تقييم اداء وزارة الداخلية العراقية للفترة 2014 -2018

      Comments Off on تقييم اداء وزارة الداخلية العراقية للفترة 2014 -2018

د. سعدي الابراهيم

باحث في قسم إدارة الأزمات

مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء

كانون الأول-ديسمبر 2017

الوزير اقترب في عمله من السياسة، والقادة الميدانيون اقتربوا في عملهم من الشعب.

مهمة وزارة الداخلية في كل دول العالم، فالواجبات التي تقوم بها كافية لأن تضفي الأمن والاستقرار في اي مجتمع.

وزارة الداخلية العراقية للفترة من عام 2014 وحتى عام 2018، انيطت أليها واجبات في غاية الصعوبة. لا، لأن المشهد الأمني الداخلي معقد كما هو الحال منذ عام 2003، بل لأن مهامها صارت ذات طبيعة عسكرية بحتة، فالخلل الذي اصاب المؤسسة العسكرية عام 2014 اضطر الحكومة أن تحمل وزارة الداخلية بكافة صنوفها، وبالأخص الشرطة الاتحادية مسئولية القيام بجهد قتالي في سبيل تحرير الأرض.

هذه المهمة الجديدة لوزارة الداخلية قد أضفت شيء من الهيبة والوقار للقادة الميدانيون الذين اقتربوا من المواطن أكثر فأكثر، حتى فاقت شعبية البعض منهم الخط الأول من القائمين على الوزارة. وهذا الشيء قد يكون طبيعيا بفعل مزاج الشعب العراقي الذي يحترم ويوقر الضباط.

أمام هذا الظهور والحضور الشعبي للقادة الميدانيين في ساحة المعارك، وجد الوزير نفسه مضطرا للبحث عن شعبية من نوع أخر، لعلها تنافس شعبية القادة في الميدان. لكن شعبيته قد اكتسبت طابع سياسي أكثر مما هو أمنى، وهي الأخرى كانت ناجحة أيضا، فلا أحد يستطيع ان ينكر ان وزير الداخلية السيد بهاء الاعرجي قد تمكن من حل الكثير من المشاكل التي وصلته بالمصادفة وبالطرق غير التقليدية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبالأخص الفيس بوك. مثلا هو يستجيب بسرعة لمطالبات الناس كتغيير الاسماء او الاشراف المباشر على التحقيق. هذه الشعبية ستكون لها مردودات سياسة قادمة له، على العكس من شعبية القادة الميدانيون الذين سيجنون احترم الموطن ومكافئة الدولة دون ان تمتد الامتيازات الى حد ان يأخذوا مكانة سياسية.

ان الشعبية التي نالها كل من وزير الداخلية والقادة في الميدان، لا تقلل من مكانة او جهد اي منهم. لكنها جاءت بفعل ظروف وحيثيات المرحلة. اما عن السلبيات والايجابيات التي رافقت عمل الوزارة، فمن الممكن ان نتناولها بالشكل الاتي:

الايجابيات:

1 – نجحت وزارة الداخلية في القيام بواجباتها الاستثنائية المتمثلة بمحاربة الارهاب.

2 – اقتربت وزارة الداخلية بشكل كبير جدا من المواطن سواء عبر القادة في الميدان ام عن طريق طريقة اداء الوزير الذي بدا وكأنه وزير الداخلية الاكثر شعبية في العراق بعد عام 2003.

3 – لم تسجل حالة تنافر او اختلاف اثناء واجبات محاربة الارهاب، وكان انسجام تشكيلات الوزارة مع بقة القوات الامنية المحررة كبيرا.

الاشياء التي لم تنجز:

1 – لازال ملف مكافحة الفساد يشكل مشكلة كبيرة للبلاد، تتحمل وزارة الداخلية جزءا منه كونها مطالبة بالكشف عن الفاسدين وتنفيذ الأوامر القضائية الكفيلة بألقاء القبض عليهم.

2 – هناك تعدد مبالغ فيه بالنسبة لتشكيلات وزارة الداخلية. الامر الذي ادى الى حدوث اختلاط في الواجبات وعدم وضوح حدود المسئولية التي ينتهي عندها كل تشكيل.

3 – يلاحظ ارتفاع في مستوى الجريمة المنظمة غير الارهابية، مثل السرقات وتجارة المخدرات، والانحراف السريع في قيم المجتمع، الذي تتحمل الوزارة جزء مهم من عملية معالجته.

المقترحات:

1 – بعد ان انتهت حرب التحرير، يفضل ان يتم الفصل ما بين مهام وزارة الدفاع ووزارة الداخلية. بحيث ترجع الاخيرة الى المهام التقليدية المتعلقة بالجرائم الاعتيادية.

2 – من الممكن ان تكلف وزارة الداخلية بمهمة متابعة ملف مكافحة الفساد. عبر توسع الصلاحيات ورسم الخطط والبرامج والأهداف التي من شأنها التقليل من الظاهرة.

3 – القادة الميدانيون الذين نجحوا في محاربة الإرهاب من الأفضل ان يتم الاعتماد عليهم لإنجاز واجبات أكثر أهمية. او على الأقل ان تصنع منهم حلقة استشارية حول وزير الداخلية.

أذن، لقد كان أداء وزارة الداخلية العراقية من حيث الخط العام جيدا، لكنه اختلط مع مهام وزارة الدفاع، الأمر الذي يتطلب توضيح حدود المسئولية وتكليف الوزارة بواجبات تتناسب مع المرحلة القادمة.