م.م. زينب محمد ياسين عبد القادر/ جامعة كربلاء/ كلية التربية للعلوم الإنسانية/ الجغرافية التطبيقية
15 يناير
لم يكن البعد الجغرافي الذي يفصل اليمن عن فلسطين مسافة اكثرمن (2000) كم سببا ليمنع ابناء اليمن في الاضطلاع بمسؤوليتهم الدينية والانسانية بأزاء قضية غزة والتصدي للكيان الصهيوني ودعما لعملية طوفان الاقصى بل حوّل ابناء اليمن هذا التحدي الى فرص وانجاز يضاهي الاعجاز. فالكيان الصهيوني الذي استطاع ان يتغلغل في الارض العربية جغرافيا وبشريا وفكريا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا بعد مضي (٧٥) عاما ظن انه لا قبل لاحد عليه على الاطلاق فتوسعت ممارساته اشد وأكبر واقوى ضد ابناء فلسطين بصورة تعززت بتاييد من بعض الدول العربية من اجل ذلك جاءت عملية طوفان الاقصى في السابع من اكتوبر كضرورة ملحة ومهمة لردع هذا الكيان من قبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتبيين ان الأرض ليس للكيان الصهيوني حق فيها وهذا بالفعل ما تحقق نتيجة هذه العملية. سيكون حديثي عن جانب اخر بعيدا عن نتائج هذه العملية وانما عن طوفان آخر جاء من اقصى الارض يسعى الى فلسطين وبالتحديد من ابعد نقطة في الجزيرة العربية من اليمن وما قام به مناصرة لابناء غزة ؛ استنادا الى شعارهم القديم الجديد الموت لاسرائيل فقد أعدوا لهم صواريخ بالستية ومسيرات تصل مداها الجغرافي الى الاراضي الفلسطينية المحتلة فاستهدفوا أقرب المدن اليها ايلات (ام الرشراش) شمالي خليج العقبة التي كان تعد عند الكيان المكان الاكثر امانا في اراضي فلسطين التي احتلها كون الدول التي تحيطها من دول التطبيع مثل الاردن ومصر؛ فتهاوى المانع الجغرافي امام سلاحهم ،ولم يقتصر الامر على هذا بل استثمروا الموقع الجغرافي الخاص بالمنفذ البحري في مضيق باب المندب واطلالتهم على البحر الاحمر والبحر العربي لضرب اقتصاد الكيان الصهيوني عبر استحواذهم على سفنهم ومنعها من التحرك من والى الموانئ الصهيونية باعتبار ان البحر الأحمر احد اهم الممرات المائية للتجارة العالمية ؛ فضربوا عددا منها وارجعوا اخرى واستحوذوا على واحدة بل تطور الامر اخيرا الى ان يمنعوا اي سفينة تتوجه الى موانئ الصهاينة حتى لولم تكن اسرائيلية ؛ مما أدى الى قيام شركات الشحن المختلفة الى تغيير مسارات سفنها بعيدا عن البحر الأحمر الى طريق رأس الرجاء الصالح حول افريقيا، الامر الذي نتج عنه انخفاض في التجارة العالمية بنسبة 1.3%، وتراجع نشاط ميناء ايلات بنسبة 85% بعد غلق مضيق باب المندب ، كما انهم أعدوا ومازالوا يعدون الشعب (وليس الجيش فقط) اعدادا عسكريا لاي فرصة قد تتأتى لهم كأن يتغير موقف الدول المانعة لهم جغرافيا من الوصول الى فلسطين لمشاركة بالنفس ، وان قائد حركة أنصار الله عبد الملك بدر الدين الحوثي يهدد الصهاينة بأكثر من مائتي ألف مقاتل يمني مجهزون لذلك.
ختاما، يمكن القول : ان تجاوز الكيان على كل القوانين الدينية والانسانية في الارض الفلسطينية تحرك الحجر قبل البشر للتصدي لهم غير ان الامة العربية بما تمتلكه من موارد جغرافية بشرية ومالية واقتصادية وإرث ديني وتاريخي وغير ذلك لم يحرك ساكنا وكل ما قدموه هي كلمات تنديد واستنكار ، عكس اليمن، بالرغم من انهم مازالوا يعيشون حصارا عالميا منذ تسعة اعوام وغيرها من احداث لا تؤهلهم ليتحركوا لنصرة انفسهم فكيف لنصرة غيرهم يبعدون عنهم كل هذه المسافة ، انها بحق معادلة ردع دولية.