“أخيراً” أوباما يأخذ الإسلام الراديكالي على محمل الجد

      Comments Off on “أخيراً” أوباما يأخذ الإسلام الراديكالي على محمل الجد

الكاتب : جيمس ك. غلاسمان

ترجمة وتلخيص: حيدر رضا محمد

إننا نواجه اليوم حركات إرهابية ذات آيديولوجية قوية ومجنونة، ونحن بحاجة إلى مكافحتها من خلال طرق عدة وأهمها الدبلوماسية الشعبية.

استهل الكاتب مقاله بالقول: في هذا الأسبوع عقد الرئيس أوباما في البيت الابيض اجتماعاً مع زعماء من مختلف العالم بما فيهم أئمة وناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي وحتى رئيس الأمن الفدرالي الروسي، لمناقشة كيفية مواجهة التطرف والعنف. إن طريقة عقد هذه القمة وطريقة الإعلان بعجالة عنها بعد هجمات شارلي ايبدو في باريس، يبدو أنها شعار جديد. وفي الواقع إنها قديمة، إذ تجاهلت إدارة أوباما ذلك بشكل غريب على مدى السنواتالست الماضية.

ففي عام 1952، طلبت وكالة الإعلام الأمريكية المتدرب البالغ من العمر (25) عاماً، لتحرير مجلة جديدة تسمى بـ”مشاكل الشيوعية” للبحث في آيديولوجية عدو الولايات المتحدة الأمريكية. وخلال الحرب الباردة، اتخذت الولايات المتحدة هذه الأفكار على محمل الجد. إن الاتحاد السوفيتي تمتلك كميات كبيرة من الأسلحة النووية، ولكن لهزيمة علامتها التجارية الامبريالية، كنا بحاجة إلى حد وتقويض آيديولوجيتها. وقد فعلنا ذلك من خلال مؤسسات عدة مثل، مجلة برومبرغ وإذاعة أوربا الحرة والمؤتمرات والمنظمات والخطب والكتب والقادة الأذكياء مثل ادوارد مورو، الذي ترأس الاستخبارات الأمريكية في عهد الرئيس كندي.

وما نواجهه اليوم، هي الحركات الإرهابية ذات الآيديولوجية القوية أيضاً، إذ تبدو أنها غريبة الأطوار ومجنونة، وربما قد نقول الشيء ذاته على الشيوعية. هذا الفكر الذي يستخدم النصوص الإسلامية والتقاليد كأساس له، والذي يعد مصدر إلهام ليس فقط للمجرمين وإنما للطلاب والطبقات المتوسطة والعليا في الهندسة مثل محمد عطا والأطباء الجراحين مثل أيمن الظواهري، وهدفهم في الحياة هو ترجمة رؤية سيد قطب إلى أعمال. وسيد قطب رجل مصري، وقد كتب كتابا في عام 1954، يعد تأسيسا لهذه الحركات التي نشهدها اليوم، وقد أعدم في عام 1966 بتهمة التآمر لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر. وكان محور أفكار سيد قطب تتمثل بـ: 1 – الإسلام هو أكثر من دين. هو الحياة 2 – لا يمكن تحقيق فهم القرآن إلا من خلال الجهاد والكفاح المسلح 3 – الثقافة الحديثة تمر في أزمة، والإسلام يجب أن يعود إلى بداياته لإنقاذ العالم.

وقد شوهت القاعدة فكر سيد قطب، تماماً كما شوه ستالين ولينين فكر ماركس، إلا أن الفكر هو – بلا شك – القوة الدافعة وراء طائفة الموت اليوم. ويشير الكاتب إلى ما أكده المؤرخ بول بريمان، إذ يقول: “إن عواصف الآيديولوجيات عندما تهب تنتشر في جميع أنحاء الأرض بسرعة مذهلة، إذ لايوجد بلد بمقدوره الهرب منها مهما بعدت”. إن أطروحة بيرمان هي: إن وحشية كل الحركات في القرن الـ(20) والقرن الـ(21) من الشيوعية والفاشية والتطرف الإسلامي يتوجهون بالتوجّه نفسه، إذ نشأت هذه الحركات للخروج من الاشمئزاز والفشل.

