الكاتب: بهروز نامداری
نقلا عن، مركز الابحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية في الشرق الاوسط/ طهران
ترجمة: م. خالد حفظي التميمي
تحليل: م. مؤيد جبار حسن
مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء
حزيران-يونيو 2019
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية رسميًا، انها لن تمدد إعفاءات صادرات النفط الإيراني والتي مُنحت لثماني دول قبل ستة أشهر لتفادي الاضطرابات في سوق النفط. وبعد هذا القرار سيتم فرض عقوبات على أي دولة أو شركة أو مؤسسة تستورد النفط من إيران. والسؤال الآن هو هل سوف يصل تصدير النفط الإيراني الى الصفر بهذا القرار؟ وكيف سيؤثر الإجراء الأمريكي الجديد على الاقتصاد الإيراني؟
للإجابة على هذه الأسئلة، علينا أولاً النظر في المؤشرات الفعالة للعرض والطلب على النفط، وكذلك العوامل السياسية والنفسية التي تؤثر على تجار سوق الطاقة. فيما يتعلق بقطاع الطلب، سينخفض الاستهلاك اليومي في العالم من 99.6 مليون برميل في الربع الأخير من عام 2018 إلى 99.02 و 99.18 مليون برميل في الربعين الأول والثاني من عام 2019. في هذه الحالة فان المعروض اليومي العالمي انخفض من 101,1 مليون برميل في الربع الأخير من عام 2018 إلى 99.46 مليون برميل في الربع الأول من عام 2019. بمعنى آخر، فأن سوق النفط العالمي، وفقًا لتقديرات أوبك، لديه إمكانات إنتاجية محتملة تبلغ حوالي مليون برميل.
من ناحية أخرى، ومن المنظور السياسي، يمكن للتوترات المحلية في ليبيا وفنزويلا أن تكون بمثابة سيف ذو حدين للإمداد العالمي. وبالتالي، فأن الإطاحة بحكومة مادورو الحاكمة في فنزويلا يمكن أن يزيد من تعطيل إمدادات النفط الدولية من قبل أكبر مورد للنفط في العالم. ونتيجة لذلك، فان العقوبات على النفط الإيراني ستضيف تكلفة على الاقتصاد العالمي. كما ان توسع الحرب الأهلية في ليبيا يؤدي أيضًا الى هذه النتيجة في الأسعار العالمية. في المقابل، فأن انهيار حكومة مادورو وانتصار حلفاء الولايات المتحدة في كاراكاس والحد من التوترات في ليبيا يمكن ان يرفع من ضخ النفط لهذه البلدان في الاسواق العالمية وان واشنطن بهذا سوف تسعى بكل ما تملك من اجل تشديد العقوبات على ايران.
وفقًا لوكالة رويترز، فان الولايات المتحدة ومع الأخذ بنظر الاهتمام هذه الافتراضات وفائض الطاقة الإنتاجية للنفط في السوق وكذلك حجم صادرات النفط الإيراني، والتي وصلت، وفقًا لآخر الأخبار ، قبل الإعلان عن عدم تمديد الاعفاءات من العقوبات ، إلى حوالي مليون برميل يوميًا، أعلنت قرارا بمقاطعة النفط الإيراني بالكامل. وفي هذا الصدد، تحدثت الولايات المتحدة أولاً عن عدم تجديد الاعفاءات بصدد العقوبات على النفط الايراني في الأوساط الإعلامية قبل شهر من انتهاء المهلة، وذلك من اجل تقليل مستوى الصدمة في السوق، اذ اعلن رسميا عن عدم التمديد قبل 10 أيام من انتهاء مهلة الاعفاءات.
ان المرحلة المقبلة، والتي من المحتمل أن تستمر لفترة ليست طويلة، فان واشنطن لن تعيق تصدير النفط الإيراني بنفس السعة البالغة مليون برميل اعتبارًا من 12 ايار حتى لا يتعرض السوق لأي خلل في المعروض. هذه السياسة سوف تدفع الأسعار إلى الانخفاض بعد تعرضها للصدمة الأولى وتميل قليلا الى الاستقرار. هذا الانخفاض، سوف يدفع المنافسين الإقليميين لإيران مثل المملكة العربية السعودية والعراق الى زياده إنتاجهم خارج اتفاق أوبك، مما سيؤدي الى انخفاض اكثر ومن المحتمل أن ينخفض إلى ما دون 70 دولارًا ، وربما يستمر اكثر في ذلك.
