م.م عبد المحسن عبد الأمير العكله
مركز الدراسات الاستراتيجية /الدراسات القانونية
اذار /2024
إنهاء مجلس اللوردات الإنكليزي 1649
لا يمكن التقليل من أهمية مجلس اللوردات كهيئة حاكمة، إذ تعود جذوره في إنجلترا إلى العصور الوسطى. نشأ مجلس اللوردات من المجلس العظيم، الذي كان يقدم المشورة لملوك العصور الوسطى, يتألف من البارونات، وشخصيات كنسية، ونبلاء، وقد تم استخدامهم لتقديم المشورة للملك بشأن مجموعة متنوعة من القرارات، وكان الملوك في كثير من الأحيان متحيزين لتجاهل الآراء التي اختلفوا معها. وفي عام 1295، تم عقد “البرلمان النموذجي”، الذي يتكون من شخصيات كنسية، وبارونات، وممثلين من مختلف المقاطعات، وهو الأول من بين العديد من البرلمانات الإنجليزية التي يتم عقدها. ومع مرور الوقت، ارتفعت سلطة البرلمان، وفي هذه الفترة، شهد مجلس النواب تغيرًا كبيرًا، حيث تعززت التشعبات السياسية للمجلس، عن طريق شرعيته في منح الضرائب. وعندما كان هنري الثامن في السلطة، كان البرلمان يتحول بشكل أكبر، ويكتسب نفوذًا جديدًا، ومكانة متجددة. وبحلول القرن الخامس عشر، أصبح البرلمان يتألف من مجلس أعلى، كان بمنزلة مجلس اللوردات، ومجلس النواب الذي يمثل مجلس العموم، وكلاهما أقوى من أي وقت مضى، على الرغم من أنَّ مجلس الشيوخ لا يزال يحتفظ بسلطة أكبر، لكونه يتألف من طبقة النبلاء، وملّاك الأراضي في البلاد، وبدء الاضطراب والعداء منذ عام 1642 تحت راية الحرب الأهلية الإنجليزية، والتي يمكن وصفها بشكل أكثر دقة، بأنَّها سلسلة من الحروب الأهلية المتعاقبة بين مجموعتين، البرلمانيون المعروفون باسم الرؤوس المستديرة، ضد الملكيين الذين يطلق عليهم اسم الفرسان.
استمر الصراع ما يقرب عشر سنوات، وتمحور حول مستقبل الحكم الإنجليزي، بين أشخاص ذوي أفكار وقيم مختلفة، كان الاختلاف الأساسي في الرأي بين الاثنين، حول اعتقاد الرؤوس المستديرة بأنَّ البرلمان يجب أن يكون له السيطرة التنفيذية النهائية، في حين كان الفرسان يؤمنون بالحق الإلهي للملوك، ومن ثمَّ مبدأ الملكية المطلقة. وبحلول عام 1649، كان المشاركون في مخاض اندلاع العنف على أوجها بين الطرفين، بينما كان الزعماء المستديرون، مثل: توماس فيرفاكس، وإدوارد مونتاجو، وروبرت ديفرو، الذين يناضلون من أجل إقامة ملكية دستورية، يتمتع فيها البرلمان بأكبر قدر من النفوذ، وبدأت العناصر الأكثر تطرفًا في دعمهم بصوت أعلى, لدرجة أنَّ أوليفر كرومويل قد خرج لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ليس للمطالبة بملكية دستورية، بل بالإلغاء الكامل لها تمامًا. في خضم الحرب الأهلية الإنجليزية، تم تقويض قوة المؤسسة الملكية وتحديدها بشدة، بعدها تحديد مصير الملك تشارلز الأول، وتمت محاكمته لاحقًا، وفي 30 يناير 1649 تم إعدامه. وحلَّ مكانه الكومنولث الإنجليزي، الذي أصبح تحت أعين أوليفر كرومويل, كانت هذه لحظة مهمة في تاريخ انكلترا، لم يحدث من قبل أن تم إعدام ملك، وأصبح واليفر كرومويل اللورد الحامي لإنجلترا واسكتلندا وإيرلندا، وأشرف على التغييرات التي كان يرغب فيها بشدة. وفي 17 مارس، ألغي النظام الملكي وتم تحديد مجلس اللوردات من قبل كرومويل وزملائه من الرؤوس المستديرة، بوصفه حجر عثرة في خططهم، إلا أنَّ المجلس الأعلى لا يزال يتكون من ملكيين أقوياء، يمكن أن يفسدوا طريق البرلمانيين نحو النصر، لذلك بعد يومين فقط من إلغاء الملكية، تمَّ حل مجلس اللوردات بموجب قانون صادر من البرلمان، وأصبح البرلمان الجديد الآن جمهوريًا، وأصبح يُعرف باسم “البرلمان الردف”، بسلطات جديدة وموسعة، ولم يعد مسؤولاً أمام الملك، فقد تمتع بسلطة مستقلة، وعلى الرغم من ذلك، ظل كرومويل ورجاله أمامهم مهمة قمع أي علامات معارضة لهذا البرلمان. وفي 3 سبتمبر 1651، انتهت الحرب بانتصار الرؤوس المستديرة والبرلمان الردف، وقام اللورد الحامي أوليفر كرومويل، باستبدال مجلس الشيوخ بهيئة إدارة جديدة، يصل عددها إلى حوالي خمسين عضوًا، تم اختيارهم جميعًا بعناية, بعدها ذهب كرومويل، بصفته اللورد الحامي، إلى حد إغلاق مجلس النواب، مدعيًا “أنتم لستم برلمانًا”، في حين تمت ملاحقة رئيس مجلس النواب جسديًا، وإزالته من مقعده. أصبحت هذه الفترة معروفة في التاريخ البريطاني باسم المحمية، واستمرت من عام 1653 حتى انهيارها في عهد ابن كرومويل ريتشارد، في عام 1659.