نتاج الحرب الحقيقية في الشرق الأوسط وغياب استراتيجية مواجهتها عملية تشارلي ايبدو: خطوة الثعلب

      Comments Off on نتاج الحرب الحقيقية في الشرق الأوسط وغياب استراتيجية مواجهتها عملية تشارلي ايبدو: خطوة الثعلب
الكاتب : ديفيد روثكوبف

ترجمة وعرض : د. حسين أحمد السرحان

الآن في منطقة الشرق الأوسط حرب حقيقية واستراتيجية، وإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تركز على المساعدة والتحريض على الفوضى.

يستهل الكاتب مقاله بعبارة خطيرة، وهي أن منطقة الشرق الأوسط تشهد الآن حربا حقيقية في الوقت الذي تركز فيه استراتيجية إدارة الرئيس أوباما على المساعدة والتحريض على الفوضى.ويضيف الكاتب، أنه وبمجرد دخول الشرق الأوسط في الفوضى يكاد يكون ذلك بفعل أخطاء إدارة الرئيس أوباما، إلا أن هذا لايعني أن سياساتها في المنطقة باءت بالفشل الفظيع.ويُشير الكاتب إلى أن هذا الوضع في الشرق الأوسط غير مسبوق، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها المنطقة هذه الفوضى منذ الحروب العالمية في القرن الماضي. فكل البلدان تقريبا من ليبيا إلى أفغانستان، شهدت صراعات مسلحة (باستثناء عُمان). وهذا المستوى من الفوضى وعدم اليقين والتعقيد بين التحالفات والعداوات والمتناقضات في كثير من الأحيان محيرة للعقل. الولايات المتحدة وحلفاؤها يقاتلون جنبا إلى جنب مع إيران للقضاء على تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق وسوريا “داعش”). ولكن في اليمن الموضوع مختلف، إذ إن الولايات المتحدة والعديد من الشركاء الإقليميين نفسهم يتعاونوا لإبعاد قوات الحوثي المدعومة من إيران.

أما إسرائيل والسعودية، فإنهما متفقتان بشكل كبير بشأن مخاوفهم من إيران فضلاً عن الانقسامات التاريخية التي مازالت كبيرة بين الاثنين من جهة وإيران من جهة أخرى. إيران تدعم بشار الأسد في سوريا، والولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مستاؤون من سياسات الأسد ولكنهم متعاطفون معه ويتحملون وجوده، بينما بعض قوات العشائر تدعمها الولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”) في سوريا وهي تسعى للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي. الولايات المتحدة تريد من الدول في المنطقة أن تقف إلى جانب مصالحها الخاصة – ليس فقط في ليبيا – حتى عندما لاتحصل هذه الدول على إذن مسبق من الولايات المتحدة للقيام بذلك، أي بحماية مصالح الولايات المتحدة.ويؤكد الكاتب، أنه ليس من المستغرب أن يكون هدف الكثير من الأمريكيين في تعاملهم مع أحداث الشرق الأوسط، هو التراجع والانسحاب من هذه المنطقة بأسرع وقت ممكن. وهم يجادلون بأن مشاكل المنطقة خارجة عن اهتمامنا، وأن العداوات التي تعمل على تأجيج النار الحالية في الشرق الأوسط قديمة.ويشير الكاتب إلى حقيقة مفادها، أن الانقسام الشيعي – السني الذي لعب دورا (ربما هذا الكلام فيه مبالغة) في الانقسام الطائفي في اليمن، والذي كان له دور أيضا في خلق الانقسام الطائفي الذي كسر الدولة العراقية وقاد إلى صعود وتنامي قوة تنظيم “داعش”، هو قديم، وتعود جذوره إلى آلاف السنين. فضلاً عن ذلك، ليس هناك من ينكر بأن العديد من الانتفاضات الحالية في منطقة الشرق الأوسط تعود جذورها إلى انتهاكات الحكومات الاستبدادية التي سرقت شعوبها وفشلت في أساسيات الحكم وإدارته. هناك عدد ملحوظ من المشاكل تعود إلى سوء تقدير الامبراطورية البريطانية والتي لم تكن تلعب دورها بشكل جيد لتكون بمثابة الرب للأمة. وماتزال صراعات أخرى هي نتيجة لانهيار صيغ أو معادلات تحقيق الاستقرار، مثل اتفاقية سايكس – بيكو التي تم تجاوزها بعد ما يقرب من قرن من الزمان. وكذلك غزو جورج دبليو بوش للعراق، الذي لم يساعد في استقرار المنطقة.