م.م قسمة عزيز
قسم إدارة الازمات
مركز الدراسات الاستراتيجية
5/4/2024
شهدت العديد من الجامعات الامريكية منذ منتصف شهر ابريل/ نيسان في مختلف الولايات الامريكية موجة احتجاجات من قبل الطلاب المؤيدين لفلسطين ورفضا للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والمستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر والتي حصدت أرواح الالف من الفلسطينيين وخاصة النساء والأطفال إضافة الى الدمار الذي خلفته في البنية التحتية والذي من الممكن ان يتطلب إصلاحها سنوات عديده، بدت الاحتجاجات في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك اذ نصب الطلاب مخيما تضامنا مع ازمة النازحين الفلسطينيين الذين يسكنون الخيام منذ اكثر من نصف عام وانطلقت الى الجامعات الأخرى رفض فيها الطلاب الدعم المقدم من قبل الولايات المتحدة الامريكية إلى إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة مطالبين بقطع ذلك، وعلى اثر توسع رقعة الاحتجاجات حدثت صدامات بين المؤيدين لإسرائيل والمؤيدين لفلسطين شهدت خلالها تدخل قوات الامن واعتقال المئات من الطلاب والغيت بعض الجامعات الحفل المركزي للتخرج وأخرى علقت الفصل الدراسي الحضوري وانتقلت الى الدروس الالكترونية، وبررت ادارت الجامعات طلبها للتدخل الشرطة وفض الاحتجاجات بالعديد من المبررات منها الشعارات التي رفعها الطلاب المحتجين، إضافة الى الازعاج الذي تسببه الاحتجاجات للطلاب الاخرين او تعطيل الدروس وغيرها.
ان تدخل قوات الشرطة ومحاولتها فض الاحتجاجات السلمية بالقوة يناقض الدستور الأمريكي الذي يحمي حرية التعبير والاحتجاج السلمي بغض النظر عن محتواها سواء كانت جدلية او مسيئا، وان الدستور يمنع اعتقال أي شخص لتعبيره عن رأيه بالطرق السلمية، تؤكد المجموعات المنظمة الاحتجاجات من الطلاب على رفضها كل أشكال الكراهية والتعصب وانه يجب التفريق بين حرية التعبير عن رأيهم السياسي وبين معاداة السامية وانهم ليس معادين للسامية وان انتقادهم فقط موجه الى الحكومة إلى الإسرائيلية وداعميها لا ان السياسيين الأمريكان يعتبرون ما يحدث ليس احتجاج سلمي بل هو معاداة السامية ومناهضة لإسرائيل ومحاولة لخلق الفوضى وان هناك محرضين خارجيين خاصة بعد ان استولى المحتجين في بعض الجامعات على بعض المباني فيها، اذ استنكر الرئيس الأمريكي جو بايدن ذلك ووصفها ب”الاحتجاجات المعادية للسامية” وفي نفس الاتجاه ذهب رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون بالقول ان المظاهرات معادية للسامية ومبينا ان فشل إدارة الجامعات في فرض السيطرة ساعده على انتشار فيروس معاداة السامية وطلب باعتقال المتظاهرين الذين يمارسون العنف بل وهدد بقطع التمويل الاتحادي عن أي جامعة لا تتمكن من فرض القانون مؤكد على انه من الممكن استخدام الحرس الوطني للإيقاف تلك التهديدات ، اما المرشح للسباق الرئاسي والرئيس السابق دونالد ترامب وصف الاحتجاج الجامعي بالفوضى وعبره عن سعادته في تدخل قوات الامن لقمع الاحتجاجات . ان هذه ليس المرة الأولى التي يتم فيها التصدي للاحتجاجات الطلابية في الجامعات الامريكية وباستخدام القوة أذ سبق ان تم ذلك قبل 54 عاما في جامعة كينت شمال شرقي ولاية أوهايو، التي خرج طلابها في الأول من مايو/أيار 1970 في احتجاجات صاخبة ضد حرب فيتنام، من جهة أخرى ان إسرائيل وحسب وزير دفاعها (يوآف غالانت) يرى في احتجاجات طلاب الجامعات الامريكية عبارة عن تحريض على الإرهاب ومعاداة السامية هو نفس رأي وزير القومي الإسرائيلي (إيتمار بن غفير) الذي طلب تشكيل مجموعات مسلحة لحماية يهود الشتات.
انتقلت حمى الاحتجاجات الجامعية الى دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومصر وكندا حيث نصب الطلاب مخيمات مطالبين بوقف الحرب على قطاع غزه ومقاطعة الشركات التي تمد إسرائيل بالأسلحة وسحب استثمارات الجامعات من تلك الشركات، ان ما هو مؤكد ان موجة الاحتجاجات الطلابية هو تأكد على الرفض الشعبي من قبل الشباب الأمريكي للسياسة الخارجية الأمريكية ودعمها المطلق لإسرائيل خاصة من خلال استخدام أموال الضرائب لدعم إسرائيل في حربها ضد غزة وكاشفة عن مبدا الحرية المزيفة التي تدعيها الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها اذ ان هذه المظاهرات لو كانت في دولة أخرى لعدة مظاهرات مطالبة بالحقوق والحريات ويجب دعمها ولكن في دولهم تعتبر فوضى ومعاداة للسامية وتهديدا للنظام والقانون لذا على الشعوب العالم ان لا تنظر لهذه الدول باعتبارها بلدا للحرية والديمقراطية فالقمع والاعتقالات رغم السلمية في المظاهرات تؤكد ان هذه الدول لا تختلف عن غيرها في تقويض مبدا حرية التعبير أي ان انتهاك الحريات والقمع والاعتقالات تحدث في الولايات المتحدة الامريكية مدعية الحرية والديمقراطية التي لا تطبقها على أراضيها، والتي تشن الحروب وتحتل الدول تحت ذريعة الحرية والديمقراطية لمجرد المطالبة بوقف دعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين.