م.د. عبير مرتضى حميد السعدي
باحثة في قسم إدارة الأزمات
تشرين الثاني/ 2023
تعيش الاقتصادات العالمية في فترة حساسة، إذ يتأثر الوضع الاقتصادي بعوامل متعددة، تتراوح بين التقلبات الجيوسياسية والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتحولات التكنولوجيف. استنادًا إلى تقارير البنك الدولي والمؤسسات المالية والنقدية الأخرى، يواجه الاقتصاد العالمي تحديات كبيرة في السنوات القادمة، وسينخفض سقف التوقعات للنمو الاقتصادي العالمي إلى عام 2024، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، من بينها ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع أسعار الطاقة.
وقد شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، مع تأثيرات كبيرة في الاقتصادات العالمية، وبشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط، ويعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها إجراءات التحفيز الصينية، والطلب القوي في الولايات المتحدة، وتخفيضات في العرض. تشير وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إلى أنَّ الصراع بين إسرائيل وحماس، والتوترات في الشرق الأوسط، سبب خللًا في امدادات النفط، والذي نتج عنه انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بنسبة (0.4) نقطة مئوية في عام 2024. وعلى الرغم من تراجع هذه النسبة إلى (0.1) نقطة فقط في عام 2025، يظهر عدم وجود انتعاش كبير، مما يشير إلى تأثير معتدل مستمر يتجاوز الصدمة الأولية، أمّا أكثر الاقتصادات المتأثرة بذلك، فهي الأسواق الناشئة الرئيسة في جنوب أفريقيا وتركيا، التي تصل نسبة تراجعها (0.7) نقطة مئوية، في الجهة المقابلة ستكون كل من روسيا والبرازيل أفضل الاقتصادات، كون للنفط دور بارز في اقتصاداتها.
أمّا اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، ففي السعودية بعد اتباعها سياسة خفض إنتاجها النفطي بمقدار مليون برميل حتى نهاية العام، مع التزام روسيا بتقليص صادراتها النفطية، يُتوقع أن يسفر ذلك عن تراجع أعمق في الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الطاقة، في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة (3.9%) في عام 2024.
وإنَّ ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى معدلات تضخم أعلى من المتوقع في عام 2024، تليها تصحيحات في عام 2025. ومن بين الدول، يتوقع أن تشهد الهند وبولندا أعلى زيادات نسبية في التضخم، في حين يتوقع لمنطقة اليورو أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي أقل قليلاً، عند (1.2%) في عام 2024 و(1.6%) في عام 2025، ومن المتوقع أن ينخفض معدل التضخم الرئيس، من (6.5%) في عام 2023، إلى (3.5%) في عام 2024 و(2.4%) في عام 2025.
وعلى الرغم من التوقعات المتشائمة، إلى حد ما، بشأن مستقبل قطاع النفط وتأثيراته في الاقتصادات العالمية، أكدت مجموعة أوبك في تقريرها الشهري الأخير، أنَّه من المتوقع أن يشهد الطلب العالمي على النفط، ارتفاعًا في 2024 بفضل نمو اقتصادي قوي في الصين، مما سيؤدي إلى زيادة الطلب واستهلاك النفط. وهكذا، لا تزال التوقعات المستقبلية غير ثابتة في ظل حالة عدم اليقين الحالية.