الاتحاد باسيفيك تعرض محاصيل المزارعين للخطر وتزيد من تكلفة الغذاء على المستهلكين”.

كما أنَّ الحرائق في مصانع تجهيز الأغذية، التي ظهرت في الآونة الأخيرة، والتي نشبت سلسلة حرائق في مصانع معالجة الأغذية، في جميع أنحاء الولايات المتحدة في الأشهر الستة الماضية. إذ منذ شهر آب عام 2021، اندلع ما لا يقل عن (16) حريقًا كبيرًا في مصانع معالجة الأغذية في جميع أنحاء البلاد. أمّا أيلول من العام نفسه، احترقت معامل اللحوم في ولاية نبراسكا، مما أثر في (5٪) من إمدادات لحوم الأبقار في البلاد. في شهر آذار من هذا العام، أدى حريق في مصنع نستله للأطعمة المجمدة في أركنساس، وموقع رئيس لمعالجة البطاطس في بلفاست بولاية مين، إلى حريق هائل.

في الأسبوع الماضي فقط، تحطمت طائرتان مختلفتان ذات محرك واحد، في مصنعين مختلفين للأغذية، مما تسبب في حرائق كبيرة. واحد في مصنع معالجة البطاطس في ولاية أيداهو، والآخر في مصنع جنرال ميلز في جورجيا.

لذا يمكن ان نلخص أهم الأسباب لنقص الغذاء:

1- إنَّ الحرب التي لم يكن هناك داعٍ لحدوثها، أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء والنفط.

2- أدت العقوبات التي لم تكن بحاجة إلى فرضها، إلى ارتفاع أسعار الغذاء والنفط.

3- رفع الحلفاء الغربيين أسعار النفط عن عمد.

4- على الرغم من التحذير من أزمة الغذاء، تدفع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للمزارعين مقابل عدم الزراعة.

5- أمّا “وباء إنفلونزا الطيور” الذي يشبه إلى حد كبير “جائحة” كوفيد الكاذب يؤدي إلى ارتفاع أسعار الدواجن والبيض.

6- تعمل الشركات الغربية بنشاط على جعل النقص في الأسمدة أسوأ.

7- تصيب الحرائق الغريبة قطاعات كبيرة من صناعة الأغذية الأمريكية بالشلل.

إذا تم أخذها بشكل فردي، فربما يمكن اعتبار هذه النقاط كلها أخطاء أو مصادفات، ولكن عندما تضعها جميعًا معًا، ليس من الصعب تحديد النمط. قد تدعي الصحافة أننا “نسير نائمين” نحو أزمة غذائية، لكن يبدو أنهم يوجهوننا نحو هذه الأزمة.

تحليل:

لقد أشار الكاتب إلى أنّ هناك العديد من الأسباب والنوايا المتوقعة والواقعية تهدد الامن الغذائي في العالم، وفي رأينا أنَّ كل تلك الأسباب بالرغم من واقعيتها، إلا أنَّ السبب الرئيس يكمن في فشل السياسات الزراعية في الدول النامية، على وجه الخصوص، في تأمين الغذاء لمواطنيها على الرغم من امتلاكها الموارد الطبيعية والبشرية الكفيلة بنجاح سياسات اصلاح الزراعي، إلا أنّ ضعف البنى التحتية لوسائل النقل والتخزين والتصنيع، وعدم الاهتمام بمعايير ومواصفات الجودة، وضعف برامج التسويق، أدى إلى ضعف القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في منافسة المنتجات الأخرى في الأسواق العالمية. وعليه لايمكن أن نرجع الأسباب أو العوامل وراء نقص الغذاء العالمي، والجوع المتوقع للعديد من انحاء العالم، إلى العوامل الخارجية فقط بل هناك العديد من العوامل الداخلية، أسهمت إسهامًا كبيرًا في زيادة حدة المشكلة، وجعلت تلك البلدان تعيش في حالة تبعية غذائية لدول أخرى.