ومع ذلك يؤكد الكاتب، أن على دعاة وأنصار الانسحاب من الشرق الأوسط بأن عليهم أن يعلموا أن الولايات المتحدة لديها مصلحة في نفط المنطقة ولديها مصلحة في الغاز أيضا. وبالمناسبة، فقد ثبت للولايات المتحدة أنه من الأنانية القيام بالتدخلات العسكرية وبناء دولة في الشرق الأوسط (من بين المناطق الأخرى في العالم)، لذلك يتساءل الامريكان : لماذا لا نسير في طريقنا لتأمين مصالحنا فقط ونترك النار تحرق نفسها بعيدا عنا؟. في الواقع يجب أن نفكر في الأمر. ألم يكن لدينا خطة؟. ألم يكن ذلك سببا في انتخاب بارك أوباما؟.يُجيب الكاتب على النقطة الأخيرة أولا: يمكن القول أن أوباما أُنتخب لإنهاء الحرب في العراق وأفغانستان وسحب القوات من هذين البلدين ولكنه بصراحة اهتم كثيرا بمسؤولية الحفاظ على أمريكا مؤمنة من التهديدات الإضافية والتي ربما تأتي من خارج الولايات المتحدة، وكرئيس لديه مسؤوليات أكبر في الدفاع عن مصالحنا في جميع أنحاء العالم.وإن هذه المصالح تتطلب من الولايات المتحدة أن تبقى على ارتباط وأن تعمل في الشرق الأوسط. فمن جانب الطاقة – ومع أنه لدينا الكثير من المعروض – فإن أسعار النفط تُحدّد عالميا، وهذا يعني أن التقلبات الكبيرة في المعروض أو المخاطر التي تواجه معروض الطاقة ستؤثر علينا. فضلا عن ذلك، فإن هذا الصراع الواسع في المنطقة سيقود إلى مزيد من التدهور ويمكن أن يكون له عواقب اقتصادية عالمية خطيرة جدا. والصراع الشيعي – السني يمكن أن ينتشر. وتنظيم “الدولة الإسلامية” – الموجود في دول عدة في المنطقة – يمكن أن يستفاد من الفوضى، مثله مثل الجماعات الإرهابية الأخرى في المنطقة مثل تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة في سوريا أو حركة حماس. وليبيا يمكن أن تتحول بسهولة إلى اليمن القادمة، والتي من المؤكد أن تشهد تدخلا إقليميا بفعل التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن.يؤكد الكاتب، أن تفكك بلدان، مثل العراق وسوريا واليمن أو ليبيا، يمكن أن يُغيّر ميزان القوى الإقليمي وبخاصة إذا كان هذا التغيير نتيجة إنشاء دولة (أو دول) مثل “الدولة الإسلامية ” في سوريا والعراق أو خلق المناطق الفاشلة دائما والتي ستصبح أرضا خصبة لمزيد من التطرف، كأحداث 11/أيلول/2001 التي علمتنا – وكما أثبتت الأحداث الأخيرة في أوروبا وأفريقيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية – أن المشاكل التي تبدو بعيدة في العالم يمكن أن تنتشر وتصل إلى عتبات حلفائنا أو حتى إلى بيوتنا.