وفقًا لما يتوقعه الأمريكيون، خلال هذه الفترة، ستحاول إيران تسويق النفط عبر قنوات غير رسمية، وستغض امريكا النظر عن افعال ايران في الايام والاسابيع الاولى لكبح صدمات السوق وكذلك لتحديد وتشخيص طرق التحايل على العقوبات. وبهذا سيساعد النفط الذي تزوده إيران الأسواق العالمية في زيادة فائض السوق والسيطرة على زيادة الأسعار.
في هذه الحالة، من المحتمل أن تبدأ إيران في تقديم المزيد من الخصومات لتتمكن من بيع المزيد من النفط. اضافة إلى ذلك، فأن تكاليف التأمين والشحن، وايضا التحويلات المالية إلى داخل البلد، ستضيف اكثر إلى ميزانيتها بمرور الوقت وتراجع حساسيات سوق مبيعات النفط الإيراني.
ان هذا الحل، من ناحية، سيزيد من عامل الخطر المتمثل في شراء النفط الإيراني، وتكاليف النقل مثل السفن والتأمين، ومن ناحية أخرى، يدفع المشترين إلى طلب مزيد من الخصومات من شركة النفط الوطنية الإيرانية. كما ستؤدي هذه الشروط إلى زيادة تكلفة النفقات النفطية الإيرانية بشكل كبير. وفي هذا السياق، تتوقع الولايات المتحدة أن تتراوح صادرات إيران الفعلية من النفط في الشهر القادم ما بين 750 إلى 500,000 برميل يوميًا ، وهو في الواقع ربما سيكون أقل من هذا بكثير.
لذلك وفقا للظروف المحتملة المتضمنة محاولة إيران الحفاظ على صادراتها الفعلية البالغة حوالي 500,000 برميل، فإن الأميركيين لن يظهروا جدية كبيرة في تصفيرها. لأنه من المحتمل أن يكون إجمالي إيرادات المبيعات تكون أقل بكثير من 000،500 برميل، في حين السوق سيشعر بوجود حوالي000, 500 برميل.
التحليل: ان العقوبات الاقتصادية، سلاح فعال استخدمته الولايات المتحدة ضد الدول(المارقة كما تصفها) المنتجة للنفط، لكنه كان ذا حدين، ابرز ضحاياه كان العراق في تسعينيات القرن الماضي، مما تسبب في كبح جماح النظام العراقي السابق وتثبيط رغباته العدوانية. وفي ذات الوقت ادى الى وضع اقتصادي سيء اقترب من المجاعة الشاملة، مما دفع الامم المتحدة الى اصدار قرار النفط مقابل الغذاء، لإنقاذ الشعب من الموت بسبب نقص الغذاء والدواء.
ذات الالية تحاول الادارة الامريكية تطبيقها على النظام الايراني لغرض الحد من نشاطه الاقليمي وتقليل نفوذه، لكن بأسلوب متسلسل بحيث لا يسبب ازمة داخل سوق النفط العالمي ولا يؤدي الى ردة فعل عنيفة من الطرف المستهدف (الضحية).
لكن التساؤل الاكثر الحاحا هل واشنطن فعلا جادة في استهداف وتحجيم طهران، رغم ما تلعبه الاخيرة من دور عبر قوتها الناعمة والخشنة في المنطقة؟. إذ ان ما تثيره من رعب في دول الخليج الغنية يدفع تلك الممالك الى المزيد من الاعتماد على القوة الامريكية وعقد المزيد من الاتفاقيات والشراكات وتكديس المزيد من السلاح عبر صفقات تسليح الكبيرة والمستمرة.
وهل علاقة المنفعة المتبادلة الخفية بين القوتين الابرز في المنطقة، عدا قوة اسرائيل، سيودي بها اندفاع القادة من كلا الطرفين في بيئة اقليمية تعتاش على حالة التوتر والعداء والانتصار على الاخر؟
رابط المقال الاصلي: www.cmess.ir/Page/View/2019-05-13/3498