م. سعد محمد حسن
مركز الدراسات الاستراتيجية/ قسم إدارة الازمات
نيسان/ 2022
يرى المتتبع للمشهد السياسي العراقي أنَّ عملية تشكيل الحكومة، غالبا ما تشهد أزمة بين الفرقاء السياسيين، فمنذ عام 2006 وإلى يومنا هذا, سواء كانت على مستوى اختيار رئيس الحكومة أو أعضائها. وبعد اندلاع احتجاجات تشرين 2019 ومطالبتها بإجراء انتخابات مبكرة, جرت الانتخابات في 10 تشرين 2021, وتم إعلان النتائج النهائية،ومصادقة المحكمة الاتحادية عليها. وبالرغم من ذلك كله لم تنجح القوى السياسية إلى هذه اللحظة في تشكيل الحكومة، وذلك يعود إلى أسباب عدة، أهمها ما يأتي:
❖ تأخر إعلان النتائج النهائية والمصادقة عليها, بسبب ما رافقته العملية الانتخابية من مشكلاتعدة, فمعظم القوى السياسية التي اخفقت في تحقيق النتائج التي كانت تتطلع إليها, شككت بنزاهة الانتخابات واتهمت القوى الأخرى التي حققت نتائج متقدمة بالتزوير، وقدمت طعونها إلى المحكمة الاتحادية, والأخيرة ردت هذه الطعون وصادقت في النهاية على النتائج.
❖ تراجع العامل الخارجي في التأثير بالقوى السياسية العراقية, بسبب انشغالهم بملفات أكثر أهمية, مما أدى إلى تحرر القوى السياسية العراقية من الضغوط الخارجية.
❖ تفكك التحالفات التقليدية بين القوى السياسية العراقية. إنَّ سبب فشل التجارب السابقة في تشكيل الحكومات، دفع القوى الفائزة إلىتشكيل تحالف إنقاذ وطن، والذي يتبنى مشروع الأغلبية الوطنية بدلا عن التوافقية، يقابله تحالف يضم قوى الإطار التنسيقي الذي يتبنى مشروع التوافقية. وبسبب طبيعة نتائج الانتخابات يواجه كلا التحالفين إشكالية تحقيق أغلبية الثلثين داخل مجلس النواب.
❖ انقسام وعدم وضوح الرؤية لدى النواب المستقلين والقوى السياسية الناشئة. إنَّ ضعف التنسيق وعدم الخبرة في التعامل مع المشهد السياسي, جعلهم متشتتين ما بين مؤيد ومعارض للدخول ما بين القوى السياسية أو التفاهم معهم.
❖ إشكاليات دستورية في تفسير بعض المواد. إنَّمعضلة الكتلة لا تزال قائمة منذ عام 2010, وإلى يومنا هذا، فالكتلة الصدرية الفائزة في الانتخابات الأخيرة ترى نفسها هي الكتلة الأكبر، والبالغ عددها (74) نائبًا, في حينيقدم الإطار التنسيقي نفسه الكتلة الأكبر بـ(82) نائبًا. وعلى الرغم من نجاح الكتلة الصدرية مع حلفائها في انتخاب رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي, إلا أنَّها لم تنجح في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية, وذلك بسبب اشتراط الدستور العراقي ضرورة حضور أغلبية الثلثين لانتخابه.
❖ الانقسام أو الخلاف بين القوى السياسية الكردية، وعدم اتفاقها على مرشح لمنصب رئيس الجمهورية.
❖ الإشكالية ليست في اختيار رئيسي الجمهورية والحكومة, بل في إدارة الدولة والملفات العالقة.
ومما تقدم يمكن القول بأنَّ أزمة تشكيل الحكومة،قد تستغرق مدة طويلة، بسبب تزمت كل طرف برؤيته. فالكتلة الصدرية ترفض رفضًا قاطعًا العودة إلى التوافقية، بالرغم من تلميح بعض قوى الإطار إلى الدخول معهم، شرط رفض ائتلاف دولة القانون،الذي يتزعمه السيد نوري المالكي, وهذا الطرح قابله الإطار بالرفض. فالإطار يشترط المشاركة لجميع أطرافه. وربما ندخل مرحلة الفوضى إذا تأخرت عملية تشكيل الحكومة، وهذا ما ترغب فيه بعض القوى السياسية الخاسرة في الانتخابات. وإنَّاستمرار الأزمة سيكون لها تبعات سلبية وعلى مختلف الأصعدة.