وبعد بضعة أشهر من الانتخابات الرئاسية لعام 2008، عين الرئيس أوباما فريقا انتقاليا معاونا له. وكان الرئيس بوش في عام 2006، قد عين وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية والشؤون الشعبية قائداً لإجراء اتصالات استراتيجية لحملة تهدف إلى مواجهة التطرف والعنف. وبعد نقاش طويل، قررنا أن ندعو الحركات الإرهابية على أساس الراديكالية، على غرار قراءة سيد قطب للإسلام. كنا نحارب أفكارا، وكانت لدينا استراتيجية وهيكلية وتعاون بين وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات. وبميزانية صغيرة، كنا قد عملنا بهذا المجال. إلا أنه قيل لي وبشكل واضح من قبل الفريق الانتقالي: إن “حرب الأفكار” لم تكن عبارة لإرضاء البيت الأبيض. تلقيت الرسالة ورحلت.

نعتقد أن إدارة الرئيس أوباما، مع نجاحها في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات وصناعة السياسة، لم تخصص لحملة اتصالات استراتيجية قوية لمكافحة الارهاب، إذ تم تحييدها على نطاق الحكومة، وقلة المال والموظفين حتى ازداد الإرهاب وخطر العنف. ومع عقد هذه القمة، الآن قد حان الوقت للعودة والعمل على حرب الأفكار.

“إننا وسط صراع الأجيال ضد آيديولوجيات مسمومة ومتطرفة، والتي أعتقد أننا سوف نقاتل لبقية حياتي السياسية”. هذا ماكتبه ديفد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، في شهر آب. وكذلك بدأ الرئيس أوباما يتأثر بعاصفة الآيديولوجية. وتعد هذه القمة خطوة أولى جيدة.

وتشمل الدبلوماسية الشعبية مجموعة واسعة من الأنشطة التي تستهدف الجماهير الأجنبية، بما في ذلك برنامج التبادل “الفولبرايت” والبث الدولي لصوت أمريكا. إنني أحب أن أسميها “الدبلوماسية الشعبية الاستراتيجية”، وفيها زيادة أكثر في الأهداف. إنها توجه نحو تحقيق أهداف الأمن القومي. إن الهدف الرئيس للدبلوماسية الشعبية الاستراتيجية اليوم هو هزيمة تنظيم “داعش” والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تهدد الولايات المتحدة الأمريكية وبقية العالم، ولذلك ماذا ينبغي علينا أن نفعل؟

وللبدء، هناك بعض القواعد الأساسية الضرورية، أولاً: على الرئيس أن يجعل من الدبلوماسية الشعبية أولوية قصوى. ثانياً: يجب على الأمريكيين وخصوصاً الأمريكيين غير المسلمين، أن يعرفوا أنهم ليسوا أفضل المرسلين، فالإسلام لديهم تقليد فكري قوي، والأصوات الأكثر فعالية هي للمسلمين أنفسهم، وخاصة كونها في المراكز الدينية في الشرق الأوسط. ثالثاً: علينا التخلي عن طبيعة الحساسية المفرطة لدينا حول صياغة الرسائل أو التدخل في العالم، حيث الدين والآيديولوجيات تتلاقى. ففي حرب المعلومات، قد تكون هناك أضرار جانبية غير أن السبب هو العجلة. وبعض الوصفات:

1-   التقويض. الرواية الأكثر قوة في المجتمعات الإسلامية هي أن الغرب يعمل لتدمير الإسلام. وهذه كذبة، ولكن من المستحيل تقريباً إبطالها وجهاً لوجه. وأفضل طريقة لتقويض مروجي الرسالة هو أن يعرفوا أن “داعش” هي التي تقتل المسلمين، ويجب علينا فضح تناقضاتها الداخلية، وطبيعتها المنحلة والفاسدة لقادتها، وانشغالاتها مع التحريف الجنسي والسادية، والموت الذي لامفر منه. ومرة أخرى، المسلمون هم أفضل من يقوّضون هذه الأفكار المنحلة، وخاصة الأعضاء السابقين للمنظمات الإرهابية الذين أصيبوا بخيبة أمل، وجعلهم يتحدثون أمام الكاميرا بصورة مباشرة على الانترنت واليوتيوب وكتابة المقالات ونشر الكتب عنهم. ومثال على ذلك، هو سيد إمام الشريف والمعروف باسم الدكتور فضل، والذي كان أحد مؤسسي القاعدة إلا أنه انقلب عليهم في عام 2007؛ لوحشيتها العشوائية، وكانت كتاباته من داخل السجن وبحجج قرآنية لها أثر كبير ومؤثر. هناك أمثال الدكتور فضل الكثير داخل تنظيم “داعش” أيضاً.

