هزيمة “داعش” عسكريا ليست النهاية

      Comments Off on هزيمة “داعش” عسكريا ليست النهاية

أليزابيث فيرز

ترجمة وعرض : د. حسين أحمد السرحان

إن آليات القضاء على تنظيم “داعش” والجماعات المتطرفة يجب أن لاتقتصر فقط على تطوير استراتيجيات عسكرية،

ولكن أيضا يجب الاستعداد لمواجهة الضغوط التي تتعرض لها الحكومات ووكالات الإغاثة الإنسانية نتيجة زيادة التبعات والآثار السلبية للتهجير والنزوح سواء الداخلي أم الخارجي.

تبدأ الكاتبة باستنتاج مفاده، أن النزوح الواسع النطاق الذي سببته العمليات الإرهابية لتنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”) ستكون له عواقب وخيمة في السنوات القادمة.

وتؤكد الكاتبه أنها في الوقت الذي كتبت فيه المئات وربما الآلاف من المقالات والتقارير حول تنظيم (الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش”)والجماعات الإرهابية الأخرى في السنة الأخيرة، إلا أن القليل منها ركز على العواقب الإنسانية للهجمات الوحشية لتلك الجماعات. وفي الواقع، ونظرا لكثرة الجماعات الفاعلة والمسلحة في المنطقة، إلا أنه من الصعب – في بعض الأحيان – عزل أو فرز آثار العنف التي تسبب بها تنظيم “داعش” عن غيره ولاسيما في سوريا، إذ إن العنف الذي يمارسه النظام والقوات الحكومية هو المسؤول عن مقتل العدديد من المدنيين في سوريا. ومع ذلك، لايمكن أن ننسى العواقب الإنسانية للعمليات العسكرية لتنظيم “داعش” وتهجير أو نزوح عدد كبير من المواطنين . وحتى لو هُزِم هذا التنظيم في الشهر القادم – على سبيل الفرض – فإن النزوح الذي تسبب به سيكون له عواقب وخيمة في السنوات القادمة.

وتشير الكاتبة إلى تقارير مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين (UNHCR) التي أكدت بأن السنة الأخيرة شهدت نزوح أكثر من مليوني عراقي داخل البلاد، ومايقارب من نصف هذا العدد سعى باتجاه إقليم كردستان للبحث عن الأمان، ومعظم هؤلاء النازحين العراقيين فرّوا من هجمات تنظيم “الدولة الإسلامية” في محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل. ومن الصعب فصل الهجمات العدوانية العنيفة لتنظيم “الدولة الاسلامية” عن حالة تهجير السوريين؛ نظرا لوجود أطراف مسلحة عدة خصوصا قوات النظام السوري، والإجراءات الأخرى التي تجبر الناس على النزوح والهجرة وترك منازلهم. إن هجوم تنظيم “الدولة الإسلامية” في الخريف الماضي على مدينة كوباني كان استثناءً، إذ كان القتال عنيفا ونتج عنه تهجير 200000 مواطن في أربعة أيام فقط ، و130000 منهم دخلوا تركيا.

وفي الوقت الذي فرّ فيه كثير من الناس بعد تقدم قوات تنظيم “الدولة الإسلامية” بأعداد كبيرة، فإنهم أيضا نزحوا بسبب الحملات العسكرية التي قامت بها الحكومات وجماعات عسكرية أخرى للقضاء على التنظيم. في العراق على سبيل المثال، الحركات الشيعية استجابت بالتصدي لظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” وقاتلت التنظيم، وقد قادت هذه الافعال جميعها إلى نزوح الملايين، تاركين منازلهم ومدنهم. وتشير التقارير بقرب تنفيذ هجوم على الموصل ومدن أخرى، وهذا يدفع الكثير إلى النزوح وترك مدنهم.

