م.م. علي مراد العبادي
باحث في قسم ادارة الازمات- مركز الدراسات الاستراتيجية- جامعة كربلاء
مايو-ايار 2019
تقع فنزولا في قارة امريكا الجنوبية وتبلغ مساحة اراضيها 916,445كم²، وعاصمتها مدينة كراكاس، وتقسم إداريّاً إلى عاصمة وثلاث وعشرين ولاية، ونظام الحكم فيها جمهوريّ رئاسيّ، وشعارها الوطنيّ (الله والوحدة)، كما تنتمي إلى كلّ من الأمم المتحدة، ومؤسسة التمويل الدوليّة، ووكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، ومنظمة التجارة العالميّة، واتحاد دول أمريكا الجنوبيّة، والبنك الدوليّ للإنشاء والتعمير ، ويعتمد اقتصادها على عدة قطاعات مثل: قطاع الزراعة الذي من أهم مزروعاته الأرز، والفاكهة الاستوائيّة، والبن، والكاكاو، والذرة وفي قطاع الصناعة كصناعة الإلكترونيات، والمشروبات، والإسمنت، والسيارات، والصلب وفي قطاع استخراج وإنتاج الثروات المعدنيّة كالنفط، والألمنيوم، والذهب، والغاز الطبيعي اضافة الى قطاع إنتاج لحم البقر والخنزير و صيد الأسماك.
طبيعة الازمة
في اعقاب فوز الرئيس الفنزولي نيكولاس مادورو في انتخابات رئاسية شهدت مقاطعة من قبل المعارضة لتعلو بعدها الاصوات الرافضة لتلك النتائج من قبل الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي اضافة الى اكثر من 50 دولة اخرى لما يعتقدوه من حصول حالات تزوير تخللت العملية الانتخابية ، لكن الضربة الكبرى تمثلت في طعن البرلمان الذي تسيطر المعارضة على 109 مقعدًا من أصل 167 منذ عام 2015 في شرعية الرئيس، لكن مادورو أسس بعدها في عام 2017 الجمعية الوطنية للدستور ومنحها صلاحيات واسعة لتقويض البرلمان الذي مثّل الفراغ الوحيد في سُلطته ، لتلجأ قوى المعارضة بحشد انصارها وزجهم في الشوارع للاحتجاج على تولي الرئيس مادورو لا سيما في العاصمة كراكاس وفي خضم الاستعراض العسكري في الذكرى السنوية لتأسيس الجيش تعرض الرئيس لمحاولة اغتيال نفذته طائرة بدون طيار ، وبعد سلسلة احتجاجات اعلن زعيم المعارضة ورئيس البرلمان غوايدو نفسه كرئيس للسلطة التنفيذية جاء ذلك امام حشداً كبيراً من انصاره وردد قسم الرئاسة ليأتي الرد مسرعا عندما اعترفت به الولايات المتحدة الامريكية كرئيس شرعي لفنزويلا مما صعد من حدة الازمة .
الموقف الدولي
في غضون انقسام الشارع الفنزولي ما بين مؤيد ومعارض أي ما بين اليسار الحاكم واليمن المعارض وتبعاً لذلك فقد توالت ردود الفعل الدولية متباينة حول اخر معسكرات اليسار في قارة امريكا الجنوبية ، فأن اعتراف الولايات المتحدة برئيس البرلمان واعتباره الرئيس الشرعي ليعقبها في ذلك اعتراف الاتحاد الاوربي به كرئيس لفنزولا فيما رفض الانقلاب كلاً من المكسيك وبوليفيا فيما اعلنت روسيا عن دعمها للرئيس مادورو ورفض الانقلاب وهو ما سارت عليه ايران وتركيا وفي مقابل ذلك فأن كفة مادورو لا زالت هي الراجحة لاسيما بعد تأييد اغلب قوى الجيش الفنزولي له .
اسباب الازمة وسبل الخروج منها
كانت فنزويلا في ثمانينيات القرن الماضي إحدى أكثر الدول استقرارًا في أمريكا اللاتينية، مُحاطة بديمقراطية من نوع خاص إلى جانب ثروتها النفطية التي مكّنتها لتكون أعلى الدول في معدلات النمو الاقتصادي والناتج المحلي، وفي وقتٍ كان سعر برميل النفط يكسر حاجز 100 دولار للبرميل، فإن اقتصادها الذي يعتمد على 90% من العائدات النفطية شهد قفزات رابحة، لكن هذا الوضع الاقتصاديّ تغيّر بصورة جذريّة في عهد الرئيس مادورو، إذ شهد الاقتصاد الفنزويلي أعلى معدّلات تضخم وارتفاع أسعار في التاريخ ، وبعد ازمة انخفاض اسعار النفط عام 2014 فاقمت الاوضاع هناك لكون الاقتصاد الفنزولي قد خسر ما يعادل 35 % من ناتجه المحلي طيلة الخمسة اعوام الماضية ، اضافة الى ذلك فأن قرابة ثلاثة مليون فنزولي قد هاجروا هرباً من الفقر وتفاقم المعاناة وهو ما انعكس بالسلب على الدول المجاورة لفنزولا لاسيما كولومبيا ، وبالرغم من بعض الاصلاحات كحذف الاصفار من العملة وزيادة سقف المرتبات واستحداث عملة جديدة الا ان كل ذلك لم يحقق شيئاً على ارض الواقع ، كما وان العداء مع امريكا له جذور تاريخية فضلاً عن الخط اليساري الاشتراكي وتحالف فنزولا مع روسيا والصين وايران اضافة الى التفافها على العقوبات الامريكية .
ومع تفاقم الازمة الاقتصادية وتنامي القوى المعارضة واعتراف الولايات المتحدة بها وفرض مزيداً من العقوبات على فنزولا قد تؤول الامور اما لتدخل عسكري مباشر وهو ما تروج له اوساط امريكية عدة او قد تلجأ الولايات المتحدة لتزويد المعارضة بالسلاح والعمل على استدراج الجيش للتخلي عن مادورو او القيام بعملية اغتيال مدبرة ومحكمة وبالتالي اضفاء الشرعية والاعتراف بغوايدو كرئيس لفنزولا.