م.د سعدي الابراهيم
رئيس قسم الدراسات القانونية في مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء
اذار-مارس 2019
وحدها الشدائد تجمع العراقيين : فتبكي كربلاء على شهداء نينوى، وتشعل البصرة لهم الشموع ..
لم تعكر العبارة ، او العبارة الى الموت كما يسميها البعض، حياة الموصلين فحسب، بل اصبحت اشبه بالكارثة الوطنية كما سماها رئيس الجمهورية السيد (برهم صالح) ، او هي (يوم حزن عراقي) كما سماه السيد رئيس الوزراء (عادل عبد المهدي) ، وقد تكون فرصة جديدة لتجمع العراقيين حول نينوى ومد يد العون لها، كما قال السيد رئيس البرلمان العراقي (محمد الحلبوسي) .
واذا تركنا الموقف الحكومي الممتاز من حيث التفاعل مع الحدث الجلل، والذي تمثل بالحضور الفوري للرئاسات الثلاثة الى موقع الحادث، ومن ثم اصدار قرارا نستطيع ان نعتبره رادعا في اقالة محافظ نينوى ، واتجهنا الى حيثات الكارثة الحقيقية، وملابساتها ، فسنجد امامنا التحليلات الاتية :
اولا – اسباب غرق العبارة :
ذهب البعض في تفسيره لهذه الحادثة الى وجود تقصير حكومي، سواء من قبل الحكومة الاتحادية او الحكومة المحلية، على اعتبار ان هناك ضعف في مراقبة المرافئ السياحية وعدم الالتزام بإجراءات السلامة العامة . في حين ان الاخرين قالوا بأن العبارة كانت تعمل منذ فترة طويلة وكانت تدخل الفرح والسرور على ابناء المدينة، وان الذي حدث هو مجرد قضاء وقدر، حالها حال حوادث السيارات والطائرات ، واخرون القوا باللوم كله على الكادر الذي يعمل في المنطقة السياحية التي غرقت فيها العبارة ، وذلك لعدم التزامهم بالتحذيرات التي اطلقتها الموارد المائية . في حين المح البعض الى لوم الاهالي على اعتبار انهم لم يحذروا على انفسهم، خاصة وان النهر كان في حالة هيجان، وكانت ملامح العبارة لا تبعث على الاطمئنان .
ثانيا – انعكاسات غرق العبارة :
مرة اخرى عاد العراقيين ليجتمعوا ويلتفوا حول بعضهم البعض من جديدة، وكأن الشدائد هي السبب الاول للوحدة الوطنية، فمنظر شموع الحزن على ضحايا العبارة، الذي عم المدن العراقية، في الكاظمية وكربلاء والبصرة والسليمانية، اكد بأن هذه الشعب له وجدان واحد. حتى الرد الحكومي الرسمي كما اشرنا اعلاه، كان جيدا، وهناك شعور سياسي بالتقصير في التعامل مع المشاكل العامة في البلاد .
اخرون، وهم قلة حاولوا ان يستغلوا الوضع، ويجعلوا من الحادثة فرصة للتعبير عما يدور في دواخلهم منذ مدة، فنينوى مثل كل المدن العراقية الاخرى، تعاني من مشاكل البطالة والفساد المالي والاداري، وربما الصراع ما بين الثقافات : الريف والمدينة، وجاءت العبارة لترفع الستار عن الغاضبين على الوضع العام، فخرجوا في مظاهرات تطالب بمحاربة الفساد والاهتمام بالمدينة بشكل اكبر .
ثالثا – ماذا ينبغي ان نفعل :
مهما كانت الاسباب التي تقف خلف الحادثة، فالدولة يجب ان تقوم بواجبها، من خلال الاتي:
1 – التحقيق السريع بالحادث، وجعله بمثابة انذار، لكل المدن العراقية، مخافة ان تتكرر الكارثة في مدينة اخرى .
2 – الالتفات الى محافظة نينوى والاسراع بحل مشاكلها العالقة: (مثل اعادة الاعمار وانهاء ملف مخيمات النازحين، وغيرها)ى . على اعتبار انها لم تتعافى بعد من الاحتلال الارهابي لها.
3 – تركيز الاضواء على المواقف الايجابية لبقية ابناء الشعب العراقي في المحافظات الاخرى، وتوظيفه لدعم الوحدة الوطنية ..
4 – محاربة كل جهة تحاول ان تستثير مشاعر الناس ، وتحاول تحريضهم على الدولة ومؤسساتها .