أ.م.د. حمد جاسم محمد
قسم إدارة الأزمات
مركز الدراسات الاستراتيجية –جامعة كربلاء
6 آذار 2022
بعد تحشيد للقوات الروسية والتي تجاوز عددها أكثر من (150) ألف مقاتل بكامل عدَّتهم، والتهديد بإعلان الحرب على أوكرانيا، إذ بدأت الخطوة الأولى باعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي: دونيتسك ولوغانسك في إقليم دونباس في 21 شباط 2022، بعدها في 24 شباط 2022 اجتاحت القوات الروسية الأراضي الأوكرانية برًا وبحرًا وجوًا، وضربات صاروخية أدت إلى تدمير شبه تام للقواعد العسكرية والمطارات ومقار القيادة، والوصول إلى العاصمة كييف ومحاصرتها، بعد أن تمكنت القوات الروسية من السيطرة على عدد من المدن، مثل: خيرسون، ومحاصرة أخرى، مثل: خاركيف، وقد أعلن الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) عن أسباب الغزو التي تلخصت بإزالة الخطر عن روسيا، ومنع انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، ونزع سلاحها والقضاء على ما يسميهم (القوميون الجدد)، وهي نفسها أصبحت شروط روسيا لوقف إطلاق النار، إلّا أنّنا، من سير الأحداث، نرى أنّ الأهداف الروسية في أوكرانيا، هي أبعد وأشمل من ذلك.
ما يهمنا هو مشاركة قوات عسكرية تقدر بـ(10000) ألف مقاتل من جمهورية الشيشان الروسية، وهي جمهورية ضمن الاتحاد الروسي، تقع جنوب روسيا، والتي تتمتع بنوع من الحكم الذاتي. إذ أعلن رئيس الشيشان (رمضان احمد قاديروف) عن دعمه وتأييده لحملة الرئيس الروسي على أوكرانيا، وقد بدأ بقيادة قواته والمشاركة في الحرب على جبهات، وأهمها جبهة العاصمة كييف.
وعلى الرغم من أنَّ جمهورية الشيشان هي جزء من الاتحاد الروسي، وأنَّ قواتها هي قوات رسمية تتبع القيادة الروسية، إلا أنَّ مشاركتها بصفة وهيئة شيشانية لها مغزى وأهداف عدة، فجمهورية الشيشان من الأقاليم التي تمردت على السلطة الأحادية، وخاضت عدة حروب معها، بدءا من عام 1994 حتى عام 2009، وقد خسرت روسيا عددًا كبيرًا من الجنود في هذه الحرب، وكادت أن تشعل منطقة القوقاز كلها، وبالرغم من تمكن موسكو من بسط السيطرة عليها، وتعيين رئيس موالٍ لها في غروزني، وهو (رمضان قديروف)، إلا أنّها تخشى من استغلال المتشددين الشيشان للحرب على أوكرانيا، وانشغال الحكومة في التعبئة على الجبهة الغربية، واستقدام القوات العسكرية من الأقاليم الروسية لإدامة زخم المعركة، أن يحصل تمرد داخلي في القوات الشيشانية، لاسيما أنَّ الشيشان تمتلك قوات عسكرية مدربة ومجهزة جيدا، أو حصول دعم خارجي لها والاعتراف بها، وهو ما يؤثر في الحرب في أوكرانيا، لهذا كان على الحكومة الروسية أن تؤمّن الجبهة الداخلية، وتمنع أي تمرد عسكري ضدّها، بدفع المقاتلين الشيشان للمشاركة معها في هذه الحرب، ودفع عشرات الآلاف منهم، والذين يتميزون بالقوة والشجاعة والتدريب العالي، ولاسيما القوات الخاصة منها، فهي لها خبرة كبيرة في حرب الشوارع والمواجهات في المدن. إذ إنَّ اشراك هذه القوات، هي عملية لإضعاف معنويات الجيش الأوكراني، وبث الرعب فيهم، كذلك إعلاميا عن طريق وجود مناصرة داخلية للرئيس (بوتين) داخل روسيا، وإنَّ لديه قوات عسكرية أخرى يمكن استثمارها في هذه الحرب، لاسيما من جانب الجمهوريات والأقاليم الاتحادية الأخرى، إذ تعد هذه القوات رافدًا مهمًا لتعزيز عدد الجيش الروسي الاتحادي وقوته.