وفيما يخص الأقليات، تؤكد الكاتبة أن عددا كبيرا من النازحين في العراق هم من الأقليات الدينية. وبينما تعرضت الأقليات الدينية في العراق إلى المضايقة والتمييز سابقا، فإن تنظيم “داعش” في هذه المرحلة اعتمد منهجية معينة في قتل وتشريد وتهديد الأقليات الدينية، مثل المسيح الكلدو آشوريين، والأيزيدية، والشيعة الشبك، والتركمان. كما أن الانتشار الواسع لتنظيم “داعش” قاد إلى نزوح في العراق بدأ في حزيران 2014 عندما سيطر التنظيم بعدوانية مرعبة على الموصل، وهددت قوات “داعش” الأقلية المسيحية في واحدة من أكبر المحافظات في العراق إمّا بدفع الفدية أو التهجير أو القتل. وعمليات الاضطهاد الديني التي تقوم بها “داعش” تضمنت الخطف وقطع الرؤوس وعمليات الاغتصاب الجماعي والهجوم على الأضرحة والمساجد.

ماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل العراق؟

1-   تُشير الكاتبة إلى أن النازحين داخل العراق لا يحبذ العديد منهم العودة إلى مناطقهم ومجتمعاتهم بسبب المخاوف من استمرار الاضطهاد والأعمال الإرهابية لتنظيم “داعش”. وحيث أن أعداد الأقليات في تناقص مستمر – بسبب الهجرة إلى الخارج – فإن الوضع بالنسبة للمتبقين منهم سيصبح سيئا.

2-   النتيجة الأخرى للتهجير الواسع الذي يقوم به تنظيم “الدولة الإسلامية” هو زيادة التوتر في البلدان المجاورة التي تأوي (3.8) مليون نازح سوري. كما أن عبور ما يقارب 130000 لاجئ سوري هربا من تنظيم “داعش” للحدود التركية قاد إلى خلق أعباء كبيرة على البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية في تركيا. القيادات التركية أكدت أنها ستنفق (5) مليار دولار على (1.5) مليون لاجئ سوري دخلوا تركيا منذ بدء الحرب في سوريا. وتركيا – مثل لبنان والأردن – وضعت أيضا المزيد من القيود على دخول السوريين الفارين من الصراع. ومع أن الكثير من الناس نزحوا بسبب أعمال تنظيم “داعش” والأعمال العسكرية للقضاء عليه، فإن الأعباء سوف تزداد على البلدان التي تأوي هؤلاء النازحين. ومع تصاعد التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإن الضغط سيزداد على الحكومات في المنطقة لتقييد – أو حتى منع – دخول الفارين بسب العنف.

3-   صدر مؤخرا تقرير يفيد بأن تنظيم “داعش” وضع علامات على المساعدات الغذائية لبرنامج الغذاء العالمي، وهذا يثير المزيد من الأسئلة حول كيفية إمكان الوكالات والمنظمات الدولية ضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المحتاجين وعدم استخدامها لدعم الجماعات المتطرفة.

وفي الوقت الذي بلغ عدد النازحين في العالم أعلى مستوى له منذ 50 عاما، وعند تزامن هذه الأزمات، فإنها فرضت أعباء كبيرة على النظام الدولي الإنساني. كما أن أنشطة تنظيم “داعش” تُزيد الحاجة إلى البرامج الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة. وفي التقرير ذاته يؤكد أنه ربما يُغلق برنامجان أو ثلاثة للمساعدات الإنسانية في العراق بسبب نقص التمويل، وهو مؤشر على الضغوط التي تواجه عمال الإغاثة العاملين في العراق حالياً.

وعليه، فإن آليات القضاء على تنظيم “داعش” والجماعات المتطرفة يجب أن لا تقتصر فقط على تطوير استراتيجيات عسكرية، ولكن أيضا يجب الاستعداد لمواجهة الضغوط التي تتعرض لها الحكومات ووكالات الإغاثة الإنسانية نتيجة زيادة التبعات والآثار السلبية للتهجير والنزوح سواء الداخلي أم الخارجي.

http://opencanada.org/features/on-humanitarian-efforts-defeating-isis-is-not-the-end/