ونحن لاحظنا انتشار تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، والآن تنظيم “الدولة الإسلامية” الموجود في أفغانستان، وحركة بوكا حرام في نيجيريا التي تعهدت بالتعاون مع العلامة التجارية الساخنة (تنظيم “داعش”) في السوق الإرهابية. مقاتلو “الدولة الإسلامية” الذين جُنِّدوا من أوروبا أو الولايات المتحدة سيعودون إلى بلدانهم بالتأكيد وينشرون الفوضى إذا لم يتم إخمادهم والقضاء عليهم في منطقة الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، سيكون الحلفاء الأساسيون للولايات المتحدة – مثل إسرائيل والأردن – في خطر نتيجة هذا الاضطراب، ومواقعهم – أي الأردن وإسرائيل وغيرها من الحلفاء – أصبحت غير مستقرة وفي خطر أكبر مما كان، وهذا ما يُلزم الولايات المتحدة بأن تتورط أو تقوم بدور أكبر في المنطقة وتتحمل تكلفة أكثر.وأخيرا، هناك عوامل جيو سياسية عراقية على المحك أو في خطر، حيث اضطراب الوضع وعدم استطاعة الحكومات الضعيفة مطلقاً على إدارة واحتواء التهديدات التي تنتج في المنطقة (أي الشرق الأوسط)، ولكن في النهاية ستنتهي هذه الحروب، وستظهر الحكومات الوطنية، والدعم الأمريكي لها سيكون مرتبطاً بكيفية بناء الدور الامريكي المتصور في تشكيل تلك الحكومات ومن ثم دعمها. (وستصل الولايات المتحدة الى المرحلة التي تفك فيها الارتباط مع منطقة الشرق الأوسط، ويتقلص تأثيرها على هذه الحكومات، أو كما يبدو ذلك ممكنا تماما). وإذا تقلص نفوذنا وتأثيرنا في المنطقة فإن الجماعات الأخرى ستنمو، مؤكداً (كما يحصل بالفعل).وهذا ربما يبدو غير مهم الآن، لكن على المدى الطويل، بدأت منافسات وتحديات القرن الواحد والعشرين بالتبلور، ومن ثم فإن التخلي عن النفوذ في هذه الزاوية – الشرق الأوسط – ذات الأهمية الاستراتيجية عالمياً، والسماح للآخرين (من غير الولايات المتحدة) في كسب هذا النفوذ والتأثير في هذه المنطقة، سيكون له عواقب وخيمة للغاية.وحتى إذا كانت إدارة الرئيس أوباما – وبشكل واضح – ليست مسؤولة عن الأسباب والعوامل التي قادت إلى تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، إلا أن الحقيقة تكمن في أن الولايات المتحدة لا تستطيع التحرك بعيدا عن هذا الاضطراب أو الصرعات، أو البقاء في الغرف المغلقة لصياغة تدابير غير مجدية، أو أن يكون لها مبادرات مرتجلة إلى حد كبير من دون الاستفادة من صياغة استراتيجية أوسع نطاقا. ولسوء حظ، الولايات المتحدة وحلفاؤها، والمنطقة، والعالم، إن هذه المناهج الأساسية الثلاثة طُبقت من قبل البيت الابيض.هذه المناهج قد ساهمت بشكل كبير في خلق الأوضاع التي نواجهها الآن. فالوضع في العراق كان مستقرا، وتحسن بوضوح في السنتين الأخيرتين من إدارة الرئيس دبليو بوش، بفضل زيادة القوات والاهتمام بالمكون السُني والتدخل النشط أسبوعا تلو الأسبوع من قبل الرئيس وكبار المسؤولين في تفاصيل إصلاح الوضع. ولنكن أكثر صراحة، الكارثة هي أن هؤلاء أنفسهم هم من وضعوا تلك المناهج، ويتضمن ذلك اختيارهم السيء حقا لنوري المالكي كرئيس للوزراء، وقرار الرئيس أوباما في الانسحاب – والذي مثل حركة غير جيدة، وكان يفترض أن يقوم بشيء يساعد على وضع اتفاقيات بقاء للقوات الأمريكية لمدة أطول – قوض هذا الشيء، ويقصد به: الوضع في السنتين الأخيرتين من إدارة الرئيس جور دبليو بوش. كما أن عدم الانتباه والغفلة للإدارة السيئة لحكومة المالكي وظهور الاضطرابات، وفيما بعد ظهور تنظيم “داعش” من بين أهل السُنة زاد الوضع تعقيدا.بالتأكيد، إن الإخفاق الكبير للرئيس باراك أوباما كان نتيجة التردد، والقرارات كانت بعكس الاتجاه، فضلا عن تجاهل الرئيس أوباما لتوصيات فريقه بشأن معالجة الاضطرابات المتزايدة في سوريا.