2-   مصدر الإلهام. وأفضل طريقة لمكافحة الروايات التي تذهب إلى أن الغرب يريد أن يدمر الإسلام هو الصحوة الإسلامية، وتطوير حركة إسلامية مبنية على العزة في فضائل الإسلام مثل التواضع من باب المجاملة والاحترام والرحمة والعدالة. مرة أخرى، هذه الصحوة ليست للمسيحيين واليهود الأمريكيين لقيادتها، إلا أننا يمكننا أن نساعد بذلك بالتأكيد. إن تجنيد وتلقين الإرهابيين معروف جيداً، وهو البحث عن الشباب المغترب الذي تضرر بسبب عدم الاحترام والبحث عن معنى لحياتهم. إن هذه المنظمات الإرهابية توجه لهم رسائل آيديولوجية وتحثّهم على تفجير أنفسهم. نفس هؤلاء الشباب بحاجة إلى الإلهام أكثر من الاعتدال والإسلام يمكن أن يوفر ذلك.

3-   المكافحة. مشاكل الشيوعية يمكن أن تصبح مشاكل للتطرف، لكن يجب توظيف المجلات ومواقع الكترونية ومنابر للمؤتمرات وشبكة من العلماء ووسائل التواصل الاجتماعي، يهيمن عليها علماء مسلمين، ومن الأفضل أن يكون مقرها في أوربا، إذ يسعى الشباب المسلمون من أجل الديمقراطية.

4-   المقاومة. صور ركوع الرهائن وقطع الروؤس تثير اشمئزار العالم، وكذلك مشاهد العجز والسلبية والمعاناة. وفي الحقيقة، ليس كل الأكراد والشيعة والسنة والأيزيديين والمسيحيين يركعون لـ”داعش”، بل هناك الكثير من المقاومة. نحن بحاجة لنشر صور مماثلة للمقاومة البطولية، مثل المقاومة ضد النازيين أو الشيوعيين. إن أفضل صور المقاومة التي تأتي من الأرض نفسها (من العراق وسوريا). إلا أننا بحاجة إلى معرفة كيفية الحصول على هذه الصور وبثها في الوقت الحقيقي، وهذا ما تقوم به “داعش”.

5-   التبشير. خلال الصلاة في يوم الإفطار الوطني في البيت الأبيض يوم 5 / شباط، ذكر الرئيس أوباما للحضور أن “أثناء الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش، نفذ الناس أفعالا مروعة باسم السيد المسيح. في بلدنا العبودية والقوانيين العنصرية كثيرا ماكانت مبررة باسم السيد المسيح”. نعم، إلا أننا اليوم في القرن الـ(21)، ونتقبل مفاهيم التسامح والتعددية وحرية التعبير وتقرير المصير والديمقراطية على نطاق واسع، ليس فقط في الغرب بل في جميع أنحاء العالم. نحن بحاجة للدفاع عن هذه القيم. لم يكن الاعتذار فعالا لكسب الأصدقاء في الشرق الأوسط. عندما تقول أنك آسف، فهذا له مكانة ولكن ليس هنا، وليس في حرب آيديولوجية مع تنظيم القاعدة و”داعش”. نحتاج إلى ثقة في أفكارنا وتوجهها.

مصطلح “الليبرالية” قد وضع مؤخراً، وهو وسيلة جيدة لوصف مجموعة من القيم المنصوص عليها في إعلان الاستقلال والتنوير بشكل عام. ومع ذلك، فإنه ليس من السهل الدفاع عنها؛ لأنها – في جوهرها – آيديولوجية تقول أن هناك العديد من الطرق الجيدة لتحقيق السعادة، وليس طريق واحد كما يعتقد قطب.

وبربط الإرهابيين بأسلافهم، أشار بريمان ببساطة إلى رسائلهم. رأى النازيون الحرب العالمية الثانية أنها “معركة بين متفوقين بيولوجيا (لهم) والهجين والأعراق المنحطة (نحن)”، في حين أن السوفيت صور الحرب الباردة بين البروليتاريا والبرجوازية. وفي العصور الوسطى “صور الإسلام أن هناك مؤامرة صليبية – صهيونية، لا تقل خيالا وجنونية”. ولكن الفكرة الأساس، هي أنها صراع آيديولوجيات.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: نعم نحن بحاجة إلى نشر قوة عسكرية في هذا الصدام، ولكن وكما قال روبرت غيتس: “لايمكن القتل لتحقيق النصر”. علينا الدخول بحرب الأفكار، والتي هي أقل تكلفة بكثير من طريقة محاربة الإرهاب بوساطة الطائرات من دون طيار أو صواريخ أو ربما قوات أكثر فاعلية.

رابط المقال:

http://www.aei.org/publication/finally-obamas-taking-radical-islam-seriously/