م.م. علي مراد العبادي/باحث في قسم ادارة الازمات، مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء
31 كانون الثاني-يناير 2019
طالما عانى العراق من تبعات الازمة السورية منذ بدايتها في اواخر عام 2011، وفقاً لعوامل عدة يأتي في مقدمتها طول الشريط الحدودي ما بين الجانبين اضافة الى وجود جماعات مسلحة عراقية تقاتل الى جانب النظام هناك فضلاً عن ان دخول تنظيم داعش الارهابي لإراضيه كان عن طريق البوابة السورية من خلال سيطرته على مدينة الموصل ومدن اخرى، وبالرغم من وجود بعض الجماعات الشيعية التي تقاتل هناك الا انها دون موافقة الحكومة العراقية وهذا يعني لا تحظى باعتراف رسمي بتواجدها في المعترك السوري .
وفي ظل تطورات الازمة الاخيرة جراء اعلان واشنطن نيتها سحب قواتها من سوريا تعالت الاصوات حول الفراغ الذي سوف تتركه تلك القوات، لا سيما وان مناطق انتشارها هي ذاتها جبهات تمركز تنظيم داعش مما حدا بقوات سوريا الديمقراطية الانسحاب من الشريط الحدودي مع العراق لملئ الشواغر هناك مما جعل القوات العراقية ومن يساندها من قوات الحشد الشعبي في حالة تأهب قصوى ، وعلى اثر ذلك تعالت بعض الاصوات حول امكانية زج القوات العراقية في العمق السوري من منطلق ( خير وسيلة للدفاع هي الهجوم ) حتى تكن خط صد امامي نحو اية هجمات محتملة يباغت بها التنظيم ومن ثم تكرار سيناريو 2014 ، وبحسب بعض المصادر فأن السيد رئيس الوزراء قد الغى هذا القرار مؤخراً بعد ان اكتملت اغلب الخطط، وقرار الالغاء هذا يعود لجملة من العوامل وهي كما يأتي :
- لا تزال القوات العسكرية العراقية في طور اعادة الهيكلة بعد قرابة الثلاث سنوات من القتال الدامي مع تنظيم داعش.
- الجيش العراقي والجهات الساندة له لا زالت تعمل على اعادة كامل الانتشار لا سيما في المناطق النائية .
- وجود بعض الخلايا النائمة والتي تشكل تهديد حقيقي حال الاغفال عن متابعة تحركاتها لا سيما مناطق حوض حمرين وبساتين المخيسة في ديالى وبعض مناطق كركوك ومحيط الموصل .
- في حالة توجه تلك القوات للداخل السوري قد تترك فراغاً امنياً وبالتالي خشية الالتفاف من الجماعات الارهابية .
- ليس بوسع القوات العراقية ان تتحمل عبأ مالي كبير يستزف قدراتها في حرباً غير نظامية وان زج العراق في المستنقع السوري قد تترتب عليه تبعات ليس من مصلحة العراق لاسيما في حاله تعاونه مع جهة على حساب اخرى في ظل الصراع الدولي المتنامي هناك .
واخيراً من الافضل للعراق ان يحافظ على موقفه المحايد من الازمة السورية لتجنب العواقب في ظل تبادل الادوار وصراع القوى الكبرى، وان يلجأ لتحصين الجبهة الداخلية واحكام قبضته على الحدود السورية والشروع بجهد استخباري مكثف من اجل تفكيك الخلايا النائمة الى جانب مصالحة مجتمعية مع سكان المدن المحررة واشراكهم في الجهود الامنية والخدمية، بعيداً عن الدخول بحروب لا فائدة ترجى منها سوى مزيداً من الضحايا .