ويؤكد الكاتب، أن ردود الفعل البطيئة والمرتبكة حول الربيع العربي قد تفاقمت، وذلك عبر سوء التعامل والضعف الخطير في العلاقة الحيوية للولايات المتحدة مع مصر. تناقض وازدواجية الرئيس أوباما حول اتخاذ الإجراءات ومن ثم فعل ماكان ضروريا لتحقيق نتائج ناجحة وإيجابية في ليبيا كانت بُعدا آخر للإدارة السيئة من هذا القبيل، والتي خلقت مشاكل أكثر من أن تعمل على حل ما موجود.ويؤكد الكاتب، إنه وعلى الرغم من أن الرئيس أوباما بعث آمالا جديدة، وعصرا جديدا أفضل في العلاقات الإقليمية في المنطقة من خلال الكلمة التي ألقاها في قلب العالم العربي في مدينة القاهرة، وجهوده الحقيقية في تغيير العلاقات إلى الأفضل في المنطقة لم تكن مع العرب فقط، ولكن مع الإيرانيين أيضا. فصلابة المدة الرئاسية الأولى تجاه إيران بشأن العقوبات النووية تبعتها الفترة الرئاسية الثانية التي اتصفت بالحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق نووي حتى يتسنى للجميع أن يؤمن بأن الولايات المتحدة تريد هذا الاتفاق أكثر مما يريده الإيرانيون، ونتيجة لذلك فقدت الولايات المتحدة القوة التفاوضية. وهذا التحول – الذي لم يرافقه تنسيق كاف مع حلفائنا في المنطقة (من إسرائيل إلى الخليج) والذي ربما يهدّئ مخاوفهم نتيجة التوصل إلى اتفاق أو تقارب بين الولايات المتحدة وإيران – يصبح أكبر مشكلة لهؤلاء الحلفاء بأن تصبح إيران واحدا من البلدان في الشرق الأوسط تحصل على مكاسب بفعل تصاعد الفوضى. كما يحصل ذلك في اليمن. وعلاقاتها القوية مع بغداد واعتماد الحكومة العراقية على القوات البرية الإيرانية والمستشارين والأسلحة للمساعدة في القضاء على تنظيم “داعش” وزيادة تأثيرها ونفوذها في سوريا.ويُشير الكاتب إلى التعليقات الساخطة للجنرال الأمريكي لويد أوستن (Lloyd Austin) وهو يندد بفكرة قيادة قوات تقاتل إلى جانب “الفصائل الشيعية” بعد تصديها للأمريكان أثناء حرب العراق. والعالم كله يعرف بأن أمريكا تقدم الدعم الجوي “للفصائل الشيعية” المدعومة من إيران وتدعم القوات العراقية في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق. ومعروف أيضا أن العالم كله يتحدث عن التحالف الأمريكي لقتال التنظيم، ويتكلم عن إيران وكسبها لنفوذ متزايد في بغداد؛ لأنها على استعداد لوضع الأقدام على الأرض. وهذا هو سبب الاحتفال بالجنرال قاسم سليماني، قائد قوات فيلق القدس في المناطق الشيعية وحتى في المناطق الكردية من العراق وليس بالجنرال أوستن. ولا أعتقد أن هذا حقيقي أو واقعي، فهذا لا يغذيه انعدام الثقة بإدارة الرئيس أوباما من قبل بعض حلفاء الولايات المتحدة الأكثر فاعلية في الخليج و مصر ومناطق أخرى. ولا أعتقد أيضا أن ذلك لم يؤد بهم (أي حلفاء الولايات المتحدة في الخليج والمناطق الأخرى) إلى الوعي بأن عليهم اتخاذ إجراءات في اليمن لموازنة مكاسب إيران. والولايات المتحدة سارعت إلى القول بأن واشنطن تدعم القتال ضد الحوثيين في اليمن ولاتعمل بشكل حقيقي وبشكل وثيق مع إيران في العراق. (تراجع الفصائل الشيعية بدعوى عدم ارتياحها للعمل جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة. وهذه الأخيرة قد لا تنسق مع الإيرانيين ولكنها على يقين باستطاعتها أن تلعب لعبة قوية مع الإيرانيين من خلال المحاورين العراقيين على الأقل).