كلية الطف الجامعة
حيدر علي كاظم الفتلاوي
نورس علي مردان الاسدي
المقدمة:
تعدّ هيئة الرقابة الشرعية من الوظائف التي ظهرت مع إنشاء المصارف الاسلامية, ويقصد بها اخضاع معاملات المصارف وأنشطتها كافة للرقابة، للتأكد من مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها، وتسهر على هذا الدور الرقابي هيئة من الفقهاء والعلماء والخبراء، يتمتعون بالاستقلالية والحياد، وتعدّ آراؤهم ملزمة ونافذة .
وباتت القوانين المنظمة للمهنة المصرفية والاستثمارية الاسلامية، تفرض تشكيل هيئة للرقابة الشرعية، وتعطيها صلاحيات واسعة في ضبط الأعمال، للتأكد من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وإعداد تقرير سنوي يبين مدى التزام المصرف أو الشركة بالأحكام الشرعية لفقه المعاملات، ويدرج تقريرها في التقرير المالي السنوي الذي تعتمده الجهات الرسمية. وعلى الرغم من الصلاحيات إلا أنَّ هنالك عددًا من التحديدات، يتعرض لها أعضاء هيئة الرقابة الشرعية، وسيتم عرضها في نهاية المقال مع سبل مواجهتها.
الرقابة الشرعية:
عرفت الرقابة الشرعية، بأنَّها: التأكد من مدى مطابقة أعمال المؤسسة المالية الإسلامية، لأحكام الشريعة الاسلامية حسب الفتاوى الصادرة، والقرارات المعتمدة من جهة الفتوى.
وهي جهاز مستقل من الفقهاء المتخصصين في فقه المعاملات، ويعهد لها توجيه نشاط المؤسسات المالية الإسلامية، وتكون فتاواها وقراراتها ملزمة للمؤسسة.
إنَّ الرقابة الشرعية مفهوم مستحدث لهيكلية معينة، وهذا المفهوم بحاجة إلى تحديد معالمه، وضبط حدوده، وتقييد مفرداته، للوقوف على المعنى المراد منه، لئلا يختلط بغيره من المفاهيم المستخدمة، وأيضا لكي تتضح الصورة حول هذا المفهوم، ولا يعتريها ضباب أو غموض.
مستويات الرقابة الشرعية:
هيئة الفتوى والرقابة الشرعية: وهي التي تقوم بالإفتاء والإجابة عن الاستفسارات التي ترد إلى الهيئة، من الجهات التابعة للمؤسسة المالية كافة، كما تعنى بالنظر في أعمال المؤسسة وأنشطتها المالية المختلفة، وإصدار الرأي الشرعي.
الرقابة الشرعية الداخلية (التدقيق الشرعي): حسب مفاهيم الرقابة الحديثة فإنَّ الرقابة الشرعية الداخلية، تعني أساسا نظام الرقابة الشرعي، وليس الجهاز الإداري أيا كان مستواه قسمًا أو وحدة إدارية. والمسؤول عن وضع هذا النظام هو المؤسسة المالية، في المعايير والضوابط التي تعتمدها الهيئة الشرعية. أمّا ما يمثل جهازا إداريا، وحدة أو قسمًا ضمن الهيكل التنظيمي للمؤسسة، فهي المراجعة الشرعية التي تعدّ أحد مكونات الرقابة الشرعية الداخلية، والمراجعة الشرعية تعني فحص مدى التزام المؤسسة بالشريعة في جميع أنشطتها. وتسمى أيضاً (التدقيق الشرعي) و(الرقابة الشرعية الداخلية).
ويقصد بالرقابة الشرعية الداخلية في هذه الحالة، جهاز يتبع إدارة البنك، ويتولى مهمة تطبيق توجيهات هيئة الفتوى والرقابة الشرعية، ومتابعة تنفيذ قراراتها، وفحص العقود والاتفاقيات والتعهدات التي تنفذها المؤسسة مع عملائها.
الهيئة العليا للرقابة الشرعية: وهي جهة شرعية عليا تتبع غالباً البنك المركزي، وتقوم بالإشراف على المصارف الإسلامية على مستوى الدولة، بالتنسيق مع هيئات الرقابة الشرعية لكل مصرف.
