م.د. بلسم عباس حمودي
جامعة كربلاء / مركز الدراسات الاستراتيجية
حزيران / 2022
عرّفت الاستعارة بأنَّها: تعبير مجازي أساسه علاقة المشابهة، فهي تشبيه بليغ حُذِف أحدُ طرفيه .
فنقول مثلا:
– رأيْتُ العدَّاءَ يجري بسرعة في حلبةِ السباقِ
جملة خبرية توضح سرعة العداء وهي جملة حقيقية.
– رأيْتُ العدَّاء يجري بسرعةٍ مثل طائرةٍ محلقةٍ في السماءِ
أبرزنا سرعة العدَّاء عن طريق تشبيهه بشيء سريع كالطائرة وبشكل ظاهر للعيان
ويمكن إبراز هذا التشبيه بشكل مخفي أكثر جمالية عن طريق إخفاء احد طرفي التشبيه (أسلوب الاستعارة)
– رأيت العدَّاء يطير بسرعة في حلبة السباق (حذفنا المشبه به)
رأيت الطائرة تتجاوز كل العدَّائين لتفوز بالسباق (حذفنا المشبه) –
أركان الاستعارة أربعة:
المستعار له (المشبه)
المستعار منه (المشبه به)
العلاقة : تكون بين المستعار له والمستعار منه هي المشابهة دائما
القرينة : اللفظ الذي يُخرج الكلام عن معناه الحقيقي والدال على المعنى المجازي وقد تأتي حالية تفهم من سياق الكلام لاسيما عند حذف المشبه (المستعار له) .
انتثرتْ في السماءِ مجوهراتٌ تنيرُ
المستعار له النجوم (محذوفة) دل عليها لفظ السماء
المستعار منه مجوهرات
والقرينة السماء لان المجوهرات لا توجد في السماء
والعلاقة كلاهما تنير فالعلاقة المشابهة.
أنواع الاستعارة:
تعتمد على ذكر (المستعار منه) (المشبه به) أو حذفه، وهي:
الاستعارة التصريحية | الاستعارة المكنية |
الاستعارة التصريحية: هي الاستعارة التي صرح فيها بلفظ المستعار منه، مع حذف المستعار له .
قال تعالى: ﴿اللهُ وليُّ الذينَ آمنوا يخرجُهُم من الظلماتِ إلى النورِ﴾
شبه الله تعالى الكفر بالظلمات والإيمان كالنور ثم حذف المشبه (المستعار له) وهو (الكفر والإيمان) وصرح بالمشبه به (المستعار منه) وهو (الظلمات والنور) .
وقال تعالى: ﴿في قلوبهم مرض﴾
فقد شبه الله تعالى الكفر بالمرض ثم حذف المشبه وهو (الكفر) وصرح بالمشبه به وهو (المرض) فتحول التشبيه إلى استعارة تصريحية .
ومثلها قولك: التقيْتُ البحرَ واستفدْتُ من علمِهِ .
شبه الرجل العالم بالبحر في السعة
المستعار له : العالم (محذوف)
المستعار منه : البحر
وقول الشاعر: فأمطرَتْ لؤلؤا من نرجِسٍ وسقَتْ ورداً وعضَتْ على العُنابِ بالبَرَدِ
فقد استعار: اللؤلؤ والنرجس والورد والعناب والبرد للدموع والعيون والخدود والأنامل والأسنان.
الاستعارة المكنية: هي الاستعارة التي حذف منها المستعار منه ويكنى عنه بصفة او لازمة من لوازمه (قرينة لفظية).
قال تعالى: ﴿واشتعل الرأس شيبا﴾
شبهت انتشار الشيب في الرأس بانتشار النار في الهشيم
المستعار له : الشيب
المستعار منه : النار (محذوف)
القرينة : اشتعل
وحيث انك لم تذكر كلمة النار وذكرت ما يرمز لها وهو الاشتعال فالاستعارة مكنية .
قال تعالى : ﴿ولما سكتَ عن موسى الغضبُ أخذَ الألواح﴾
يظهر الغضب وكأنه إنسان متكلم غاضب والسكوت مستعار لذهاب الغضب عنه وحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى شيئا من خصائصه هو السكوت .
قال تعالى: ﴿واخفضْ لهما جناحَ الذّلِ من الرحمةِ وقلْ ربي ارحمهُما كما ربياني صغيراً﴾ شبه الله تعالى التذلل بالطائر الذي يخفض جناحيه
المستعار له : الذل
المستعار منه : الطائر (محذوف)
القرينة : جناحيه
ومثله قول الحجّاج: “إنّي أرى رؤوساً قد أينعت وحان قِطافها”؛ إذ تُستخدم كلمتا (أينعت) و(القِطاف) للنبات وليس للإنسان، وقد حُذِف هنا المُشبَّه به (المستعار منه) وهو (الثَّمَر).
قال الشاعر أبو ذؤيب الهذلي:
وإذا المنية أنشبَتْ أظفارها ألفيْتَ كلَ تميمةٍ لا تنفعُ
شبه المنية بحيوان مفترس أنشب أظفاره وحذف المشبه به (الحيوان المفترس) وأبقى شيئا من لوازمه وهو (الأظفار) .
وقول الشاعر: لا تعجبي يا سلمُ من رجلٍ ضحِك المشيبُ برأسِهِ فبكى
شبه المشيب بإنسان على تخيل ان المشيب قد تمثل في صورة إنسان ثم حذف المشبه به الإنسان ورمز له شيء من لوازمه هو ضحك الذي هو القرينة
قال البحتري في وصف الربيع:
أتاك الربيعُ الطَلقُ يختالُ ضاحكاً من الحُسنِ حتى كادَ أن يتكلَّما
المستعار له : الربيع
المستعار منه : الإنسان (محذوف)
العلاقة : المشابهة
القرينة : ضاحكا ويتكلم