م.م. علي مراد العبادي
باحث في قسم ادارة الازمات-مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء
كانون الثاني-يناير 2019
تُعد السودان من اغنى دول المنطقة من ناحية تعدد مواردها و خصوبة تربتها التي تُغطي معظم اراضيها الصالحة للزراعة ، ولذلك اُطلق عليها سلة العرب الغذائية لكون اراضيها لو استثمرت بطريقة مثلى لكان بإمكانها تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي لجميع الدول العربية ، اضافة الى حجم صادرتها النفطية بالرغم من انفصال الجنوب عنها في دولة مستقلة الا ان ذلك ابقاها ضمن الدول المصدرة للنفط عالمياً ، ايضاً وفرة معادنها لا سيما الذهب وتحتل مراكز متقدمة في ذلك , والسؤال هنا مع كل هذه الموارد الا ان السودان تُعاني من الفقر والاضطهاد وطالما تشهد احتجاجات فأين يكمن الخلل ؟
فالسودان يمتلك عددا هائلا من الايادي العاملة ذات الطاقات الشبابية في ظل تنامي حجم الموارد وزيادة نسبة العوائد الا ان معاناة السكان هي في تزايد مستمر كالبطالة وتراجع الخدمات وتهالك البنى التحتية وحجم التدخل الخارجي وسيطرة الحزب الحاكم على معظم المؤسسات وانتشار الفساد السياسي وتباين في حالات المعيشة والتفاوت الطبقي وغياب التداول السلمي للسلطة ، هذه المطالب متشابه في المظهر مختلفة في الجوهر تبدأ مسالمة وتنتهي بالقمع والتهم هي ذاتها ( مخربون مندسون يسعون لقلب نظام الحكم مرتبطون بأجندة خارجية ) ، وبدل استيعابهم و الوقوف على مشاكلهم والبحث عن ايجاد الحلول المناسبة ساهمت السلطة هناك بتصعيد الموقف مما ادى الى ازدياد السخط الشعبي وتصاعد حدة التظاهر مع توافر رغبة بتغيير نظام عمر البشير المتشبث بالسلطة الصادر بحقه مذكرة قبض دولية ، اما التوقيت فقد تزامن مع انتهاء زيارة للرئيس السوداني الى دمشق التي التقى خلالها بالرئيس السوري بشار الاسد في اول زيارة لرئيس عربي في اعقاب اندلاع الازمة هناك عام 2011 ، فهل هناك ترابط ما بين الزيارة واندلاع الاحتجاجات؟
أن اختلاف المصالح الدولية ساهم في تحريك الشارع بالضد من السلطة مع تفاقم المعاناة هناك في ظل تزايد الازمات وزيادة الضرائب وغلاء المعيشة ، ومع استمرار حالة الاحتجاج في الاقاليم وتوجهها صوب العاصمة وبالرغم من اعلان الطوارئ و حظر التجول الا ان الحال على ما هو عليه ومع دخول النقابات على خط الازمة وارتفاع اصوات بعض المعارضين للمطالبة بتغيير النظام فقد يجر ذلك السودان الى ربيع عربي طالما بقت بعيدة عن رياحه ولا سيما بعد تمكن حزب المؤتمر من الحفاظ على مكاسب السلطة في ظل تغيير اغلب الانظمة المحيطة لذا ربما اتى الدور على السوادان!!! .