شركات الاستشارات والرقابة الشرعية الخاصة والمستقلة عن المؤسسات المالية وعن الجهاز المصرفي الحكومي، وهي شركات لا تزال في خطواتها الأولى، وتعود في نشأتها إلى الخمس سنوات الأخيرة.
المبادئ الأساسية لنجاح عمل هيئات الرقابة الشرعية:
أولا– مبدأ الاستقلالية:
لقد أشار معيار الضبط إلى أنَّ تعيين هيئة الرقابة الشرعية، يكون من قبل المساهمين في الاجتماع السنوي للجمعية العمومية، وهو ما يتيح قدرا من عدم التدخل من مجلس إدارة المؤسسة أو جهازها التنفيذي، في عمل استقلالية هيئات الرقابة الشرعية. ولضمان استقلال الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية، فإنَّه ينبغي وضع اللوائح التي تنظم عمل الهيئات، وتحدد مهامها وأهدافها، والحقوق والواجبات المنوطة بها، وطبيعة العلاقة بينها وبين هيئة الرقابة الشرعية الداخلية، والجمعية العمومية، ومجلس الإدارة، والمساهمين، والعاملين وجمهور المتعاملين.
ثانيا– إلزامية قرارات الهيئة وفتاواها:
ينبغي أن تكون قرارات الهيئة ملزمة للمؤسسة، وقد نصَّ على ذلك معيار الضبط الصادر عن هيئة المحاسبة، في الفقرة الثانية مباشرة الخاصة بتعريف الهيئة.
وإلزامية قرارات الهيئات يمكن أن يجد مرجعيته:
القوانين واللوائح والأنظمة التي تنص على إلزامية فتوى الهيئة وقراراتها: سواء الصادرة عن المؤسسة أو عن الجهات الرقابية والإشرافية في الدولة.
الإلزام عن طريق الشرع: لأنَّ الفتاوى الصادرة من الهيئة، هي أحكام شرعية وهي واجبة الإتباع.
العرف: المتمثل في إقرار جميع المؤسسات المالية الإسلامية، وإعلانها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في معاملاتها المالية، مما يشكل قانونًا أخلاقيًا عامًا، يلزم تلك المؤسسات كافة، بقبول ما يعرض عليها من مبادئ وأحكام شرعية.
ثالثا– المسؤولية القانونية لهيئات الرقابة الشرعية:
تستمد الهيئات الشرعية صفتها القانونية، إمّا من القانون العام في الدول التي أصدرت قوانين لتنظيم العمل المصرفي الإسلامي، أو عن طريق النظام الأساسي للمؤسسة المالية المعنية.
التحديات التي يواجهها أعضاء هيئة الرقابة الشرعية:
الكفاءة، والاستقلالية، والمهنية، والنزاهة، والتكنولوجيا
الخاتمة:
بناءً على ما تمَّ عرضه، ولأجل مواجهة التحديات التي يتعرض لها أعضاء هيئة الرقابة الشرعية، الأمر الذي يتطلب من مهنة الرقابة الشرعية، اعتماد التقنيات الحديثة في عمليات الرقابة والمراجعة، لضمان فاعلية العمل، ومواكبة التطورات التكنولوجية في القطاع المالي، والتأكد من استقلالية الهيئة في اتخاذ القرارات دون تأثير الضغوط السياسية أو الاقتصادية، وتطبيق المعايير المهنية والأخلاقية في جميع جوانب العمل، لضمان تقديم الخدمة بمستوى عالٍ من الجودة والمهنية، وتوعية الأعضاء بأهمية النزاهة، وتعزيز قيم النزاهة والأخلاق في بيئة العمل.
المراجع:
Mukhibad, H. (2019). The Role Of Sharia Supervisory Boards in Meeting Maqasid Syariah–Study on Islamic Banks in Indonesia. European Journal of Islamic Finance, (13).
Rahajeng, D. (2013). Sharia Governance: Sharia supervisory board model of Islamic banking and finance in Indonesia. Available at SSRN 2366722.
Mukhibad, H., & Setiawan, D. (2022). Shariah supervisory board attributes and corporate risk-taking in Islamic banks. Cogent Business & Management, 9(1), 2158607.
Injas, M. M. Y., Haron, M. S., Ramli, R., & Injas, R. A. (2016). The importance of the Shari’ah supervisory boards (Ssbs) in the Islamic banking system. South East Asia Journal of Contemporary Business, Economics and Law, 9(2), 25-31.