م. علي مراد النصراوي / قسم إدارة الأزمات
أيار/ 2022
تتكون السلطة التشريعية في لبنان من مجلس النواب (البرلمان)، الذي يتألف من (128) نائباً يجري انتخابهم بطريقة مباشرة عبر الاقتراع السري العام، وتستمر الدورة الانتخابية لمدة أربعة أعوام، وتوزع تلك المقاعد النيابية ما بين المسيحيين والمسلمين توزيعًا متساويًا، بما يتناسب مع مختلف الطوائف، فضلا عن توزيعها مع مختلف الاقاليم. ويقوم البرلمان بانتخاب أحد الأعضاء في الدورة الجديدة، على أن يكون من الطائفة الشيعية، كما ينص الدستور على ذلك. وقد جاء في ميثاق الوفاق الوطني المصادق عليه من مجلس النواب اللبناني في 1989، بأن يجري انتخاب رئيس المجلس ونائبه لمدة ولاية المجلس، كذلك من حق المجلس أن يسحب الثقة من رئيسه، لكن بشرط أن يكون لمرة واحدة، وأن تمضي مدة عامين من انتخابه، وبأكثرية الثلثين من مجموع اعضائه، بعد طلب مقدم من قبل عشرة نواب كحد ادنى. وإذا ما تمت اقالة الرئيس السابق بالشروط المذكورة، على المجلس عقد جلسة لاختيار رئيس جديد. ومن مهام المجلس ايضا مراقبة أداء الحكومة، والتصويت ومنحها الثقة أو سحبها، وتشريع القوانين اللازمة التي تأتي من السلطة التنفيذية واقرارها.
هذا وقد أجريت الانتخابات النيابية اللبنانية بتاريخ 15 / 5 / 2022، التي شهدت اقبالاً ضعيفاً بنسبة تصويت قاربت الـ (41%) وفقاً للظروف التي عاشتها لبنان طوال الثلاث سنوات الاخيرة، وقد أعلن وزير الداخلية اللبناني النتائج الرسمية النهائية للانتخابات البرلمانية، وأظهرت النتائج حصول حزب القوات اللبنانية على (20) مقعدًا، والتيار الوطني الحر على (18) مقعدًا، كما حصل حزب الله وحركة أمل على (31) مقعدًا في البرلمان اللبناني، وأظهرت النتائج أيضا حصول كل من الحزب التقدمي الاشتراكي على (9) مقاعد، ولوائح المستقلين أو المجتمع المدني على (13) مقعدًا، وحزب الكتائب على (4) مقاعد، وحصل حزب الطاشناق وتيار المردة على مقعدين لكل منهما.
وتظهر النتائج تراجع حزب الله وحلفائه بعد أن كانُوا يمثلون الغالبية داخل المجلس، فيما شهد صعود بعض المستقلين إلى قبة البرلمان، لذلك قد تتأخر الاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة لمدد غير معلومة، وذلك لتعقد المشهد كثيراً عن السابق، وربما حدوث الانسداد السياسي سيكون الاكثر مما سبق، وذلك وفقاً للمعطيات وخارطة التحالفات، فضلا عن حجم التحديات الاقتصادية والسياسية والامنية، إذ إنَّ الانهيار الاقتصادي، كما وصفه البنك الدولي، من “بين الأسوأ في العالم منذ 1850”. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة، ويعاني لبنان شحا في السيولة، وقيودا على السحوبات المالية من المصارف، وانقطاعا في التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم، ومرور نحو عامين على انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020، الذي دمَّر جزءا كبيرا من بيروت، وأودى بحياة أكثر من مئتي شخص، وتسبب بإصابة أكثر من (6500) آخرين، وهذه المشكلات قد ألقت بظلالها، وزعزعت الثقة ما بين الفرقاء السياسيين، كما أنّها زادت الفجوة ما بين الشعب والقادة، لذلك الموضوع يحتاج لتنازلات وتسويات في سبيل تصحيح المسار المنهار اصلاً، وإلا فإنَّ البديل هو الاقتتال ما بين الاقطاب الرئيسة، فالأزمة في لبنان لا تتحمل المغامرة، هناك تحديات كبيرة يتحتم وضع الحلول المناسبة لها.