الحركة الكردية في العراق: اخطاء تتكرر ومستقبل يقوده الشباب

      Comments Off on الحركة الكردية في العراق: اخطاء تتكرر ومستقبل يقوده الشباب

د.سعدي الابراهيم

باحث في قسم ادارة الازمات -مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء

تشرين الثاني-نوفمبر 2017

منذ عشرات السنين والحركة الكوردية في العراق ترتكب نفس الاخطاء وتحصد نفس النتائج …

———————————-

كان الكثير منا يعتقد بأن العرب وحدهم الذين لا يتعظون من تجارب التاريخ . فيقعون في نفس الخطأ مرات عديدة ، لكن خطوة الاستفتاء التي اقدم عليها رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني في ايلول الماضي، اثبتت للجميع بأن العقل الشرقي هو واحد سواء اكان عربيا ام كرديا. فالقوى السياسية العراقية الكردية قد ارتكبت الخطأ نفسه الذي كانت قد وقعت فيه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لما راح الملا مصطفى البرزاني يجري الاتصالات السرية مع اسرائيل . دون ان ينتبه الى خطورة مثل هذا الموضوع بحكم وجود الكورد العراقيين في بيئة عربية قومية تكره اسرائيل، الامر الذي دفع التيارات العروبية الى معاداة الحركة الكردية .

اليوم وقعت القوى السياسية الكردية في الخطأ نفسه، لما سمحت للأعلام الاسرائيلية بأن ترتفع في شمال العراق يوم الاستفتاء، وسمحت ايضا للبعض من المسؤولين بالتصريح عبر وسائل الاعلام بأن اسرائيل حليف استراتيجي للدولة الكردية المزمع اقامتها، وهنا قد وقعت الكارثة، فالبيئة المحيطة بالإقليم (ايران – تركيا – الدول العربية) هي بيئة اسلامية تعتبر اسرائيل عدوا لدودا لا يمكن قبوله او مهادنته . وشيء طبيعي انها تقف ضد الاقليم الذي اعلن نيته اقامة علاقات استراتيجية مع اسرائيل.

والخطأ الثاني، الذي يتكرر ايضا منذ عدة عقود، هو افتقار القوى السياسية الكردية للوحدة، فكثيرا ما كانت المعارك تنشب ما بين انصار الحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد الوطني الكردستانيان، فيسهل للأخرين الدخول بينهما . وفي خطوة الاستفتاء قد حدث الشيء نفسه، فما ان اشتد ضغط بغداد والدول المجاورة على الاقليم ، حتى ظهرت الخلافات من جديد، وتبين بأن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لم يكن راضيا عن توقيت الاستفتاء وكان مجبرا على خوضها خوفا من ان يخسر شعبيته في الاقليم . وهذا التراجع قد وجد فيه مسعود البرزاني فرصة لتبرير النتائج السلبية التي ترتبت على الاقليم جراء الاستفتاء، ومن اهمها خروج المناطق المتنازع عليها من تحت سيطرته، كما حدث في كركوك و ديالى و نينوى .

اما عن مستقبل الحركة الكردية ، فالمستقبل ليس بأفضل من الواقع الذي رست اليه الأمور اليوم، فموت جلال الطالباني بشكل طبيعي، قابله (موت سياسي) لمسعود البرزاني بسبب الهزة التي اصابت الكارزما التي كان يتحلى بها بين الاكراد. هذا الرحيل المتقابل لزعماء الحركة الكردية، جلال ومسعود، قد ادى الى صعود بديل عنهما من الشباب، وهما : قوباد الطالباني و نيجرفان البرزاني .

لكن بالرغم من تغير  الاشخاص الا  ان المعادلة القديمة لن تتغير، فسيبقى الاكراد تحت نفوذ عائلتين هما : الـــ برزاني والـــ طالباني. ومع ذلك قد يكون هناك تغيير بطيء محتمل يتمثل في ان زوال رموز الحركة الكردية قد يرجح كفة التنظيمات الاخرى في الاقليم، مثل (حركة التغيير) التي تستطيع ان تحشد الشارع الكردي حولها، على اعتبار انها لم تعطى فرصة حقيقية لقول كلمتها في طريقة حكم الاقليم وفي السبل التي من الممكن ان تقام عبرها الدولة الكردية المرتقبة .

  اذن، ان من اهم النتائج التي ترتبت على الاستفتاء، تتمثل بأن جيل جديد من الشباب الكوردي، سيتولى المسؤولية في الاقليم، فهل سيتعلم الشباب من اخطاء الاباء والاجداد، ام ان التاريخ سيعيد نفسه مرة اخرى في المستقبل ؟ السنين القادمة ستكون كفيلة بالإجابة عن مثل هذا السؤال .