وفي الوقت نفسه، فمن الواضح أن المحادثات النووية الإيرانية أخذت تؤثر سلبا على العلاقة المتدهورة للولايات المتحدة في الفترة القريبة الماضية مع إسرائيل. الآن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لايسير في الحديقة مع الرئيس الأمريكي كشريك، ولكن لا يمكن أيضا إنكار أن البيت الأبيض سكب البنزين على النيران التي تحرق جميع الأسس التقليدية للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ومهما يكن الواحد والعشرون شهرا القادمة، ربما تجلب تدهورا إضافيا في العلاقة، ومن ثم فإنه ليس من قبيل المبالغة القول بأن العلاقة بين قادة الولايات المتحدة وإسرائيل هي في أسوء حال تاريخيا. وفي الحقيقة، نستطيع القول بشأن جذور الفوضى واللا نظام في الشرق الأوسط، تعود إلى أن العلاقات الأمريكية مع جميع البلدان المهمة في المنطقة سيئة باستثناء إيران.وعليه، فإن الخيارات السيئة،والإدارة السيئة، والدبلوماسية الخاطئة لم تكن الأسباب الأساسية للمشاكل الأمريكية في المنطقة والتي هي من صنع يدها. السبب الأكبر هو التنافر الاستراتيجي. ولايبدو لدى الولايات المتحدة وجهة نظر واضحة لمصالحها أو رؤية لمستقبل رعاية المنطقة بتعزيز التعاون مع حلفائها هناك أو في مناطق أخرى من العالم. و “ترك الموضوع إلى الناس على الأرض” هي استراتيجية للسياسة الخارجية الأمريكية، وهي أفضل من أن ” تفعل فعلا غبيا ومقرفا”. إنها الطريقة الأفضل في الحقيقة ولاسيما عندما يكون جزء كبير من هذه العلاقات ينطوي على عنصر تجاري واستثماري وعسكري وعناصر أخرى تعطي الولايات المتحدة قوة يمكن أو يجب أن تستخدمها لتعزيز مصالحها. وعلاقة الولايات المتحدة مع القوى الكبرى في العالم ينبغي أن توفر لأمريكا الأدوات لتشاركها القوى الكبرى في تحمل الأعباء الدبلوماسية الثقيلة لإنتاج جهود دبلوماسية منسقة. (والدليل على أن ماتقوم به الولايات المتحدة مع إيران ليس مقنعا، هو عندما لاتفعل شيئا فيما يتعلق بمشاكل أخرى كثيرة تشهدها المنطقة، أو عندما تقوم بشيء قليل التأثير في قضايا أخرى مثل ليبيا وسوريا).ويؤكد الكاتب، أنه من السهل على الرئيس أن يقول: “أنا أسعى للاستقرار في الشرق الأوسط، وأسعى للحفاظ على المصالح الأمريكية بدءاً من أمن حلفائنا إلى أمننا في وطننا، والحفاظ على العلاقات التجارية من الاضطرابات الاقتصادية العالمية، وأعتزم تحقيق ذلك عبر تأسيس تحالف جديد مع حلفائنا التقليديين، والذي من شأنه تحقيق الاستقرار لهم وهم بحاجه إليه لإعادة بناء قوة الردع الضرورية ضد نزعة المغامرة لدى الآخرين في المنطقة مثل إيران”. إذا استطاعت الولايات المتحدة تحقيق تقدم في احتواء التهديد النووي الإيراني، والذي سينتج عنه حوارا أفضل مع هذا البلد فإن هذا هو الأفضل. ولكن الولايات المتحدة تدرك العديد من التهديدات الأخرى، منها دعم إيران للإرهابيين مثل حزب الله وحركة حماس لتهديدها الأهداف الأمريكية. ومن ثم، فإن توقف إيران عن هذه الأنشطة وإزالة هكذا تهديدات سيرفع من وضعها أو مركزها في المنطقة. وفي حينها إذا تحقق ذلك، ستسعى الولايات المتحدة لتحقيق توازن إقليمي في المنطقة “.