لم يكن الكسندر هاملتون بعيدًا عن الصواب عندما قال: (( إن الروح المتمسكة بالحرية، تتشكل بين صفوف الشعب)) ، تلك الروح التي عادت إلى شعبنا العراقي مع اطلالة شهر تشرين من العام الحالي لتروي قصة غضبه العارم من سنوات عجاف عاشها في كنف الاهمال والتجاهل لتطلعاته في حياة كريمة ، والتجاوز السافر على حقوقه الاساسية نتيجة لتفشي الفساد وسوء الادارة التي كرستها المحاصصة، والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة والعقلية الانتهازية في كل مؤسسات الدولة وسلطاتها. فكان الحصاد حراكًا جماهيريًا عارمًا لما امتدت شرارته من بغداد إلى أغلب المحافظات الجنوبية ، ومختلفا عن كل حراك سبقه منذ عام 2003 بفعل تراكم النقمة الشعبية، وتلاشي عنصر الثقة بالتدابير الحكومية التي جرى الالتفاف عليها في المرات السابقة وامتزجت بلون الدم ورائحة البارود هذه المرة ولاسيما عندما حاولت الأجهزة الأمنية تفريق التظاهرات باستعمال القوة المفرطة . وهكذا عاش العراق دوامة من الاضطرابات والاضرابات الشعبية طوال هذه المدة تخللتها محاولات حكومية ومبادرات حزبية وشعبية لاحتواء الأزمة لم تثمر عن حل غير استقالة الحكومة على خلفية مجزرة الجسور في ذي قار .
ما تقدم يقدح في الذهن عددًا من التساؤلات حول الأسباب المباشرة وغير المباشرة لقيام هذه التظاهرات ، وما رافقها من أحداث، وما يمكن ان تسفر عنه من نتائج وتداعيات مستقبلية ، هذا إلى جانب التساؤل عن حدود الحماية القانونية التي توفرها منظومة القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية لمثل هذا الحراك وما يمكن أن ترتبه من مسؤولية على انتهاك حق التظاهر . وهذا ما سيتم الاجابة عنه في المحاور التي تناقشها هذه النشرة … والله ولي التوفيق .
رئيس التحرير
لتحميل العدد كاملا اضغط هنا
العدد 8 الراصد القانوني /الافتتاحية
التعليقات على العدد 8 الراصد القانوني /الافتتاحية مغلقة