روسيا وأوكرانيا: هل أصبحت الحرب وشيكة ؟

      التعليقات على روسيا وأوكرانيا: هل أصبحت الحرب وشيكة ؟ مغلقة

الكاتب : Mathieu Boulègue

الناشر: chathamhouse.org

ترجمة: هبـــة عباس محمد علي

عرض وتحليل: م.د. حوراء رشيد الياسري

 

ما الذي تريده روسيا؟

تسعى روسيا إلى اخضاع أوكرانيا وتحويلها إلى جزء من منطقة عازلة ذات سيادة محدودة، بحسب قول بوتين، للحد من توسع حلف الناتو، وقضايا أخرى تتعلق بالنفوذ الدولي، وإنّ الهدف الاستراتيجي الأدنى الذي قد تتوصل إليه موسكو، هو التنفيذ الشامل لتفسير روسيا لاتفاقية مينسك2، من إنشاء قانون الوضع الخاص لدونباس إلى فدرلة البلاد، فضلاً عن ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

 

وعندما أخفى الكرملين هذه الأهداف بمهارة، بحجة السعي إلى إجراء مناقشات “الاستقرار الاستراتيجي” مع الولايات المتحدة، حول الأمن الأوربي الأوسع وتوسيع الناتو، تجبر روسيا الولايات المتحدة وحلف الناتو على تقديم تنازلات بشأن أوكرانيا. ويشير طلب ” الضمان الأمني المشترك ” مع الناتو، إلى أن الكرملين لا يحاول إذلال الغرب فحسب، بل إنه يسعى إلى الخداع والتشتيت. بدلاً من ذلك يؤكد الكاتب -عندما يحين الوقت- على استخدام روسيا موقعها كوسيلة لتعزيز المزيد من التنازلات الأمنية مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، مما يؤثر سلباً في الأمن في جميع أنحاء أوربا، وهناك العديد من العوامل، ولكن اهمها هو اعتقاد الناس أن الولايات المتحدة قد غادرت الساحة الأوربية، وانتقلت إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تاركة فجوة “الافتقار الحالي للقيادة الأوربية” . لقد فشلت روسيا سابقاً في تنفيذ اتفاق مينسك الذي يصب في مصلحة موسكو ويقيد أوكرانيا، وتأمل الآن في تحقيق ذلك والحصول على تأييد واشنطن، إذ يعتقد الكرملين ببساطة أنه بدون خضوع اوكرانيا لن يحقق الأمن على الحدود الأوربية، وهذه المطالب الروسية ليست بالجديدة، بل جزء من المظالم التي تغذي سياستها الخارجية، منذ نهاية الحرب الباردة مع أوكرانيا على وجه الخصوص.

ماذا يحدث إذا اتجهت روسيا إلى الخيار العسكري؟

أوكرانيا اليوم رهينة التهديد بتجدد الحرب على أراضيها، إذ غزت روسيا أوكرانيا عام ٢٠١٤، واستخدمت ذلك كوسيلة ضغط على الولايات المتحدة وحلف الناتو، من أجل تحقيق المطالب الروسية، ومن المرجح أن تتعرض لعمليات عسكرية روسية في الأسابيع او الأيام القادمة، لكن التساؤل هنا ما الذي سينتج عنها ؟

إنَّ لدى روسيا استعدادا لاستخدام القوة العسكرية، من اجل تحقيق أهداف استراتيجية سياسية، فضلاً عن الحروب غير التقليدية، والإعلام الزائف. ويخطط الكرملين للاستجابة لجميع حالات الطوارئ، كالحرب الشاملة، وحرب الإنترنت والمعلومات وغيرها من الأدوات غير المتماثلة.

وفيما يتعلق بالعمليات التكتيكية، يمكن أن يحدث هذا في “بداية الحرب” مع الاستخدام المكثف للذخائر الموجهة بدقة بعيدة المدى والمدفعية الأرضية في غضون بضعة أيام لضرب الأهداف العسكرية الرئيسة، وربما المدنية في أوكرانيا، بهدف تدمير البنية التحتية الأوكرانية، وإعاقة الاتصالات والحركة والقدرات القتالية، مع الانتشار الأخير للقوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، إذ يمكن لروسيا الآن التحرك بسهولة في ثلاثة اتجاهات كبيرة، وهي: المنطقة العسكرية الغربية ودونباس المحتلة وبيلاروسيا وشبه جزيرة القرم التي تم ضمها بشكل غير قانوني بدعم من العمليات البحرية في البحر الأسود وبحر آزوف، لكن يحتاج الكرملين أيضاً إلى توقيع الولايات المتحدة على الاتفاقية، وقد تكون هذه الطريقة الوحيدة التي يمكن عن طريقها تقليل المطالب الروسية غير القابلة للتنفيذ وتجنب توتر الوضع، ويجب أن يؤخذ بالحسبان عدم سحب روسيا لقواتها، حتى يتم تنفيذ اتفاقية مينسك بالكامل بما يرضيها، ولكن مايمكن ان يتبعه انشاء “دولة اتحادية” كجزء من روسيا الموسعة وأوكرانيا المتقلصة -ومن منظور أمني أوسع- قد تسعى روسيا إلى المزيد من التسوية، فيما يتعلق بالأمن الأوربي ودور الناتو .

ما المتوقع حدوثه على المدى القريب؟

هناك إشارات واضحة على قرب التحركات العسكرية الروسية، وفي الوقت نفسه هناك إشارات أو تلميحات رئيسة أخرى للحرب -لاسيما فيما يتعلق باللوجستيات العسكرية- لم يتم تفعيلها بالكامل، من أجل بدء عمليات عسكرية واسعة النطاق. وتشمل هذه التحركات الزيادة المحتملة في النقل بالسكك الحديدية، عبر نقاط المرور الرئيسة في روسيا وفي منطقة دونباس المحتلة، وتفعيل لوجستيات الدعم العسكري، مثل: المرافق الطبية والقواعد النموذجية ومواقع تخزين الذخيرة، أو وضع الحرس الوطني في حالة تأهب كاملة. وعليه فإنّ تنظيم التدريبات العسكرية في بيلاروسيا، والمناورات البحرية في البحر الأسود، جزء من إخفاء الوقت الفعلي للعمليات.

ومن المحتمل أن تؤجل الألعاب الأولمبية الشتوية، التي ستعقد في الصين في الفترة من (4-20 /شباط)، قرار الحرب، من أجل الحفاظ على العلاقات مع بكين، فتتجنب موسكو تكرار ماقامت به في آب/2008، عندما غزت روسيا جورجيا خلال حفل افتتاح أولمبياد بكين الصيفية. لذا من الممكن أن تتخذ روسيا قرار الحرب  في أواخر شباط، أو تنتظر ارتكاب أوكرانيا خطأ، أو تجد عذرا سياسيا، كالمناقشات الامريكية -الروسية المتوقفة، من اجل المضي بالخيار العسكري .

التحليل :-

    يرى الكاتب أنّ روسيا تسعى جاهدة إلى ضم أوكرانيا إليها، عن طريق اتباع أبسط الوسائل وأقواها، لاسيما بعد تضاؤل وضعف -إن صح تعبيرنا- دور الولايات المتحدة في المنطقة الأوربية، وتوجهها نحو المناطق الاكثر اهمية، ولاسيما الخليج العربي. إذ تجد لديها إمكانية الاستحواذ عليها هذه المرة، ونجاحها في تحقيق ذلك ممكن، بسبب ما تشهده أو تمر به دول المنطقة موضع النزاع، حتى أجازت روسيا لنفسها استخدام القوة العسكرية، لتحقيق طموحها في ضم الأخيرة إليها، وعدَّها دولة عازلة ذات سيادة محددة، وفقاً لما أكد عليه الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين).

 

رابط المقال باللغة الانكليزية:

https://www.chathamhouse.org/2022/01/russia-ukraine-war-imminent