ولكن هذه الكلمات لوحدها لن تكون كافية. تحتاج الولايات المتحدة إلى إجراءات احتياطية ذات مغزى، ولا يجب أن تكون ساذجة . الولايات المتحدة بحاجة لإبعاد فكرة أن إيران بطريقة ما أو وقت ما تكون من ضمن أصدقائها في المنطقة. التهديد النووي هو تهديد من بين عدة تهديدات تطرحها إيران في المنطقة وهو ليس الأكبر. جيوبوليتيكيا، تقصير الولايات المتحدة وتراخيها، خلق شعورا بين دول المنطقة بضرورة البحث عن دعم آخر وبدأت تلك الدول باتجاه آسيا إلى الصين أو إلى الهند وحيثما أمكن إلى اليابان وجنوب شرق آسيا. والنفوذ الروسي يزداد كثيرا في القاهرة وتل أبيب وفي طهران أيضا. وتقاسم الأعباء يجب أن يكون أفضل ما تهدف له الولايات المتحدة. وتقلص النفوذ الأمريكي إلى حد كبير في الشرق الأوسط ليس له أهمية. وفي هذه المنطقة، فإن ذلك يعني إعادة بناء التحالفات القديمة للولايات المتحدة من خلال الاهتمام بالشركاء، وذلك بوساطة الأفعال وليس الأقوال فقط، ومن خلال الاستماع لهم وليس القيام بإلقاء خطب الاسترضاء. فضلا عن ذلك، يجب أن تدرك الولايات المتحدة أنه في بعض الصراعات ما لم تكن على استعداد لوضع عدد من القوات على الأرض – والقتال ضد تنظيم “داعش” هو واحد من هذه الصراعات – فلا يمكن النظر إليها على أنها الرائدة حقا، وملتزمة أيضا. وأما الآخرين الذين هم على استعداد لهكذا التزامات – أي وضع قواتهم على الأرض – فهم مثل الإيرانيين، سيربحون بالنتيجة.ويطرح الكاتب سؤالا: هل ينبغي على الولايات المتحدة السعي للحلول الدبلوماسية للقتال في سوريا والعراق واليمن وليبيا؟.يجيب الكاتب بنعم، ولكن ستكون الولايات المتحدة ناجحة فقط إذا عرف أو فهم خصومها بأنهم سيدفعون ثمناً باهضاً نتيجة وجود التحالف الدولي الذي يتضمن الموارد والمشاركة الحقيقية لقادة الأمم الغنية والأكثر قوة حول الأرض إلى جانب قادة المنطقة الذين يجب أن يكونوا مخولين بأخذ زمام المبادرة في القضايا الإقليمية. والمفاوضات لن تنجح إلا إذا مارست الولايات المتحدة هذا النوع من الدبلوماسية التي لا تعيقها المواعيد النهائية أو تقوض عبر الرسائل التي تحتاج أمريكا العمل بها أكثر من الطرف الآخر.لذلك، وبكل الوسائل، دعونا نعترف بالأصول والجذور المعقدة للأزمة الحالية في المنطقة، ولكن أيضا دعونا لا نغفل بأن الفشل يكون أكثر ضرراً في معالجة تلك الأزمة، ومن المؤكد أنه سيؤدي إلى خسائر كبيرة للمصالح الأمريكية في المنطقة. علاوة على ذلك، وفي النهاية، هذه المرحلة تتطلب يقظة كبيرة، وينبغي أن ينتج عن العمل المتعدد الأطراف من قبل الولايات المتحدة وحلفائها وحتى في داخل الأمم المتحدة نتائج إيجابية. والوجود الفاعل لكل بلدان المنطقة وهي في حالة حرب، من المرجح أن يقود إلى تصعيد وليس إلى حلول. والاكثر من ذلك، أن الولايات المتحدة ليست بعيده عن رؤية الصراعات المتواصلة، والتي تُعد أكبر حريق شهده العالم منذ آب/1945. وحتى لو لم يحدث ذلك، فإن الفوضى المنتشرة في المنطقة ستغذي انتشار التطرف في أفريقيا وآسيا وانتشار الإرهاب في أوروبا وأمريكيا الشمالية، والمخاطر لا يمكن أن تكون أكبر. ومن الواضح، أنه حتى لو أدركت الولايات المتحدة قدرتها المحدودة في التأثير على ما يحدث على أرض الواقع، فلديها التزاما عاجلاً لمحاولة القيام بذلك بطرق جديدة؛ لأن ما قامت به على مدى الست سنوات الماضية هو ليس مجرد عمل فحسب، بل هو عمل جعل الوضع العالمي من سيء إلى أسوأ.

http://foreignpolicy.com/2015/03/27/operation-charlie-foxtrot-middle-east-yemen-syria-saudi-obama/