تقييم السياسة العامة الاعلامية في العراق بعد عام 2014

      Comments Off on تقييم السياسة العامة الاعلامية في العراق بعد عام 2014

د. سعدي الابراهيم

باحث في قسم ادارة الازمات/ مركز الدراسات الاستراتيجية -جامعة كربلاء

كانون الأول-ديسمبر 2017

يصرون على ان يعرضوا الاذان للصلاة بطرق مختلفة، كي يتذكر الشعب معهم بأنه ينقسم الى سنة وشيعة !!

لا شك ان الاعلام يعد من اهم وسائل التأثير في الرأي العام وتوجهاته، لذلك تولي الدول اهتماما كبيرا بالسياسة العامة الاعلامية، كي تضمن وجود مجتمع متماسك وقادر على البناء والتنمية.

العراق بعد عام 2003، بات امام تحديات كبيرة، بسبب الانفتاح الاعلامي الذي طرأ عليه، اذ صار فضاءه متاحا امام وسائل الاتصال الاقليمية والدولية بفعل ارتباطه بالشبكة الدولية للأنترنيت، فضلا عن سرعة تطور وازدهار المد التلفزيوني الفضائي. هذا الانفتاح كان من المفترض ان يصاحبه وضع خطط وبرامج واهداف قادرة على حماية المواطن العراقي والمساعدة في تسهيل تحقيق اهداف الدولة العراقية الاخرى. لكن بفعل ظروف معينة داخلية وخارجية، لم تتمكن البلاد من ان تصمد امام المد الاعلامي الخارجي الذي كان الكثير منه غير ودي وغير صديق.

وفيما يخص السياسة العامة الاعلامية للحكومة العراقية الحالية بعد عام 2014، فأن هذه المرحلة كانت من اشد المراحل خطورة في تاريخ العراق بسبب تعرض مناطق كثيرة من البلاد لاحتلال عسكري قامت به جماعات متطرفة تستند الى اطر نظريات وفكرية، يتم بثها واحيائها عبر وسائل متعددة أبرزها وسائل الاعلام الحديثة، بالأخص القنوات الفضائية.

وإذا أردنا ان نقيم السياسة العامة الاعلامية في العراق خلال الاربعة اعوام الماضية، فمن الممكن ان نرصد الاتي:

الايجابيات:

1 – نجحت السياسة العامة الاعلامية في ان ترفد العمل العسكري المتمثل بالتحرير وطرد الارهاب، بالكثير من المواد التي اسهمت في تحقيق النصر.

2 – نجحت السياسة العامة الاعلامية في ان تستميل القطاع الاعلامي العراقي الخاص. وتجعله يدور في محور الاعلام الحكومي ويساعد في تحقيق اهداف الدولة.

3 – نجحت السياسة العامة الاعلامية في ان تخاطب شرائح متعددة من المجتمع، من خلال تنويع البرامج وتعددها بما ينسجم وتعدد امزجة واراء المجتمع.

4 – تميز العمل الاعلامي المتمثل بشبكة الاعلام العراقي ببعض الحيادية والتجرد الذي اعاد له شيء من المصداقية.

السلبيات:

1 – لازالت السياسة العامة العراقية عاجزة عن ان تنتج اعلام حر قادر على القفز فوق الهويات الفرعية. فمثلا الاذان للصلاة يتنوع حسب المذاهب الاسلامية. صحيح ان الاختلاف شيء مقبول لكن التذكير به والتركيز عليه قد يؤدي الى ضرب الهوية الوطنية.

2 – لا زالت المواد الاعلامية التي تعرض من خلال وسائل الاعلام العراقية الرسمية شحيحة وضعيفة ولا يمكن مقارنتها مع ما يقدمه الاعلام الاقليمي والدولي الذي يتمكن من لفت انظار الرأي العام العراقي أكثر من غيره.

3 – عدم الفصل ما بين مشاكل الحكومة العراقية وما بين وسائل الاعلام الرسمية. بالأخص المحاصصة التي تجد من الاعلام احيانا وسيلة للتعبير عنها.

4 – الصبغة الدينية – المحافظة، للقنوات العراقية الرسمية، قللت من مقدرتها على النهوض بالواقع الفني والثقافي العراقي، الامر الذي يهدد البلاد بفقدان الطبقة الفنية. فضلا عن جعل العراق سوق لاستهلاك المنتج الفني الاقليمي.

المقترحات:

الحكومة العراقية القادمة إذا ما ارادت ان تزيد من فعالية وسائل الاعلام العراقية، فيمكن ان تنتبه للنقاط الاتية:

1 – اعادة تشكيل وزارة الاعلام العراقية، والتي من خلالها تكون للعراق سياسة عامة اعلامية واضحة ذات برامج واهداف محددة.

2 – اعادة النظر في قناة العراقية الفضائية الرسمية، والعمل على تأسيس قناة أكثر فعالية تستطيع ان تتنافس مع القنوات المهمة في المنطقة، مثل قناة الجزيرة والعربية الحدث.

3 – ابعاد وسائل الاعلام العراقية عن ان تكون ناطقة للهويات الفرعية. وجعلها فوق الميول والاتجاهات. والتركيز الهوية الوطنية.

اذن، بالرغم من وجود بعض السلبيات التي يتميز بها الواقع الاعلامي في العراق، الا ان السياسة العامة الإعلامية خلال الفترة 2014 – 2018، كانت ناجحة بالأخص عندما تمكنت من ان تساند الجهد السياسي والعسكري المتمثل بتحرير الاراضي وافشال مشروع التقسيم.